الرئيسية - الأخبار - خلال سنوات من الإنقلاب.. اليمن تشهد أكبر عملية تهجير للتنوع الديني والمذهبي والسياسي
خلال سنوات من الإنقلاب.. اليمن تشهد أكبر عملية تهجير للتنوع الديني والمذهبي والسياسي
الساعة 08:14 مساءً الثورة نت/ خاص
  • أقدمت مليشيا الحوثي على تهجير أتباع الديانتين اليهودية والبهائية.
  • شنت حربا ضروس على جماعة السلفيين في صعدة انتهت بتهجيرهم.
  • أنهت التعددية السياسية وشنت حروبا عدة ضد حزبي المؤتمر والإصلاح.
  • شهدت اليمن أكبر عملية تشريد لـ 4.5 مليون يمني داخليا وخارجيا.  

كأي جماعة إرهابية في العالم، اختارت مليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران، السلاح وسيلة لفرض وجودها ومعتقداتها وأفكارها الطائفية في اليمن، وأفشلت كل الجهود المحلية والإقليمية والدولية لإحلال السلام والتعايش في البلاد.
ولكون هذه المعتقدات والأفكار المتطرّفة دخيلة على المجتمع اليمني ولا يمكن أن يقبل بها اليمنيون كغيرهم من شعوب العالم، أقدمت المليشيات الحوثية على تهجير كل من يختلف معها سياسياً أو فكرياً أو دينياً أو مذهبياً واستخدمت القوة لتحقيق ذلك.

تهجير البهائيين

ولم تكن عملية التهجير العلني لأتباع الطائفة البهائية في اليمن، على يد مليشيات الحوثية نهاية يوليو الماضي، والتي جاءت بإشراف الأمم المتحدة إلا آخر فصول الإرهاب والتطرّف المليشاوي والذي سبق وأن طال كافة شرائح المجتمع اليمني.
ففي 30 يوليو الماضي، أفرجت مليشيات الحوثي عن 6 من أتباع الطائفة البهائية بعد أن اختطفتهم وأخضتهم لأشد أنواع التعذيب والحرمان في سجونها بصنعاء لسنوات بسبب آرائهم ومعتقداتهم الدينية. وكان الشرط الرئيس لإطلاقهم هو نفيهم إلى خارج اليمن وهو ما تم بالفعل وبوساطة الأمم المتحدة التي أشرفت على نقلهم بطائرة أممية من صنعاء إلى خارج اليمن.
ومنذ سنة 2018 شنّت مليشيات الحوثي حملات ملاحقة واختطافات واسعة طالت أتباع الطائفة البهائية بتهم تتعلق بالردة والتجسس، وتلاها عمليات نهب شاملة لممتلكات قيادات وأفراد الطائفة وملاحقة أسرهم وتهجيرها. وما يزال العديد منهم قيد الاختطاف والإخفاء القسري في سجون المليشيات.
ومطلع العام الجاري 2020، أجبرت المليشيات الحوثية 24 يمنيًا من أتباع الطائفة البهائية على المثول أمام محكمة تسيطر عليها في صنعاء، في محاكمة غير قانونية، ووصفتها منظمات حقوقية دولية بأنها "لا تلبّي أيًا من شروط العدالة وتمثّل مظهرًا آخر للتشدّد وإنكار حرّية المعتقد والضمير وانعدام التسامح".
وأكدت مصادر حقوقية أن الحوثيين شنّوا حرباً صفرية ضد البهائيين مستغلّين سيطرتهم على أجهزة ومؤسسات الدولة الأمنية والقضائية، وبتحريض مباشر ضدهم من زعيم الحوثيين الذي اعتبر في خطابات متلفزة معتقدات أتباع الطائفتين "البهائية والأحمدية" "افتراء وضلال وباطل.. وراءه نشاط أو دفع مقصود من جانب المخابرات الأميركية والإسرائيلية".

بداية الجريمة
وفي أواخر عام 2006 أقدمت المليشيات الحوثية على تهجير 7 أسر من يهود آل سالم من منازلهم في منطقتي «الحيد» و«غرير» بمديرية كتاف بمحافظة صعدة، ولجأت هذه الأسر المكونة من 45 فرداً، جلّهم من النساء والأطفال، إلى مبنى المجمع الحكومي في صعدة، ومن ثم جرى نقلهم بتوجيهات حينها إلى حي المدينة السكنية بصنعاء. 
وقبلها كانت مليشيات الحوثي قد هددت أفراد الأسر اليهودية بالقتل، ومارست ضدهم شتى أنواع التهديد والإرهاب لإجبارهم على المغادرة إلى إسرائيل، قبل أن تجبرهم على المغادرة كلياً وتقوم بالاستيلاء على منازلهم ومزارعهم التي توارثوها عن أجدادهم لا لشيء سوى أنهم ينتمون لديانة غير ديانتها.
وتلى ذلك العديد من عمليات التهجير للأسر اليهودية بعد سيطرة المليشيات الحوثية على محافظة عمران ومن ثم استيلائها على العاصمة صنعاء، وحتى اللحظة ترتب الجماعة لتهجير آخر اليهود المتبقين في اليمن، إجبارياً بقوة السلاح.
وقالت صحيفة جيروزالم بوست الإسرائيلية إن مليشيات الحوثي طلبت من اليهود المتبقين في اليمن بمغادرة البلاد. ونقلت الصحيفة عن زعيم عشيرة في محافظة عمران يدعى علي قدير، قوله إن الحوثيين حاصروا قرية في منتصف يوليو الماضي لاستجواب أفراد عائلة يهودية تعيش هناك، واستجوبوا أفرادها حول مراسلاتهم مع دولة إسرائيل، وممتلكاتهم في القرية ومناطق أخرى، وما إذا كانوا على اتصال بأقارب يقيمون في بلدان أخرى أم لا". وقال إنهم "لم يعد بإمكانهم السفر إلا بإذن مسبق من مشرف المنطقة المعين من قبل الحوثيين ". 

تهجير السلفيين
وأواخر عام 2011 ومع انشغال اليمنيين بمؤتمر الحوار الشامل في صنعاء، فرضت ميليشيا الحوثي حصاراً خانقاً على سكان مدينة دماج بمحافظة صعدة، ومنعت عنهم الغذاء والمياه والدواء، قبل أن تمطر المنازل والمساجد بعشرات القذائف.
وفي 15 يناير 2014، أعطت مليشيات الحوثي مهلة أسبوع لخروج السلفيين في منطقة دمّاج، والذين يقدر عددهم بـ15 ألف شخص، وأرغمتهم على مغادرة منازلهم ومزارعهم تحت وطأة القصف والحصار الذي فرضته عليهم لقرابة 100 يوم، وبعد أن خيّرتهم بين الخروج من منازلهم أو الموت.
ويعد التهجير جريمة ضد الانسانية وفق للمادة السابعة من النظام الاساسي لمحكمة الجنايات الدولية، ويخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنساني الذي ينص في المادة (13) على أن "أ. لكل فرد حرية التنقل، واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة".

تهجير بقيّة اليمنيين
وخلال 14 عاما من ظهور البذرة الحوثية أقدمت مليشيا على إنهاء تواجد الديانتين اليهودية والبهائية، وشنت حربا شرسة على الجماعة السلفية والزيدية في محافظة صعدة، ومن ثم نقلت حربها على المذاهب الدينية إلى المحافظات التي سيطرت عليها بعد 2014، مستهدفة الجماعة السلفية، وضيقت الخناق على الطائفة الإسماعيلية وجماعة الدعوة (التبليغ)، وأقفلت المعاهد والمدارس الدينية، وهجرت بقية اليهود والسلفيين لينتهي بها الأمر مؤخرا إلى تهجير المنتمي للديانة البهائية.
ولم يتوقف رفض المليشيا الحوثية للتعايش مع الشعب اليمني عند تهجير الديانات والجماعات الدينية، فقد وجدت المليشيا في التعددية السياسية خصما ينبغي القضاء عليه، وهو ماحصل فور إسقاطها للعاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014، بشن حرب على حزب التجمع اليمني للإصلاح بإغلاق مقراته واعتقال أعضائه وقياداته والزج بقرابة 10 آلاف شخصاً منهم في المعتقلات.
وبعد ثلاث سنوات من الإنقلاب أقدمت مليشيا الحوثي على شن حرب على حزب المؤتمر الشعبي العام انتهت بقتلها للرئيس السابق رئيس المؤتمر الشعبي العام علي عبدالله صالح والأمين العام للحزب عارف الزوكا وقتل واختطاف المئات من أنصار الحزب في مختلف المحافظات التي تحتلها.
وعلى مدى 5 سنوات، بلغ عدد النازحين قسرياً جراء الحرب التي تشنّها مليشيات الحوثي ضد اليمنيين 4.6 مليون شخص منهم 3.65 مليون ما يزالون نازحين داخلياً حتى نوفمبر 2018، وفقا لبيانات المفوضية السامية للاجئين. 
وتنوعت الأساليب التي تنتهجها مليشيات الحوثي لإبادة اليمنيين وتهجيرهم من منازلهم وحرمانهم من ممتلكاتهم ضمن مخططاتها لتنفيذ المشروع الإيراني الخبيث والعابر للحدود والذي لا يمكن له أن يتم في ظل وقوف اليمنيين أمامه، وهو ما يفسّر الحرب الصفرية التي تخوضها المليشيات الحوثية ضد الشعب اليمني منذ بروزها، ويكشف سبب نقضها لكل العهود والمواثيق ونسفها لكل المساعي الدولية لإحلال السلام والتعايش في البلاد.