
"هذا مدمن برازولام" قالها لزميله وهو يشيع بنظره شاب عشريني اثناء مغادرته صيدلية "بن حيان 4" في شارع الزبيري، احد اشهر شوارع العاصمة صنعاء.
كان الشاب قد تحدث الى الصيدلي بصوت لا يكاد يسمع قبل ان يغادر بملامح معبئة بخيبة الامل والارهاق، ووصف الصيدلي إبراهيم النزيلي تزايد الطلب على الأدوية المهدئة الخاصة بالأمراض النفسية بدون وصفة طبية بانه "مخيف ومحزن" مشيرا في حديثه لـ"الثورة نت" ان معظم المترددين على الصيدلية بحثا عن هذه النوع من الادوية في العقد الثالث من العمر.
وبحسب النزيلي تضاعفت أسعار الادوية الخاصة بالاكتئاب والامراض النفسية خلال العامين الماضيين بنسبة 1000% حيث بلغ سعر "الشريط" الواحد 1500 ريال بينما قيمته الحقيقية لا تتجاوز 150 ريال، منوها الى استغلال الكثير من الصيدليات غياب الرقابة من قبل الجهات ذات الاختصاص في وزارة الصحة بصنعاء التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي المدعومة من ايران للمتاجرة غير القانونية بهذه الادوية محققين أرباح خيالية ،حد تعبيره.
في السياق نفسة قال الصيدلي امجد العريقي، إن العشرات من الشباب يأتون بشكل يومي إلى الصيدلية التي يعمل بها في منطقة سعوان شرق العاصمة صنعاء بحثاً عن الأدوية الخاصة بالأمراض النفسية وعلاج الاكتئاب كـــ" أريبيبرازول، دوكسيبين، آديرال، أوكسازيبام، مودافينيل، هالوبيريدول، ألبرازولام، أمانتادين، " دون ان يحملوا وصفة من طبيب او مستشفى يثبت حاجتهم العلاجية لهذه الادوية التي أصبحت من اكثر الأصناف مبيعا في صنعاء.
واتهم العريقي جهات "لم يسمها" بدفع الشباب الى الإدمان على هذه الادوية لتحقيق اهداف "ربحية" او "مجتمعية وسياسية"، محذرا من نشوء شريحة "مخدرة " ستمثل خطرا على المجتمع اليمني. مبيناً أن الكثير من المدمنين على هذه الادوية يتعاطونها اثناء جلسات القات اومن خلال تذويبها بمشروبات غازية أو مشروبات الطاقة تحت مبرر تحقيق اكبر قدر من الشعور بالنشوة والكيف.
وأفاد اختصاصي في الامراض النفسية والعصبية يعمل في مستشفى الامل للأمراض النفسية تضاعف عدد المرضى من فئة الشباب الذي استقبلهم المستشفى خلال العامين الماضيين بنسبة كبيرة، محملا تدهور الأوضاع الاقتصادية والبطالة وانعدام الأفق عند هذه الشريحة "التي يفترض انها مقبلة على الحياة" مسؤولية لجوء الشباب الى تعاطي ادوية مخدرة.
وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه ان شريحة الشباب هم الأكثر تأثرا بنتائج انقلاب مليشيا الحوثي على الحكومة الشرعية وتدمير مؤسسات الدولة واهلاك الاستثمار وانتشار البطالة، مضيفا "هؤلاء الشباب يشعرون بان افضل سنين حياتهم تضيع منهم وان المستقبل امامهم مظلم" فيحاولون الهرب من الواقع بتعاطي مثل هذه الادوية التي توفر لهم شيء من النسيان المؤقت لواقعهم والراحة النفسية "الكاذبة" لساعات.
وبينما حذر المصدر من الإدمان على العقاقير المخدرة لما تتركه من اثار "تدميرية" على الصحة العضوية والنفسية للمدمن والتي يؤدي في نهاية المطاف الى الوفاة، اكد ان البعض يحتاج بالفعل الى هذه العقاقير، وقال هناك من يعاني من ضغوط نفسية ومعيشية تجعله يصاب بالقلق والتوتر والخوف والاكتئاب، ولذا من الطبيعي أن يكون بحاجة إلى أدوية تخلصه من هذه المشاعر السلبية التي تسيطر عليه، مستدركا لكنها تؤخذ بكميات محددة، لأن الادمان على تناولها يؤذي الأعصاب ويقتل خلايا المخ ، موضحاً أن الشخص الذي تعود على تناول أدوية الاكتئاب أو الأدوية المسكنة لن يتمكن من العودة إلى حياته الطبيعية بعد ذلك، كما يحدث مع مدمني المخدرات والكحول.