فور سيطرتها على العاصمة اليمنية صنعاء أواخر العام 2014، سارعت مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران لمهاجمة المدن اليمنية الساحلية الجنوبية والغربية التي تضم شريطًا ساحليًا يبلغ (2252) كم تقريباً، ويطل على البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.
وفي مايو 2015م، كانت المليشيا الحوثية تتوغّل في مدينة التواهي بمحافظة عدن (جنوب اليمن)، ورافق هجومها قصفاً عشوائياً شنّته بكثافة على الأحياء السكنية باستخدام الأسلحة الثقيلة والمتوسّطة، ما أجبر السكّان على النزوح الجماعي.
اضطر السكّان للهروب عبر البحر للنجاة بأنفسهم وأهاليهم، إلا أن مليشيا الإرهاب الحوثية وجّهت الدبابات وسلاح المدفعية لقصفت السفن والقوارب التي بادرت لإنقاذ الأهالي بعد ابتعادها عن المرسى بالتواهي.
ونتج عن ذلك القصف 32 شهيدًا و50 جريحًا غالبيتهم من الأطفال والنساء الذين حاولوا الهروب عبر البحر، لم تسمح لهم مليشيا الحوثي الإيرانية بالنجاة، لتكون تلك الحادثة التي صنفت بجريمة حرب أولى الإشارات على الخطر القادم من كهوف صعدة نحو أحد أبرز الممرات الدولية على مستوى العالم.
ومنذ ذلك التاريخ لم تتوقف هجمات مليشيا الحوثي وتهديداتها الإرهابية البحرية لحركة التجارة الدولية البحرية، وحتى لأنشطة اليمنيين في الصيد والتنقل البحري.
الإرهاب الحوثي إلى البحر
وحتى بداية العام الجاري 2022، رصد "الثورة نت" (32) عملية إرهابية بحرية نفّذتها المليشيا الحوثية، منها الإعتداء بالصواريخ والزوارق المفخخ والألغام على 22 سفينة تتبع خمس جنسيات (سعودية وإماراتية، وتركية، ويونانية، وجزر مارشال)، منها عمليتين اختطفت خلالها 4 سفن مدنية في البحر الأحمر، إضافة إلى اعتداءات أخرى استهدفت موانئ تجارية يمنية وسعودية.
استخدمت مليشيا الحوثي الإيرانية في هجماتها تلك أربعة أنواع من الأسلحة المدمّرة وهي: الصواريخ الباليستية، والألغام البحرية، والزوارق المسيّرة المفخخة، والطائرات المسيّرة المفخخة. إضافة إلى عمليات القرصنة والسطو المباشر على السفن التجارية واقتيادها إلى السواحل اليمنية الغربية الخاضعة لسيطرتها.
وأواخر ديسمبر الماضي، كشف الناطق باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن، العقيد الركن تركي المالكي، عن تدمير التحالف لـ(100) زورق أطلقتها المليشيا الحوثية لاستهداف الممرات الدولية.. مضيفاً أن المليشيا "هددت الملاحة البحرية بأكثر من 247 لغمًا بحريًا"، مستعرضًا أدلة تثبت ضلوع حزب الله اللبناني الموالي لإيران في تقديم الدعم الميداني للحوثيين لاستهداف المملكة وتهديد الملاحة الدولية.
أدوات الإرهاب
ومنذ العام 2015، شرعت المليشيا في نشر أنواع مختلفة من الألغام البحرية في قطاعات متفرقة في البحر الأحمر وباب المندب، منها ألغام بحرية منجرفة تتقاذفها الأمواج إلى مسافات بعيدة يصعب العثور عليها أو التحكّم بها.
وتعد تلك الألغام أولى الأسلحة الفتّاكة التي استخدمتها المليشيا الحوثية لاستهداف السفن التجارية والناقلات البحرية، وألحقت أضراراً حتى بنشاط الصيد في السواحل اليمنية.
ووفقا لتقرير فريق خبراء الأمم المتحدة حول اليمن صدر في يناير 2018، فقد عُثر على 44 لغمًا بحريًا في البحر الأحمر وخليج عدن عام 2017، منها 4 تم تفجيرها، كانت تستهدف سفن تجارية.
واستخدمت المليشيا الحوثية الصواريخ لضرب أهداف بحرية ثابتة ومتحرّكة، سواء عبر إطلاقها من البر من المناطق الساحلية الخاضعة لسيطرتها أو من فوق زوارق عادية في عرض البحر، قبل أن تحصل على تقنية الزوارق المسيّرة عن بعد وأساليب تفخيخها وإطلاقها.
ومؤخّراً، باتت الألغام البحرية المتطوّرة والزوارق المسيّرة والصواريخ الذكية التي حصلت عليها من طهران، سلاح المليشيا الحوثية الفتّاك لتهديد الملاحة الدولية برمّتها.
ووفقاً لمسؤولين محليين فإن مدينة الحديدة تضم عشرات المعامل والورش تستخدمها مليشيا الحوثي وخبراء الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني لصناعة الألغام البحرية العملاقة وتفخيخ الطائرات المسيّرة والزوارق المفخخة ونشرها في مختلف القطاعات البحرية.
اختطاف السفن
أما حوادث الاختطاف فرصد "الثورة نت" قيام مليشيا الحوثي باختطاف 4 سفن من المياه الإقليمية الدولية تحمل جنسيات إماراتية وسعودية، وكورية، آخرها اختطاف سفينة الشحن الإماراتية يوم الاثنين 3 يناير ٢٠٢٢، أثناء مرورها في البحر الأحمر، وعلى متنها مستشفى ميداني سعودي قادمة من سقطرى اليمنية نحو جازان السعودية، وفقاً لإعلان التحالف.
وقبلها كانت المليشيا الحوثية قد اختطفت ثلاث سفن جنوب البحر الأحمر يوم الأحد 17 نوفمبر 2019، أحدها قاطرة بحرية سعودية (رابغ-3) وسفينتين كوريتين.
وقال بيان للتحالف حينها، إن "(رابغ-3) كانت تقوم بقطر (حفار بحري) تملكه إحدى الشركات الكورية الجنوبية". مؤكداً أن عمليات الخطف والقرصنة تلك تعد "سابقة إجرامية لأمن مضيق باب المندب وجنوب البحر الأحمر البحري". وبعدها بيومين، أعلنت كوريا الجنوبية، إفراج الحوثيين عن ثلاث سفن و16 شخصاً، بينهم مواطنان كوريان جنوبيان. وكانت "سيول" قد وجّهت مدمرة إلى موقع احتجاز السفينتين التابعتين لها قبالة سواحل الحديدة.
مسلسل الاعتداءات الإرهابية على الملاحة
2016
2017
2018
2019
2020
2021
2022
- 5 يناير 2022: قال التحالف العربي إنه تلقى "نداء استغاثة من ناقلة نفط بعد تعرضها لمضايقات مسلحة مقابل ميناء الحديدة".. مشيراً إلى وجود "مؤشرات عالية الخطورة على المنطقة والممر البحري مقابل ميناء الحديدة"
استهداف الموانئ
لم تقتصر هجمات المليشيا الحوثية على السفن والمراكب البحرية، بل طالت المنشآت الحيوية، بما فيها الموانئ اليمنية، وموانئ سعودية، حيث رصد "الثورة نت" سبع عمليات استهداف للموانئ باستخدام زوارق مسيّرة محمّلة بالمتفجّرات.
قادة الإرهاب
وأظهرت تصريحات قادة مليشيا الحوثي، أن الإرهاب الذي تمارسه المليشيا ضد الملاحة الدولية جزء من عقيدتها ونهجها لابتزاز العالم بمصالحة في المنطقة وإخضاعه لرغباتها التوسّعية وحربها العدمية ضد اليمنيين وجيرانهم الذين ترى فيهم أعداءً يجب إزالتهم من الوجود.
الداعم الرسمي للإرهاب
وتشير التقارير إلى أن جرائم الحوثي البحرية يقف خلفها النظام الإيراني الذي يقدّم دعماً ميدانياً للعمليات الهجومية الحوثية ضد الملاحة الدولية وتهديد الصيادين اليمنيين، ومنها سفن إيرانية عائمة في البحر الأحمر تعمل كمراكز قيادة وسيطرة وغرفة عمليات عسكرية للتنسيق وتوجيه الميليشيا وتحمل أجهزة اتصالات وتنصت ورادارات.
ففي 25 سبتمبر 2018، كشف المتحدث باسم التحالف العربي العقيد الركن تركي المالكي، عن وجود سفينة إيرانية في البحر الأحمر منذ فترة طويلة، تدعى "سافيز"، وتمثل غرفة عمليات عسكرية للتنسيق وتوجيه ميليشيا الحوثي. موضحاً أنها سفينة حربية رغم أنها مسجلة كتجارية.
وعرض المالكي، صوراً للسفينة الإيرانية التي قال إنها تحتوي على أجهزة الاتصالات الفضائية والرادارات ومناظير بعيدة وأجهزة تنصت.
وفي نوفمبر 2018، نفذ الصيادون من أبناء الحديدة وقفة احتجاجية ناشدوا خلالها الحكومة الشرعية والتحالف بحمايتهم وضمان عدم تعرض حياتهم للخطر بسبب تواجد السفينة الإيرانية، مؤكدين أنها تشكل ضرراً كبيراً ومباشراً عليهم وتدمر مصدر دخلهم الوحيد.
وطالب الصيادون المجتمع الدولي والمنظمات الدولية، بتحمل مسؤولياتهم والعمل على إبعاد السفينة الإيرانية عن المياه الإقليمية اليمنية ومياه البحر الأحمر، ووقف ممارساتها الاستفزازية بحق الصيادين، وتهديدها الأمني الصارخ والسافر للنشاط السمكي.
ورغم كل المناشدات المحلية والإقليمية والوساطات الدولية لتحييد خطوط الملاحة البحرية والتجارة العالمية إلا أن المليشيا الحوثية تصر على استخدامها ورقة ضغط لابتزاز المجتمع الدولي نظراً لما يمثّله باب المندب من أهمية كبيرة للعالم، والذي تمر عبره أكثر من 60 سفينة تجارية تنقل نحو 3 ملايين و300 ألف برميل نفط يوميًا.