2025/04/24
تحليل | بريطانيا تفاجئ العالم برفع القيود عن وزارتي الدفاع والداخلية السورية

 

 

في خطوة مفاجئة، رفعت لندن، الخميس 24 أبريل 2025، القيود المالية عن وزارتي الدفاع والداخلية السورية ورُوؤس أجهزة المخابرات، في إطار مراجعة غربية لاستراتيجية العقوبات المفروضة منذ أكثر من عقدين على نظام بشار الأسد. يأتي هذا القرار بعد أسابيع من تجميد أصول مصرف سوريا المركزي و24 كيانًا آخر بهدف دعم الاقتصاد السوري وتمهيدًا لإشراك السلطات الجديدة في عملية إعادة الإعمار بشرط تنفيذ إصلاحات واضحة. تحركت المملكة المتحدة بمفردها عن بعض حلفائها الغربيين، وسط ترقب واسع لردود الفعل الأميركية والأوروبية، واستباقًا لمفاوضات مرتقبة حول مستقبل العقوبات والمنظور السياسي في مرحلة ما بعد الأسد.

 

• خلفية القرار

 

بَرّرت وزارة الماليّة البريطانية قرار رفع تجميد الأصول بأن الظروف على الأرض تغيرت بعد الإطاحة ببشار الأسد على يد قوات «هيئة تحرير الشام» في ديسمبر الماضي، بعد أكثر من 13 عامًا من الحرب الأهلية، ما يتطلّب إعادة تقييم أدوات الضغط العقابي السابقة  .

يُذكر أن لندن كانت قد أزالت حظر تجميد أصول مصرف سوريا المركزي و23 كيانًا آخر في مارس الماضي، معتبرةً أن هذه الخطوة تهدف إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية ودعم عملية التعافي الاقتصادي، مع الإبقاء على العقوبات الشخصية ضد أفراد في النظام السابق  .

 

• دوافع إدارية وسياسية

 

1. تحفيز الاستقرار الاقتصادي

 

تسعى بريطانيا عبر رفع عقوبات على مؤسسات حيوية كالدفاع والداخلية إلى تشجيع السلطات السورية الجديدة على الانخراط في مسار إعادة الإعمار، ولجم التدهور الاقتصادي الذي يفاقم معاناة المدنيين ويغذي التطرف والجريمة المنظمة  .

 

2. توجيه رسالة لبيروقراطيات النظام

 

تخلّصت لندن من قيود كانت تحول دون تعامل هذه الوزارات مع بنوك دولية وشركات تأمين، في مؤشر إلى رغبة في ضبط ملفات مالية كانت تغلق أمام دمشق لأسباب تتعلق بمكافحة تمويل الإرهاب ومخاوف اتّهام النظام بوقاية شبكات إنتاج «الكبتاغون»  .

 

3. تنسيق مع الشركاء الغربيين

 

القرار البريطاني سبقته خطوات مماثلة من الاتحاد الأوروبي، الذي علق عقوبات على قطاعات الطاقة والنقل وأفرج جزئيًا عن أصول أربعة بنوك وطائرة حكومية، في إطار ضغط لإحداث خرق سياسي بسوريا الجديدة، رافضًا في الوقت ذاته رفع الحظر عن شخصيات مرتبطة بجرائم حرب محتملة  .

 

الأبعاد الدولية

• الموقف الأميركي: تبدو واشنطن مترددة في مجاراة لندن، إذ تحافظ على تشددها تجاه مؤسسات الأسد السابقة خشية تكرار أخطاء ما بعد 2011، وما رافقها من تسهيل لتغلغل ميليشيات إيرانية  .

• ردود فعل دمشق: رحبت وزارة الخارجية السورية بالقرار، واعتبرته «خطوة إيجابية» تدعم جهود الحكومة في إعادة بناء البنية التحتية وبسط الأمن  .

• مردود إقليمي: يلقى القرار ترحيبًا حذرًا من دول الخليج الداعمة لمرحلة انتقالية منظمة، في حين تنتظر تركيا وضوحًا بشأن مستقبل العقوبات الأميركية لمنع موجات نزوح جديدة عبر الحدود  .

 

تداعيات مستقبلية

 

1. آفاق إعادة الإعمار

 

قد تفتح هذه الخطوة الباب أمام عقود صيانة وبناء للطرق والموانئ والمطارات، شرط تقديم ضمانات للشفافية واستقلالية القضاء في مناقصات المشاريع الكبرى.

 

2. سباق نفوذ

 

يمثل القرار مؤشرًا على تنافس بريطاني-أوروبي للعب دور أكبر في سوريا ما بعد الأسد، في مواجهة النفوذ الروسي والإيراني اللذين يحافظان على جسور تقليدية مع النظام القديم.

 

3. عودة الحوار السياسي

 

من شأن هذا التطور أن يضغط على فصائل المعارضة للمشاركة في مفاوضات جنيف المرتقبة، إذا ما رُبطت مزيد من التسهيلات الاقتصادية بتقدم حقيقي في المسار الديمقراطي.

 

أخيرًا

 

تشكّل خطوة بريطانيا رفع العقوبات عن وزارتي الدفاع والداخلية السورية ورؤساء المخابرات نقطة تحول في المعادلة العقابية، معززةً ملف إعادة الإعمار وأداة ضغط لاستنهاض التفاوض السياسي. يبقى الرهان على قدرة الأطراف الدولية والإقليمية على توحيد الموقف تجاه الحدّ من سلطة ميليشيات الطائفية وإرساء سلطة مدنية معتدلة في دمشق.

تم طباعة هذه الخبر من موقع الثورة نت www.althawra-news.net - رابط الخبر: https://althawra-news.net/news140548.html