شهدت 3 محافظات خاضعة لسيطرة الميليشيا الحوثية احتجاجات رافضة لسياسات القمع وفرض الإتاوات والاختطافات، في وقت تزداد فيه مؤشرات الاحتقان الشعبي مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتراجع الثقة بوعود الميليشيا.
ووفق مصادر محلية مطلعة، فقد شملت الاحتجاجات الأخيرة كلاً من العاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتَي إب والجوف، وذلك على خلفية تراجع الحوثيين عن اتفاقات سابقة مع قبائل بشأن إطلاق سراح معتقلين، وتصعيدهم حملات ملاحقة مدنيين، وإغلاقهم أسواقاً تجارية دون مبررات واضحة.
في هذا السياق، نظم أبناء قبيلة قيفة من مديرية "ولد ربيع" بمحافظة البيضاء، في "ميدان السبعين" بصنعاء، اعتصاماً مفتوحاً للمطالبة بإطلاق سراح العشرات من أبناء قريتهم المختطفين منذ نحو عام، وذلك عقب حملة دهم نفذتها الميليشيا الحوثية ضد قرية حمة صرار.
وأكد المشاركون في الاعتصام تمسكهم بمطالبهم ورفضهم مغادرة الساحة حتى الإفراج غير المشروط عن المعتقلين كافة، متهمين الحوثيين بنقض الاتفاقات السابقة والمماطلة المتكررة. وأكدوا أن سكان قريتهم تعرضوا لحملة بطش وتنكيل ممنهجة.
ويحمّل المعتصمون جماعة الحوثي المسؤولية الكاملة عمّا وصفوها بـ"الانتهاكات الممنهجة" ضد أبناء القبائل المناهضة لمشروعاتها الطائفية، ملوّحين بخطوات تصعيدية في حال استمرار تجاهل مطالبهم.
ويعود أصل التوتر إلى أغسطس/آب 2023، عندما فرضت الميليشيا حصاراً عسكرياً مشدداً على قرية حمة صرار، عقب اشتباكات اندلعت بسبب مقتل اثنين من أبناء القرية على يد عناصر حوثية، ما أدى إلى مقتل 4 من عناصر الميليشيا في رد فعل قبلي.
احتجاج تربوي في إب
في مدينة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) نظم عشرات المحتجين وقفة أمام مقر السلطة المحلية الخاضعة للجماعة الحوثية؛ للمطالبة بالإفراج عن التربويين علي الذيب وأحمد الدميني، اللذين اختُطفا قبل أيام في مديرية ريف إب.
وطالب المحتجون بالإفراج عن جميع المدنيين المختطفين في المحافظة، ومحاسبة المتورطين من قادة الميليشيا ومسلحيها، في ظل تصاعد الانتهاكات وحملات الملاحقة والاعتقال التي تستهدف أبناء المحافظة من مختلف الفئات.
وأشارت مصادر محلية إلى أن المدينة تشهد منذ أسابيع موجة اختطافات تطول تربويين ونشطاء وتجاراً، إلى جانب تصاعد لافت في جرائم القتل والسطو والابتزاز.
ويرى مراقبون يمنيون أن تصاعد هذه الاحتجاجات في أكثر من مدينة يمثل دليلاً على اتساع الهوة بين الميليشيا الحوثية والمجتمع المحلي، وسط اتهامات للجماعة بمواصلة تقويض الحياة الاقتصادية والمدنية لمصلحة أذرعها الأمنية والمالية.
إضراب في الجوف
في محافظة الجوف (شمال شرقي صنعاء) أعلن تجار وأصحاب محالّ في سوق مديرية المتون إضراباً شاملاً؛ احتجاجاً على ممارسات الميليشيا الحوثية، من بينها إغلاق مداخل السوق واستحداث سوق بديلة لمصلحة موالين لها.
وأكد التجار أن إجراءات الميليشيا ألحقت شللاً كاملاً بالحركة التجارية في السوق، واتهموها بالتخطيط المسبق لتصفية السوق الأصلية واستبدال سوق أخرى بها، تحت سيطرة موالين، في إطار مساعيها للاستحواذ على مفاصل الاقتصاد المحلي.
وقال "أمين"، وهو أحد التجار المتضررين، لـ"الشرق الأوسط"، إن الميليشيا توقفت فجأة عن حملات الجباية منذ 3 أشهر، "في ما يبدو تمهيداً لتنفيذ خطة لإغلاق السوق نهائياً وتحويل النشاط التجاري إلى جهات موالية".
وطالب المحتجون الميليشيا الحوثية بإلغاء قرارات الإغلاق والسوق البديلة، ومنحوها مهلة قبل التصعيد، داعين الجهات الحقوقية إلى التضامن معهم لحماية مصادر رزقهم.
وكانت الميليشيا قد صعدت في الآونة الأخيرة من عمليات التجنيد وفرض الإتاوات بذريعة دعم معاركها الإقليمية، بينما يتسع نطاق السخط في المحافظات الخاضعة لها، نتيجة الانفلات الأمني، والتمييز الطائفي، والفساد المستشري.
ويحذر ناشطون بأن استمرار هذه السياسات سيؤدي إلى تفجر موجة كبرى من الغضب الشعبي، قد لا تستطيع الميليشيا احتواءها، خصوصاً في ظل التدهور الاقتصادي وتآكل مصادر دخل المواطنين.
*الشرق الأوسط