صعّدت ميليشيا الحوثي الإرهابية من جرائمها ضد المنظمات الدولية والعاملين في المجال الإنساني مستهدفة هذه المرة مجمعاً سكنياً تابعاً للأمم المتحدة يضم موظفين أجانب ويمنيين، في خطوة وُصفت بأنها الأخطر منذ سنوات.
ويأتي هذا التصعيد ضمن سلسلة من الإجراءات القمعية والاعتداءات التي تمارسها المليشيا ضد المؤسسات العاملة في المجال الإنساني، في محاولة لتقييد نشاطها وتشويه سمعتها أمام الرأي العام المحلي والدولي.
اقتحام سكن أممي
وحسب المصادر اقتحمت قوة أمنية تابعة لمليشيا الحوثي الإرهابية، فجر السبت 18 أكتوبر، مجمعاً سكنياً تابعاً للأمم المتحدة في شارع حدة وسط العاصمة صنعاء، يضم موظفين في العمل الإنساني أجانب ويمنيين.
وذكرت المصادر إن القوة الحوثية التي ضمّت عشرات المسلحين وعدداً من المدرعات والمركبات، فرضت طوقاً أمنياً محكماً على المجمع قبل اقتحامه، حيث قطعت الكهرباء وأغلقت كاميرات المراقبة، وقطعت الاتصالات والإنترنت في محاولة لعزل الموقع بالكامل.
وأشار ت إلى أن المجمع يضم نحو 15 موظفاً دولياً يحملون جنسيات أجنبية إلى جانب موظفين يمنيين في مجالات الخدمات والحماية، وقد أجبر الحوثيون الموظفين الأجانب على مغادرة مساكنهم والتمركز في فناء أحد المباني، فيما تم احتجاز الموظفين المحليين في قبو داخل المجمع.
وأكدت المصادر أن عناصر ميليشيا الحوثي الإرهابية نفذوا عمليات تفتيش شاملة داخل المباني وصادروا أجهزة ومقتنيات حساسة، بينها سيرفرات وأجهزة كمبيوتر وهواتف وأقراص صلبة ووثائق، مضيفاً أن القوة الحوثية ما تزال متمركزة داخل المجمع حتى لحظة إعداد الخبر، مع السماح لاحقاً لبعض الموظفين الأجانب بالتواصل مع عائلاتهم، في حين يخضع الموظفون اليمنيون لتحقيقات أمنية مطوّلة.
ويأتي هذا الاقتحام بعد يومين فقط من خطاب لزعيم الإرهاب الحوثي اتهم فيه موظفين أمميين بالقيام بأعمال “تجسسية وعدوانية” لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، هذا الخطاب التحريضي، وفق مراقبين، يندرج في إطار حملة تصعيد متواصلة تشنها الجماعة ضد العاملين في المجال الإنساني، حيث لا تزال تحتجز 53 موظفاً تابعين للأمم المتحدة ومنظمات دولية منذ عام 2021، بينهم تسعة موظفين اختطفتهم في سبتمبر الماضي.
تهم كاذبة
وفي أول رد رسمي، أعرب المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك عن رفض المنظمة القاطع للاتهامات الحوثية التي وصفها بـ“المغرضة والخطيرة”، مؤكداً أن الأمم المتحدة ترفض أي مزاعم بشأن تورط موظفيها في أنشطة تجسس أو أعمال لا تتوافق مع طبيعة مهامها الإنسانية.
وقال دوجاريك في تصريحات صحفية، إن هذه الاتهامات “تعرض حياة موظفي الأمم المتحدة في اليمن والعالم للخطر”، مشدداً على أن المنظمة ستواصل مطالبتها بإنهاء الاحتجاز التعسفي لموظفيها وموظفي البعثات والمنظمات الدولية، الذين يُحرم بعضهم من الاتصال بأسرهم منذ سنوات.
تحذير حكومي
بدورها، أعربت وزارة الخارجية اليمنية عن استهجانها الشديد للتصريحات التحريضية الصادرة عن قيادات مليشيا الحوثي الإرهابية، معتبرة أن هذه الادعاءات “محاولة لتبرير الإجراءات التعسفية” التي تنفذها مليشيا الإرهاب ضد المنظمات الدولية، بما في ذلك اقتحام المكاتب، واعتقال الموظفين المحليين، ومصادرة المعدات، وفرض قيود مشددة على حركة العاملين الإنسانيين.
وأكدت الوزارة في بيان لها أن هذا السلوك “يمثل تصعيداً خطيراً وتسييساً للعمل الإنساني”، ويهدد استمرار البرامج الإغاثية التي يعتمد عليها ملايين اليمنيين. وجددت الوزارة دعم الحكومة الكامل لجهود الأمم المتحدة ووكالاتها العاملة في اليمن، داعية المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم إزاء هذه الانتهاكات وممارسة أقصى الضغوط على الجماعة لضمان بيئة آمنة ومستقلة للعمل الإنساني.
ادانة امريكية
من جهته، اعتبر السفير الأمريكي لدى اليمن ستيفن فاجن أن استمرار مليشيات الحوثي الإرهابية في احتجاز الموظفين المدنيين وتلفيق الأدلة ضدهم “يمثل انتهاكاً صارخاً للكرامة الإنسانية”، مؤكداً أن هذا السلوك “يعكس طبيعة الجماعة التي لا تكترث لسيادة القانون ولا لرفاهية الشعب اليمني”.
وفي بيان للسفارة الأمريكية على منصة (إكس)، وصف فاجن مرور أربع سنوات على احتجاز الحوثيين لموظفي السفارة الأمريكية في صنعاء بأنه “ذكرى حزينة ومؤلمة”، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لن تتوقف عن الضغط حتى يتم إطلاق سراح جميع المحتجزين دون قيد أو شرط.
وقال السفير الأمريكي: “ما يمارسه الحوثيون من اختطاف للعاملين الإنسانيين وتلفيق التهم ضدهم يبرهن على عزلتهم عن المجتمع الدولي، ويكشف حجم القسوة المتعمدة التي تميّز سلوكهم”، مضيفاً أن مليشيا الحوثي الإرهابية “تتخذ اليمنيين الأبرياء كبش فداء وتتهمهم بالتجسس لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة”.
وتؤكد هذه التطورات المتلاحقة أن مليشيا الحوثي الإرهابية ماضية في نهجها التصعيدي ضد المجتمع الدولي والمنظمات العاملة في اليمن، في انتهاك صارخ للأعراف والقوانين الدولية التي تحمي العمل الإنساني. ومع استمرار عمليات الاقتحام والاختطاف وتلفيق الاتهامات، تتسع دائرة المخاطر التي تهدد مستقبل العمل الإغاثي في البلاد، الأمر الذي يستدعي تحركاً دولياً عاجلاً لوقف هذه الممارسات وضمان حماية العاملين الإنسانيين والحفاظ على الطابع المحايد للأنشطة الأممية داخل اليمن.
- سبتمبر نت