
انعقدت في العاصمة الصينية بكين، يومي 17 و18 نوفمبر 2025، الدورة الحادية عشرة لمؤتمر الحوار بين الحضارتين الصينية والعربية، بمشاركة واسعة تجاوزت مائتي شخصية من كبار المسؤولين والمفكرين والإعلاميين من الجانبين، يتقدمهم الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور أحمد أبو الغيط، ورأس وفد اليمن الدكتور/ عبد الله أبو الغيث نائب رئيس مجلس الشورى بالإضافة إلى رؤساء وفود من المغرب والبحرين وفلسطين.
وشهد المؤتمر صدور إعلان مشترك أكد أبرز ملامح تطور الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية، ورسم ملامح التعاون الحضاري في المرحلة المقبلة.
وركّز الإعلان على جملة من النقاط المحورية، أبرزها الإشادة بالزخم التاريخي للعلاقات الثنائية، والتنفيذ المتقدم لـ "الأعمال الثمانية المشتركة" المنبثقة عن القمة الصينية العربية الأولى، إلى جانب التطلع إلى القمة الثانية عام 2026 باعتبارها محطة نوعية في مسار الشراكة.
كما شدد الجانبان على الأهمية العالمية للحضارتين الصينية والعربية، وعلى دور الحوار والانفتاح عبر طريق الحرير في صياغة نموذج حضاري يرفض صراع الحضارات ويصون التنوع الثقافي.
وأعرب الإعلان عن تقدير عربي واسع لمبادرة الحضارة العالمية التي طرحها الرئيس شي جين بينغ، معتبراً أنها تتسق مع القيم العربية والإسلامية في تعزيز الحوار والتعارف بين الشعوب. كما اتفق الطرفان على ترسيخ القيم المشتركة للبشرية - السلام والتنمية والعدالة والحرية - واحترام المسارات التنموية والسيادية لكل دولة.
وتضمن الإعلان وضع خارطة تعاون عملية تشمل: تبادل الخبرات في الحكم والإدارة؛ حماية التراث والآثار، دعم الصناعات الثقافية، تعزيز التعاون الجامعي والبحثي، إطلاق برامج لتأهيل وتمكين الشباب، وتفعيل منصات الحوار مثل "المركز الصيني العربي لمبادرة الحضارة العالمية".
كما تضمن الاعلان التأكيد على العمل على حسن تنظيم الدورة السادسة لمهرجان الفنون العربية، والإسراع في إنشاء مركز الدراسات الصيني العربي للتعاون الثقافي والسياحي، ودفع التعاون بين الجامعات الصينية والعربية في إعداد الكفاءات والتبادل الأكاديمي، بالاضافة إلى دعم تعليم اللغة الصينية في الدول العربية.
وأكد الإعلان على تنفيذ مشروع "معسكر التبادل للقادة الشباب الصينيين والعرب"، إضافة إلى تفعيل منصات الحوار وتطوير آليات عمل "المركز الصيني العربي لمبادرة الحضارة العالمية" ليكون منصة تفاعلية حقيقية تخدم أهداف الطرفين.
واختُتمت أعمال المؤتمر بالتأكيد على استمرار هذه المسيرة المشتركة، واستضافة الدورة المقبلة في إحدى الدول العربية عام 2027م.
هذا وكانت عُقدت جلسات عمل تخلّلتها نقاشات مستفيضة بين مائتي متحاور يمثلون الوطن العربي والصين، تناولت طيفًا واسعًا من القضايا المتصلة بتطوير العلاقات بين الحضارتين من خلال تبادل الخبرات والمعلومات، بما يسهم في تعميق التفاهم المتبادل وترسيخ مسارات التعاون المستقبلي.
وركزت الجلسات بشكل خاص على تعزيز القيم المشتركة بين الحضارتين الصينية والعربية، وفي مقدمتها احترام التنوع الثقافي، والتمسك بالسلام والحوار، والإيمان بعدالة التنمية وحق كل أمة في اختيار طريقها الخاص، إضافة إلى إعلاء قيم العدل والإنصاف، والتعايش، والانفتاح على الآخر.
وقد شدّد المشاركون على أن هذه القيم ليست مجرد مبادئ نظرية، بل تمثل أساسًا لبناء مجتمع عربي صيني للمستقبل المشترك، ودعامةً لجهود مواجهة التحديات العالمية بروح من التعاون والتكامل الحضاري، انطلاقًا من الإرث الإنساني العريق الذي يجمع بين الجانبين.
