
في جزيرة هاينان، المقاطعة الصينية الواقعة في أقصى الجنوب، حيث تلتئم ظلال الغابات النخيلية مع زرقة البحر والسماء، يجتمع صناع الأفلام من جميع أنحاء العالم. وحيث يلتقي بريق الشاشة مع ضخ عصر بناء ميناء هاينان للتجارة الحرة، ليكتبا معًا سيمفونية جديدة من الانفتاح والتعاون.
وفي 3 ديسمبر الحالي، افتتحت الدورة السابعة من مهرجان هاينان السينمائي الدولي في مدينة سانيا بجزيرة هاينان، ويستمر حتى التاسع من الشهر. وبالإضافة إلى التنافس على الجوائز المختلفة، شهد المهرجان أنشطة غنية ومتنوعة مثل المنتديات وعروض الأفلام، مما يعزز التبادل والتعاون الثقافي السينمائي الدولي، ويبني جسرًا بين صناع الأفلام والجمهور.
وتلقى المهرجان هذا العام 4564 فيلمًا من 119 دولة ومنطقة، وهو رقم قياسي جديد في عدد الأفلام المقدمة. إن مشاهد الشاشة التي تعرضها هي عرض مصغر للثقافات العالمية المتعددة، كما تمثل هاينان نافذة تظهر عزم الصين الثابت على الانفتاح للخارج.
ولا يقتصر طموح هاينان عند هذا الحد، بل يتجاوز كونه محطة ثقافية، ليتجسد في مشروع استراتيجي أعظم هو بناء ميناء تجارة حرة على مستوى الجزيرة بأكملها، ولتصبح مركزًا جديدًا في الخريطة الاقتصادية العالمية. ومنذ عام 2018، قررت الصين دعم بناء منطقة تجريبية للتجارة الحرة في جميع أنحاء جزيرة هاينان، وفي ديسمبر 2025 سيبدأ ميناء هاينان للتجارة الحرة رسميًا تشغيل العمليات الجمركية الخاصة التي تشمل الجزيرة بأكملها. وبعد ذلك، من المتوقع أن تتمتع حوالي 74% من بنود البضائع المستوردة، أي حوالي 6600 بند، بإعفاء من رسوم الاستيراد الجمركية، وهو ما يغطي تقريبًا جميع معدات الإنتاج والمواد الخام، مما يقلص التكاليف الضريبية للشركات التي تستورد المعدات بنسبة 20%. وأي بضائع تُعالج في ميناء هاينان للتجارة الحرة وترتفع قيمتها المضافة بأكثر من 30%، يمكنها دخول السوق الصينية الداخلية مع الإعفاء من رسوم الاستيراد الجمركية. بالإضافة إلى ذلك، يبلغ معدل ضريبة دخل الشركات للشركات المصنفة ضمن الصناعات المشجعة في هاينان 15% فقط، وهو أقل بشكل ملحوظ من معدل الضريبة القانوني السائد في البر الرئيسي الصيني البالغ 25%.
وفي الوقت نفسه، تتمتع المواهب عالية المستوى المؤهلة والنادرة أيضًا بحد أقصى للضريبة التفضيلية على الدخل الشخصي بنسبة 15%. وهذا يقلل بشكل فعال من التكاليف التشغيلية الشاملة للشركات والعبء الضريبي الشخصي للمواهب، مما يضيف حيوية للتنمية الاقتصادية. وأخيرًا، يمهد انفتاح التدفقات المالية وعناصر الإنتاج الطريق للعمليات العالمية للشركات. ويوفر حساب التجارة الحرة متعدد الوظائف (حساب EF) الذي أُطلق في هاينان تسهيلات كبيرة لتسوية التجارة والاستثمار والتمويل عبر الحدود، مما يقلل وقت استلام الأموال من 1-2 يوم عمل في الماضي إلى 2-3 ساعات. تشير هذه السياسات التفضيلية معًا إلى هدف استراتيجي أعمق: تحويل هاينان إلى بوابة مهمة تقود انفتاح الصين في العصر الجديد، وعقدة رئيسية لتخصيص الموارد العالمية. وبالنسبة للدول العربية، فإن بناء ميناء هاينان للتجارة الحرة يجلب فرص تعاون غير مسبوقة. تقليديًا، كانت البضائع تستغرق ما يقرب من شهر للانتقال من موانئ شرق الصين إلى الشرق الأوسط. والآن، يمكن لخطوط الشحن المباشرة المنطلقة من ميناء يانغبينغ في هاينان أن تقصّر وقت الرحلة بشكل كبير.
وفي الوقت نفسه، تفتتح خطوط جوية مباشرة مثل "هايكو-دبي" و"هايكو-أبو ظبي"، مما يوفر قناة فعالة لانتقال الأشخاص ونقل البضائع عالية القيمة المضافة. كما أصبح التعاون بين الخطوط الجوية القطرية وميناء هاينان للتجارة الحرة في أعمال طلاء وصيانة الطائرات بطاقة تعريف لامعة لتوطين صناعة صيانة الطائرات في هاينان. وبعد أن قامت الخطوط الجوية القطرية بطلاء طائرتها بالطلاء الجديد في قاعدة صيانة الطائرات الشاملة في ميناء هاينان للتجارة الحرة في أكتوبر 2023، وقع الطرفان اتفاقية لمدة ثلاث سنوات بقيمة حوالي 100 مليون يوان صيني. وكانت سياسات الإعفاء من الرسوم الجمركية في ميناء هاينان للتجارة الحرة، مثل الإعفاء من دفع تأمين لصيانة الطائرات الواردة والإعفاء الجمركي لمواد صيانة الطائرات، مفتاحًا لجذب التعاون. وحتى الآن، أكملت قاعدة صيانة الطائرات في هاينان طلاء أكثر من 280 طائرة كاملة، وغطت خدماتها ما يقرب من 50 شركة طيران حول العالم. وفي مجالات مثل معالجة الأغذية عالية الجودة، والطب الحيوي، والطاقة الجديدة، والشحن والخدمات اللوجستية، والتجارة الرقمية، يتوفر أيضًا مجال واسع للتعاون بين الصين والدول العربية.
في السنوات الأخيرة، زادت قيمة التجارة في البضائع بين هاينان وجامعة الدول العربية بمتوسط سنوي يزيد عن 30%، مما يؤكد أن هذا التكامل يتحول إلى نمو ملموس. ويمثل ميناء هاينان للتجارة الحرة إمكانية جديدة، فهو يقلل التكاليف ويزيد الكفاءة للشركات من خلال مجموعة من السياسات التفضيلية المنظمة والشفافة والمستقرة على المدى الطويل. ولكن الأهم من ذلك، أنه يمثل عزم الصين على الاندماج العميق في العولمة الاقتصادية وتوجيهها. وبالنسبة للشركات العربية، فإن هاينان ليست مجرد مدخل إلى سوق صينية ضخمة فحسب، بل هي أيضًا نقطة ارتكاز استراتيجية تواجه منطقة آسيا والمحيط الهادئ بأكملها، وتعتمد على سلسلة التوريد الضخمة وسوق الاستهلاك الكبيرة في الصين.
صحفية صينية
يي وم غناو

