
بعد مرور أعوام على توقيع اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، برعاية المملكة العربية السعودية، يبرز تساؤل جوهري حول حصيلة التنفيذ، وما إذا كان الاتفاق قد حقق أهدافه المعلنة في توحيد الصف، واستعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء مظاهر الانقسام في المناطق المحررة.
هنا نستعرض بشكل موجز أبرز ما تحقق من الاتفاق والذي تمثّل في الجانب السياسي، وفي مقدمته تشكيل حكومة من 24 وزيرًا أواخر عام 2020، بما أنهى حالة المواجهة المفتوحة، وأعاد المجلس الانتقالي إلى إطار الشراكة داخل مؤسسات الشرعية.
غير أن تطبيق مبدأ المناصفة بين الشمال والجنوب جاء بصورة غير دقيقة، إذ مال التمثيل لصالح الجنوب بدرجة ملحوظة، في سياق تسوية سياسية هدفت إلى تثبيت الحكومة وضمان استمرارها.
كما تحقق تنفيذ جزئي لبند عودة الحكومة إلى العاصمة المؤقتة عدن، حيث عادت بشكل رسمي، إلا أن الحضور المؤسسي الكامل واستقرار العمل التنفيذي ظل محدودًا، مع استمرار إدارة عدد من الملفات من خارج البلاد.
في المقابل، تعثرت بنود محورية في الاتفاق، وفي مقدمتها الترتيبات العسكرية والأمنية، إذ لم تُدمج القوات العسكرية والأمنية التابعة للمجلس الانتقالي ضمن وزارتي الدفاع والداخلية، ولم تُسلّم الأسلحة الثقيلة، ما أبقى تعدد مراكز القوة قائمًا، وأضعف قدرة الدولة على بسط نفوذها الكامل.
كما لم يُنفّذ بند توحيد القرار الأمني في العاصمة المؤقتة عدن وعدد من المحافظات الجنوبية، وبقيت إدارة الأمن خارج الإطار المؤسسي للدولة، إلى جانب استمرار الخطاب السياسي والإعلامي خارج سقف البرنامج الحكومي، بما أضر بوحدة القرار، وأوجد تباينات في المواقف الرسمية.
وفيما يخص بنود إدارة الموارد المالية وتوحيد الإيرادات لم تُنفّذ وفق ما نص عليه الاتفاق، كما تعثّر تفعيل أجهزة الرقابة والمحاسبة، الأمر الذي انعكس على الأداء الاقتصادي والخدمي في المناطق المحررة.
مما سبق نخلص إلى أن اتفاق الرياض حقق تهدئة سياسية ومنع انفجارًا داخليًا، لكنه تعثّر في الانتقال من التسوية السياسية إلى البناء المؤسسي الكامل، ما يستدعي مراجعة جادة لمسار التنفيذ، واستكمال بنود الاتفاق، بوصفه أحد المفاتيح الأساسية لاستعادة الدولة، وتعزيز وحدة القرار، ومواجهة انقلاب ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من نظام آيات الشر في إيران.