
ربما أننا الآن في جولة المصباحي نساء يحتجبن وراء البراقع أطفال مثل العسكر والجميع يستمرون بإطلاق النار بشراهة على كل التفاصيل الصغيرة في وجه عدسة من الحجم 35 مم وما هي إلا لحظات ليظهر رجل وسيم .. وسيم جدا .. يأمر بعض الجنود الغرباء بالقضاء على هؤلاء المتوحشين .. يملأ الدخان السماء للحظات ..هذا فقط . في صباح اليوم التالي يخبر مدير شركة باراماونت طفلته عن الفيلم الجديد “قواعد الاشتباك” 2000م وعن بشاعة هؤلاء العرب . وبتذكر جولة المصباحي .. هل يتخيل القارئ اليمني الطيب الذي يلقي محاضرة عن لصقات الظهر الأمريكي في المستشفى اليمني الألماني في نفس الجولة أنه وزوجته وأطفاله يظهرون بشكل مختلف تماما في شاشة رينوكسن في نيويورك .
من بين 900 فيلم سينمائي أنتجöت منذ الحقبة الصامتة وحتى الآن لم يكن هناك سوى 12 فيلما سينمائيا فقط قدم الشخصية العربية بشكل إيجابي فما بين أفلام ما قبل الاصطدام التي تركز على كون العربي مجرد فزاعة لا تستطيع الدفاع عن أرضها وثرواتها وشرفها .. العربي الذي لا يمكن إقناعه بأي نظرية تتجاوز ما بين السرة والركبة .. نعم قد يكون إرهابيا أحيانا … لكنه أحمق .. أحمق تماما وتلك الأفلام التي ظهرت بعد الاصطدام والتي حاولت أن تقدم اعتذارا للوعي الأمريكي وإعادة تقديم العربي بصورة مختلفة تماما هذه المرة …لقد أصبح عبقريا ومخططا وخطرا وانتحاريا غير مبال بصهباوات ميسوري أصبح قادرا على إرسال اميركا الرحيمة إلى النهاية بضغطة زر .انتقلت السينما من تصوير الرجل الأمريكي الخارق والذي لا يقهر إلى صورة واقعية لجندي محطم وسط صفائح الحرب في مدينة عراقية .
السينما ظهرت قبل قرن ونيف يعتقد الغرب أن العربي كائن خطر منذ فترة طويلة جدا الأفلام التي تعرضت للعرب كما أسلفنا موغلة في القöدم لكن هناك أمر ما تغير في العقدين الأخيرين من القرن العشرين ليساهم حتما في جعل العرب المتخلفين الثقافة النمطية الجديدة والأكثر انتشارا في أوساط سوبر فان شباك التذاكر . يقول الناقد السينمائي بمجلة تايم الأمريكية ريتشارد شيكل ” تحولت هوليود إلى العرب ليلعبوا دور الشرير في الأفلام بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وانتهاء الحرب الباردة بشكل خاص” ولأن هوليود لا تريد لمعبوديها معرفة معاني تلك الجمل التي يرددها بعض الحمقى … مثل هلوسات كيفين رود عن الجيل المسروق .. قطعان البيرجر .. ظهرت أفلام مثل Black الأحد 1977 م و Terror in Beverly Hills 1991 م و Executive Order 1996 م وغيرها الكثير الكثير لتشكل ملامح ذاكرة أمريكية تتزاحم فيها الكراهية التي لم تنجح بعض الأفلام التي صورت العرب بشكل إيجابي في تغييرها .. هذه الأفلام القليلة جدا والتي كان من أبرزها “روبين هود.. أمير اللصوص” الذي أنتج عام 1990 وفيلم «المحارب الثالث عشر» الذي أنتج عام 1999.
وسواء كانت الأسباب سياسية أو اقتصادية أم كانت أقل من ذلك تعقيدا واقترابا من الحقيقة فمن الواضح أن الأمة الأمريكية لم تكن بحاجة أبدا لصدمة سبتمبر كي تتعرف على هذا العربي السيئ .. لقد كانت تعرف ذلك جيدا .. هي فقط تفاجأت ببعض الخصال المخيفة في شخصيته البدائية .
لنعترف: نحن سيئون جدا ليس لأننا كما صورتنا عدسة هوليود ..ولكن لأننا عجزنا عن إثبات العكس .. وأختم بكلمات بسيطة جدا للصحفي الشهير سيدني هاريس يقول سيدني (إن الصورة الكاريكاتورية الشائعة لشخصية العربي العادية صورة أسطورية تماما مثل الصورة القديمة لشخصية اليهودي رجل يرتدي الجلباب والعمامة شرير خطير مشغول أساسا باختطاف الطائرات وتفجير البنايات العامة ويبدو أن الجنس البشري غير قادر على التمييز بين جماعة من الأشخاص يمكن أن نرفضها وبين السلالة العرقية التى خرجت منها فإذا كان الإيطاليون لديهم المافيا فليس كل الإيطاليين مشتبها بهم وإذا كان لدى اليهود ممولون ماليون فليس كل اليهود ينتمون الى مؤامرة دولية وإذا كان بين العرب متعصبون فليس كل العرب يدينون بالعنف”.