2014/06/30
600 وردة لأجـل الســــــــلام

استطلاع/ صقر الصنيدي – صباح الخميس كان مجموعة من الشباب يعلقون على جدران مدرسة بغداد وسط العاصمة قطعتي قماش بيضاء كتب على إحداها أنا يمني أنشر السلام أما الأخرى فقد كتب عليها بالتعاون مع اتحاد نساء اليمن تقيم مبادرة إبداعات شبابية مشروع نتشارك لنبني فعالية نشر السلام بتمويل من الخارجية الهولندية . ساعتان فقط وصعدت ذات الأيدي وأنزلت القطعتين وإعادتهما إلى باص صغير ينتظر بالجوار . بدا المشهد كما لو كنا في عرض مسرحي وزعت مجموعة من الورود البيضاء وصلت حسب المبادرة إلى 600 وردة على سائقي السيارات وعدد من المارة غير المتحمسين فقد كانت أعينهم تتجه نحو التيشرتات التي تم توزيعها. كانوا جميعا يبحثون عن تيشرت مجاني من تلك التي التقطتها الأيدي القوية بسرعة من بين يدي الموزع الذي لم يتمكن من إيصال رسالته وإخبارهم لماذا يعطيهم هذه الملابس حدثت معركة بين الذين صادف وجودهم بدء التوزيع المجاني الذي لم يعتد عليه الناس وحرص كل شخص على أن يأخذ الكل ويهرب . أما الأوراق الملونة الصغيرة فقد كانت مثل الورود لا تدعو للمنافسة وتم توزيع ألف برشور كما قالت المبادرة أيضا. حاولت معرفة ما يحدث فلم أسمع غير ألحان أصوات متداخلة تخرج من سماعتين موجودتين بالجوار تدور الكلمات حول نبذ العنصرية والطائفية والتمسك بالسلام.. سأل أحدى المارة عن ما يحدث وتبرع شخص آخر بالقول “عرس” ومضى الاثنان الذي كذب والذي صدق كذبته. حاول صاحب كشك بيع الصحف القريب من المكان أن يشرح لي ما يعتقد أنه فهمه “يوزعوا فنايل وورد من شأن السلام” هو حتى لم يحصل على وردة واكتفى برؤيتها بأيدي الآخرين وبأيدي سائقي السيارات الذين حصلوا عليها. كان واضحا الاهتمام بالتصوير وبالكاميرا أكثر من الاهتمام بالقضية التي قال أحد المنظمين للفعالية إنها تسعى لإيصال رسالة وإنها تتزامن مع ما يمر به الوطن من أزمات وحروب وعنف لتخفف على الشعب ما يمر به وتبث روح التفاؤل والأمل ليحيا الوطن ويحيا الشعب بسلام وأمان وذكر أن عددهم يصل إلى 25 لكنه لا يبدو متأكداٍ فحين سألته مندوبة من اتحاد نساء اليمن عن عددهم حاول التذكر وهو يطلب من زملائه بأن يحضروا الورد للمرأة التي حضرت لرؤية الفعالية بحكم أنهم شركاء فيها كانت تكرر مطالبتها لهم “المهم احضروا لي أربع نسخ من الفيديو الذي صور الفعالية “ثم غادرت مسرعة فيما عاد الشاب ليعاتب زملاءه أين كانت المنشورات لماذا لم تعطوها قالت المبادرة أنها وزعت 1000 منشور عن السلام”. لم تحل الثانية عشرة ظهرا إلا وكانت القطع القماشية قد أنزلت خاصة تلك التي تحمل اسم الممول الهولندي بعد أن تم تصويرها وكأنها جاءت في مهمة للتصوير فقط وهو ما لاحظه حتى معلمون في المدرسة القريبة “جاءوا صوروا وراحوا” هذا ما قاله أحدهم طارحا مقترحات عدة لما كان يمكنهم أن يعملوا منها وضع بصمة لا تنسى ولا تتم بساعة أو ساعتين مستشهدا بما قام به مجموعة من الشباب قبل أشهر حين سيروا قافلة للسلام إلى مدينة صعدة كانوا دعوا فيها إلى التخلي عن السلاح وأدوا رسالتهم بغض النظر عن الاستجابة . الحديث عن السلام أكثر صعوبة من خوض الحرب وأن تدعو إلى السلم في وقت يقتتل فيه الآخرون مهمة نبيلة لكن ليس من الضروري أن يصبح الأمر إعلاميا بدرجة رئيسية وإرضاء المانح وإقناعه لتمويل مشاريع أخرى للمبادرة . صحيح هناك مئات المنظمات التي تهدف إلى الكسب المادي فقط مع أن شعارها الأول (غير ربحية) وهو ليس مبررا أن يتم السكوت عنها والتعامل مع الأمر كواقع لا مفر منه يجب أن تخضع حتى مؤسسات المجتمع المدني للرقابة كما في العالم أجمع ولا تصبح نافذة أخرى لتشويه صورتنا لدى المانحين ولدى أنفسنا. يوم واحد يوم واحد كان فاصلا عن هذه الفعالية وفعالية أخرى للرسم على الجدران التي تمت في الشارع المقابل وهي تدعو إلى جعل الفن سلوكا بديلا للتعبير عن الذات وتوجت الحملة مشروع 12 ساعة للرسم على الجدران التي يقوم بها فنانون شباب بقيادة مراد سبيع والتي ستبقى أعمالهم تزين جدران الناس وقلوبهم داعية إلى السلام. الفارق بسيط بين الفعاليتين إحداهن طوعية نابعة من قناعة داخلية وحب والأخرى تبعث الحيرة وتحتاج إلى جهود أكبر وحب. جميل أن يكون للشباب دورهم في رسم ملامح الواقع ومحاولة تغييره عبر وسائل المجتمع المدني لكن ليس عليهم أن ينظروا إلى المحصول الآني وأن لا يعاملوا كل قيم الحياة بمبدأ الربح والخسارة العائدة عليهم. لقد كان منظرهم وهم ينتقلون من نافذة سيارة إلى أخرى يوزعون الورد رائعا ويدعو للتفاؤل ومع ذلك لابد أن يصبح عملهم أعمق ويلامسوا مناطق التماس وإن كان التمويل محدوداٍ بمديريتي الوحدة ومعين فمن الممكن أن يصبح العمل طوعيا في المناطق الأكثر احتياجا لرسائل من هذا النوع ولأنشطة تصل إلى أكبر عدد وإن كان هناك أي عتب أو نقد فلا هدف منه إلا الوصول إلى ما هو أفضل. في الوقت الذي يمضي البعض بتجهيز أسلحتهم للقتل هناك من يفكر بالسلام ويتمنى أن يحل على كل الناس وأن لا ينحصر في الدول البعيدة عنا فنحن أيضا نرغب في الحياة بذات القدر الذي يرغبون هم به ولا نحب أن نتصدر أخبار العالم بموتانا الذين لا يعودون وبجرحانا الذين لا يْعالجون نريد لثمن الرصاصة أن يذهب لشراء وردة ولقيمة البارود أن يحيي شجرة فهل بمقدورنا ذلك.

تم طباعة هذه الخبر من موقع الثورة نت www.althawra-news.net - رابط الخبر: https://althawra-news.net/news88139.html