2014/07/20
إجازة رمضانية ممتعة بين المنغصات والبحث عن الذهب السائل

عندما هبطنا في مطار مدينة نيويورك قادمين من اليمن بدت لنا هذه المدينة الأمريكية الأكثر ازدحاما وكأنها هادئة ووديعة بعد أن قضينا ثلاثة اسابيع إجازه في صنعاء المجروحة والمنهكة والتي طحنتها الفوضى .. فوضى في الحصول علي البترول والديزل .. فوضى في السير وحركة السيارات .. فىضي في توصيل الإضاءة ..فوضى في الأسعار ..فوضى في الأذان فكل واحد يؤذن على مزاجه ولا حول ولا قوة إلا بالله . حتى الهواء أصبح ملوثا ومزعجا …!!!¿ ومع هذا كله إلا اننا استمتعنا بأجواء رمضانية راااائعة مع الاهل والأصدقاء : ازيز الرصاص ..موسيقى خلفية

رغم كل هذه المنغصات والصعوبات والمعاناة التي في اليمن الا انني لا حظت ان هناك اصرارا قويا من المواطن على استمرار الحياه بطبيعتها .. فمثلا كنت اسمع ازيز الرصاص في الشارع وفي وضح النهار واقف حينها مندهشا اتلفت يمينا وشمالا بينما الآخرون يتعاملون وكأنها موسيقى خلفية لحياتهم اليومية فهذا ينادي : السمبوسة السمبوسة.. وآخر يقوم بعمل دعاية لبضاعته .. كما يقوم صاحب الدباب بتجميع ركاب ثم ينطلق ليأتي آخر .. وهكذا.. والأعجب من ذلك انه ورغم ان البترول شبه معدوم الا ان السيارات تسير بكثرة في كل الشوارع .. ايضا رغم أن الأسعار نار والكثير يشكون من قلة النقود الا ان حركة الشراء مزدحمة ومنتعشة .. فهل هذا بسبب رمضان أم انه من عجائب بلادنا …!!!¿ مقلب المؤذن …!!!¿

في أول ليلة رمضانية استيقظنا للسحور وبينما كنا نتناول الطعام سمعنا الأذان.. فتوقفنا جميعا وعلى الفور اتصلت بأحد الاقارب وسألته: هل حان أذان الفجر فأجاب ضاحكا : “ان البعض يرفع الاذان بدل التسبيحة ولذلك واصلوا السحور اذ باقي على الفجر أكثر من نصف ساعة “. طيب يا جماعة نعرف جميعا ان الغرض من الأذان هو التنبيه والإعلان عن موعد الصلاة ..وطوال عمرنا – وخصوصا في صنعاء القديمة – نعرف أن هناك ثلاث تسبيحات قبل أذان الفجر.. هذه التسبيحات من اجمل واروع الاجواء الرمضانية .. فماذا حصل …!!!¿ ولماذا هذه اللخبطة الدينية ..!¿ ليلة بترولية…!!!¿

كانت خطتي لليالي رمضان تعتمد على جزءين: الأول الإفطار مع الأهل أو زيارتهم.. والثاني التجوال في صنعاء وخصوصا الجزء القديم منها وتعريف ابنائي بأقدم وأروع وأغلى مدينة في العالم.. ومع ذلك اجبرتني أزمة البترول الى أن اذهب ذات ليلة بعد العشاء الى تعبئة السيارة بالوقود .. المهم توجهت مع ابني الكبير غمدان الي شارع المطار واخترنا محطة بترول فيها الطابور اقل من الاخريات وكان امامنا حوالي 20 سيارة في طابورين .. وبعد انتظار اكثر من ساعة ونصف وصلنا الى العمق البترولي وسط فرحة لم تكتمل اذ تم إطفاء الاضواء في المحطة واتضح ان البترول نفد ولولا المخالفات والمغالطات لكنا حصلنا على( الذهب السائل ) ولكن ما باليد حيلة ..!¿ وبعد ذلك توجهنا الى طريق مارب حسب اقتراح محمد ابن اخي العزيز مطهر المحاقري وهناك ظفرنا ببغيتنا وعبينا السيارة بعد انتظار لأكثر من ساعتين تخللها حماقات وعراك ومحسوبيات من العاملين بالمحطة والسماح لأشخاص بالدخول مباشرة دون الانتظار في الطابور . والمضحك المبكي عندما كنت أسوق السيارة أظل أراقب مؤشر البترول الذي أمامي وكلما نزل شوية نزلت بطني ( هههههه ).

اللصوص المعاصرون

بعد أن عدت الى بلاد العم سام “أميركا” اخذت ثلاثة أيام راحة من الإجازة حتى استعدت توازني ..وعندما ذهبت لتعبئة سيارتي بالبترول احسست براحة كبيرة وتمنيت لو اغتسل بالبترول لسهولة الحصول عليه ورخص ثمنه …!!!¿ للأسف .. للأسف الشديد لاحظت ان هناك اتفاقا بين اليمنيين على “الفوضى ” في حركة المرور والمعاملات والتفاهم بلغة ” الرصاص ” والانتقام .. كما أن درجة الكراهية قد وصلت الى مداها والازمة السياسية والاقتصادية قد طحنت الاخلاق والمبادئ حتى بين الأهل.. ورغم التضحيات الكبيرة التي قدمها الشهداء من اجل يمن حر وعادل وقوي الا انه ما يزال هناك لصوص قدماء ينخرون في مفاصل الدولة بالاتفاق مع بعض اللصوص المعاصرين .

تم طباعة هذه الخبر من موقع الثورة نت www.althawra-news.net - رابط الخبر: https://althawra-news.net/news90273.html