2014/07/29
القمرية في اليمن: قمر البيوت وهوية الإنسان

إذا كانت الفنون البصرية مثل السينما والتصوير الفوتوغرافي جديدة كل الجدة في العالم في اليمن فإن الفن التشكيلي أو الرسم له جذوره المعروفة في فنون الزخارف والنحت والمنمنمات والرسوم التي عرفها الإنسان الأول ويؤرخ لها باعتبارها فنونا قديمة وقد عرف الإنسان اليمني هذه الفنون وتجلى ذلك في القمريات وزخارف المنازل والنحت والحرف اليدوية… والخط. ولعل التفاعل الثقافي وانتشار التصوير (صور اللوحات العالمية) وأدوات الرسم الحديثة أدى إلى ظهور الفن التشكيلي في اليمن كفن من الفنون المعاصرة التي تواكب العالم وتعد طريقة من طرق التعبير كما هي مادة فنية جمالية وإن كان تلقيها ومساحة الثقافة اللونية في المجتمع ما زالت ضيقة جدا إلا أن لدينا كما هائلا من الفنانين والفنانات اليمنيين الذين احترفوا الفن التشكيلي وأثبتوا قدرة واتقانا وإبداعا فيه كل على طريقته إلى الدرجة التي أصبحوا فيها من رواد الفن التشكيلي وأعلامه في الوطن العربي… كما وجدت لهذا الفن كثير من المراسم والمؤسسات التي تعتني به وتعرضه وتهتم به… (كبيوت الفن التشكيلي والمراسم والمعارض). إلا أن لهذا الفن جذوره في الثقافة اليمنية ولعل أبرزها هذه اللوحة الفنية التي تزين المنزل اليمني وهي (القمرية). وتبقى القمرية رمز اليمن وهويته كإحدى سمات المنزل اليمني وفن العمارة وعلاماته ذات الخصوصية العالية وبما أن صناعتها صارت شعبية مثلها مثل أي حرفة أخرى فإن ذلك يجعلها من أهم الفنون الشعبية البصرية ولا ندري عن تاريخها لكن تسميتها بالتأكيد مشتقة من القمر ولعلها قادمة من تصغير لفظة (قمر) في اللهجة الشعبية (قمرöي) ثم تأنيثه بإضافة التاء المربوطة لتصبح هكذا (قمرöية) ثم جرى تغيير في تشكيل بعض الأحرف (لتتحول إلى (قمرöية) لكن هذا يظل تحليلا لغويا بدرجة أساسية لكنه يبدو غير مجانب كثيرا للصواب. والقمرية من ناحية الشكل تقترب من القمر سواء في اعتبارها نصف دائرة/نصف قمر. أو في تلوينها لتعكس التعدد اللوني للضوء وتمثل منفذا للنور الليلي (نور القمر) خصوصا أنها لا تحتاج أي «ستارة» كنوافذ الزجاج الشفافة أي أن طبيعتها هذه تسمح بولوج ضوء القمر إلى المنازل وقد يكون لهذا علاقة بالتسمية لكن لها وظيفتها أيضا في اعتبارها منفذا لضوء الشمس في النهر حين تسمح بولوجه مع تخفيف حدته وتلوينه وفقا لطبيعته التي عادة ما تكون من زجاج معتم أو ملون فتبدو كما لو كانت تعكس ضوء الشمس وتخففه مثلما يفعل القمر باعتباره مرآة للشمس أو مصدرا للضوء الهادئ والهامس. وربما ثمة علاقة بين القمرية وعبادة اليمنيين القدامى للقمر أما من ناحية الاشتغال الفني والأداء الحرفي فلا بد أن تشكيلها على هذا النحو الذي تبدو عليه قد مر بمراحل مختلفة من التطور ولعل أقدم الأشكال تلك التي تعد لوحة واحدة أو لوحا واحدا من الزجاج أو من أحجار شبيهة بالزجاج شفافة إلى حد ما بحيث تسمح بدخول الضوء وإن كانت تخفف من حدته وما زالت باقية في منازل القرى القديمة أما الشكل الحالي المعروف فلعله آخر تجليات أو أشكال تطور هذه اللوحة الفنية ويظهر ذلك من خلال التعقيد في تشكيلات التجريد التي تمثل جوهر بناء (القمرية) وهي عبارة عن مثلثات ومربعات ومستطيلات وخطوط متداخلة ونادرا ما يتزاوج فيها الخط (الكتابة الحروفية) بالأشكال التجريدية وتمتزج فيها إلى جانب ذلك بعض الزهريات أو أشكال الزهور القلوب الطيور وهي حالة مزاوجة فريدة بين النمط التجريدي والحسي تعكس في كل تمثيلاتها تأثير المنمنمات الإسلامية كفن له معناه الديني وبعده الروحاني وإن كان ينحو منحى عاليا من التجريد.

تم طباعة هذه الخبر من موقع الثورة نت www.althawra-news.net - رابط الخبر: https://althawra-news.net/news91067.html