2014/08/11
أحزاب تبحث عن أخطاء

صقر الصنيدي – ” لقد تغير ” بهذه الكلمتين يصف كثير من أعضاء حزب ما زميلهم الذي حصل على منصب في الجهاز الإداري للدولة ويقصدون بتغير أنه لم يقدم لهم أى نوع من المنافع المفترض أن يحصلوا عليها وفقا لافتراضاتهم غير الدقيقة وإثباتا للاعتقاد القديم بأن من يصل إلى مرتبة ما فعليه ان يخدم البقية ويصبح سلما لهم في مكان لا ينتمون إليه لأنهم من أوصلوه إلى ما أصبح عليه حتى أنهم يصيرون عبئاٍ ثقيلا عليه يحسن به أن يحمله .

كان قيادي في أحد الأحزاب يبذل جهدا واضحا لإقناع المرأة التي اتصلت بالمقر الرئيسي مستنجدة بالكيان السياسي الذي تنتمي إليه وكان يقول لها انه من الصعب أن يطلب من ممثلهم في الحكومة التدخل لصالحها لأنها تنتمي إلى ذات الحزب وكرر عليها مرات عدة لا يعقل ان ننقل مشكلتك في وظيفتك إلى اجتماعاتنا السياسية . ما إن أغلق سماعة الهاتف حتى اتجهت نحوه الهجمات ” أنت تعرف أن كوادرنا مضطهدون في مناصبهم الإدارية منذ زمن فما المعيب في أن نخدمهم في جهات عملهم إن كان ممكناٍ عبر ممثلينا ولم تقنعه هذه الأسباب بل زادته تمسكا برأيه الذي يسبقهم فعلا فقد عمل الرجل لعقدين في وظيفة حكومية ويعرف ماذا يعني تدخل السياسة في إدارة الوظيفة العامة أوضح لهم انه عندما يتم التوسط لصالح شخص معين نظرا لانتمائه السياسي فإن شخوصاٍ آخرين يتم ظلمهم وهذه هي المشكلة . يعتقد كثيرون أن صعود كادر حزبي إلى منصب إداري يعني إفساح المجال أمام كوادر الحزب كافة ويتم النظر إلى الجهة التي عين بها الحزبي باعتبارها مخصص الحزب ونصيبه في السلطة وعليه أن يبدأ التقسيم ويصطحب معه زملاءه في السياسة ليضعهم محل زملائه في العمل . وهذه ليست مهمة كوادر الأحزاب التي يتم تعيينها وليست واردة في حيثيات التعيين كما إن الخدمات التي تقدمها الجهة يجب ان تشمل كافة الجمهور ولا تقتصر على التوجه السياسي الذي يفسد العمل الإداري ويقضي على أساسياته. ولأن بعضاٍ من الأحزاب لم تكن مؤهلة ولا متوقعة حصولها على مشاركة في العمل الإداري للدولة فقد لجأت إلى تعيين كوادر من خارج الجهات وحملتهم طاقة فوق مستوى فهمهم أحيانا وأصبحوا ضحايا الادعاء والقول أن لدينا كوادر في كل التخصصات والحقيقة عكس ذلك . في التفكير السليم , أي حزب يكون جاهزاٍ للحكم اذا امتلك برامج واضحة وخططاٍ و كادراٍ في كل التخصصات وتمكن من تنمية مهاراتهم وجعلهم الأكثر استحقاقا من غيرهم أما أن يكون لديه مجموعة من المقاتلين أو من الأميين ويرى في نفسه الأحقية بإدارة البلاد فهو يمارس أقسى أنواع الإقصاء على كل الشرائح والفئات الأخرى ولن ينجح وحيدا مهما يكن حماسه . ويمر أمامنا نماذج لقوى سياسية لا تمتلك أكثر من المكابرة وعندما تستلم جهة يجهلها كل كوادرها فإنها تظل تنظر نحو السماء ان تسقط عليها من يعينها على فهم اللغز . صحيح ان عقوداٍ مرت والعمل الإداري في كل وظيفة يسلم إلى غير أهله لكننا صرنا نمشي بقدم واحدة فيما الأخرى معطلة تماما ولم يخرج الناس لأجل أن يزداد الحال سوءاٍ بل خرجوا لأن لديهم حلماٍ بالأفضل وأن تتعافى الرجل المعطلة ويصبح السير سليما . كما أن على الأحزاب أن تستوعب جيدا أن من يجيدون الحديث في السياسة ويخوضون في كل تفاصيلها لا يؤهلهم هذا أن يديروا الأعمال ويرسموا الخطط والسياسات ويعرفوا أين يضعوا أقدامهم , يمكن للأحزاب غير المؤهلة ان تشارك في السلطة ليس من خلال الحقائب ولكن عبر الرقابة وتحديد أولويات العمل – إلى أن تصبح قادرة على نقل صورة جيدة عنها إلى الآخرين يمكن أن تصبح برلماناٍ تصل نظراته وانتقاداته إلى كل زاوية ويحدد أين يقع الخلل وأين نقاط الضعف .

ليس منا لقد أصبحت عبارة ” لم نكن نعلم انه بهذه الصورة” لازمة لدى الكثير منهم وهم يتحدثون عن أحد كوادرهم الذي عينوه في مرفق ما وعاد إليهم بخيبته وزلاته التي لا تعد بل إن البعض وصل به الحال إلى اختصار المسافة والقول انه ليس منا لأنه لم يستطع أن يمثل حزبه ولا يعكس صورة جيدة عنه – ألم تسمعوا هذه العبارة انه ليس منا – كم هي قاسية على المعني بها وقاسية أيضا علينا لأنها تجعلنا مجموعة من البلهاء دخلوا السرك وخرجوا قبل أن يبدأ العرض معتقدين أنهم بجلوسهم على كرسي المشاهدة قد لموا بهذا الفن الواسع. ثم هناك تساؤل كيف لحزب أن يقدم أحد كوادره وهو لا يعرف مستواه ونقاط ضعفه وقوته وبعد أن يقدمه يظل يراقب أداءه ليكتشف انه أساء الاختيار ولم يضع الكادر المناسب في المكان المناسب – قبل فترة ليست طويلة اختصر احد من سألتهم عن فشل ممثلهم في مرفق مهم بالقول ” لقد خدعنا ” ولا أدري كيف خدعهم طيلة ثلاثين عاما كان خلالها عضوا نشطا ألم يكونوا قادرين على معرفة انهم يدفعون إلينا بالفشل مرتديا ربطة عنق هل خدعهم خلال هذه الأشهر القصيرة ام خلال العقود الثلاثة ¿ وإذا كانوا قد تعايشوا مع الخديعة والحيل فما ذنبنا وما الجرم الذي ارتكبته هيئات أو مؤسسات ينتظر لها ان تقلع بنا نحو الغد فتدفع ثمن أنها وقعت ضحية بين يدي من يجهلها ويعاملها بقسوة وقلة فهم . تواجه الأحزاب والقوى المندفعة نحو السلطة صعوبة كبيرة في الإدارة وتظل تائهة لا تعرف اين تضع أقدامها وتدريجيا تتخلى عن كل الوعود التي كانت تطلقها في برامجها وتتمنى لو أنها لم تكن تنقد ما صار نقدا عليها وكأنها تريد القول لم نكن نعتقد أن الأمر بهذه الصعوبة وأن التنظير مختلف تماما عن الواقع – أتذكر أن أحد الأحزاب جعل من البحر وثروته حلا لكل مشكلتنا وأنه خلال أسابيع فقط سيكون مصدر دخلنا الأول ثم حين اقترب من النافذة رأى خلاف ما كان يظن وعرف ان مشاكل البحر قد تراكمت وأضحت عصية على الحل وأنه لم يعد قادرا على استيعاب عدة قوارب لصيادين يقبض عليهم في أكثر من شاطئ خارجي ويرمون في سجون بعيدة لأنهم ساهموا في تدمير بيئتنا البحرية وأصبحوا مهاجرين وإن أردنا أن نعيد للبحر مجده فعلينا السير الطويل في طرق متفرقة استزراع سمكي وإعادة بناء للبيئة البحرية ومساكن الأحياء البحرية وإلغاء عقود الاصطياد التجاري وغيرها من الحلول التي تحتاج إلى سنوات كي تؤتي ثمارها . الأحزاب ليست بابا للاعتراض الدائم ولا طبول ترويج للسياسات الحاكمة وإنما بديل منطقي عن الأخطاء التي تتفاقم وبارقة امل للناس عندما تحيط بهم الظلمات .

تم طباعة هذه الخبر من موقع الثورة نت www.althawra-news.net - رابط الخبر: https://althawra-news.net/news92143.html