2014/08/19
الكاميرا بجانب البندقية

مع الفلسطينيين في الجبهات الأمامية كان اليساريون من تلقاء ذواتهم يتطوعون للفداء والاستبسال من أجل فلسطين. في الصورة أظهر إلى جانب أحد الأبطال اليساريين الذي قاتلوا من أجل فلسطين وكان رفاقه يلقبونه «زوربا» كان هذا المناضل العنيد هو ورفاقه المشكلين من معظم الدول يتصدون للهجمات الإسرائيلية الشرسة في الجنوب اللبناني .(كفر شوبا النبطية). هذا البطل زوربا اليمني أظن اسمه «عبدالرب عيسى» لكن لقب «زوربا» طغى على اسمه الحقيقي بين رفاقه وطالما كان يتراقص في المعركة مؤديا رقصة زوربا الشهيرة وهو يشبه زوربا في كونه محبا للحياة ومتمردا وفي ذات الوقت كان شجاعا لا يخاف الموت ولا يهرب من النار ولقد نجا من موت محقق حين دمر الإسرائيليون فيها مبنى مكونا من أربعة طوابق وهو بداخله واستشهد معظم رفاقه. في ليلة تحولت نارا مشبوبة وجحيما. بعد أن ضرب المناضلون العرب صواريخ كاتيوشا على مواقع إسرائيلية فردت إسرائيل بهجمة شرسة واشتعل الليل ودمر ذلك المبنى. في تلك الليلة ذاتها كنت أنا وفريق التصوير نصور المعركة من خندق في جبل مطل على ذلك المنزل الذي فجره الإسرائيليون لم ننم حتى التقينا هذا العملاق صباحا وكنا قد فقدنا في تلك الليلة أحد الأبطال اليمنيين هو الشهيد (البوكسي) وهو من أبناء منطقتي عتمة. التقطت هذه الصورة في جنوب لبنان كفر شوبا. .1975م التقطها زميلي اليمني أحمد اللحجي وهو زميل دراسة سابق درسنا سينما تسجيلية بينما كنت أدرس (إخراج) وكنا معا في فريق التصوير الذي يرافق المقاتلين اليساريين والصورة التقطت بكاميرا اسمها بوليكس 16 ملم وهي كاميرا سينمائية صورنا بها كثيرا من المشاهد في أكثر من مكان ومعركة لكن المشهد الذي صورناه تلك الليلة في (كفر شوبا النبطية). استخدم لاحقا في فيلم أنتج عن القضية الفلسطينية واسمه (مكان الولادة فلسطين). يحكي الفيلم عن المخيمات وصبرا وشتيلا ويتمحور حول اللاجئين من خلال قصة مجموعة من الشباب لم يمنعهم أي شيء من العيش داخل هويتهم الفلسطينية حتى لو ولدوا في أماكن أخرى أو شردوا وفي الفيلم استخدم المشهد القتالي الذي كنا نصوره في تلك الليلة. لم يكن اليساري يفتح دكاكين التبرعات لفصيل واحد بعينه ولم يناضل بالأدعية ولم يتاجر اليساري بالإنسان فيرسله إلى بؤر الحروب الإمبريالية في أفغانستان عبدالله عزام وبن لادن وغيرهم. هكذا كان يقاتل اليسار مع الفلسطينيين مؤمنا بالقضية الفلسطينية في حين كانت الجماعات المتدينة تنتج خطاب تعبئة يملؤه الحقد والكراهية ضد القوميين العرب واليسار عموما. لكن البندقية أصدق أنباء من الأدعية وإلى جانب البندقية كانت الكاميرا.

تم طباعة هذه الخبر من موقع الثورة نت www.althawra-news.net - رابط الخبر: https://althawra-news.net/news92999.html