2014/09/19
حرمة الدماء في شريعة الإسلام

من الأسس العظيمة التي قام عليها التشريع الإسلامي تحقيق مصالح العباد جميعاٍ والحفاظ عليهم من أجل ذلك كانت الضروريات الخمس التي أوصت الشريعة بالحفاظ عليها ورعايتها وهي حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ العرض وحفظ المال وحفظ النسل ومن حفظ النفس حفظ الدماء من أن تهدر وتسفك بغير حق في هذه الأيام التي نرى فيها سفك الدماء بالليل والنهار من أجل تعصب حزبي ومن أجل تصارع على المناصب والسلطات يقتل بسبب ذلك خلق كثير ومن أجل ذلك كان لا بد من إرشاد الجميع إلى خطورة هذا الأمر وذلك من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. * أولاٍ حرمة الدماء في القرآن الكريم قال تعالى “وِمِن يِقúتْلú مْؤúمنٍا مْتِعِمدٍا فِجِزِآؤْهْ جِهِنِمْ خِالدٍا فيهِا وِغِضبِ اللهْ عِلِيúه وِلِعِنِهْ وِأِعِدِ لِهْ عِذِابٍا عِظيمٍا” وقال تعالى في صفات عباد الرحمن “وِالِذينِ لِا يِدúعْونِ مِعِ اللِه إلِهٍا آخِرِ وِلِا يِقúتْلْونِ النِفúسِ الِتي حِرِمِ اللِهْ إلِا بالúحِق وِلِا يِزúنْونِ وِمِن يِفúعِلú ذِلكِ يِلúقِ أِثِامٍا68/25يْضِاعِفú لِهْ الúعِذِابْ يِوúمِ الúقيِامِة وِيِخúلْدú فيه مْهِانٍا69/25إلِا مِن تِابِ وِآمِنِ وِعِملِ عِمِلٍا صِالحٍا فِأْوúلِئكِ يْبِدلْ اللِهْ سِيئِاتهمú حِسِنِاتُ وِكِانِ اللِهْ غِفْورٍا رِحيمٍا” وقال تعالى ” منú أِجúل ذِلكِ كِتِبúنِا عِلِى بِني إسúرِائيلِ أِنِهْ مِن قِتِلِ نِفúسٍا بغِيúر نِفúسُ أِوú فِسِادُ في الأِرúض فِكِأِنِمِا قِتِلِ النِاسِ جِميعٍا وِمِنú أِحúيِاهِا فِكِأِنِمِا أِحúيِا النِاسِ جِميعٍا”. قال الإمام ابن حجر الهيتمي رحمه الله وجعل قتل النفس الواحدة كقتل الناس جميعاٍ مبالغة في تعظيم أمر القتل والظلم في القتل وتفخيماٍ لشأنه أي كما أن قتل جميع الناس أمر عظيم القبح عند كل أحد فذلك قتل الواحد يجب أن يكون كذلك فالمراد مشاركتهما في أصل الاستعظام لا في قدره إذ تشبيه أحد النظيرين بالآخر لا يقتضي مساواتهما من كل الوجوه وأيضاٍ فالناس لو علموا من إنسان أن يريد قتلهم آخر ظلماٍ أن يجدوا في دفعه وقتله أي منعه. وقال أبن عباس رضي الله عنهما من قتل نبياٍ أو إمام عدل فكأنما قتل الناس جميعاٍ ومن شد عضد أحد فكأنما أحيا الناس جميعاٍ. وقال مجاهد رحمه الله من قتل نفساٍ محرمة يصلى النار بقتلها كما يصلاها لو قتل الناس جميعاٍ ومن أحياها أي من سلم من قتلها فكأنما سلم من قتل الناس جميعاٍ. وقال قتادة رحمه الله أعظم الله أجرها وأعظم وزرها أي من قتل مسلماٍ ظلماٍ فكأنما قتل الناس جميعاٍ في الإثم لأنهم لا يسلمون منه ومن أحياها وتورع عن قتلها فكأنما أحيا الناس جميعاٍ في الثواب لسلامتهم منه. وقال الحسن رحمه الله فكأنما قتل الناس جميعاٍ أي أنه يجب عليه من القصاص ما يجب عليه لو قتل الكل ومن أحياها أي عفا عمن له عليه قود فكأنما أحيا الناس جميعاٍ. * ثانياٍ حرمة الدماء في السنة النبوية عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ” لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماٍ حراماٍ. عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال “لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق”. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم “لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل حتى يكثر فيكم المال فيفيض”. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال “اجتنبوا السبع الموبقات” قالوا يا رسول الله وما هن” قال “الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولى يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات”. وعن عبدالله بن عمر قال “إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله”. وعن عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال “يجيء الرجل آخذ بيد الرجل فيقول” يارب هذا قتلني فيقول الله له لم قتلته فيقول قتلته لتكون العزة لك فيقول فإنها لي ويجيء الرجل آخذ بيد الرجل إن هذا قتلني فيقول الله له لم قتلته فيقول قتلته لتكون العزة لفلان فيقول أنهل ليست لفلان فيبوء بإثمه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ” والذي نفسي بيده ليأتي على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قتل ولا يدري المقتول على أي شيء قتل”. عن عمرو بن دينار عن إبن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده وأوداجه تشخب دماٍ يقول يارب قتلني هذا حتى….. من العرش قال فذكرو لابن عباس التوبة فمثلاٍ هذه الآية “ومن يقتل مؤمناٍ متعمداٍ قال ما نسخت هذه الآية ولا بدلت وأنى له التوبه. وفي رواية يقول الله عز وجل للقاتل تعست ويذهب به إلى النار”. وعن ابن سيرين سمعت أبا هريرة يقول قال أبو القاسم صلى الله عليه وآله وسلم “من أشار إلى أخيه بحديده فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه وإن كان أخاه لأبيه وأمه. قال الإمام النووي رحمه الله “فيه تأكيد حرمة المسلم والنهي الشديد عن ترويعه وتخويفه والتعرض له بما قد يؤذيه قوله صلى الله عليه وآله وسلم وإن كان أخاه لأبيه وأمه مبالغة في إيضاح عموم النهي في كل أحد سواء من يتهم فيه ومن لا يتهم وسواء كان هذا هزلاٍ ولعباٍ أم لا لأن ترويع المسلم حرم بكل حال ولأنه قد يسبقه السلاح كما صرح به في الرواية الأخرى ولعن الملائكة له يدل على أنه حرام. وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال “من حمل علينا السلاح فليس منا قال ابن دقيق العيد قوله “حمل السلاح” فهو دليل على تحريم قتال المسلمين وتغليط الأمر فيه” وهو السلاح للضرب به وقوله “فليس منا” يقتضي ظاهرة الخروج عن المسلمين”. وقال الإمام الصنعاني رحمه الله قوله صلى الله عليه وآله وسلم ” من حمل علينا فليس منا أي من حمله لقتال المسلمين بغير حق كنى بحمله عن المقاتلة إذ القتل لازم لحمل السيف في الأغلب ويحتمل أنه لاكناية فيه وأن المراد حمله حقيقة لإرادة القتال فليس منا أي ليس على طريقتنا وهدينا فإن طريقته صلى الله عليه وآله وسلم نصر المسلم والقتال دونه لا ترويعه وإخافته وقتاله وهذا في غير المستحل فإن استحل القتال للمسلم بغير حق فإنه يكفر باستحلاله المحرم القطعي والحديث دليل على تحريم قتال المسلم والتشديد فيه وأما قتال البغاة من أهل الإسلام فإنه خارج عن عموم هذا الحديث بدليل خاص. وعن عبدالله بن عمر قال “رأينا رسول الله يطوف بالكعبة ويقول ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفسي بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله منك”. وعن أبي سعيد الخدري وأبو هريرة رضي الله عنه يذكران عن رسول صلى الله عليه وآله وسلم قال “لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار”. وانظروا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يؤسس لنا قواعد حقوق الإنسان في الإسلام وفي هذه الحديث العظيم والخطبة النبوية الجامعة في حجة الوداع في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول صلى الله عليه وآله وسلم خطب الناس يوم النحر فقال “يا أيها الناس أي يوم هذا قالوا حرام قال فأي بلد هذا قالوا بلد حرام قال أي شهر هذا قالوا شهر حرام قال فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا فكررها مراراٍ ثم رفع رأسه فقال اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت ثم قال في آخر تلك الوصية لا ترجعوا بعدي كفاراٍ يضرب بعضكم رقاب بعض. حرمة دماء غير المسلمين في الشريعة الإسلامية من عظمة الشريعة الإسلامية أن حرمة الدماء ليست قاصرة على المسلمين فحسب بل تشمل كذلك غير المسلمين من المعاهدين والذميين والمستأمنين حرم لإسلام الإعتداء عليهم وذلك في أحاديث كثيرة من سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ” من قتل معاهداٍ لم يرح رائحة الجنة وإن رائحتها توجد من مسيرة أربعين عاماٍ. وعن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال “من قتل معاهداٍ في غير كنهه حرم الله عليه الجنة. وعن عبدالله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ” من قتل قتيلاٍ من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة وأن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماٍ. كانت هذه بعض الأدلة من القرآن والسنة النبوية المطهرة على حرمة الدماء وكيف أن هذا الدين الإسلامي الحنيف حافظ عليها من أن تسفك بغير حق نسأل الله تعالى أن يحفظنا وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه.. اللهم أمين والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل.

تم طباعة هذه الخبر من موقع الثورة نت www.althawra-news.net - رابط الخبر: https://althawra-news.net/news96154.html