عضو مجلس القيادة طارق صالح يؤكد على الدور النضالي لأبناء محافظة إب اختتام برنامج تدريبي للعاملين الصحيين في المهرة الإرياني يحذر من التورط في بيع ممتلكات الحوثيين غير القانونية ويؤكد قرب سقوطهم قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي بشأن تعيين أعضاء في المحكمة العليا عدن تحتفي باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة بن ماضي يطلع على أوضاع السلطة القضائية والصعوبات التي تواجهها اختتام اعمال ملتقى التبادل المعرفي لتنمية الإيرادات وتعزيز التنمية المستدامة بمأرب مصر تعلن سداد 38.7 مليار دولار من الديون في 2024 منتخبنا الوطني يخسر امام نظيره السعودي بـ3 أهداف مقابل هدفين المنطقة العسكرية الثالثة تختتم دورة تدريبية لرؤساء عمليات القطاعات والمحاور والوحدات
الأخوة الأعزاء عرب اليمن
السلام عليكم ، ورحمة الله ، وبركاته ، أما بعد ..!
( 1 )
منذ أن افترق أجدادنا "فتشاءم" بعضهم ، وكانت الشام ، وتيامن آخرون فكانت اليمن ، والأجيال العربية المتعاقبة تنزاح "تيامناً" ، و"تشاوماً" ، وإلى أبعد من ذلك بكثير ...
أقول ذلك ابتداء حتى لا تعتبر هذه الرسالة تدخلاً غير مشروع في ما لا يعنيني ، فاليمن في القلب ، وفي الخريطة الجنينية لكلينا ... وأقوله ثانياً لأنه منذ أيام ، اتصل أحد الأخوة الأعزاء من المغرب العربي يقيم في بلاد أوروبا يحيطني علماً بإصدار بيان من شخصيات عربية تؤيد الوحدة اليمنية ، وتحذرّ من فصم وحدة اليمن ، وأنه قد وضع أسمي بين الموقعين دون حاجة لسؤالي ، لأنه لا يمكن أن أكون إلا مع وحدة اليمن ، وغير اليمن من بلاد العرب الجريحة .. فشكرته ، وقلبي يرتجف خوفاً على يمن نحلم به خلية حية معافاة في قلب وحدة الأمة ، بينما يخططون ، هم ، وأعوذ بالله من " هم " ، هذه ، لتفتيته في شرق أوسطهم الذين يحدثوّن خريطته كلما لزم الأمر ذلك . لكن ، وبما أنني لم أعد ألمس قيمة لبيانات الشجب ، والتأييد ، والاستنكار ، قررت أن أخاطبكم مباشرة من قلب مكلوم راجياً أن تحتملوا أحزاني ، فربما تلتمسون لي العذر ....
( 2 )
أيها الأخوة الأعزاء ...!
أود أن أوضّح ابتداء أن توقيعي على ذلك البيان مع كوكبة عزيزة من المناضلين ، والأصدقاء ، لا يعني أننا مع فريق حاكم ضد فريق معارض في اليمن ..؟ ، معاذ الله ..، ثم ، هل الحكام هم الوحدة ، وهل المعارضون هم الانفصال ..؟ .
نقول بحسم : لا ، وبكل تأكيد ، أين نحن إذن من كل هذا الذي يجري في اليمن الحبيب ؟
أولاً ، ومنذ زمن قررنا أن نستنكر السؤال الاستفزازي ، مع من ..؟ ، لأننا قررنا أن لا نبقى "أمعّات" ، وقررنا أن يكون السؤال الجدير بالجواب ، من نحن ..؟ ، وماذا نريد ..؟ ، ومن معنا .. ؟ ، ومن ضدنا ...؟ ، فالشعب العربي في الأجزاء ، وفي الكل ، نحن جميعاً ، بدون استثناء ، نقع تحت طائلة العدوان ، والقوى التي تتصارع على السطح ، في الساحة العربية ، من المحيط إلى الخليج تتصارع على نصيب كل منها ، من الحصص ، والحصص للأسف الشديد ، هي نحن ..، من لحمنا ، ودمائنا ، وممتلكاتنا ، وحقوقنا ، وبالتالي فنحن لسنا مع من يطالب بحصة صغيرة من حقوقنا ، بمواجهة من يطالب بالنصيب الأكبر .. نحن لسنا مع أحد منهم ، نحن مع أمتنا ، حقوقنا ، مواردنا ، إنساننا مع الـ 12 مليون كيلو متر مربع ، والثلاثمائة مليون عربي ، بمواجهة كل من يعتدي على شعرة إنسان في وطننا ، أو لنهب ذرة واحدة من مواردنا ، أياً كانت ..
( 3 )
بناء على ذلك نقول للسيد علي عبد الله صالح ، كفى يا سيادة الرئيس ، لا تدمّر هذه اليمن العزيز ، لا توّفر الأسباب لتقسيمه مرة أخرى .. ألم تمّل الحكم يا سيادة الرئيس .. ؟ .. أليس تدميراً للوحدة اليمنية ، أن ترتبط تلك الوحدة ، بالحكم الفرد ، وبالتوريث لمن بعده ..؟ .. هل أذكرّك ، يا سيادة الرئيس ، بموقف عمر بن الخطاب ، وبعد سنوات قليلة من حكمه ، عندما قال قولته الشهيرة لعلي بن أبي طالب ..( لقد ملنيّ الناس يا أبا الحسن ) ، تصوّر يا سيادة الرئيس ، الناس ملتّ عمر بن الخطاب ، الحاكم العادل ، الذي جلد ابنه حتى الموت ، لأنه خالف النظام العام في قضية شخصية .. ، ثم ، وقف عمر ابن الخطاب ، في لحظات الانتقال الأخيرة إلى دنيا الحق ، ليقول ، لواحد من المنافقين جاء يقول له ، لماذا لا توصي بالخلافة لأبنك عبد الله يا أمير المؤمنين ..؟ أليس أحق بها ..؟ فأجابه بعد ابتسامة ساخرة هل تريد أن تحملنيّ وذرها حياً ، وميتاً ، يا هذا ..؟
( 4 )
لقد آلينا على أنفسنا أن نخاطب السلطة ، قبل أن نخاطب المعارضة ، لأن السلطة تمسك بزمام الأمور ، حتى الآن على الأقل ، فنقول بوضوح ، أن المواطنين في اليمن ، الذين قدموا التضحيات ، والدماء لبناء دولة الوحدة اليمنية ، إنما كانوا حالمين بدولة تديرها مؤسسات اعتبارية ، يشرف عليها الأكفاءّ من أبناء اليمن ، وفق اختصاصاتهم ، ويخضعون لمعايير تكافؤ الفرص ، لا محسوبيات ، ولا فساد ، ولا اصطفاء ، ولا إقصاء ، ولا معايير متخلفة ، يكونون هم في خدمة المؤسسات التي يضعونها في خدمة الشعب ، لا أن تكون تلك المؤسسات في خدمتهم لابتزاز الناس ، وقمع إراداتهم ، اليمنيون ناضلوا من أجل وحدة اليمن ، لتكون دولة الوحدة ، دولتهم ، لهم ، لا عليهم ، أن تكون مؤسساتها في خدمتهم ، لا أن يكونوا هم وقودها ، يتم تداول السلطة فيها دورياً ، بإرادة حرة من شعب يملك المقدرة على الاختيار الحر ، محرر من القهر المعنوي ، والمادي ، فيكون بدولة الوحدة أكثر مقدرة على حل مشكلاته ، واستخدام موارد البلاد في التنمية المتوازنة ، التي تحقق الكفاية ، والعدل ، والتقدم ، والتطور ، والبناء ..، دولة ، فيها المؤسسات التشريعية التي تشرّع ، وتراقب ، وتحاسب ، وفيها القضاء المستقل العادل ، وفيها السلطة التنفيذية التي تنفذ ، لا التي تسّيطر ، وتهيمن .. دولة فيها رئيس ، وحكومة يأتون إلى مواقعهم ، بإرادة الناس ، بتوكيل محدّد من حيث الزمان ، والصلاحيات ، فالشعوب لا تعطي وكالة مطلقة لأحد ، أياً كان ، ومهما كانت الظروف .. دولة توظف مؤسساتها لمعرفة مشكلات الناس ، وحلولها ، لوضع المخططات للتعليم ، والثقافة ، والاقتصاد ، والاجتماع ، والفنون ، والرياضة ، والبناء ، والزراعة ، والصناعة ، لولادة ذلك اليمن السعيد ، السعيد ..
( 5 )
تلك هي دولة الوحدة ، التي حلم بها اليمنيون ، وضحّوا من أجل تحقيقها ، وتلك هي دولة الوحدة اليمنية التي حلمنا بها نحن العرب بين المحيط والخليج ، حلمنا كان أن تكون دولة الوحدة اليمنية ، الدولة النموذج الذي يحتذى به فتنطلق تلك التجربة من إطار اليمن ، باتجاه حلم الأمة بين المحيط ، والخليج ، لهذا ، فإننا هنا لا ندافع عن وحدة اليمن ، وحسب ، إنما ندافع عن أحلامنا ، بأن أي جزء من الشعب العربي ، يمتلك حريته ، وتتحرر إرادته ، وينجح في حل مشكلاته ، ولو جزئياَ ، فإنه حتماً سيتحول إلى رافعة لمشروع النهوض ، والتنوير في الوطن العربي كله .. ولهذا فإننا عندما نخاف أن نبكي دولة اليمن الموحدة الديمقراطية العادلة ، فإننا نخاف أن نبكي أنفسنا ، وأحلامنا .. فهل تفعلها يا سيادة الرئيس علي عبد الله صالح ، لا من أجل اليمن ، وحسب ، ولكن من أجل الأمة العربية كلها التي تستصرخك هذه الأيام أن تدخل التاريخ من باب مختلف ...... فتقف وقفة الرجال ، الرجال ، تصارح شعبك ، وتتصالح معه ، وتعلن برنامجاً زمنياً محدداً لتسليم مؤسسات دولة الوحدة لمن يختارهم الشعب من المجالس المحلية ، وحتى قمة السلطة ، فيرتقي الشعب بالممارسة الديمقراطية من علاقات ما قبل المواطنة ، إلى المواطنة الحقة ، ويكون بذلك أكثر مقدرة على التقدم ، والتطور ، وحل مشكلاته ، وتكون دولة الوحدة اليمنية ، ليست عصية على التفتيت ، وحسب ، وإنما تكون لبنة صلبة في بناء نحلم به لدولة العرب الواحدة الديمقراطية الاشتراكية ..
( 6 )
تلك كانت رسالتنا إلى السلطة في اليمن ، أما رسالتنا الثانية فموجهة إلى المعارضة ، ونحن هنا نصّنف المعارضة في اليمن ، على تنوعها ، إلى ثلاثة مصنفات رئيسية :
- المصنف الأول : ويضم المعارضة التي تدعو إلى فصل جنوب اليمن عن شماله ، وهي ذات أطياف متنوعة .
- المصنف الثاني : معارضة لتقسيم اليمن إلى أكثر من جنوب ، وشمال ، وهي ذات أطياف متنوعة أيضاً .
- المصنف الثالث : معارضة للسلطة الحاكمة في دولة اليمن في إطار دولة اليمن الواحدة .....
( 7 )
إذا فتحنا المصنف الأول ، نصطدم بأولئك الذين يتباكون على الشعب في الجزء الجنوبي من اليمن ، والذي هضمت حقوقه ، ويعاني من التمييز ، ويصرخون ، بأن الحل الوحيد لإنصافه يكمن في أن يفصلوا هذا الجنوب عن اليمن ، ليحكموه هم ، أو ليتحّكموا به ، ويغدقون الوعود بأن الجنوب على أيديهم سينعم بالحرية ، والديمقراطية ، والغريب أن رموز هذه الدعوة مجربين من قبل الشعب اليمني ، وآثار سلوكهم " الديمقراطي " العجائبي مازالت عالقة في أذهان اليمنيين عندما كانوا يتحكمّون بجنوب اليمن .
لهؤلاء نقول ، وبدون حاجة لنكء الجراح :
أيها السادة ، نحن هنا ، منذ نصف قرن تماماً كنا في الإقليم الشمالي للجمهورية العربية المتحدة ، عشنا هذه المرحلة ، بتفاصيلها الأليمة ، كانت هناك مشكلة في أسلوب حكم دولة الوحدة ، وفي الأوضاع الدستورية ، والقوانين ، لكن دولة الوحدة كانت تتيح إمكانيات أكبر لحل تلك المشكلات في إطار الجمهورية العربية المتحدة ، عوضاً عن ذلك بدأ الهمس بالدعوة للانفصال اعتماداً على ممارسات خاطئة تورّطت فيها أجهزة دولة الجمهورية العربية المتحدة ، مما أتاح انفتاح شهية الانفصاليين الذين بدأوا يرددّون الأحاديث عن احتلال مصري ، لسورية ، وعن سيطرة الضباط المصريين على الجيش ، وتهميش دور السوريين في شتى القطاعات ، وعن القمع ، وأجهزة المخابرات ، والحكم الفردي ، وانعدام الديمقراطية ، وكمّ الأفواه ، وتقييد حرية الرأي ، وإمبراطورية عبد الناصر ، وإلى آخره .. فاختلط التهويل ، بالتهوين ، بالحقائق ، مما أدى من حيث النتيجة ، إلى أن السلبيات بدأت تطغى على الإيجابيات الكثيرة لدولة الجمهورية العربية المتحدة ، تلك الوحدة الحلم ، التي فتحت الباب واسعاً للحلم العربي ببناء دولة الأمة على أنقاض دول التجزئة ، والمخططات المعادية ، والمعاهدات الأجنبية ، ووضع المستوطنات الصهيونية في حالة حصار ..
نعم ، لقد ارتكبت الأجهزة في دولة الجمهورية العربية المتحدة أخطاء جسيمة ، لاشك في هذا ، وأن تلك الأخطاء جردت الشعب العربي في دولة الوحدة ، وفي الإقليم الشمالي بشكل خاص من مؤسساته السياسية ، والاجتماعية للدفاع عن نفسه ، ولحماية الجمهورية العربية المتحدة ، وباتت المسألة تتعلق بصراع أجهزة ، انتهى من حيث النتيجة إلى فصل الإقليم الشمالي عن الجمهورية العربية المتحدة ، الدرس يا أخوة اليمن ، أن دولة الوحدة لن تحميها أجهزة السلطة ، مهما كانت ، وأياً كانت ، ومتى فقدت دولة الوحدة حاضنتها الجماهيرية الحرة ، والمحررة من القيود ، والقادرة على ممارسة الجدل الاجتماعي في أجواء من الحرية ، والديمقراطية ، فإنها تصبح نهباً لصراعات أجهزة ينخر فيها الفساد ، مهما كانت الغايات نبيلة ، وأصيلة ، فدولة الوحدة لن تحميها النوايا الحسنة في هذا الواقع العربي ، والدولي المضطرب وإنما تحميها فقط الإرادة الواعية المقتدرة ، للمجتمع ، المنظمة في مؤسسات سياسية ، واجتماعية ، وثقافية ، واقتصادية ، وقضائية ، وتشريعية ، وتنفيذية ، تحقق العدالة ، والمساواة ، وتكافؤ الفرص .. لقد فصلوا العربية المتحدة ، لكن هل أدى ذلك إلى حل مشكلاتنا في الإقليم الشمالي ، والجنوبي ....؟!!!!!!!!!!!
أيها الأخوة في اليمن .. أليس ما يحصل الآن لدولة اليمن الموحدة ، هو ذاته الذي حصل منذ نصف قرن في دولة الجمهورية العربية المتحدة .؟ وهل لكم أن تستفيدوا من الدروس ، والتجارب المرة ..؟
هل تدركون أن الأخطاء ، لا تعالج بالخطايا .. هناك مشكلة في طريقة حكم دولة اليمن الحبيب ، لا شك في ذلك ، لكن هل ستحّل هذه المشكلات بانفصال الجنوب ، هل كان انفصال الإقليم الشمالي عن الجمهورية العربية المتحدة منذ نصف قرن طريقاً لحل المشكلات التي كانت قائمة ..؟ .. أم أن الانفصال فاقم تلك المشكلات ، وباتت أكثر تعقيداً ..؟!
هل نحدثكم عن المآسي التي خلفهّا الانفصال على مصر ، وسورية ..؟
نحن الآن نحذرّكم ، حذار أن تسمحوا لأحد أن يفصل وحدة اليمن ..
في اليمن الواحد ، الموحد ، الآن ، هناك إمكانية للتقدم ، وحل المشكلات .. والتطور ، يتوقف هذا ، على نتيجة الصراع مع القوى التي تعيق التطور ، والتقدم .
لكن مع الانفصال ، ليس هناك إلا خيار واحد ، هو نبش الصراعات ، والفتن ، وتدمير اليمن ، فالإنفصال لن يقف عند حد الشمال ، والجنوب في اليمن ، وإنما لا نعرف إلى أي درك ستنحدر الأوضاع .. فحذار ، حذار من ذلك ..!
( 8 )
هذا يقودنا إلى فتح المصنف الثاني ، من مصنفات المعارضة ، فالبنية الاجتماعية في اليمن ، وحداثة مؤسسات الدولة ، وعمق الانتماءات القبلية ، والعشائرية ، والدينية ، والمذهبية ، والمناطقية ، وكذلك التباين في الأوضاع الاقتصادية ، والثقافية ، والعادات ، والتقاليد ، ذلك كله مع افتقاد مؤسسات ديمقراطية حقيقية في دولة الوحدة أدى إلى طغيان تلك الانتماءات ، على انتماءات المواطنة الحقة ، مما أدى ، ويؤدي إلى هشاشة الانتماء الوطني لصالح تلك الانتماءات ، ومما أدى من حيث النتيجة إلى إمكانية العزف على تلك الانتماءات التفتيتية ، لتدمير وحدة اليمن ، لا إلى شمال وجنوب ، وحسب ، ولكن إلى كيانات أدنى ، فأدنى .
( 9 )
إذا فتحنا المصنف الثالث من مصنفات المعارضة في اليمن نصادف تلك الأحزاب ، والمؤسسات ذات الطبيعة السياسية ، والاجتماعية ، والاقتصادية ، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ، ومن العلمانيين إلى الدينيين ، وتلك المؤسسات على تنوعها ، كان يمكن أن تكون هي الحصن الذي يحمي دولة الوحدة اليمنية ، لكن غياب المؤسسات الديمقراطية ، وتفشي الفردية ، والمحسوبية ، والفساد ، والاستبداد ، أدى إلى شكلانية تلك المؤسسات وفقدانها لمصداقيتها ، ذلك أن مكمن القوة ، والقرار بيد أجهزة خفية ، ومعروفة في الوقت ذاته ، فالسلطة الفردية لا تسمح لمؤسسات المجتمع الحزبية ، وغير الحزبية ، أن تأخذ دورها الحقيقي ، في التعبير عن إرادة المجتمع ، لأن ذلك يهدد السلطة الفردية التي تسعى للبقاء على تلك المؤسسات ، بما في ذلك مؤسسات الرأي ، والتعبير ، كديكور للادعاء بأن هناك ديمقراطية في البلاد ، لا أكثر من ذلك ، ولا أقل .
( 10 )
إذا كان هذا هو واقع الحال في السلطة ، وأجهزتها ، وكذلك في المعارضات ، وتوجهاتها ، وإمكانياتها ، فمن ذا الذي يحمي وحدة اليمن الحبيب ..؟
ولمن نوجه هذه الرسالة ..؟
إننا نوجهها ، الآن ، كنداء عاجل إلى الشعب العربي في اليمن ، والذي يتداخل مع كل تلك الأوضاع تأثراً ، وتأثيراً ، فاعلية ، وتهميشاً ، نوجهها إلى جميع المهمومين ، والذين يهمّهم مستقبل اليمن ، ومستقبل الأجيال القادمة من الشعب العربي في هذا الجزء العزيز على قلوبنا ، وهو في غالبيته العظمى مهمش ، ومغلوب على أمره ، وخارج دائرة القرار والفعل ، فلا مؤسسات تعبر عنه ، أو تحل مشكلاته ، أو تطور واقعه من أول أجهزة السلطات ، وحتى آخر المعارضات ..، لذا ، فإن هذا الشعب وحده مطالب الآن ، أن يقلعّ شوكه بيديه ، فمصيره ، ومستقبله بين يديه وبالتالي عليه ، الآن ، أن يبادر بالعمل المنظم الجماعي ، الجاد ، ليس لحماية وحدة اليمن ، وحسب ، وإنما لينطلق من تلك الوحدة ، وما توفر له من إمكانيات لمعالجة مشكلاته ، والارتقاء إلى المواطنة في دولة حرة ديمقراطية ، اشتراكية تحقق العدالة ، والمساواة ، وتكون لبنة صلبة في بناء دولة الأمة الحلم .. ، فالفردية عجز ، وفشل ، والمبادرة للفعل الإيجابي وعياً ، وتنظيماً ، وتخطيطاً ، وعملاً ، هي الطريق الوحيد إلى الحرية ..
المطلوب الآن ، أيها الأخوة في اليمن ، أن نتقدم خطوة إلى الأمام ، لا أن نتراجع خطوات إلى الوراء ..
إننا ، هنا ، لا نوجه لكم المواعظ ، ولكننا نحدثكم من عمق الجرح الذي تعرضنا له بانفصال الجمهورية العربية المتحدة ، منذ نصف قرن .. فمنذ ذلك الحين مازال ذلك الجرح نازفاً ، ومازال يهدد وجودنا في شطري العربية المتحدة ، وربما أكثر من ذلك .. فليجنّبكم الله تلك الخطايا ..
والســلام على من اتبــع الهدى .
دمشق : الثلاثاء 2/6/2009
حبيب عيسى
E-mail:[email protected]