عضو مجلس القيادة طارق صالح يؤكد على الدور النضالي لأبناء محافظة إب اختتام برنامج تدريبي للعاملين الصحيين في المهرة الإرياني يحذر من التورط في بيع ممتلكات الحوثيين غير القانونية ويؤكد قرب سقوطهم قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي بشأن تعيين أعضاء في المحكمة العليا عدن تحتفي باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة بن ماضي يطلع على أوضاع السلطة القضائية والصعوبات التي تواجهها اختتام اعمال ملتقى التبادل المعرفي لتنمية الإيرادات وتعزيز التنمية المستدامة بمأرب مصر تعلن سداد 38.7 مليار دولار من الديون في 2024 منتخبنا الوطني يخسر امام نظيره السعودي بـ3 أهداف مقابل هدفين المنطقة العسكرية الثالثة تختتم دورة تدريبية لرؤساء عمليات القطاعات والمحاور والوحدات
1- يمارسون " الانتماء لجمال عبد الناصر " ولا يتجّرون بـ " الناصرية " .
2- أعداؤهم ... ، هم ، هم ، أعداء جمال عبد الناصر ، الاستراتيجيين .
3- أهدافهم ... ،هي ، هي ، أهداف جمال عبد الناصر ، الإستراتيجية .
لكن ، محدودية الأسلوب ، أدت إلى محدودية النتائج ، وهذه مسؤولية ، لا تلقى على عاتقهم ، وحسب ... ، وإنما ، هي ، مسؤولية مشتركة ، على "كواهل" ، كوادر حركة التحرر العربية ، جماعات ، وأفراداً ، بين ، المحيط ، والخليج . هذا ، يقودنا ، للحديث ، عن جمال عبد الناصر : .. الإستراتيجية ، والتكتيك ...؟ . ورغم ، أن هذا الحديث ، يضيق ، عن الإجابة الوافية ... إلا ، أننا ، سنضع فرضية ، ندعّي ، أنها صحيحة ، على طول الخط ، تقول : أن جمال عبد الناصر ، الذي قلب نظام الحكم ، في دولة مصر ، بحثاً عن الاستقلال ، والتحرر ، من التبعية الاقتصادية ، والسياسية ، واحترام سيادة دولة مصر ، على أرضها ، وشعبها ، وتحقيق برنامج ، إصلاحي ، تنموي ، في ظل عدالة اجتماعية ، وتكافؤ للفرص ... وجد ، نفسه ، في مواجهة ، مخططات ، وقوى استعمارية ، ومحلية ، منتشرة ، بين المحيط ، والخليج ، وأن مصر ، بالنسبة ، لتلك المخططات ، هي جزء من منطقة " الشرق الأوسط " الهامة ، اقتصاديا ، واستراتيجيا ... وأن ، أصحاب ، تلك المخططات ، على استعداد ، للخوض ، حتى في ، خراب ، الحروب النووية ، دفاعا عن الخطوط ، التي رسموها ، على خارطة ، تلك المنطقة ، فغدت دولاً ... ودفاعا ، عن ثروات ، هذه المنطقة ، التي تحولت ، من ثروات للمنطقة ، إلى مكاسب ، لأصحاب تلك المخططات ، يقاتلون دفاعاً ، عنها ، ضد أصحاب تلك الثروات ، من جهة ، وضد ، أي ، طامع فيها ،من دول غريبة أخرى " أياً كان " ، من جهة أخرى . وهكذا ، فإن وعي جمال عبد الناصر ، لمجمل هذه الحقائق ، وما يترتب عليها ، جعله يخوض معارك التحرر العربي ، وهو يقاتل ، ويناضل من اجل استقلال ، وسيادة دولة مصر ... فحلف بغداد ، والقواعد العسكرية الأجنبية ، المنتشرة بين المحيط ، والخليج ، و"دولة إسرائيل" الصهيونية ، وخريطة " سايكس – بيكو " ، وغيره كثير .. كل هذا ، لا يمثل أوضاعاً خارج مصر ، وإنما يمثل ، أوضاعا ، وقوى تتحكم ، سلباً ، بأية ، محاولة لتطوير مصر ، وتحريرها ... وهكذا ، وجد جمال عبد الناصر ، نفسه ، في خضم معارك التحرر العربي ، يخوضها رافضاً ،كل ، المشاريع المعادية ، رغم خطورة ما يترتب على هذا الرفض ، من نتائج ، فأصبح رمزاً للنضال العربي ، وتحول ، ليكون ، ذلك البطل العربي للشعب العربي كله ، الذي تحيطه الدموع ، والأفراح .... نحن ، إذن ، أمام قائد ، شعبي ، ثائر ، بجماهيره ، بين المحيط والخليج . وساحة نضاله ، هي الأرض العربية ، كلها ، تخطىّ الحدود ، والخرائط المرسومة ، وعدّل الصورة المقلوبة ، في الوطن العربي ، لتكون ، وحدة أرض الأمة ، ووحدة شعب الأمة ، هو الأساس ، وأن التجزئة طارئة ، مصطنعة ، فانحدر الخط البياني ، للإقليمية ، والطائفية ، والعائلية ، والعنصرية ، في الوطن العربي ، وأضحى ، شيوخ تلك الطوائف ، ورموز تلك العائلات ، والأقاليم ، وأصحاب الدعوات العنصرية ، العرقية .. باتوا معزولين ، بعد أن تجاوزتهم الجماهير العربية ، التي كانوا يتوهمون أنها جماهير طوائفهم ، أو أقاليمهم ، أو عائلاتهم ، فهرولوا بدورهم ، إلى جمال عبد الناصر ، علهم يلحقون الركب ... كل ، هذا ، وأكثر ، من جهة ، ومن جهة أخرى ، فإن جمال عبد الناصر ، هو حاكم ، لدولة مصر ، الإقليمية ، التي ، هي جزء من ، الكل ، العربي ، أرضاً ، وشعباً ... ، ومن الناحية الموضوعية ، أحس جمال عبد الناصر ، بالتناقض ، بين طبيعة ، وتوجهات أجهزة الدولة الإقليمية ، وبين طبيعة ، وتوجهات ، ومستلزمات النضال القومي العربي التقدمي ، وقد تصور جمال عبد الناصر ، أن وجوده ، في الموقعين " أي كونه قائد النضال القومي العربي وحاكم دولة مصر في الوقت ذاته " ، يحل هذا الإشكال ، وتصور ، أنه يستطيع ، أن يوفر ، للنضال القومي العربي ، قاعدة قوية للانطلاق ، باستخدام أجهزة دولة مصر ، وإمكانياتها في معارك التحرر العربي ، وقد فعل " رحمه الله " ، كل ما يستطيع ، لتطويع أجهزة تلك الدولة الإقليمية ، لخدمة الأهداف القومية ... لكن ، أجهزة الدولة الإقليمية ، ليست مؤهلة ، موضوعيا ، للعب هذا الدور ، بل ، لا يمكن ، إلا أن تكون ، معادية له ... فالدولة الإقليمية ، بكل ، أجهزتها ، وقواها ، هي النقيض ، على طول الخط ، لأي نضال قومي ، وهي أجهزة شديدة التعقيد ، صممت ، ودججت بالسلاح ، لإجهاض ، أي عمل قومي ، ثوري ، جذري ، لأن نجاحه ، يعني زوالها ، وأن تلك الأجهزة ، لا يمكن ، إلا أن تؤدي هذا الدور المخرب ، حتى ، ولو اعتلى ناصيتها ، قائد قومي ، فذ ، كجمال عبد الناصر ، فهي تنصاع له ، في أوقات قوته ، وانتصاره ، وتحاول تطويعه ، واحتوائه ، وإذا لم تنجح ، تنقلب عليه ، تلك الأجهزة ، في أقرب فرصة ، ممكنة .. وهذا ، بالضبط ، ما حصل بين جمال عبد الناصر ، وأجهزة دولة مصر ... تلك الأجهزة ، التي انقلبت على جمال عبد الناصر ، وانقادت لنقيضه ، في ضرب ، كل ، الإنجازات القومية ، التي حققها ، بل ، وحتى ، في ضرب الانجازات المحلية ، المصرية ، على صعيد التنمية ، والاستقلال الاقتصادي المصري ، وهذا ، ما يؤكد حتمية العلاقة بين التنمية ، والاستقلال ، في أي قطر عربي ، من جهة ، وبين النضال القومي العربي ،التوحيدي ، من جهة أخرى ، وبالمقابل حتمية العلاقة ، بين التخلف ، والتبعية ، في أي قطر ، من جهة ، وبين واقع التجزئة ، وأجهزة التجزئة ، الإقليمية ، من جهة أخرى . ونحن ، سنضع فرضية أخرى ، وسنحاول ، أن نثبتها ، على طول الخط ، أيضاً ، تقول : أن ، كل ، الأخطاء ، والانحرافات ، والمآسي ، والانتكاسات ، التي نسبت إلى جمال عبد الناصر ، هي ، في حقيقة الأمر ، أخطاء ، وانحرافات ، ومآسي ، وانتكاسات الأسلوب الإقليمي ، وإنها ، تنسب ، في حقيقة الأمر ، لأجهزة الدولة الإقليمية ، لا ، إلى القائد القومي ، ونهجه التوحيدي . وهذا ، يعني ، أن جمال عبد الناصر – القائد القومي العربي ، التقدمي ، وأهدافه الإستراتيجية ، التي أعلنها ، وسعى ، لتحقيقها ، والتي ، بات ، بتبنيه لها ، قائداً جماهيرياً ، للأمة العربية ... هذه الأهداف الإستراتيجية ، هي المعنية ، بالانتماء إليها ، والدفاع عنها ، والبحث ، والسعي ، والعمل ، والممارسة المستمرة ، لتحقيقها ، وإن ، على الكوادر الثورية العربية ، عبء النضال والتضحية ، لبناء الأداة القومية الثورية ، القادرة ، وحدها ، على تحقيق تلك الأهداف ... المهم ، أننا ، نريد القول ، بأكبر قدر من الحسم ، أننا ، معنيين ، بخط عبد الناصر ، الاستراتيجي ، الذي التفت حوله الجماهير الشعبية ، العربية ، فهذا هو الجوهر ... أما ، الأسلوب الإقليمي ، وموقع الضرورة ، الذي ترتب على كون عبد الناصر ، حاكماً لدولة مصر الإقليمية ، وما رافق ذلك ، من إحباطات ، وقرارات تكتيكية ، محكومة ، بعجز الدولة الإقليمية ، من ، أول القبول ، بالوجود الدولي ، في "مضائق تيران" عام 1956 ،إلى قبول "مبادرة روجرز" وما رافق ذلك ، من إحباطات ، ونتائج سلبية ، فهذا ، كله ، منسوب إلى الأجهزة الإقليمية ، وطبيعة الدول الإقليمية ، بينما ،عرب الأرض ، والتاريخ ، وعبد الناصر ، ليسوا ، معنيين ، لا بتبنيه ، ولا بالدفاع عنه ، بل ، إن هذا ، كله ، يندرج تحت بند العجز الإقليمي ، والجرائم الإقليمية ، التي ترتكبها السلطات الإقليمية – أيا ، كان ، حاكمها – بحق النضال القومي ، التقدمي ، العربي ، ونحن ، ندعّي أن التناقض بين أهداف جمال عبد الناصر ، وخطه الاستراتيجي القومي التقدمي ، من جهة ، وبين أجهزة دولة مصر الإقليمية ، وأجهزة الدول الإقليمية الأخرى ، في الوطن العربي ، وصل ذروته ، عندما ، لم تتمكن الأجهزة الإقليمية ، من احتواء جمال عبد الناصر ، فعاثت فساداً ، من أول ، إفساد ، وتخريب دولة الوحدة – الجمهورية العربية المتحدة – إلى ، أن خذلته ، حتى ، في معركة الدفاع عن الإقليم المصري ، في الخامس من حزيران " يونيه " 1967 .. إلى ، أن قتلته ، وعكست الاتجاه ، تماماً ، فيما بعد ... (8)أردنا ، مما تقدم ، أن نحدد علاقة جمال عبد الناصر ، بالدولة الإقليمية ، وأن ، نفرز ، بأكبر قدر ، من الوضوح الممكن ، ما ، لعبد الناصر ، كقائد قومي ، للأمة العربية ، وما ، للدولة الإقليمية ، وأجهزتها ، من أفعال ، لنرتب ، على هذا ، كله ، الموقف ، الذي ، ندعّي ، أنه صحيح ، من السلطة الإقليمية ، ومن ، عبد الناصر . في 28 أيلول " سبتمبر " 1970 ، فقدنا ، جمال عبد الناصر ... وشهد العالم ، كله ، الأمة العربية ، وهي تبكي الرحيل ... حتى ، أعداء جمال عبد الناصر ، في الوطن العربي ، انتحبوا ، حزناً عليه ... وهذه ، إحدى صفات القائد التاريخي ... ، الذين ، أحبوه – انتحبوا عليه ، حزنا ، لأنهم ، كانوا يعتمدون عليه ، في تحقيق أهدافهم الكبرى ... صحيح ، أنهم ، لم يعرفوا ، كيف يخوضون المعارك ، معه ، لكنهم كانوا ، بين المحيط والخليج ، يلقون على كاهله ، عبء تحقيق أهدافهم ... والذين ، نصبّوا من أنفسهم ، أعداء له ، في الوطن العربي ، وجدوا أنفسهم ، وكأنهم ، في العراء ، لقد ألقوا ، على كاهل جمال عبد الناصر ، كل سلبيات ، وأسباب الانتكاسات العربية ... ، لكنه ، في الضمير الشعبي ، الموروث ، هو حامل الراية ... صحيح ، أن هؤلاء ، سيفيقون ، بعد قليل ، لاستئناف الهجوم على عبد الناصر ، بل وسيحّملونه نتيجة ما يجري ، من أحداث بعد غيابه ، لكن اللحظة التاريخية ، ستكون ، قد سجلت الحدث ، وما ترتب عليه . المهم ، أنه ، بعد 28 أيلول " سبتمبر " 1970 ، لم يعد جمال عبد الناصر ، حاكماً ، لدولة مصر الإقليمية ؟ ، وهنا ، كان لابد ، من فرز الموظفين ، الذين خدموا تحت أمرة جمال عبد الناصر في دولة مصر الإقليمية ، بالإضافة ، إلى أولئك ، الذين كانوا يدعوّن قرباً من جمال عبد الناصر ، في الوطن العربي ، بحثاً عن " الوجاهة " ، لدى الجماهير العربية . الآن ، فرز ، كل ، هؤلاء عن الكوادر الثورية ، التي ، لم تكن معنية ، بتحقيق المكاسب ، عن طريق القرب من عبد الناصر ، ومن أجهزة الدولة الإقليمية ، وإنما كانت معنية ، بالفكر ، والجهد ، والحركة ، بالبحث عن الطرق ، والأدوات الضرورية ، لتحقيق الأهداف الإستراتيجية ، للأمة العربية ، التي ، أصبح جمال عبد الناصر ، بتبنيه ، لها ، والنضال من أجل تحقيقها ، بطل الأمة ، القومي . بالمعنى الأول ، أي ، كون عبد الناصر حاكماً لدولة مصر الإقليمية ، وصاحب نفوذ ، لدى الجماهير العربية ، التف حوله ، أشد الانتهازيين ، نفاقاً ، في مصر ، والوطن العربي ، يكيلون له المدائح ، ويقيمون التماثيل ، لشخصه ، وينصّبون ، من أنفسهم ، أولياء " الناصرية " ، دون أن يقدموا ، أي ، فعل إيجابي حقيقي ، لدعم المسيرة النضالية ، لجمال عبد الناصر ، وإنما شّكلوا ، في أغلب الأحيان ، حواجز ، تمنع التواصل الثوري ، بين جمال عبد الناصر ، وبين جماهير الأمة ، حتى ، أنهم تحولوا ، إلى أجهزة تشكيك ، بالمناضلين العرب ، الحقيقيين ، فالمطلوب ، بالنسبة إلى تلك الأجهزة ، والجماعات ، هو البحث عن المخبرين ، وليس البحث عن المناضلين ... هؤلاء ، على شتى مشاربهم ، ومواقعهم ، في أجهزة الدولة ، وفي أجهزة الأحزاب ، والمجموعات ، التي حملت لوحة " الناصرية " في الوطن العربي ، كانوا ، عبئاً ، على عبد الناصر ، خلال حياته ، وتحولوا ، إلى عبء ، أكبر ، على مسيرة النضال ، بعد غيابه ... لقد اتجروا ، به ، حياً ، وميتاً ... وإذا ، كان من الظلم أن نعمم هذا الحكم ، على الجميع ، فإنه ، من الإنصاف ، أن نعترف ، بحسن نوايا البعض ... لكن العجز ، عن الفعل الإيجابي ، لهذا البعض ، كان قاتلاً . لقد ترك جمال عبد الناصر ، دولة مصر الإقليمية ، بيد مجموعة ، أخلصت له ، علهّا تستطيع المحافظة على ما تحقق ، على الأقل ... ترك ، بيد تلك المجموعة ، قيادة الجيش ، والقوات المسلحة ، وقيادة المخابرات العامة ، وقيادة مباحث أمن الدولة ، ووزارة الداخلية ، وقيادة الإعلام ، وقيادة التنظيم الطليعي ، وقيادة الاتحاد الاشتراكي ، وقيادة القطاع العام ، وقيادة مجلس الأمة ، وقيادة المكاتب الخاصة ... وإذ ، بهذه المجموعة ، وبلمح البصر ، تضيّع ، كل شيء ، بمهارة فائقة ... هناك ، فرق كبير ، إذن ، بين ، الذين يصلحون ، لتنفيذ القرار الصحيح ، وبين الذين يملكون مؤهلات اتخاذ القرار الصحيح ، في الوقت الصحيح ... ونحن ، لا نقول هذا ، تهجماً ،على أحد ... بل ، إننا ، نجد في مواقف الوفاء ، عند البعض منهم ، ما يستحق التقدير ، والاحترام .. لكن ، كل هذا شيء ، وقضية بناء الثورة العربية ، شيء آخر ... ولنؤكد ، في الوقت ذاته ، على حقيقة من المفترض أنها أصبحت واضحة للجميع : إن جمال عبد الناصر ، كحاكم لدولة مصر ، وكقائد قومي للأمة العربية ، حاول أن يسّخر الدولة الإقليمية ، لخدمة النضال العربي ... وبغض النظر ، عن حجم ، الإخفاق ، والنجاح ، فإن ، عبد الناصر ، منذ 28 أيلول " سبتمبر " 1970 ، لم يعد حاكماً لدولة مصر ، وبالتالي ، فإن الكوادر الملتزمة ، بأهداف الأمة العربية ، التي تبّناها جمال عبد الناصر ، لم تعد تحكم دولة مصر ، ولا غير مصر ، مما يترتب عليه ، أن " الناصرية " لم ، تعد تعني ، منذ عام 1970 الالتزام بأسلوب السلطة ، الذي استخدمه عبد الناصر ، في معاركه ، فهم ، لا يملكون ، أجهزة الدولة : لا مخابراتها ، ولا جيشها ، ولا ، إتحادها الاشتراكي ، ولا تنظيمها الطليعي ، ولا قطاعها العام ، ولا .. إلى آخره . وإنما ، أصبحت ، كل تلك الأجهزة ، في الخندق الآخر ... كما ، أن هذا يعني ، وبأكبر قدر ، من الوضوح ، أن استخدام تلك الأساليب ، تنظيمياً ، أو فكرياً ، لا يصلح لخدمة الأهداف الإستراتيجية ، للنضال العربي ، والتي تبناها جمال عبد الناصر . فتلك الأساليب ، كانت مرتبطة ، بانصياع الدولة الإقليمية ، لقرارات القائد القومي ، الذي ، هو جمال عبد الناصر ، والذي من العبث التفكير ، بأن ، أي أحد ، يستطيع أن يعيد التجربة . لقد عاد جمال عبد الناصر ، منذ عام 1970 ،إلى ضمير أمته ، التي تعاني ، من أوضاع ، شديدة الشبه ، بالأوضاع ، التي كانت سائدة قبل عام 1952 ، لكن أكثر سلبية من حيث الحريات العامة ،والاستبداد ، بالناس ،وحيث الأوضاع الفوقية ، تفرض أنواعاً ، شتى ، من العدوان ، المعقد ، والمرّكز ، على جماهير الأمة العربية ... وإذا كان جمال عبد الناصر ، في ، مثل هذه الظروف ، قد فكر ، بالتنظيم ، والتخطيط ، والثورة ، على صعيد مصر ، فإن جمال عبد الناصر ، "الناصرية" ، المفترض ، في السبعينات ، والثمانينات ، وما يأتي من الزمن ، ليس ، معنياً ، بأقل ، من التنظيم ، والتخطيط ، والثورة ، على صعيد الوطن العربي ، مستفيداً من التراكم النضالي ، الذي حصل ، ومن التجارب المرة ، التي نرى حصادها ، في كل مكان ، من الأرض العربية ... وفي مثل هذه الظروف ، لن يلتق جمال عبد الناصر ، بحاكم مصر ، أو غير مصر، ولن يبرر له ،ولا لسواه ، ما يفعل ،وما يفعلون ، ولن يتزعم شلة ، أو مجموعة عاجزة عن الحركة ، والفعل الحقيقي ،ولو كانت تحمل أسم "الناصرية" . ولن يشترك في جبهة مع السلطة التي تستبد بالشعب ، ولن يشكل حزباً ،شكلياً ، يبيعه لمن يشتري ... وإنما ، كان ، سيحرّض ، وينظمّ ، ويفكر ، في ، كيف يغيّر الواقع العربي ، ثورياً ،باتجاه النهوض ،والتنوير ،ومقاومة غزاة الخارج ، والمستبدين ،والطغاة في الداخل ... وجمال عبد الناصر ، المفترض ، في "الناصرية"، في السبعينات ، والثمانينات ، وما يأتي من الزمن ، هو كل ذلك ، مضافاً إليه ، خبرة النضال ، والتجربة المرة . (9)لكن ، ما علاقة هذا ، كله ، بخالد جمال عبد الناصر ، ورفاقه ، وما نسب إليهم ، من أفعال .. ؟ : أولاً – نحن ، ندعّي ، أن هناك علاقة جوهرية ، وثيقة ، بين ما نسب إلى خالد جمال عبد الناصر ، ورفاقه ، من أفعال ، وبين الخط الاستراتيجي ، للقائد القومي جمال عبد الناصر . ثانياً – إن محدودية النتائج ،هنا ، مرتبطة بمحدودية الأسلوب الإقليمي ، فالمطلوب ، ليس، الالتفاف الجماهيري ، العربي ، حول " الأبطال " ، وإنما ، الاشتراك الجماهيري العربي ، في الفعل ، والممارسة ... ثالثاً – إن أصحاب "الناصريات" إياها ، الذين شكلوا شرنقة ، حول هذا العمل المقاوم ، عن طريق البحث ، عن صورة مع خالد جمال عبد الناصر ، أو عن طريق تبنيّ ما يجري ، والتغني به : يشكل سلبية ، يجب التعامل معها ، بحزم ، وحسم ، حتى لا ينعزل الحدث ، عن الجماهير العربية ، المعنية ، أولاً ، وأخيراً ، بتقييم ما جرى ، والتفاعل معه ، للانتقال إلى خطوة أرقى ، وأكثر فاعلية ، ومقدرة ، على مواجهة الظروف ، والمستجدات ، بالغة التعقيد . رابعاً – لقد أثبتت المواجهات ، والأفعال ، التي نسبت إلى خالد جمال عبد الناصر ، ورفاقه ، أن مقاومة ، ما يجري ، من أفعال معادية ،ينفذها الغزاة ،والطغاة ، ممكنة ، بإسلوب محدود ، فكيف إذا تطور الأسلوب ، ليشمل ساحة المعركة ، كلها ،وهي ساحة الأمة العربية . خامساً – لقد ، آن الأوان ، لينفضّ سوق الاتجار بجمال عبد الناصر ، واختلاق أشكال مشوهة ، من العمل السياسي ، تنسب إليه . فجمال عبد الناصر ، رجل ، رافض ، مقاوم ، للواقع العربي المجزأ ، والتابع ، والمستلب ، وبالتالي ، من العبث ، الإدعاء ، بالاقتداء ، به ، من الذين لا يقاومون ، جدياً ، لتغيير ، هذا الواقع ، بالثورة الشاملة في شتى المجالات ..... . سادساً – لهذا كله ، لابد من تبيان الخط الاستراتيجي ، النضالي ، لجمال عبد الناصر ، وتحديد إطاره ، من ، أول الأهداف ، إلى آخر الأساليب ، وفرزه ، عن خط الضرورة ، والمرحلية ، الذي تمثل ، في كون جمال عبد الناصر ، حاكماً ، لدولة مصر ، وما ترتب على ذلك ، من وسائل ، غير قادرة ، على حمل مسؤولية النضال العربي ، إلى غايته ، وأهدافه . (10)لقد حدد جمال عبد الناصر ، في البدايات .. في فلسفة الثورة ، هذه المعاني ، عندما قال : " إن قصص كفاح الشعوب ، ليس فيها فجوات ، يملؤها الهباء ، وكذلك ، ليس فيها مفاجآت تقفز إلى الوجود ، دون مقدمات . إن كفاح ، أي شعب ، جيلاً ، بعد جيل . بناء مرتفع ، حجراً ، فوق حجر ، وكما أن كل حجر في البناء ، يتخذ من الحجر الذي تحته ، قاعدة يرتكز عليها ، كذلك الأحداث ، في قصص كفاح الشعوب ، كل حدث ، فيها ، هو نتيجة لحدث سبقه ، وهو في نفس الوقت مقدمة ، لحدث مازال في ضمير الغيب ... " إن ولادة فكرة الثورة ، في ذهن جمال عبد الناصر ، كما حاول أن يحددها في " فلسفة الثورة " أبعد من حادث نادي الضباط ، وحريق القاهرة ، وحرب فلسطين ، وحصار الفلوجة ، ومظاهرات طلبة الإسكندرية ... إن بذورها ـ كما قال : " ولدت في أعماقنا حين ولدنا ، وأنها كانت أملاً مكبوتاً خلقه في وجداننا جيل سبقنا .. " ويضيف .. " .. لم يكن الذي حدث يوم 23 يوليو تمرداً عسكرياً وفي الوقت ذاته لم يكن ثورة شعبية .. " ثم يعبر عن حالة الإحباط التي تلت حدث 23 يوليو" ، فيقول : " لقد كنت أتصور قبل 23 يوليو أن الأمة كلها متحفزة متأهبة وأنها لا تنتظر إلا طليعة تقتحم أمامها السور فتندفع الأمة وراءها صفوفاً متراصة منتظمة تزحف زحفاً مقدساً إلى الهدف الكبير ... وكنت أتصور دورنا على أنه دور طليعة الفدائيين ، وكنت أظن أن دورنا هذا لا يستغرق أكثر من بضع ساعات ويأتي بعدها الزحف المقدس للصفوف المتراصة المنتظمة إلى الهدف الكبير ... ثم فاجأني الواقع بعد 23 يوليو ... قامت الطليعة بمهمتها واقتحمت سور الطغيان وخلعت الطاغية ووقفت تنتظر وصول الزحف المقدس للصفوف المتراصة المنتظمة إلى الهدف الكبير ... وطال انتظارها .. لقد جاءتها جموع ليس لها آخر .. ولكن ما أبعد الحقيقة عن الخيال . كانت الجموع التي جاءت أشياعاً متفرقة ، وفلولاً متناثرة تعطل الزحف المقدس إلى الهدف الكبير ، وبدت الصورة يومها قاتمة مخيفة تنذر بالخطر ... " هكذا كانت البدايات ... وتطور الأمور ، بعد ذلك ، معروف ، لكن ، جمال عبد الناصر أحس منذ اللحظة الأولى : " أن الجموع التي جاءت أشياعاً متفرقة ، وفلولاً متناثرة كانت تعطل الزحف المقدس إلى الهدف الكبير " ، ونحن ، نقول ، الآن ، وبعد التجربة المرة ،أن الفلول المتناثرة ، ما زالت ، إلى ، الآن ، تعطل هذا الزحف ... لقد كانت الجماهير العربية ، الإتكالية على جمال عبد الناصر ، تنتظر منه ، أن يفعل كل شيء ... تصورت ، أنه قادر على فعل كل ما تريد ، وأنه مسؤول عن تحقيق ، كل ، ما تريد ... وعندما ، لم يستطع ، أن يحقق لها ، كل ، هذا الذي تريده ، انكفأت خائبة ، فحدث الفراغ ، الذي ملأه الأعداء . ولنفترض ، أن هذه الحالة ، ترافق دائماً ، وجود البطل التاريخي ، في الأمة ... لكن ، هذه الحالة ، كان يجب ، أن تنتهي ، فور غياب جمال عبد الناصر ، في عام 1970 ، ولكن الجماهير العربية ، لم تفعل ذلك ، إلى الآن ، فانتكست مسيرة الثورة العربية ، إلى "الدرك" الذي نعيش ... الآن ، يجب أن تنفضّ الجماهير العربية عن الفرجة ، على ما يجري ، فالمطلوب ، ليس ، تأييد خالد عبد الناصر ، ورفاقه ، وليس ، الانفعال ، بما يجري ، داخل "محكمة معرض القاهرة الدولي" . المطلوب ، أكثر ، من ذلك ، بكثير .. المطلوب ، من جماهير الأمة ، من كوادرها الثورية ، الطليعية ، أن تعرف ، وتخطط ، وتبني ، وتتحرك ، وتستخدم ، كل الوسائل ، والطاقات الممكنة ، للانتقال ، من مقاعد المتفرجين ، إلى الاشتراك ، في صنع ، وصياغة الأحداث ، في الوطن العربي ... فما جرى ، خلال السنوات التي تلت غياب جمال عبد الناصر ، كفيل ، بأن يضع ، كل عربي ، أمام مسؤولياته الجسام ، فالأمة تتعرض ، لأخطار جسيمة ، تتهدد الوجود ، أرضاً ، وشعباً ... ووسائل المواجهة التقليدية ، التي طغت على سطح الحياة السياسية العربية ، سقطت في الامتحان ... وبالتالي ، فنحن أمام ، لحظة فاصلة ، من تاريخ أمتنا ، لتفرز ، ما يجب ، لمواجهة ، كل هذا ، الذي يجري . بهذا ، وبهذا وحده ، يكون الوفاء لجمال عبد الناصر ، وعبره إلى سلسلة الأبطال التاريخيين ، الذين تصدوا ، لموجات من الأعداء ، وفدوا إلى هذه الأرض ... والوفاء ، لن يكون ، إلا بالتصدي ، والمواجهة الجدية ، للموجة المعادية ، الراهنة . أما ، كيف يتم ذلك ... وكيف تترجم ، هذه الكلمات ، إلى واقع ، بعد أن أتخمتنا الكلمات .. ؟ فهذا سؤال ، لم يعد ، لعربي ، الحق ، في أن يتهرب من الإجابة عليه ، فقد تراجعنا ، حتى الحائط ، وبالتالي ، لم يعد الهروب ، من المواجهة ، ممكناً ، فكل عربي مهدد . وكل أرض العرب مستباحة ، ومهددة ... دمشق 1 /12 / 1988 * حبيب عيسى"نشر هذا المقال في مجلة المنابر اللبنانية في عدد ا/12 /1988 ونعيد نشره بعد /20/ عاماً"