الرئيسية - الأخبار - القيادات الحوثية ظلت توهم أسرته أنه على قيد الحياة بهدف الابتزاز.. الأسير السامعي قصة تعذيب وقتل وإخفاء وابتزاز منذ عامين
القيادات الحوثية ظلت توهم أسرته أنه على قيد الحياة بهدف الابتزاز.. الأسير السامعي قصة تعذيب وقتل وإخفاء وابتزاز منذ عامين
الساعة 07:16 مساءً الثورة نت/ خاص

 

بعد خمس سنوات من الأمل والخوف والرجاء، تفاجأت أسرة أحد الجنود الأسرى بوفاة ابنها تحت التعذيب في سجون مليشيا الحوثي الإرهابية بصنعاء.
الضحيّة هو الأسير الشاب عمر أحمد عقلان السامعي (37) عام، من محافظة تعز، وكان قد وقع في الأسر لدى مليشيا الحوثي ضمن مجموعة من الجنود بإحدى جبهات القتال شمال شرق محافظة صنعاء عام 2018.
مؤخّراً، تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي قصّة الأمل المرّ والصدمة القاسية الذي رافق رحلة والدة الشاب عقلان، انطلاقاً من قريتها في الجنوب الشرقي لمحافظة تعز، وصولاً إلى التنقّل على أبواب السجون ومرافق اختباء القيادات الحوثية بصنعاء بحثاً عن ولدها الذي لم تره منذ 5 سنوات.
كانت صدمتها قاسية، حينما تفاجأت، بعد رحلة البحث والمعاناة والألم، بأن ولدها قد نهشته مخالب المليشيا الحوثية وحوّلته إلى جثّة هامدة، بعد أن وقع في الأسر لديها، وهو في أتم الصحّة والعافية، يتقدّم صفوف القوات الحكومية التي تواجه تمرّد المليشيا الحوثية المدعومة من النظام الإيراني المتطرّف، شمال محافظة صعدة.
قتل ممنهج
تشير شهادات أقارب الضحيّة والتقارير الحقوقية والوثائق المسرّبة، إلى أن عقلان، تعرّض للتعذيب الشديد والحرمان من الرعاية الصحية لسنوات، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة جراء ذلك. 
ويكشف تقرير طبي، سرّبه نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخّراً، أن عقلان، كان قد أُوصل إلى مركز الطوارئ مستشفى 48 بصنعاء في 16 نوفمبر 2020، ويظهر عليه "اصفرار كامل في الجسم، مع فقدان الوعي وتورّم في الساقين، وتقيّئ دموي".
ووفقاً للتقرير الصادر عن مستشفى 48 بصنعاء بذات التاريخ، فإن هذه الأعراض تدل على "فشل كبدي ومرض التهاب مزمن في الكبد".
وتوضّح الوثيقة أن الأسير عقلان، أدخل بعد ذلك إلى "قسم الباطنية للعلاج التحفّظي تحت إشراف أطباء الباطنية. واستمر تحت العلاج المكثف للكبد، إلا أن حالته الصحّية تدهورت ونقل إلى قسم العناية المركزة... ولكن كمثل هذه الحالات تدخل في فشل كبدي وكان هذا سبب احتمال الوفاة".
وتشير الأعراض التي ذكرها التقرير الطبي والتي كانت بادية في عقلان، حينما أدخل المستشفى، عن حجم التعذيب والحرمان الممنهج الذي تعرّض له داخل سجون المليشيا الحوثية لنحو ثلاث سنوات، وهو ما فاقم حالته الصحّية إلى درجة أن الأطباء لم يتمكّنوا من إنقاذه.
استثمار الجريمة
لم تتوقف مليشيا الحوثي عن قتل الأسير عقلان، عن طريق إخضاعه لأنواع التعذيب الشديد، حتى وفاته أواخر 2020، بل أقدمت على إخفاء جثّته وعدم إبلاغ أهله بوفاته.
تشير شهادات الأهالي، وكتابات النشطاء الحقوقيون، أن الأهالي ظلّوا يبحثون عن ولدهم، فيما ظلّت القيادات الحوثية تخفي الأمر وتوهم أسرة الضحيّة أنه ما يزال حيّاً وتطلب منهم أموالاً مرّة بعد أخرى مقابل إطلاقه من السجن.
تؤكّد المصادر أن المُشرف الحوثي على السجن ظل يطلب من الأهالي إرسال مصاريف (أموال) للأسير "عمر" في الوقت الذي كان قد قتل جراء التعذيب منذ زمن طويل، بما فيها التعذيب بالصعق الكهربائي.
ومن جانبه، أكّد مكتب حقوق الإنسان بأمانة العاصمة، أن "الأسير عمر أحمد عبدالله عقلان السامعي قتل تحت التعذيب والإهمال الطبي المتعمد في  سجون الحوثيين". مؤكّدًا أن المليشيا الحوثية أخفت جثته الضحيّة "لمدة عامين"
وأوضح بيان مكتب حقوق الإنسان، الصادر يوم الأثنين (12 ديسمبر 2022): "تم إخفاؤه وتغييبه قسريا،ً ومنعه من التواصل مع أقاربه، وإهماله ومنع العلاج عنه رغم تحذيرات الأطباء المتكررة، وتوفي تحت التعذيب والإهمال الطبي المتعمد قبل عامين في العام 2020م".
وأكد البيان أن المليشيا الحوثية "احتجزت جثته وتكتمت عن خبر مقتله، وظلت المليشيا تماطل في الكشف عن مصيره وتبتز أسرته وأقاربه بأموال طائلة". مؤكّداً أن والدة وأسرة الضحية لم تكن تعلم "أنه قتل قبل عامين بسبب الإهمال الطبي والتعذيب النفسي والجسدي في سجونهم".
وكشفت وثيقة مسرّبة مؤرّخة بتاريخ 8 ديسمبر 2022، عن طلب رئيس لجنة المليشيا الحوثية لشؤون الأسرى المدعو عبدالقادر المرتضى، من مدير مستشفى 48 بصنعاء (خاضعة لسيطرة المليشيا)، تسليم جثمان الأسير عمر أحمد عقلان، لذويه، عبر مندوب اللجنة في المستشفى.
جريمة حرب
واعتبر مكتب حقوق الإنسان ما أقدمت عليه المليشيا الحوثية انتهاكًا صارخًا "للشرائع السماوية والقانون الدولي الإنساني وجميع المواثيق والاتفاقيات والبروتوكولات الدولية التي تنص على رعاية الأسرى والمحتجزين وتحدد القواعد الأساسية التي تنظم معاملتهم وظروف احتجازهم".
وتضع قوانين الحرب والقانون الدولي الإنساني "تعذيب الأسرى أو إساءة معاملتهم أو إعدامهم" على رأس قائمة "جرائم الحرب" التي تستوجب ملاحقة الضالعين فيها ومحاكمتهم إما محليّاً أو في المحكمة الجنائية الدولية المختصة بمحاكمة مرتكبي "جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية".
واعتبر بيان مكتب حقوق الإنسان، أن هذه الجريمة تعزز "قناعة الجميع بأن المليشيا الحوثية تجاوزت كافة الخطوط الحمراء وجميع القوانين والاتفاقيات والمواثيق المحلية والدولية.
مطالبة بالتحقيق
مكتب حقوق الإنسان، أكّد وفاة عدد من الأسرى والمختطفين والمحتجزين في سجون الحوثيين نتيجة لما يتعرّضون له من "إخفاء وتعرضهم لأشد أنواع التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية، وحرمانهم من أبسط الحقوق داخل المعتقلات، ومنعهم من تلقي العلاجات والرعاية الصحية".
وطالب المكتب في بيانه "بتشكيل لجان محلية ودولية قانونية وحقوقية للتحقيق في جرائم القتل تحت التعذيب المتكررة في سجون الحوثي، واحتجاز الجثث واخفاءها، وملاحقة ومحاسبة المتورطين فيها".
وحذر من المضي في الانتهاكات والجرائم التي تمارس ضد الأسرى والمحتجزين والمختطفين من تعذيب ومعاملة قاسية، مطالبًا الأمم المتحدة والمبعوث الدولي إلى اليمن ومجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان وجميع المنظمات والوكالات الدولية المهتمة بحقوق الانسان والمنظمات المحلية، إدانة هذه الممارسات ضد من فقدوا حريتهم في السجون.
وحمّل مليشيا الحوثي "المسؤولية القانونية والأخلاقية عن عمليات القتل للأسرى والمختطفين تحت التعذيب والإهمال الطبي، وما يحدث للأسرى والمحتجزين والمختطفين المرضى في السجون من مضاعفات نتيجة تجاهلهم وإهمالهم في الزنازين المظلمة، وتدهور حالتهم الصحية التي تستدعي علاجهم داخل الوطن وخارجه".
داعياً "جميع النشطاء الحقوقيين والمهتمين ووسائل الإعلام المختلفة الوقوف أمام مثل هذه الانتهاكات التي تتنافى مع أبسط القيم الأخلاقية الحالات الانسانية وإدانة مرتكبيها".