عن متاهة التراجم العربية لمصطلحات التربية الإعلامية
الساعة 06:17 مساءً

 

  • أكاديمي وكاتب يمني

لماذا نتحفظ على مصطلح " الدراية" الإعلامية والمعلوماتية؟ 
تحتفي الأمم المتحدة  هذا الأسبوع بالأسبوع العالمي لمحو الأمية الإعلامية والمعلوماتية في عاصمة عربية لأول مرة، وأنتهز هذه الفرصة للمطالبة بتصحيح  خطأ فادح ترتكبه النوافذ العربية لمواقع ومنصات الأمم المتحدة ومنظمة اليونيسكو في ترجمة مصطلح Media and information literacy MIL
بالدراية الإعلامية والمعلوماتية و في تقديري أن هذا الخطأ الفادح لا يمكن السكوت عنه بمبرر عدم المشاحة في المصطلحات نظراً لما يترتب على الخطأ  من ملابسات معرفية وعملية. 
فعندما  أقر خبراء المجتمع المعرفي للتربية الإعلامية تمييز المجال المعرفي التعليمي الجديد للتربية الإعلامية بمصطلح جديد يصف المعرفة ولا يصف منهج تقديم المعرفة، أكدوا على أهمية أن يرتبط المصطلح الجديد بالجوهر الحقوقي للتربية الإعلامية كحق من حقوق الإنسان وحقوق المواطنين في التحرر من الأمية بمعناها الشامل ، ويدل على توسيع مفهوم  مهارات القراءة والكتابة. 
و توافق الخبراء على اختيار مصطلح الألفبائية الإعلامية " Media literacy" لربط التربية الإعلامية بمحو الأمية والتأكيد على أن قضية التربية الإعلامية هي تحرير المواطنين من أمية قراءة وكتابة الرسالة الإعلامية، وهذا المصطلح يشير إلى توسيع مفهوم القراءة والكتابة ليشمل قراءة وكتابة المحتوى الإعلامي. 
ولأن تحرير المواطنين من الأمية واجب من واجبات الدولة فقد توافق الخبراء في المجتمع المعرفي للتربية الإعلامية على استخدام مصطلح " Media literacy" لعدة أهداف منها:
 1- تعزيز استراتيجيات نشر التربية الإعلامية بصفتها حقا من حقوق الإنسان للتحرر من الأمية الإعلامية. 
2- إعطاء التربية الإعلامية صفة الشمولية بربطها بتوسيع مفهوم القراءة والكتابة التي يحتاج إليها كل مواطن. 
ولا يعني ذلك الاستغناء عن مصطلح التربية الإعلامية "Media education" لأن التربية الإعلامية  هي المنهج التربوي الذي نحصل من خلاله على  " Media literacy" . 
ولكن النوافذ العربية التابعة لمنصات الأمم المتحدة ومنها موقع ومنصات اليونيسكو دأبت على ترجمة مصطلح " Media literacy" بالدراية الإعلامية وهذه الترجمة لا تمت بصلة لمفهوم التحرر من الأمية، ولا مفهوم توسيع مهارات القراءة والكتابة، ولا تخدم استراتيجيات نشر التربية الإعلامية، فضلاً عن دلالة كلمة الدراية النخبوية التي تقتصر على كفاية واحدة من الكفايات العشر للتربية الإعلامية وهي كفاية الفهم. 
وبناءً على ما سبق فإننا وبمناسبة الأسبوع العالمي للألفبائية الإعلامية والمعلوماتية نناشد الإخوة القائمين على المواقع والمنصات العربية للأمم المتحدة و اليونيسكو بتصحيح هذه الترجمة التي تساهم في زيادة الإرباك المفاهيمي في المجال العربي للتربية الإعلامية، فكلمة الدراية كما أكدنا لا علاقة لها بالتحرر من أمية القراءة والكتابة ولا علاقة لها بتوسيع مفهوم اكتساب مهارات القراءة والكتابة ولا تحافظ على الجوهر الحقوقي للتربية الإعلامية بل تدمر هذا الجوهر بدلالتها النخبوية.
ومن الترجمات البديلة التي اقترحتها في رسالتي للدكتوراه "الألفبائية الإعلامية والمعلوماتية " أو القرائية الإعلامية والمعلوماتية" وإذا كنا عاجزين على الاتفاق على ترجمة صحيحة، فإني أفضل  استخدام الترجمة التقليدية " محو الأمية الإعلامية والمعلوماتية" فإن إشكالية هذه الترجمة التقليدية تنحصر  في دلالة كلمة "محو الأمية" على منهج تقديم المعرفة أكثر من دلالتها على المعرفة نفسها، لكنها تحافظ على الجوهر الحقوقي للتربية الإعلامية وتحافظ على دلالة توسيع مفهوم القراءة والكتابة.