العرادة يثمن مواقف أمريكا الداعمة لمجلس القيادة والحكومة اليمنية
الارياني يدشن فعاليات مؤتمر الإعلام ويؤكد التزام الحكومة بحرية الصحافة والتعبير
تعز..اختتام ورشة عمل حول دور المحامين في حماية حقوق الانسان
اجتماع أمني بسيئون يشيد بجهود الشرطة في مكافحة الجريمة المنظمة والالكترونية
وزير الدفاع يطلع على جاهزية جبهات محور الضالع
طائرة اليمنية "مأرب" تهبط في مطار المخا الدولي في أول رحلة رسمية
الجامعة العربية تطالب المجتمع الدولي بتكثيف الجهود لإعادة إعمار غزة
الوزير الوصابي يؤكد ضرورة الارتقاء بآليات عمل صندوق تنمية المهارات
مناقشة سير تنفيذ الآليات التنظيمية والضوابط المعتمدة من لجنة تمويل الواردات
طارق صالح يغادر مطار المخا الدولي للمشاركة في قمة المناخ
عندما تفقد إيران ذراعها الأقوى في لبنان، تبحث عن بديل في اليمن. هكذا تعمل الجيوسياسة بمنطق بسيط وقاسٍ: لا مكان للعواطف، ولا وقت للحداد على الخسائر.
منذ أكتوبر 2023، والعالم منشغل بغزة ولبنان، بينما الحدث الحقيقي يجري في مياه البحر الأحمر. إسرائيل ضربت حماس ووجهت ضربات موجعة لحزب الله أفقدته 40% من ترسانته الصاروخية المتقدمة. في أكتوبر 2024 وصلت الضربات الإسرائيلية إلى قلب إيران نفسها، ثم تكررت في أبريل 2025، مستهدفة منشآت نووية ومواقع عسكرية حساسة. بالنسبة لطهران، هذا انهيار لاستراتيجية عقود كاملة.
الإيرانيون، كعادتهم، لا يبكون على اللبن المسكوب. ضاعفوا استثمارهم في الحوثيين ثلاث مرات خلال عامين: صواريخ فرط صوتية، أنظمة دفاع جوي، قدرات بحرية لم تحلم بها جماعة مسلحة من قبل. الرسالة واضحة: إذا كان حزب الله يتراجع، فليصعد الحوثيون.
الأمر تجاوز مجرد نقل الأسلحة، فما يحدث اليوم هو إعادة تشكيل جذرية لخارطة النفوذ الإيراني. الحوثيون تحولوا من ميليشيا محلية تقاتل في جبال صعدة إلى قوة بحرية تهدد أحد أهم الممرات المائية في العالم. عبر باب المندب يمر 12% من التجارة العالمية، و1,8 تريليون دولار من البضائع سنويًا. السيطرة على هذا المضيق تعني القدرة على خنق الاقتصاد العالمي.
الأرقام تتحدث بوضوح: 134 هجمة حوثية منذ أكتوبر 2023، تراجع حركة السفن بنسبة 46%، وخسائر قناة السويس تجاوزت 9 مليارات دولار. هذه أدوات ضغط سياسي واقتصادي في يد طهران.
الأخطر من كل هذا ما كشفته قناة “أخبار الآن” في تقرير استند إلى محتوى مجلة “صدى الملاحم” التابعة لتنظيم القاعدة. وصفت القناة خالد سيف العدل بـ”سفير جهاد طروادة في اليمن“. هذا التعبير يسلط الضوء على دوره في كسر الحاجز المذهبي الذي ظل لعقود يفصل بين إيران الشيعية والجماعات الجهادية السنية. وهذا يمثل انقلابًا في الفكر الاستراتيجي الإيراني.
تخيلوا: جماعة شيعية تهرّب السلاح لحركة الشباب السنية في الصومال، لخلايا داعش في السودان، وحتى لبوكو حرام في نيجيريا. هذا ما يحدث اليوم، وفقًا لتقارير استخباراتية موثوقة. الشحنة التي ضُبطت في سفينة “الشروا” في يوليو 2025 كانت تحمل 750 طنًا من الأسلحة، بزيادة بنسبة 1500% عن شحنة “جيهان 1” في 2013.
إيران تدرك أن حزب الله لن يعود إلى قوته السابقة قريبًا، خاصة بعد الضربات المباشرة المتكررة على أراضيها خلال العامين الماضيين. لذلك تبني نموذجًا جديدًا: شبكة متعددة الأذرع، عابرة للمذاهب، أقل اعتمادًا على المركزية وأكثر قدرة على التكيف. الحوثيون يمثلون نموذجًا لمستقبل النفوذ الإيراني، وقد يصبحون بمثابة “حزب الله في البحر الأحمر”؛ قوة إقليمية تهدد المصالح الدولية من موقع استراتيجي حيوي.
السؤال الآن: كيف ستبدو المنطقة عندما يكتمل هذا التحول؟ الفارق أنهم يقفون على شريان الحياة الاقتصادي بين آسيا وأوروبا، وليس فقط على حدود إسرائيل.
التحالف الدولي الذي شكلته 22 دولة لحماية الملاحة في البحر الأحمر ينفق 2,1 مليار دولار شهريًا، مقابل 20–30 مليون دولار تكلفة العمليات الحوثية. هذا التفاوت الهائل في الكلفة يظهر كيف تستغل إيران ضعفها لتحقيق مكاسب استراتيجية.
في النهاية، ما نشهده هو ولادة نموذج جديد للنفوذ الإقليمي؛ نموذج يعتمد على الجغرافيا أكثر من الأيديولوجيا، وعلى الاقتصاد أكثر من العسكر. إيران فقدت حزب الله وتعرضت لضربات مباشرة، لكنها تحاول كسب شيء مختلف: القدرة على تهديد النظام الاقتصادي العالمي من قلب البحر الأحمر.






