الجامعة العربية تؤكد دعم اليمن ووحدته وسيادته وتعزيز دور الحكومة في تحقيق الاستقرار
الشرطة تضبط 189 جريمة وحادثة غير جنائية بعدن خلال أغسطس
الارياني: إيران تهرّب "مواد كيماوية" إلى الحوثيين لإنشاء مصنع أسلحة محظورة
المهرة: تدشين المرحلة الثانية من مشروع (من الغذاء إلى الصمود) بتمويل مركز الملك سلمان
فلسطين تطالب المجتمع الدولي بـ"إجراءات رادعة" لوقف اعتداءات المستوطنين
السفير شجاع الدين يبحث مع الغرفة التجارية العربية النمساوية التعاون في مجال الطاقة الكهربائية
لجنة متابعة تنفيذ قرارات البنك المركزي بمأرب تتخذ عدد من القرارات لتعزيز الاجراءات الرقابية
انعقاد ندوة علمية متخصصة بمأرب حول "زراعة السمسم.. التحديات والفرص"
الأرصاد تتوقّع أمطاراً رعدية بأنحاء مختلفة وطقساً حاراً بالمناطق الساحلية والصحراوية
العرادة يبحث مع سفير المملكة المتحدة التحديات الراهنة وتعزيز الدعم الدولي
في قلب جزيرة العرب حيث تتشابك خيوط التاريخ مع نسيج الحداثة تقف المملكة العربية السعودية شامخة قوية تلعب أدوارا يفخر بها كل عربي، تتناسب مع حجم قدراتها الإقتصادية والجيوسياسية والعسكرية. تجمع بين قداسة الأرض وطموح العقل.
لم تكتف بأن تكون مهد الحرمين الشريفين هذا الشرف الذي لايضاهيه شرف بل أضحت صوتا سياسيا مؤثرا وركيزة اقتصادية متينة تتردد أصداؤها في أنحاء العالم والإقليم بات دورها السياسي يوازي قوتها الاقتصادية التي تتعاظم كل يوم والتي أصبح النفط أحد ركائزها بعد أن كان يشكل كل اقتصادها، إن التاريخ الحديث بأحداثه العاصفة وشخوصه البارزِين يقدم لنا مرآة نرى فيها انعكاس هذا التحول المهيب.
لا يمكن لأحد أن يتجاهل النفط عند الحديث عن المملكة ذلك الثروة التي جعلت منها لاعبا أساسيا في معادلة الاقتصاد العالمي لعقود. لكن السعودية اليوم لم تعد تلك الدولة التي تُعرف بمضخاتها النفطية وصناعاتها البتروكيميائية وحسب بل تحولت إلى مركز جذب عالمي بفضل رؤية ٢٠٣٠، التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان كخريطة طريق لمستقبل ما بعد النفط.
من مدينة نيوم التي تُرسم كحلم معماري على ضفاف البحر الأحمر إلى مشاريع الطاقة المتجددة التي تضع المملكة في صدارة الدول المستدامة أصبحت السعودية رمزا للتنوع الاقتصادي. وعندما قادت تحالف أوبك بلس في ٢٠٢٠ لضبط إنتاج النفط وسط أزمة عالمية أثبتت أن قوتها الاقتصادية ليست مجرد ثروة جامدة بل إرادة حية تتحكم في أسواق العالم.
أما دورها السياسي فقد كان على مدى عقود مؤثرا في الإقليم لكن يمكن وصفه بالتأثير الحذر.
في الماضي كانت المملكة تتبنى نهجا سياسيا يغلب عليه الصمت الحكيم.
سواء في عصر جمال عبد الناصر، حين اجتاح المد القومي المنطقة بخطاباته الثورية أو في عهد صدام حسين الذي انتقلت المملكة فيه إلى دور أكثر فاعلية حين قادت تحالفا دوليا في ١٩٩٠ لتحرير الكويت.
لكن السعودية اليوم تجاوزت مرحلة الرد إلى مرحلة الصناعة. في اليمن لم تكتف بدعم الحكومة الشرعية من بعيد بل قادت تحالفا عسكريا منذ ٢٠١٥ لمواجهة الحوثيين مقدمةً مساعدات إنسانية بلغت المليارات لتخفيف معاناة الشعب اليمني. إن هذا الدعم الذي يمتزج فيه العمل العسكري بالإغاثي يعكس رؤية إقليمية تتجاوز الحرب إلى البناء والاستقرار.
لا يمكن أن نتجاهل الدور السعودي في اليمن الذي أنهكته وجرفته الحركة الحوثية.
منذ بدء عاصفة الحزم في ٢٠١٥ لم تكتف المملكة بمواجهة الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران بل جعلت من اليمن قضية إنسانية وسياسية متكاملة. قدمت مساعدات مالية وإغاثية تجاوزت ٢٠ مليار دولار بحلول ٢٠٢٥، شملت الغذاء والدواء وإعادة الإعمار في محاولة لتخفيف وطأة الأزمة التي اعتبرتها الأمم المتحدة أسوأ كارثة إنسانية في العالم. هذا الدعم الذي يعكس التزاما باستعادة الاستقرار في اليمن ليس فقط كضرورة أمنية للمملكة بل كمسؤولية أخلاقية تجاه شعب شقيق ترتبط معه بعلاقات تاريخية وأخوية ومصير مشترك عبر التاريخ.
إذا عدنا إلى عبد الناصر وصدام حسين نجد أن الأول اعتمد على خطاب سياسي جارف أضعف اقتصاده والثاني أغرق ثروة العراق في حروب كان يمكن أن يتجنب بعضها وبالأخص حرب الخليج الثانية لو لم يقم بغزو الكويت. أما السعودية، فقد صنعت معادلة مختلفة قوتها الاقتصادية التي بدأت بالنفط وتطورت بالتنوع، أصبحت أداة لتعزيز نفوذها السياسي. استضافتها لقمة العشرين في ٢٠٢٠ أعلنت عن نفسها كقوة عالمية، ودورها في حوار أوكرانيا أثبت أنها قادرة على التأثير في أزمات بعيدة عن حدودها. في الوقت نفسه دعمها المستمر لليمن يظهر أنها لا تكتفي بالقوة بل تسعى لتكون راعية للاستقرار الإقليمي.
وأن تصبح منارة في عالم متغير.
المملكة العربية السعودية اليوم ليست مجرد دولة تملك الثروة والموقع، بل رؤية تجسدت في قيادة تجمع بين المال والسياسة والإرادة. إن دورها السياسي لم يعد ظلا لاقتصادها بل أصبح شريكا متساويا يستمد منه القوة ويمنحه المعنى. في زمن عبد الناصر كانت القوة في الصوت فقط وفي عهد صدام كانت في السلاح فقط أما في عصر السعودية الحديث فهي في الحكمة التي تجمع بين الاقتصاد والدبلوماسية والسعي لامتلاك عناصر القوة الحقيقة والمتينة، إنها منارة تشرق في سماء الشرق تضيء للعالم طريقا جديدا للتوازن والسلام.