وزير متفانٍ في أداء مهامه!  
الساعة 10:52 مساءً

حين يتسلم مقاليد الوزارة رجل من منتسبيها، ترعرع في كنفها كخبير ومستشار دبلوماسي فيها وأحد كوادرها،  أمضى عقودًا منتميًا لها، يدرك كنهها ومفهومها وفلسفتها وطبيعة عملها، وأبعاد أدائها، ويعرف مساحة اشتغالها وفضاء حدودها، وما تمثله للبلد والحكومة التي تتبعها، يكون أداؤه مختلفًا، وتأثيراته جلية وقدرته على خلق قواعد مشتركة مع كل دول العالم فارقة في التصور، مثالية في استثمارها لصالح بلده وجلب الدعم والتعاون لها، وإبراز أهميتها كبلد ذي أهمية ديموغرافية واستراتيجية، وإقامة علاقات دبلوماسية معها والوقوف بجانب قضاياها وزحزحة إشكالياتها العالقة من خلال التعاون مع الأشقاء والأصدقاء، وكيفية عمل وزارة الخارجية في سبيل تحقيق كل تلك الطموحات. 

عن وزير الخارجية اليمني الدكتور شائع الزنداني أتحدث، عن رجل حمل على عاتقه مسؤولية تاريخية ومهمة وطنية يصعب شرح تفاصيلها، لكن هذا الوزير منذ تسلمه دفة قيادة الخارجية استعادت الوزارة هيبتها وقيمتها،  وعزمت التغلب على كثير من إخفاقاتها، وتحسين أدائها، وتغيير أنماط سياستها وتخطى واقعها المتأزم، وفتح صفحة جديدة جدية مثقلة بالهموم وتجاوز التحديات، وإعادة الاعتبار للسياسة الخارجية اليمنية وفاعليتها، وتكثيف نشاطاتها في تحريك الملف اليمني وتقديمه على المستوى الإقليمي والدولي بصورة ملفتة للنظر وذات أولوية في اهتمامات الدول المعنية شقيقة أو صديقة، وفي سياسات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومختلف دوائر السياسات الخارجية للدول الكبرى. 

تدرك هذه العقلية الدبلوماسية النشطة اللحظة اليمنية الحرجة وعواقب التعاطي المهمل معها، لتنطلق باستراتيجية مدروسة لإعادة هندسة الوزارة من الداخل، وتأهيل طواقمها الإدارية والدبلوماسية، والاشتغال وفق آلية حقيقية تمكنت من تحقيق نجاحات دبلوماسية وإعادة فتح دروب علاقات خارجية مع كثير من دول العالم بما من شأنه إنجاز مصالح مشتركة، والاستفادة المادية والمعنوية من مجمل تلك العلاقات بصور مباشرة وغير مباشرة.  

وقد تجلى نجاح الخارجية اليمنية في تصحيح مسار قضية الشرعية اليمني، وامتصاص أي تعاطف دولي مع الميليشيا الحوثية الانقلابية التي استعانت بعدة لوبيات دبلوماسية تجمل وجهها في الرأي العالمي، وتخفي جرائمها الإرهابية، لكن هذا الوزير المخلص استطاع تغيير وجه هذه الإسطوانة وإظهار حقيقية الجماعة الحوثية الإرهابية، وإبراز خطرها الإقليمي والدولي، وكشف ادعائها المظلومية بينما الحقيقة تثبت أنها استفحلت في قتل الشعب اليمني وتجويعه، وتعنتها المستمر في رفض أي تفاوض أو حوار أو سلام مطروح من قبل الأشقاء والأصدقاء، وهذا العمل كان كفيلًا في اعتبار الحوثي جماعة إرهابية من قبل واشنطن والاتحاد الأوروبي وكثير من دول العالم. 

يحرص في كل لقاءاته في المحافل الدولية على عقد جلسات هامشية خاصة مع كل المعنيين الدوليين، حيث يثمر الجلوس معهم في جلب أكبر قدر من المساعدات العاجلة لليمن، ودعم مشاريع التنمية في عدة قطاعات حيوية، وقد حرص من خلال لقاءاته بمسؤولين صينيين تجديد دعوته لهم للاستثمار في اليمن في عدة قطاعات، وحرصه على توفير كل سبل النجاح لإقامة مشاريع استثمارية مشتركة في اليمن. 

تلمستُ خلال لقاء خاص جمعني به معرفة مدى تفانيه وإخلاصه ورؤيته المستقبلية لعمل الوزارة والغايات التي يسعى لبلوغها، ومن أولى خطواته المستقبلية التي يعمل عليها تتمثل بنقل مقر الخارجية اليمنية من العاصمة السعودية الرياض إلى العاصمة المؤقتة عدن، وممارسة الوزارة نشاطها من الداخل، وتطمين كل السفارات والقنصليات والبعثات الدبلوماسية لإعادة مزاولة مهامها من العاصمة عدن، وتهيئة الأجواء الأمنية والسياسية بما يوفر لهم كل الرعاية والأمان داخل اليمن، ويأتي طموحه هذا من يقينه بأن هذا الأمر يبعث الثقة ويعزز الدعم السياسي للحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، ومساندتها في تأدية مهامها ودعمها اقتصاديًا وتفويت الفرصة على الميليشيا في إقلاق الاستقرار الدبلوماسي داخل اليمن. 

ومما يجب الإشادة به التطور الكبير والتحسن الملموس في عمل السفارات والقنصليات والبعثات الدبلوماسية اليمنية في مختلف دول العالم، وتقديم خدمات كبيرة سهلت على اليمنيين استخراج الوثائق وتجديد الهويات إبان إدخال البرامج الرقمية، وخدمة المغتربين بأكثر من طريقة دون الحاجة للسفر، وتضع الوزارة في خططها المستقبلية توفير أكبر قدر من الرعاية والاهتمام لليمنيين في كل مكان، كما يهتم الوزير بعقد اتفاقيات مع مختلف القنصليات العالمية لتسهيل تنقلات اليمنيين وحصولهم على تأشيرات بيسر للعلاج أو للتجارة.

كثيرة هي الترتيبات والخطوات الإيجابية التي عمل عليها الوزير بكل جهد لتبدو الخارجية اليمنية كما يليق بمكانتها ودورها، وهذه الهمة العالية أبرزت نجاحه وأثبتت أن الرجل على قدر عال من المسؤولية والوطنية، وما يبذله من أجل وطنه وشعبه لن ينسى التاريخ له نجاحه هذا، واعتباره من رجال اليمن العظماء المخلصين.