قائد المنطقة العسكرية الرابعة يتفقد اللواء ٨٣ في مريس
أمين العاصمة يؤكد أهمية دور المعلمات في مواصلة العملية التعليمية رغم التحديات
العرادة يثمن مواقف أمريكا الداعمة لمجلس القيادة والحكومة اليمنية
الارياني يدشن فعاليات مؤتمر الإعلام ويؤكد التزام الحكومة بحرية الصحافة والتعبير
تعز..اختتام ورشة عمل حول دور المحامين في حماية حقوق الانسان
اجتماع أمني بسيئون يشيد بجهود الشرطة في مكافحة الجريمة المنظمة والالكترونية
وزير الدفاع يطلع على جاهزية جبهات محور الضالع
طائرة اليمنية "مأرب" تهبط في مطار المخا الدولي في أول رحلة رسمية
الجامعة العربية تطالب المجتمع الدولي بتكثيف الجهود لإعادة إعمار غزة
الوزير الوصابي يؤكد ضرورة الارتقاء بآليات عمل صندوق تنمية المهارات
نحن اليمنيين نعرف بلدنا أكثر من غيرنا، ونعرف تاريخنا وتقاليدنا في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف. كنا نحتفل بهذه المناسبة المقدسة بفرح صادق وبساطة نقية، قبل أن يأتي الحوثيون ويحولوها إلى موسم جبايات وابتزاز. ما يحدث اليوم في صنعاء ليس احتفالًا دينيًا، بل مشروعًا سياسيًا يختبئ خلف غطاء ديني.
أصبح المولد فاتورة تُفرض على الناس قبل أن تُتلى فيه المدائح والأناشيد. يوزعون “مساهمات إلزامية” ويعلقون صور من يصفونه بـ”السيد” في كل زقاق، والناس تنحني لا خشوعًا لله، بل خوفًا من بطشهم.
يقولون إنهم يحتفلون برسول الرحمة، بينما الشوارع تعج بالمسلحين، والطفل يحتاج تصريحًا ليشهد المناسبة، وحتى الرضيع لا يُسمح له بالمرور إلا بإذن من الحوثي!
أتحدى أي قارئ أن ينكر ما أقول، فالشواهد أكثر من أن تُحصى. حتى المماليك، رغم جباياتهم الثقيلة، لم يفرضوا ضرائب على أنفاس الناس في المناسبات الدينية. والإمام أحمد، رغم استبداده، لم يحوّل المولد إلى مهرجان حربي أو مناسبة لصراعات سياسية. أما الحوثي، فقد حوّل الاحتفال إلى منصة خطب طائفية وصور شخصية وضجيج سياسي، كأنه يريد محو التاريخ والجغرافيا معًا.
العُشر في التاريخ الإسلامي كان مقصورًا على بضائع البحر والتجارة فقط، أما اليوم فيأخذ الحوثي العشر والخمس والربع من كل شيء: التاجر والسائق والمارّ، وحتى من لا كهرباء لديه يدفع “بدل إنارة”. لم تعد مجرد جباية، بل أسلوب حكم وسيطرة.
روما القديمة كانت تهدئ شعبها بألعاب السيرك والخبز المجاني، أما الحوثي فأقام مهرجانًا يشبه السيرك، يحوّل الناس إلى بهلوانات بدلًا من خبز وحلاوة المولد. يلقنك محاضرة في حب آل البيت… ويرسل لك عسكريًا بفاتورة جباية!
وطهران؟ بصماتها واضحة في كل شيء. كما استُخدم “يوم القدس” لإثبات الولاء في إيران وحزب الله، صار المولد نسخة يمنية بطعم “ولاية الفقيه”. الهدف واحد: قياس الولاء وجمع الأموال وإظهار القوة.
يتحدثون عن الفقراء ومساعدتهم، ويجبرونهم على بيع آخر ما يملكون للمساهمة في الاحتفال. عمر بن الخطاب كان ينام آمنًا تحت ظل شجرة، وعمر بن عبد العزيز كانت الزكاة تفيض في عهده حتى لم يجدوا فقيرًا يأخذها. وفي زمن الفاطميين بالقاهرة، كان المولد عيد سكر ولوز وحلوى وفرحة حقيقية، لا جبايات ولا تهديدات ولا مسلحين. كان ذكرى للنبي الكريم الذي دخل مكة متواضعًا منتصرًا. لم يكن هناك انحناء إلا لله وحده. أما اليوم، فلو عاد عمر، لطلبوا منه دفع “مساهمة المولد” قبل أن يدخل صنعاء، ثم يزجون به في السجن!
التاريخ سيكتب أن اليمنيين احتفلوا بالمولد النبوي قبل الحوثي بقرون، بلا مسلحين ولا فواتير ولا ابتزاز. وسيكتب أيضًا أن الحوثي حوّل هذه المناسبة المقدسة إلى فاتورة تُفرض بالقوة والتهديد.
صلى الله على محمد القائل: “يسّروا ولا تعسّروا، وبشّروا ولا تنفّروا”. وقبّح الحوثيين الذين يفرضون على الناس تهديدهم القاسي: “ادفعوا ولا تتأخروا، واخضعوا ولا تعترضوا”.






