وقفة مع الذكرى 43 للمؤتمر الشعبي العام
الساعة 09:10 مساءً

يكاد يطبق غالبية القوى السياسية على أنّ المؤتمر الشعبي العام، قد أسهم في الحياة السياسية اليمنية- في عقود مضت- بما يعد إنعاشاً لها ولمضامينها وتجسيداً للعمل التعددي القائم على احترام التخصصات والقبول بالتباينات في إطار البيت اليمني الكبير، ويحظى المؤتمر الشعبي العام بعقول وكوادر لديها من المسؤولية  والخبرة ما يجعلها قادرة على العودة إلى المشهد السياسي بجدارة متى ما تهيئت الظروف والأجواء لقيام عملية سياسية تعددية في ظل قيادة موحدة وتوافقية، غايتها العمل على إسقاط الإنقلاب الحوثي وعودة الدولة والحفاظ على النظام الجمهوري.

ونظراً للإرث الكبير الذي تركه مؤسس المؤتمر- الرئيس الأسبق - على عبدالله صالح والذي ختم حياته بمحطة نضالية في مواجهة الكهنوت الحوثي وهي المحطة التي ينبغي البناء عليها واستلهامها  في مواجهة الطغيان الحوثي والعبرة بالخواتيم.

ولأن المؤتمر الشعبي العام ذو دربة وأهلية في العمل الوطني والتعاطي مع الطيف اليمني عبر تاريخ طويل فإنّ ذلك يحتم على الجميع وبخاصة أقطاب العمل السياسي في اليمن بمختلف توجهاتهم، الآتي:-

أولاً:- الإسهام في إعادة بناء المؤتمر، وترميم تبايناته، كضرورة وطنية تفرضها المرحلة الراهنة للاصطفاف  الوطني الكبير في مواجهة طغيان الضلالة الكهنوتي والحفاظ على النظام الجمهوري الذي يسعى خصومه  لوأده والقضاء على مقوماته لصالح نظام ملالي إيران الطائفي التوسعي.

ثانياً:- تفعيل مضامين الميثاق الوطني، الذي جسد في حقبة مضت مظلة جامعة تستوعب التعدد الوطني الجمهوري وهو ما نفتقد نظيره في الوقت الحاضر لمواجهة التحديات المعاصرة التي أفرزتها عصابات مليشيا الحوثي الإرهابية.

ثالثاً:- ضرورة الفرز والتعامل بعدل وحكمة مع المتغيرات التي طرأت على المؤتمر الشعبي العام بعد التمرد الحوثي وسعيه لإسقاط الدولة ومؤسساتها واغتيال زعيمه علي عبدالله صالح ورفيق دربه الأستاذ عارف الزوكا بأيدي مليشيا الغدر والخيانة وهو ما يعني تفهم التصدعات التي نشأت بسبب العوامل المفضية لذلك ومنها الخصومات السياسية، والتحالفات المخذولة والتواطؤ مع الحوثيين لاستلام مقدرات الدولة، في تدشين انقلابهم  وارتفاع وتيرة الأصوات الانتقامية، والثارات والضغائن التي خلفت مزيداً من الكوارث بحق الشعب اليمني. 

فالعدل والانصاف يتطلب الإشادة والتقدير لرموز المؤتمر الشعبي التي انحازت الى الوطن والجمهورية في مواجهة مشروع إيران- الحوثي- وهم طليعة ذات قيمة مرموقة كأمثال الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، وفخامة الرئيس رشاد العليمي والدكتور عبدالكريم الارياني، والدكتور أحمد عبيد بن دغر، والشيخ سلطان البركاني، والشيخ عبدالوهاب معوضة وآخرين من أسرة الرئيس صالح- وبخاصة مقاومة الساحل الغربي، وقيادة المكتب السياسي وغيرهم. 

وأما الذين ارتضوا بقاءهم في مسيرة  المشروع السلالي وانضووا تحت عباءته فلاريب أنهم قد أخلوا بمضامين الميثاق الوطني والثوابت الوطنية وفي مقدمة ذلك الوحدة والنظام الجمهوري، وتنكروا لانتفاضة صالح، وغلبوا مصالحهم الشخصية وهؤلاء لن يدوم صبرهم طويلاً وسيلتحقون بأسلافهم الوطنيين وسيكتشفون أكثر مع مرور الوقت أنهم كانوا أدوات هدم للتخلف والكهنوت، ولن يبقى مع سلالة الحوثيين سوى عميان البصيرة، وذوي الهمم الدنيئة، الذين آثروا عبودية المتسيد عليهم، وساندوا مشروعه الطائفي العنصري، وقد بدأت ملامح ذلك في ممارسات الحوثيين القمعية والمهينة لكثير من حلفاءهم من كوادر المؤتمر المتواجدة في مناطق نفوذ الحوثة. 

رابعاً :- أدعو جميع حكماء وعقلاء المؤتمر الشعبي، بمختلف أصنافهم بأن يفتحوا صفحة جديدة مع المكونات السياسية المختلفة وبخاصة قيادات اللقاء المشترك، وعلى وجه الخصوص التجمع اليمني الإصلاح، لما له من إسهام ونضال وتضحيات، مقدرة، في الحفاظ على الجمهورية وفي العمل الوطني ومواجهة مليشيا الحوثي الارهابية، ولدي قناعة- كما هي لدى كثير من قيادات العمل السياسي بأن الوفاق وإعادة الثقة بين الحزبين الكبيرين- المؤتمر والإصلاح- مع بقية القوى السياسية الوطنية، العتيقة منها والصاعدة في الساحة اليمنية شمالاً وجنوباً، وبدعم وإسناد من الأشقاء في التحالف العربي بقيادة المملكة، سيكون له الأثر الكبير في توجيه البوصله والانتقال من مربعات التنافر والتلاوم إلى إيجاد المشروع الوطني الكبير الذي ينصف جميع أبناء الوطن ويجعلهم شركاء فيه متجاوزين سلبيات واخفاقات العقود السابقة.

فالدعوة هنا لإعادة الصفوف الوطنية إلى مسارها الطبيعي، وفي مقدمة ذلك الحزبان الكبيران- المؤتمر والإصلاح- لا يعني بالضرورة إعادة انتاج الإخفاقات والممارسات الخاطئة بل المراد إعادة الروح الوطنية، والممارسات الإيجابية، المسؤولة واستلهام المفاهيم والثوابت الدينية والوطنية وترسيخ العدل والقيم النبيلة، ونبذ الخصومات ومخلفات التعصب، وجراحات الماضي، وتجنب الشيطنات المتبادلة الخادمة للشيطان الحقيقي- الحوثي وداعمه الإيراني- وإلجام الأصوات النشاز من الجميع، 

 والتوبة النصوح في مقدمة ذلك

والله يهدينا جميعاً للسداد.