الحوثي والسقوط الحتمي 
الساعة 08:58 مساءً

بالأمس ذهبت للقاء بعض الأصدقاء من الأطباء الذين يشاركون في مؤتمر طبي في القاهرة ودارت الأسئلة المعهودة عن الوضع في اليمن وعن الحرب الدائرة في المنطقة ولمست فرحة الأطباء بهذه الحرب وبأن نهايتها التي يمكن أن تسقط النظام في إيران تبشر بقرب زوال المليشيا الحوثية التي تجثم على صدور اليمنيين وسمعت  شهادات دامغة عن الواقع الكارثي للقطاع الصحي في صنعاء والمناطق التي تُسيطر عليها المليشيا العنصرية.

قال أحدهم بمرارة لا يمكن إخفاؤها أن الجماعة قامت مؤخرا بتعيين مدير جديد لمستشفى الكويت الجامعي وهو عبداللطيف أبو طالب، فقط لأنه  ينتمي إلى السلالة المزعومة دون أي اعتبار للكفاءة أو الخبرة أو السيرة المهنية وأضاف آخر أن هذا لم يعد خبرا مستغربا بل أصبح القاعدة وصار ديدن الجماعة الحوثية في كل مؤسسات الدولة هو الإقصاء على أساس النسب والتعيين وفق الولاء.

هذه الشهادة ليست سوى نافذة صغيرة على صورة مرعبة لما أصبح عليه حال اليمن تحت سلطة الحوثي هذا المشروع الذي لا يخجل من إعلان نزعته السلالية ولا يتردد في فرض وصايته العنصرية على شعب بأكمله، إننا أمام نسخة محلية من أسوأ ما عرفه التاريخ من نظم القمع تتلبس بلبوس ديني قميء ومرعب، فالمشروع الحوثي في جوهره ليس سوى صورة ممسوخة من مشاريع الظلم الكبرى التي عرفها العالم من النازية في إلى الفاشية إلى نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا (الأبارتايد) إلى الخمير الحمر في كمبوديا، لكن القاسم المشترك بين كل هذه الأنظمة كان السقوط المدوي ليس لأنها أنظمة ضعيفة  أو لأن خصومها كانوا أقوى بل لأنها نسجت من خيوط الكراهية والتعصب واحتقار الإنسان وسلب كرامته.

يتحدث الحوثي عن الولاية والنسب ويؤسس لنظام عبودية جديد يستعبد فيه اليمنيين ويؤسس لسردية  من يحق له أن يحكم ومن يُفرض عليه أن يُقاد وفي هذه الرؤية لا مكان للدولة ولا معنى للجمهورية ولا قيمة للمواطنة بل يفرض سلطة طائفية عنصرية على وطن بأكمله

إنه نظام يُعيد تدوير الإمامة بوسائل الميليشيا ويستخدم أدوات العصر الإعلام والاقتصاد والمناهج التعليمية والمستشفيات والجيش  ليفرض عقيدة لم تفرض حتى في  القرون الغابرة، تقوم على التمييز العرقي والتكفير السياسي وقمع الوعي وتغيير الهوية وتجريف كل المعاني الوطنية.

وفي هذا السياق لا بد أن ندرك  أن سقوط هذا المشروع ليس رهنا بسقوط النظام في إيران فقط رغم أن الدعم الإيراني له حاضر ومكشوف وواضح للعيان، بل لأن عوامل الانهيار كامنة في قلب هذا الكيان الكهفي المتخلف لأنه ببساطة يتناقض مع هوية اليمنيين وتاريخهم فالشعب الذي خرج في ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢ وأسقط الإمامة لم يكن شعبا يقبل بالعبودية ولا يمكن أن يُستعبد أبدا.

إن الحوثي لم يسقط بعد لكنه في الحقيقة يتآكل وفي طريقه للسقوط، نرى ذلك في صعدة في الحديدة في تعز في حجة في ذمار وفي إب  في همسات الرفض وفي عيون الأمهات اللواتي يُنتزع أولادهن إلى الجبهات، في طلاب المدارس الذين يحاول الحوثي غسل أدمغتهم وفي الموظفين الذين يُستبدلون لأنهم ليسوا من الشجرة الخبيثة.

وستأتي اللحظة التي يستفيق فيها هذا الشعب كما فعل من قبل ويكسر القيد ويفضح الكذبة الكبرى  ويُسترد الوطن، لأن هذه ليست مجرد معركة سياسية إنها معركة كرامة وهوية وحياة، معركة بين يمن المستقبل ويمن الكهنوت والعبودية بين دولة المواطنة وحكم السلالة بين من يؤمن بالإنسان ومن يحتقره وسينتصر اليمن لا محالة لأنه يحمل تاريخًا عريقًا وحضارة راسخة أساسها الإنسان وعمودها الحرية.