الوزير بحيبح يفتتح ورشة مراجعة نتائج تقييم التدخلات الصحية في سقطرى
الوكيل المخلافي يبحث مع منظمة رعاية الأطفال تدخلاتها في تعز
الارياني يثمن جهود الأجهزة الأمنية في مأرب اسقاط أخطر الخلايا الحوثية
السفير السنيني يلتقي حاكم محافظة نارا
بن ماضي يدشن أول مهرجان لعسل السدرالحضرمي ويفتتح مركزاً لتنمية الصادرات
اليمن يشارك في إطلاق مبادرة "التضامن من أجل المستقبل" في القاهرة
الشؤون الاجتماعية تدشّن الخطة الوطنية لحماية الطفل 2026–2029
وكيل مأرب يشيد بالتدخلات الإنسانية لجمعية "امودا" التركية بالمحافظة
عضو مجلس القيادة طارق صالح يزور معرض دبي للطيران 2025
الجامعة العربية: مفتاح التفاهم الحقيقي يكمن في التواصل العفوي بين الشعوب
رئيس مجلس الإدارة - رئيس التحرير
كانت إيران على موعد مع الفجر الآخر، فجرٍ أحال ظلمتها إلى وميض عظيم، اخترقت قاذفات اللهب الأسطورية سماء البلاد الملبدة بالخرافة، وانتهى الأمر بثلاث شموس كبيرة أضاءت ليل إيران الأسود منذ 40 سنة.
على الطرف الآخر من الكوكب، في القاعة التي تُقفل أبوابها بقرارات تغير خارطة الشرق، زحف الزمن ببطء، مختنقًا كان بعقاربه، والأرض تدور على رؤوس أصابعها، تتحسس نبض طهران، وتنتظر رعشة الأمر الصادر من شفاه رئيس لا يعرف الخوف.
إنه ترمب، من صنع الخوف وطعنه في قلبه. وقف الرئيس الأمريكي يُحدّق في سماء انطفأت فيها النجوم، ثم أشعلها بتغريدة ساخرة.
فتح مساعده باب المكتب البيضاوي، متأبطًا تقارير بلون الرماد، وعيناه تستجديان الشرح لما لا يُفهم. ارتجف صوته بين الجدران المذهّبة، وقال بجملة لا يليق بها الموقف: نخاف من الانتقام.
استدار الرئيس ببطء، تفحّص وجه مساعده كأنه يراه للمرة الأولى، يقرأ عليه تاريخ الشرق الأوسط في سطر، ثم بصق الكلمات، بالسؤال: هل قرأت التاريخ؟
اهتز رأس المساعد، وعقد حاجبيه، ارتبكت أطرافه، وتهجّأ الصمت.
حينها تقدّمت العبارة التالية من فم الرئيس مثل آية قديمة نُفخت فيها الحياة: منذ أربعة عشر قرنًا، يرددون اسم الحسين في كل مأتم ، ولا شيء تغيّر، سوى عدد القبور.
ابتلع المساعد ذهوله، وضحك بأحرف زجاجية، عرف أن البكاء وسيلة آيات الشر في طهران منذ 1400 سنة، لا يجيدون سوى النواح، والعدو لا يُنتقم منه بالدموع.
ضحك المساعد وما بين ضحكته، وقهقهة ترمب وضوء الشاشات المتوهجة، بدا المشهد كله مسرحية من تأليف التاريخ ذاته: ممثّلون بأزياء رسمية، عبارات تقطر بالتهكّم، وحرب تولد من رحم السخرية.
جاءت ضحكة المساعد مكسورة، ساعده جي دي فانس في الضحك، وامتلأت الغرفة بنشيد الضحكات المشحون، حتى ظنّت الأقمار الصناعية أن صافرات الإنذار انطلقت.
ومن خلف الأطلنطي، ارتدّ الصدى نحو قم وطهران ودمشق وصنعاء، صار الضحك مثل قذيفة انشطارية، والعبارات ذاتها أصبحت أسلحة صوتية تُحطّم أوهام الثورة التي ماتت في السرداب بانتظار صاحب الزمان الذي لن يأتي.
في مدينة قم، سقطت عمامة خامنئي، وعلى سفح جبل مران في صعدة، ارتجف صاروخ لم يُطلق بعد، وفي بغداد، كتب شاعر عراقي على الجدار:
من يثأر للحسين؟
قد باعوه
ثم ورثوه
ثم نسوه
ثم جعلوا منه نشيدًا .. يليق بالبكاء الجماعي.
عودة إلى واشنطن، قبل العملية الكبرى، خرج القرار من فم ترمب مثل رصاصة لا تلتفت، أغارت طائرات الـ B2 على منشآت فوردو، نطنز، وأصفهان. ثلاث ضربات في قلب برنامج نووي، حُفر بأظافر الحقد، وتُرك لينفجر في حضن العالم.
ثم ارتفعت الضحكة الأخيرة. ضحكة تليق بمن يقصف كرماد هيروشيما. كانت سردية تشبه سُخرية التاريخ ممن لا يقرأه.
وبينما طهران تحصي شظاياها، عادت الطائرات الأميركية إلى مرابضها سالمة، تطوي جناحيها ببرود المنتصر. لم يُقتل جندي واحد، ولم تُصبْ طائرة، وظل العلم الأميركي محلقًا في سماوات الله.
لو أنهم فهموا الحسين لما أصبح ذريعة أخرى في قائمة الانتظار. ولما كان البكاء طقسًا مفرغًا من المعنى. حتى أصبح العدو أقرب من ظلّك، وأقسى من مرآتك.
يا من تنتظرون انتقامًا منذ ١٤٠٠ عام: اقرأوا كتبكم القديمة، لكن لا تبكوا كثيرًا، فالسماء تغيّرت، وتلبدت، وصار الكوكب سعيدًا، مندهشًا من سريان الضحكات العنيفة، المتصلة، فالله ليس معكم، لأنه تعالى ببساطة لا ينتصر للمجرمين، ولا يحب المعتدين.
ترمب ما يزال في مكتبه يضحك من سؤال مساعده، التاريخ هو الآخر يعود للبحث عن مشهد انتصار للثأر المزعوم، فلا يجد، ثم يتوقف للإستراحة والضحك.
كان الأولى لهذا المسرحية القاتمة أن تُسدل ستائرها، قبل 1400 سنة، كي لا يرى "حُراس الخرافة" مشهد القرن الرابع عشر ينهار أمامهم، المشهد الذي جسّد مأساة بلا نهاية، بقي فيها الممثلون يرددون العبارة ذاتها: يا لثارات من نُسي منذ قرون.
يُسدل الستار بالقوة، وينتهي المشهد بدموع الضحك، بعد أن ظل الدمع والبكاء جاريًا منذ قرون طويلة.
.. وإلى لقاء يتجدد.






