اليمن يعرب عن تطلعه للسلام الحقيقي والمستدام القائم على المرجعيات المتفق عليها
تشكيل مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري برئاسة ولي العهد السعودي و الرئيس المصري
سُقُطرى.. جوهرة المجرة: صور يمنية تتصدر ترشيحات مصور درب التبانة لعام 2025
الإرياني يبارك إحباط تهريب شحنة ضخمة من الحبوب المخدرة مرتبطة بالحوثيين
الرئيس العليمي يعزي في ضحايا تحطم الطائرة الهندية
الرئيس العليمي يهنئ بذكرى استقلال الفلبين
ناقش تطوير مدينة الخوخة.. طارق صالح يترأس اجتماعًا مشتركًا من هيئة الأراضي ومحافظة الحديده
اليمن يطالب إيران بالكف عن سلوكها المزعزع للأمن والاستقرار ويحذر من خطر الحوثيين على الملاحة
وكيل وزارة التربية يطلع على سير العمل في مشروع العودة للمدارس
السفارة في بيروت: المواطن الموقوف بتهمة "التخابر" مع الموساد لا يحمل أي صفة رسمية
منذ أن خرج المختار الثقفي رافعًا شعار الانتقام لدم الحسين وحتى اللحظة التي وقف فيها محمد بن الحنفية متبرئًا من المسار الذي اتخذه المختار بدأت تتشكل معالم ظاهرة تاريخية خطيرة سيكوباتية فئوية تتقمص لبوس القداسة وتبني لنفسها هوية استثنائية على أنقاض مجتمع كامل.. لا تكتفي باختلاق سردية تبرر العنف المؤقت في فترة من الزمن مع جيلها وقت ذاك، بل تصر على توريثها جيلاً بعد جيل
لقد تتبعت هذه الحالة، وتأملت فيها طويلًا منذ المراحل الأولى للنشوء والصراع على السلطة إلى مختلف النكسات التي مرت بها الأمة ووجدت أن ما يُروج له كفكر من خلال الاتكاء على سرديات تأريخية ودينية هشة ما هو إلا مرض نفسي متجذر يُجبر الإنسان على أن يخلق لنفسه وضعًا مختلفًا عن محيطه، ويقتنع بأنه مميز بل ويقاتل من أجل هذا الوهم، ويورثه لمن بعده كإرث مقدس... والله إنها كارثة إنسانية بكل المقاييس.
والحقيقة أن هذا النوع من السيكوباتية لم يكن حكرًا على منطقة أو جماعة بعينها. ففي الصين مثلًا، عانت البلاد قرونًا من تسلط أسر نبلاء وإقطاعيات دينية وعقائدية، حتى جاء مو تسي تونغ، وقلب الطاولة على أمراض امتد لأكثر من ألف عام. أما أوروبا، فقد دفعت مئات السنين من الحروب والمجازر الدينية، قبل أن تخرج منها الثورات العلمانية والتنويرية التي وضعت حدا لخرافة قداسة الدم وامتياز العرق.
ونحن في اليمن، وفي هذا القرن الحادي والعشرين للأسف ما زلنا نشهد ذات الظاهرة المرضية تضرب أطنابها بقوة حاملة عناوين مريضة عابرة للتأريخ يحملها هؤلاء الأوغاد مثل مصطلحات السادة والأشراف الحق الإلهي والولاية والعِرق النقي والهوية المقدسة ومن هذه المصطلحات المقززة. وكلها في جوهرها مرض واحد سيكوباتية متوارثة تبرر القتل وتشرعن الاستعلاء، وتمنح القاتل صكوك الطهر بينما تواصل حصد الأرواح وتلغيم المجتمع بلا توقف.!!!
الإرث التأريخى الملغم حين يوهمك أنك شخصية مختلفة لا وفق تميزك الشخصي أو فكرك الحر بل وفق هوية مصنعة ويحولك إلى مسخ بشرى ومجرم ويجبرك أن تقاتل من أجلها وتفنى لأجلها، عندما نقف أمام هذا المشهد فإننا في الحقيقة لا نشاهد إلا مهزلة إنسانية مأساوية تمر بها جماعة تأصل فيها المرض. هذه الحالة تطمس العقل وتلبس صاحبها مظلومية مشبعة بالحقد والكراهية والانتقام هي حالة مرضية بامتياز تستحق العلاج لا التبجيل والتقديس والسير في ركاب الجنون.
فالشعوب المتقدمة حولت ذلك الإرث المجنون لهذه الظواهر إلى نكات، ومسرحيات ساخرة، ومسلسلات كوميدية، لأنها تجاوزتها أما نحن، فما زلنا نُقتل باسمها ويدمر وطننا تحت راياتها واختصر القول هنا إن كل من يعتقد أنه مميز عن غيره عرقياً أو طائفياً أو مقدس النسب هو في الحقيقة بحاجة إلى علاج نفسى لا إلى منبر أو سلاح يفرض به أمراضه على الآخرين.
فكفى استهلاك للتاريخ والإرث الديني المضروب واستخدامه كسلاح للتدليس والتضليل وكفى لهذه السيكوباتية العابرة للتأريخ أن تتحكم في مصائرنا.