صادرات السعودية غير النفطية ترتفع 22.8 بالمائة في سبتمر 2024 العميد الأكحلي: شرطة تعز ماضية في تثبيت الأمن والاستقرار بالمحافظة اللواء الجبولي: الوحدة 16 طيران مسير تلعب دورًا محوريًا وحاسما في ميدان المعركة قائد لواء الريان بالمنطقة العسكرية الثانية يؤكد أهمية تعزيز الحس الأمني تدشين برنامج الطبيب الزائر الـ41 لجرحى القوات المسلحة في مأرب انطلاق البطولة الثانية لكرة اليد لأندية محافظة مأرب اليمن يترأس الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين الارياني: مليشيات الحوثي تواصل احتجاز المئات على خلفية نيتهم الاحتفال بذكرى ثورة سبتمبر الوزير الزنداني يصل العاصمة الإيطالية للمشاركة في منتدى حوارات روما المتوسطية "صحة مأرب" يوزع 53 ألف ناموسية مشبعة بالمبيد في مديريات الوادي وحريب ورغوان
يعد كتاب "الجريمة المُركّبة" للصحفي الحقوقي همدان العليي، الذي صدر بداية فبراير الماضي عن «دار الآفاق العربية للنشر والتوزيع» القاهرية، من أوائل الكتب التي توثق جذور وأسباب الحرب الأخيرة في اليمن والعديد من الجرائم الحوثية، ويفصّل جريمة التجويع الممنهج وتداعياتها.
وجاء الكتاب في 624 صفحة من القطع الكبير، وموزعاً على أربعة فصول، وأربعة ملاحق تضم وثائق وصوراً تثبت جريمة التجويع.
وناقش الفصل الأول جذور هذه الحرب وبُعدها التاريخي، وسياسة التجويع التي ينتهجها الحوثيون اليوم على غرار ونهج أسلافهم، إضافة إلى أهداف التجويع، وجعله مدخلًا إلى جريمة الإبادة الثقافية وطمس الهوية الوطنية لليمنيين ودور إيران في ذلك.
وتتبع الفصل الثاني أبرز أساليب التجويع المباشرة التي مورست بحق المجتمع اليمني. أما الفصل الثالث فتناول التهجير وسرقة المساعدات وانهيار الوضع الصحي وخطر الألغام التي تفرد الحوثيون بزراعتها، وسلّط الضوء على حصار المدن والمناطق الآهلة بالسكان.
وفي الفصل الرابع أشار المؤلف إلى تضرر العملية التنموية في اليمن جراء ممارسات الحوثيين، وانتكاس رأس المال البشري بسبب سياسة التجويع. واختتم هذا الفصل بتوثيق شهادات ودراسات دولية وعربية تؤكد هذه الجريمة، كما تناول الموقف القانوني من بعض هذه الجرائم.
وقدم الكتاب ثلاثة من أبرز الشخصيات السياسية اليمنية وهم: الدكتور أحمد عبيد بن دغر رئيس مجلس الشورى اليمني ورئيس الحكومة السابق، وعبدالملك المخلافي نائب رئيس الحكومة ووزير الخارجية السابق، ونصر طه مصطفى نقيب الصحفيين اليمنيين السابق، إضافة إلى فرناندو كارفاخال عضو سابق في فريق خبراء الأمم المتحدة بشأن اليمن.
توثيق جريمة التجويع
ويهدف الكتاب، وفق المؤلف، إلى توثيق جريمة التجويع بوصفها واحدة من أبشع الجرائم المعاصرة التي ما كانت لتحدث لولا التمييز العنصري واعتقاد فئة في اليمن أنها مميزة عن غيرها، وأن الله اختارها لحكم اليمنيين وامتلاك رقابهم ولو بالقوة. موضحاً أن هذه الاعتقاد جعلها ترتكب جريمة متعددة الأوجه والأبعاد؛ أي أكثر من جريمة في وقت واحد، ومن هنا كان اختيار عنوان الكتاب "الجريمة المُركّبة".
ويهدف أيضاً للتصدّي لمحاولات "تزوير أسباب وتفاصيل الحرب، ... ولكي لا تضيع تفاصيل جريمة التجويع المؤلمة وسط دوامة الصراعات والنزاعات، وتندثر وتصبح جزءًا من غبار التاريخ لاسيما أمام تحركات الحوثيين والمنظومة الخمينية لتزييف الحقائق".
إضافة إلى تسليط الضوء على "مأساة اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين تحديدًا". موضحاً أن هذه "المعاناة لم تكن ناجمة عن العجز أو الفشل، بل عن سياسة حوثية متعمدة لإخضاع اليمنيين في تلك المناطق".
ويسعى المؤلف من خلال توثيق الجريمة وتحديد جذورها ودوافعها العرقطائفية هنا "لتشخيص المشكلة بدقة بعيدًا عن المواربة والاهتمام بالقشور"، والكتاب بذلك "يقدم دعوة مخلصة لحلها بشكل منصف وعادل ودائم بما يضمن العدل والمساواة بين اليمنيين كلهم بلا استثناء".
وأكد المؤلف أنه حرص "ألا يضع معلومة في هذا الكتاب إلا وحدد مصدرها ومرجعها، وتوثيقها من التقارير الدولية المحايدة التي عنيت بالوضع الاقتصادي والإنساني والحقوقي في اليمن، كما جعل شهادات الحوثيين أنفسهم أولوية للتأكيد على ما جاء في كثير من القضايا، إضافة إلى الاعتماد على عدد من الوثائق بعضها ينشر لأول مرة".
إدراك لجذور الحروب
وفي تقديمه للكتاب، اعتبر رئيس مجلس الشورى اليمني ورئيس الحكومة السابق، أحمد عبيد بن دغر، أن "تركيز المؤلف على مشكلة العنصرية في معتقد الحوثيين، إدراك حقيقي لجذور وأسباب أغلب الحروب في اليمن من فترة طويلة".
وقال إن "هذه مسألة جديرة بالاهتمام والدراسة والتمحيص، ولأنه لا يمكن تحقيق السلام العادل والدائم في اليمن ما لم يتم القضاء على مسببات الحروب، وعلى رأسها العنصرية التي تقسم الناس في اليمن إلى سادة لهم الحكم والمال والجاه، وأتباع بمثابة العبيد عليهم أن يقاتلوا من أجل تثبيت حكم الفئة الأولى، وأن يعملوا لكي يسلموا الجبايات للجماعة".
ومن جانبه، قال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأسبق عبدالملك المخلافي، إن المؤلف استطاع من خلال كتابه "الجريمة المركبة" كشف سياسة التجويع الممنهجة، التي تمارسها جماعة الحوثي بدوافع عنصرية، ولتحقيق أهداف عنصرية، وكجزء من سياسة العنف والإبادة الجماعية، التي لطالما مارستها الإمامة ضد اليمنيين في تاريخها الأسود، بدءً من يحيى الرسي إلى بيت حميد الدين، والتي أوجدت واقعًا مركباً من الظلم والممارسات الإجرامية البشعة.
سلاح ثقيل
واعتبر السياسي المخلافي، كتاب الجريمة المركبة "سلاحاً ثقيلاً في المواجهة المصيرية بين اليمنيين والإمامة، وهو بمثابة دعوة لتجريم العنصرية الإمامية".
وقال إن "هذه الدعوة لا يجب أن تقتصر على اليمن، بل يجب أن تطلق عالمياً، وأن تدخل العنصرية الإمامية- القائمة على عنصرية العرق والإصطفاء الديني والحق الإلهي- ضمن الوثائق العالمية، كأحد أشكال العنصرية والفاشية، مثلها مثل النازية، والفاشية، والأبارتيد، والصهيونية، وجرائم الإبادة الجماعية، حتى وإن بدا خطرها على الشعب اليمني فقط، فإنها جريمة ضد الإنسانية. كما أنها في طبعتها الحوثية المرتبطة بإيران، وتشابك المصالح العالمية، وتطور السلاح، أصبحت خطراً على المنطقة، وعلى السلام العالمي كله، وهذا ما يؤكد على ضرورة تجريم الإصطفاء العرقي، ويمكن القول بأن هذا الكتاب أحد السبل الممهدة لذلك.
ودعا المخلافي، إلى ترجمة الكتاب "للعديد من اللغات، ونشره على مستوى واسع في بلدان العالم، والتنسيق مع كل المنظمات والتكتلات المناهضة للعنصرية للعمل ليس فقط لتجريم الحوثية كجماعة يعرف العالم بأنها إرهابية، ولكن لتجريم الإمامة كحركة عنصرية، كي لا يمتد خطرها إلى مستقبل اليمنيين، بعد أن لوثت ماضيهم وحاضرهم، وبما يساعد اليمنيين على بناء السلام العادل والدائم، بعد أن قدموا مئات الآلاف من الشهداء، في سبل تحقيق المساواة والحرية والعدالة وحقوق الإنسان، والمشاركة في ركب التقدم والحضارة الإنسانية.
وثيقة دامغة وجرس إنذار
وفي السياق ذاته، اعتبر نقيب الصحفيين اليمنيين السابق نصر طه مصطفى، الكتاب "جهد استثنائي، وغير اعتيادي". وقال إن العليي "لا يهدف لمجرد إصدار كتاب... بل يهدف لإصدار وثيقة إنسانية دامغة، قبل أن تكون سياسية، لمرحلة تتسم بأسوأ الممارسات ضد ملايين اليمنيين، بدم بارد، ونزعة عنصرية، وقسوة لا مكان للرحمة فيها".
ومن جانبه، قال العضو السابق في فريق خبراء الأمم المتحدة بشأن اليمن، فرناندو كارفاخال، إن "هذا النص بمثابة جرس إنذار للعرب وحكوماتهم، وذلك من أجل ترسيخ تحالف ينهي هذا النزاع ويكفل التعويض المناسب للضحايا".
وقال "يجب على المجتمع الدولي أن يدرك أن الغالبية العظمى من اليمنيين يريدون إنهاء هذا النزاع والانخراط مجدداً في مشروع ديمقراطي يحقق الاستقرار والازدهار، في ظل تطبيق عادل ومتساوٍ للقانون. هذه الغالبية لا ترى مستقبل البلاد في أيدي أسرة أو جماعة معينة تطالب بالحق الإلهي في الحكم".