استكمال ترميم وتأهيل قصر القعيطي بالقطن في حضرموت
وزارة الإعلام تنعى القامة الإعلامية والوطنية فؤاد الحميري نائب الوزير السابق
السعودية تقدم دعماً ماليًا لفلسطين بـ30 مليون دولار
هيئة الأسرى توثق 2388 ضحية تعذيب و 324 حالة وفاة في سجون الميليشيا الحوثية
سفير اليمن يبحث مع رئيس مجلس الشيوخ البلجيكي تعزيز التعاون البرلماني
الأرصاد يتوقّع طقساً حارا بالمناطق الساحلية والصحراوية وأمطاراً بالمرتفعات الجبلية
اليمن يطالب بتمثيل عربي دائم ويدعو لإصلاح منظومة الأمم المتحدة
الرئيس العليمي يهنئ نظيره الجيبوتي بذكرى الاستقلال ويشيد بمواقف بلاده
الهلال السعودي يتأهل إلى دور الـ16 من كأس العالم للأندية 2025
ميليشيا الحوثي تختطف وجهاء وتجاراً في إب وسط مداهمات ليلية وتكتم على المصير
مدخل:
تعيش الجمهورية اليمنية مرحلة دقيقة في تاريخها الحديث، تتسم بتعقيدات هائلة، على مختلف الأصعدة، السياسية والأمنية، والإجتماعية والإقتصادية، غير المسبوقة في تاريخ اليمن.
وفي خضم هذه المرحلة الدقيقة والمعقدة، برز اسم فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رجل الدولة القادم من خلفية أمنية، وأكاديمية، وإدارية، وأحد الشخصيات السياسية اليمنية البارزة، عسكري وخبير سياسي، عايَش مختلف مراحل الصراع التي دارت رحاها في اليمن، وتدرّج في سلم المسؤوليات العسكرية والسياسية والأكاديمية، وخَبِر دواليب مؤسسات الدولة، وصاحب التجربة المهنية الغنية والمتعددة الجوانب، والذي جمع ومزج بين مختلف التخصصات العسكرية والأدبية والعلوم الاجتماعية، والسياسية، المنتمي لحزب المؤتمر الشعبي العام، والمنتخب عضو الأمانة العامة فيه، وشغل مناصب مختلفة أمنية وحكومية ووزارية، أبرزها وزير الداخلية ثم نائب رئيس الوزراء، وقد عُرف بخبرته في ملفات الأمن والسياسة، فضلًا عن قدرته المتميزة على بناء توازنات داخلية.
والذي أصبح رئيسًا لمجلس القيادة الرئاسي منذ تشكيله في إبريل عام ٢٠٢٢، ضمن توافقات داخلية وخارجية، تهدف لإعادة تشكيل قيادة الدولة، وإعادة ضبط مسار العملية السياسية، وتجاوز الخلافات، وإعادة توجيه المسار الوطني، لاستعادة مؤسسات الدولة، وإسقاط الانقلاب الإمامي المدعوم من إيران.
والإنصاف والواقعية يتطلب منا معرفة طموحات فخامته لبناء الدولة اليمنية، مع إدراك الواقع وتحدياته وصراعاته الداخلية والإقليمية والدولية، التي تواجه فخامته، ونستعرض هذا المشهد المعقد بما يلي:
أولا: فهم طبيعة المرحلة.
المرحلة التي يقود فيها فخامة الرئيس العليمي اليمن، غاية في التعقيد والتشابك، والمشاريع المتصارعة، تبدأ من تركيبة مجلس القيادة الرئاسي ذاته، فأعضاؤه يمثلون قوى متباينة، لبعض المكونات المسلحة، مرورًا بكيانات وقيادات عسكرية وسياسية متصارعة، بعضها لا يتفق حتى على تعريف “الدولة اليمنية”، وصولاً للتحديات الاقتصادية والمعيشية، التي تعصف بحياة الناس، بسبب قلة الإمكانيات الناجمة عن انقلاب ميليشيا الإرهاب الحوثي المدعومة من إيران، ومهاجمتها لمواقع تصدير النفط والغاز، والذي أدى لانعدام الموارد حيث يعتمد الاقتصاد اليمني بشكل كبير على النفط، حيث يساهم بـ 70% من إيرادات الموازنة العامة للدولة و63% من إجمالي الصادرات و30% من الناتج المحلي الإجمالي، ونتج عن ذلك تباطؤ ملموس في تحسين الواقع المعيشي والخدماتي للناس، وانتهاء بما يرافق المرحلة من غموض، وتعدد المشاريع المحلية والإقليمية والدولية، المتصارعة في اليمن، وتأثيرها على عمل الدولة.
ثانيًا: فخامة الرئيس العليمي ومواجهة الواقع وتحدياته.
بالرغم من استمرار فخامة الرئيس العليمي بالعمل الجاد والهادي لإعادة بناء الدولة واستعادة مؤسساتها، وتعريف دورها، وتفعيل مؤسساتها، إلا أن فخامته يواجه واقعاً صعباً، وأكثر تعقيدًا في الداخل اليمني والإقليمي، ومليئاً بالعديد من التحديات، أبرزها:
١- الانقسام السياسي والعسكري.
من خلال تعدد مراكز القوى في البلاد، وغياب سيطرة مركزية موحدة على كامل الأراضي اليمنية، والتداخل بين الولاءات المحلية والإقليمية.
٢- الميليشيا الحوثية الإرهابية.
سيطرة الميليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران، على العاصمة صنعاء واختطاف مؤسسات الدولة فيها.
٣- الوضع الأمني والإنساني.
والمتمثل في استمرار الحرب وتدهور الوضع الإنساني، وهشاشة البنية الأمنية وتفشي السلاح والجماعات المسلحة.
٤- الاقتصاد والانهيار المؤسسي.
الملف الاقتصادي هو التحدي الأصعب، في بلد يعيش أكثر من 70% من سكانه تحت خط الفقر، ويواجه أسوأ أزمة إنسانية في العالم، والمتمثلة في انهيار العملة الوطنية، وتدهور الأوضاع المعيشية، وضعف مؤسسات الدولة، وتعطل البنية التحتية، واعتماد كبير على الدعم الإقليمي والدولي، ونتجت هذه المعاناة بسبب إنقلاب الميليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران.
ثالثًا: الرئيس العليمي رجل المرحلة.
في هذا السياق والواقع الصعب والمعقد، بدأ فخامة الرئيس العليمي السير الحثيث نحو استعادة الدولة وبنائها، كمن يسير على حبل مشدود، فمنذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، بات اسم الدكتور رشاد العليمي متصدراً المشهد السياسي اليمني، ليس فقط باعتباره رئيسًا للمجلس، بل كرجل دولة، تحمل عبء مسؤولية دولة فاشلة، وإدارة واحدة من أعقد الأزمات السياسية في المنطقة.
فهو الرجل القادم بخلفيته المعروفة، والذي وجد نفسه على رأس سلطة انتقالية، تتقاطع فيها العديد من المصالح والصراعات، المحلية، والإقليمية، والدولية، وتتنازع فيها المكونات السياسية والعسكرية الولاءات والسلطات.
وفخامة الرئيس العليمي، معروف بحنكته ومرونته وهدوئه، وقد اضطر بجانب إدارته للدولة، إلى لعب دور “مُنَسّقْ التناقضات” و"باني التوازنات" ففي كل خطوة، كان عليه أن يوازن بين أطراف ترى نفسها بدائل لا شركاء، وكان عليه أن يُطمئن حلفاءً محليين، وإقليميين، ودوليين، يختلفون في الرؤية لليمن ومصيره، ولهذا فإن فخامته يُمَثّل رجل المرحلة ومُنَسّقْ التناقضات، وباني التوازنات.
رابعًا: مسارات البناء التي تبناها فخامة الرئيس العليمي لاستعادة الدولة وبنائها.
والمتابع المنصف يجد أنها عديدة وأبرز هذه المسارات هي:
١- العمل التوافقي داخل مجلس القيادة.
من خلال العمل على خلق توازن بين المكونات المتباينة داخل المجلس، وامتصاص الخلافات الداخلية والحرص على وحدة القرار.
٢- التوجه لاستعادة مؤسسات الدولة ومواجهة الإنقلاب.
من خلال خيار السلام وفق المرجعيات المتوافق عليها، وطنياً وإقليمياً ودولياً، وعلى رأسها القرار ٢٢١٦، ومن خلال الاستعداد للمعركة إذا فرضت على الشرعية.
٣- إعادة تفعيل مؤسسات الدولة.
من خلال استكمال مؤسسات الدولة، ودعم عودة الحكومة ومؤسسات الدولة للعمل من عدن، ودعم جهود الإصلاح، في قطاعات مختلفة على رأسها الكهرباء والخدمات الأساسية والموارد.
٤- الرهان على الدبلوماسية لتوصيل سردية الشرعية.
ولتوصيل سردية الشرعية اليمنية للعالم، اعتمد فخامة الرئيس العليمي على التحرك الدبلوماسي، واللقاءات والمقابلات، لتغيير السرديات المتناقضة عن اليمن، وتبيان دور وسبب الإنقلاب الإمامي المدعوم إيرانياً في الأزمة الإنسانية واستفحالها في اليمن.
٥- تمتين العلاقة مع تحالف دعم الشرعية والدول الصديقة.
من خلال توثيق العلاقات الأخوية وتمتينها مع تحالف دعم الشرعية، بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وتوثيق العلاقات مع أمريكا، والدول الغربية وروسيا الاتحادية والصين.
٦-واقعية التحرك والخطاب.
منذ توليه، راهن فخامة الرئيس العليمي على الدبلوماسية والتفاهمات، سواء الداخلية أو الإقليمية والدولية، كمدخل لتخفيف حدة الأزمة، فتحرك خارجيًا بين الرياض والإمارات والقاهرة وأوروبا، وأمريكا، والأمم المتحدة، وروسيا الاتحادية، وأظهر انفتاحًا على جهود السلام، ووافق على مشروع خارطة الطريق برعاية المملكة العربية السعودية.
واللافت أن خطاب فخامة الرئيس العليمي ظل واقعيًا، وبعيدًا عن المزايدات السياسية، فهو خطاب متوازن، يجمع بين مصالح الشرعية، والدعوة إلى السلام، فهو يدعو إلى “سلام شامل” عادل وفق مرجعياته ويحذر من “حرب لا نهائية”.
٧- دعم مسار السلام والمفاوضات.
من خلال دعم الهدنة الأممية والعمل على تمديدها، وتقديم تنازلات سياسية مدروسة لتخفيف المعاناة الإنسانية للشعب اليمني.
خامسًا: ما الذي يحسب لفخامة الرئيس العليمي.
نجد أن أهم ما يحسب لفخامته الآتي:
١- الحفاظ على شرعية الدولة في مواجهة الانقلاب الإمامي المدعوم إيرانياً، وعلى الحد الأدنى من التماسك داخل المجلس الرئاسي.
٢- إظهار مرونة سياسية في مرحلة معقدة وبالغة التشابك والمصالح.
٣- تجنب الانزلاق إلى الصراع المباشر بين المكونات المحسوبة على الشرعية.
4- استكمال وتفعيل مؤسسات الدولة المختلفة.
5- وضع خارطة طريق ومحددات للحكومة.
سادسًا: النجاح والمعوقات.
إن نجاح مشروع استعادة الدولة وبنائها، الذي يقوده فخامة الرئيس العليمي مرهون بما يلي:
١- أن يعمل أعضاء مجلس القيادة بروح الفريق الواحد، بقيادة فخامة الرئيس رشاد العليمي، وأن يُقَدّمْ كل الأعضاء مشروع الدولة على مشاريع مكوناتهم.
٢- أن تعمل كل القوى السياسية لصالح مشروع الدولة والجمهورية، وتوحد قواها خلف الشرعية اليمنية ومشروعها وتحالفها.
٣- توحيد ودمج كافة الفصائل والمكونات العسكرية، في إطار مؤسسات الدولة اليمنية.
٤- تعزيز العمل المؤسسي واستعادة الدور التنفيذي للحكومة.
5- تفعيل الأجهزة الرقابية لمتابعة الموارد ومحاربة الفساد.
6- معالجة الوضع الاقتصادي والخدمي.
7- تقوية التحالف مع القوى الوطنية المعتدلة داخلياً، ومع دول تحالف دعم الشرعية إقليمياً، والشركاء والأصدقاء دولياً.
ومن حيث المعوقات فأبرزها ما يلي:
١- استمرار غياب القرار المركزي الموحد.
٢- تغلّب النزعات المناطقية والعصبوية والمصالح الضيقة.
3- عدم توحيد المكونات المسلحة في مؤسسات الدولة العسكرية.
4- استفحال تدهور الوضع الاقتصادي والخدمي.
5- تراجع الدعم الإقليمي والدولي لمشروع بناء الدولة.
سابعًا: حملات تآمر الإفك.
ظهرت في الفترة الأخيرة، حملات تآمر الإفك المستهدفة مشروع استعادة الدولة والجمهورية، بشخص فخامة الرئيس العليمي، وهذه الحملات تؤكد أمرين الأول: نجاحه في سيره ومساراته، لاستعادة الدولة والجمهورية، والتي تهدد مصالح قوى الهيمنة والتسلط، والثاني: أنها حملات مدفوعة بتقاطع مصالح العصبيات ومشروع الإمامة، لإدراكهم خطر بناء الدولة اليمنية الحديثة على مشاريع عصبياتهم، وعلى رأسها العنصرية الإمامية، والعصبيات القبلية، والحزبية، والمناطقية.
خاتمة:
فخامة الرئيس العليمي رجل التوازنات لا المعجزات.
يمثل الدكتور رشاد العليمي نموذجًا لقيادة انتقالية، تواجه تحديات مركبة في بيئة مشوشة، مليئة بصراعات مركبة داخليا وخارجياً، ورغم محدودية أدواته، إلا أن نجاحه يخطو بثبات وإن ببطء نحو بناء الدولة واستعادة مؤسساتها، ونجاحه هذا سيكون مؤشرًا مهمًا على قدرة اليمنيين، على تجاوز المراحل الحرجة والصعبة التي تمر بها اليمن، وقدرتهم أيضاً على إسقاط الانقلاب وبناء دولة مدنية حديثة.
إن مشروع استعادة مؤسسات الدولة وبناء الدولة اليمنية الحديثة، ليس مهمة فرد، بل هو عملية وطنية تاريخية، مسؤولٌ عنها كل القوى الوطنية والشعب اليمني، وتحتاج لتكاتف وطني شامل، تدعمه إرادة وطنية وإقليمية ودولية حقيقية، تدعم فخامة الرئيس العليمي.
فنجاح فخامة الرئيس رشاد العليمي لا يتوقف على كفاءته ومقدرته الشخصية وحدها، بل على توفر إرادة سياسية جماعية، داخلية لكل القوى الوطنية، وخارجية لكل القوى الداعمة للشرعية اليمنية، لدعم مشروع استعادة مؤسسات الدولة، وبناء الدولة اليمنية بقيادة فخامة الرئيس العليمي.
فالرئيس العليمي يمثل “وجهًا مدنيًا” في مشهد تسيطر عليه العسكرة والولاءات الضيقة، والعصبيات، وقد يكون أخر الفرص السياسية لاستعادة الدولة اليمنية ككيان جامع، يبني دولة الوطن الواحد والمواطنة المتساوية.
فمع تعقيدات الأزمة اليمنية وتشابكاتها، لا أحد يملك عصًا سحرية لحلها، وفخامة الرئيس رشاد العليمي، بواقعيته وهدوئه، يعمل في جبهات عدة، على مواجهة الإنقلاب الإمامي، وتهدئة صراع لا يريد أن يهدأ بين مكونات الشرعية، وهو يمثل الفرصة الأخيرة لأن تكون “الشرعية” مشروعًا حقيقيًا لبناء الدولة اليمنية التي يطمح لها كل الوطنيين في الداخل وشركاء اليمن في الخارج.
فهل تُستثمر هذه الفرصة؟ أم تُهدر كما أُهدرت فرص كثيرة قبلها؟
جمعتكم التفاف حول فرصتكم التاريخية، مع شرعيتكم- بقيادة فخامة الرئيس رشاد العليمي- ومشروعها وتحالفها.