وزير الصحة يفتتح الملتقى العلمي الثاني لمكافحة مقاومة مضادات الميكروبات
مجلس الجوف الوطني ينظم ندوة حول “اليمن والسعودية من الأمن إلى الشراكة الاستراتيجية"
اللجنة العليا لتنفيذ أولويات الإصلاحات الاقتصادية الشاملة تعقد أولى اجتماعاتها في عدن
رئيس مجلس القيادة يهنئ بذكرى استقلال المغرب
حضرموت.. تدشين حزمة من المشاريع التدريبية ويختتم فعاليات "هاكاثون مسار" الريادي
نائب وزير الإدارة المحلية يناقش الترتيبات النهائية لموازنة الوزارة للعام 2026
نائب وزير الخارجية يتسلم اوراق اعتماد الممثل الجديد لصندوق الأمم المتحدة للسكان
حالة الطقس في الجمهورية اليمنية غداً الثلاثاء
الرئيس العليمي يعود إلى العاصمة المؤقتة عدن
باتيس: اليمن يتطلع لإنهاء التمرد الحوثي واستعادة الدولة والعودة لمكانته الريادية ونهوضه الحضاري
مع اقتراب الموعد الرسمي لبدء تشغيل نظام الإغلاق الجمركي في ميناء هاينان للتجارة الحرة في الثامن عشر من ديسمبر المقبل، تقف هذه الجزيرة الاستوائية في أقصى جنوب الصين على مشارف مرحلة جديدة من الانفتاح الصيني رفيع المستوى على العالم.
ويمثل هذا التحول نقلة نوعية لا تقتصر على إدارة حدود جغرافية فحسب، بل تعكس تقدمًا مهمًا في مسار الانفتاح المؤسسي، ودليلًا على انتقال الصين إلى نموذج أكثر تطورًا وتنوعًا للانفتاح.
شهدت هاينان خلال السنوات الماضية وتيرة متسارعة في بناء منطقة التجارة الحرة، حيث طُبّقت سلسلة من الابتكارات شملت مجالات التجارة والاستثمار والتمويل وحركة الكفاءات. واليوم، ومع اقتراب بدء الإغلاق الجمركي الشامل، تدخل هذه الابتكارات مرحلة التطبيق الكامل. وهذا التطور يمثل بالنسبة للصين اقتراب تشغيل منظومة أكثر انفتاحًا وموثوقية ومرونة، فيما يشير للعالم إلى بروز سوق جديدة تمتاز بفرص أرحب وقواعد أكثر وضوحًا وبيئة استثمارية أكثر جذبًا.
الإغلاق الجمركي ليس إغلاقًا جغرافيًا للجزيرة، بل هو إطار مؤسسي جديد يقوم على إنشاء منطقة خاصة للرقابة الجمركية تشمل كامل الجزيرة، وتطبيق نموذج إداري يقوم على مبدأ "فتح الخط الأول، وضبط الخط الثاني، وحرية التداول داخل الجزيرة".
فـ"فتح الخط الأول" يعني تسهيل حركة السلع بين هاينان والعالم الخارجي، والسماح بدخول البضائع غير الخاضعة للضرائب أو التراخيص دون تأخير، ما يرفع كفاءة التخليص الجمركي بصورة كبيرة. أما "ضبط الخط الثاني"، فيهدف إلى حماية السوق الوطنية عبر الرقابة على حركة السلع بين الجزيرة وبقية الأراضي الصينية، وخاصة تلك التي استفادت من الإعفاءات الجمركية. بينما يضمن مبدأ "حرية التداول داخل الجزيرة" انتقال السلع ورؤوس الأموال والأفراد داخل هاينان دون قيود، لتتحول الجزيرة إلى فضاء اقتصادي مفتوح وحيوي.
وبفضل هذا التصميم المؤسسي المتوازن، لا تقدم هاينان نموذجًا للتجارة الحرة فحسب، بل تقدم كذلك تصورًا جديدًا لإدارة المخاطر في ظل الانفتاح، يجمع بين صون السيادة الاقتصادية والانخراط النشط في سلاسل القيمة العالمية.
وفي نهاية يوليو الماضي، دخل حيز التنفيذ "قانون الاستثمار الأجنبي في ميناء هاينان للتجارة الحرة"، ليؤسس إطارًا قانونيًا متينًا للمرحلة الجديدة من الانفتاح. ويُعد هذا القانون الأول من نوعه الذي يُعتمد خصيصًا لمنطقة تجارة حرة في الصين، ويستهدف إنشاء بيئة استثمارية أكثر شفافية وعدالة وقابلية للتوقع.
وينص القانون على تطبيق مبدأ "المعاملة الوطنية قبل الدخول" مع اعتماد "القائمة السلبية" لتنظيم القطاعات، بما يسمح بالاستثمار الأجنبي في جميع المجالات غير المدرجة في القائمة. كما يشمل القانون إجراءات لتبسيط الموافقات الإدارية، وتعزيز حماية الملكية الفكرية، وتطوير آليات فعّالة لتسوية المنازعات التجارية، بما يضمن حقوق المستثمرين الأجانب ويعزز ثقتهم على المدى الطويل. ويعكس هذا التحول انتقال الصين من مرحلة تقديم امتيازات مؤقتة للمستثمرين إلى بناء منظومة قانونية مستقرة تستند إلى الثقة المتبادلة والمصالح المشتركة.
يأتي إطلاق نظام الإغلاق الجمركي في وقت تتزايد فيه حالة عدم اليقين التي يشهدها الاقتصاد العالمي، وتتنامى فيه النزعات الحمائية في عدد من الاقتصادات الكبرى.
وفي هذا السياق، توجه الصين من خلال هاينان رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي مفادها أن الانفتاح ما يزال خيارها الاستراتيجي الثابت، وأنها تعزز هذا الانفتاح عبر الابتكار المؤسسي.
فالانفتاح الذي تجسده هاينان لا يقوم على المنافسة أو الصراع الجيوسياسي، وإنما يقوم على التعاون والتكامل، بهدف تحقيق التنمية المشتركة وتعزيز الترابط الاقتصادي العالمي على أسس المساواة والمنفعة المتبادلة. ومن خلال هذا النموذج، تؤكد الصين قدرتها على الجمع بين الإصلاح الداخلي والاندماج الفاعل في صياغة النظام الاقتصادي الدولي.
وبالنسبة للمستثمرين العرب، تفتح هاينان آفاقًا واسعة للتعاون الاقتصادي مع الصين. فسياسات "الرسوم الجمركية الصفرية" وتسهيل حركة السلع، إلى جانب البيئة القانونية الواضحة، جميعها عوامل تساهم في خفض التكاليف وتعزيز كفاءة التجارة العابرة للحدود. كما يمنح الموقع الجغرافي الاستراتيجي للجزيرة عند بوابة بحر الصين الجنوبي وارتباطها الطبيعي بجنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ أهمية إضافية ضمن مسار "الحزام والطريق".
ويمكن للشركات العربية أن تستفيد من منصة هاينان للتوسع في مجالات الطاقة النظيفة والصناعات الخضراء والاقتصاد الرقمي والخدمات السياحية. وفي مجالي الطاقة الجديدة والتنمية المستدامة على وجه الخصوص، تتكامل التكنولوجيا الصينية مع الموارد العربية، ما يجعل هاينان جسرًا واعدًا للتواصل والاستثمار بين الجانبين.
ولا تُعد تجربة هاينان حالة منفصلة عن المشهد الصيني الأوسع، بل تأتي ضمن استراتيجية وطنية شاملة تشمل مبادرات مثل تكامل دلتا نهر اليانغتسي وتطوير منطقة الخليج الكبرى (قوانغدونغ – هونغ كونغ – ماكاو). وتشكل هذه المبادرات مجتمعة خريطة جديدة للانفتاح الصيني متعدد المستويات، حيث يعمل كل إقليم كمختبر لتجارب اقتصادية تتكامل في نهاية المطاف ضمن رؤية واحدة: بناء اقتصاد منفتح ومتوازن ومستدام.
لقد كان الانفتاح على العالم نهجًا ثابتًا اعتمدته الصين طوال العقود الماضية. ومهما شهدت الساحة الدولية من تغيرات، ستواصل الصين الدفع بقوة نحو انفتاح رفيع المستوى وتقاسم ثمار التنمية مع العالم.
ويجسد تشغيل نظام الإغلاق الجمركي في ميناء هاينان للتجارة الحرة هذا النهج بوضوح، فهو لا يعكس فقط عزم الصين على توسيع آفاق الانفتاح، بل يفتح أيضًا نافذة جديدة أمام المستثمرين العالميين، ولا سيما شركائها في العالم العربي، للدخول إلى آفاق أرحب من الفرص التي توفرها السوق الصينية.
في إطار التبادل الإعلامي
بقلم ليانغ سوو لي
إعلامية صينية في قناة CGTN Arabic






