الرئيسية - الأخبار - القصة الكاملة لمسميات اختلقتها السلالة الفارسية في اليمن.. الفرس من غزاة إلى مسمى "آل البيت"
القصة الكاملة لمسميات اختلقتها السلالة الفارسية في اليمن.. الفرس من غزاة إلى مسمى "آل البيت"
الساعة 09:34 مساءً الثورة نت/ تقارير

"مأساة واق الواق"، هكذا اختصر الزبيري معركة ألف عام من الصراع مع خرافة الولاية التي نشأت في دهاليز الظلام، لقد بدت للأحرار وكأنها خرافة واحدة، والحقيقة التي غابت ولا زالت غائبة عن الكثير من الأحرار أن خرافة الولاية ما هي إلا فروع الشجرة الخبيثة وأوراقها وثمارها.
أما جذع الشجرة الخبيثة وجذورها فتتمثل في خرافة السلالة التي تتناقض مع العقل والشرع والمنطق.
ونتيجة حصر المشكلة في خرافة الولاية تكررت المآسي، لأن الأحرار يقطعون الفروع والثمار ويتركون الجذع والجذور للكلمة الخبيثة، بل يزرعونها بألسنتهم وأقلامهم.
ولكي تتضح الصورة أكثر تعالوا لنرى كيف نشأت وترعرعت الخرافة في الذاكرة المجتمعية اليمنية حتى غدت كلمة خبيثة أغرقت اليمن في ظلمها الجائر وظلامها الموحش وليلها الدامس .
لقد بدأت بذرة الخرافة حين خطب كسرى فارس هند بنت النعمان بن المنذر من ابيها فرفض النعمان قائلا: أليس في سواد فارس ما يغني كسرى عن بناتنا؟ّ! فاستشاط كسرى غضبا وأحس بالنقص أمام العرب الذين يعتبرون زواج الأعاجم من بنات العرب عيب وعار حتى ولو كان كسرى فارس.
وفي هذه الأثناء جاء سيف بن ذي يزن طالبا يد العون من كسرى فارس لتحرير بلاده من الأحباش، فما كان من كسرى إلا أن جمع له القتلة والسحرة واللصوص المحكوم عليهم بالإعدام، واشترط على سيف بن ذي يزن شرط هو من أغرب الشروط في تاريخ الدول، حيث اشترط انوشروان أن يتزوج الفرس من اليمن، ولا يتزوج اليمن من الفرس.
وكان هذا الشرط نتيجة للغبن والقهر الذي أصاب كسرى بسبب رفض النعمان تزويجه من ابنته، فأراد أن يكسر كبرياء العرب بهذا الشرط، بل وأراد ان يعكس المعادلة تماماً.
وبعد ان انتصر سيف بن ذي يزن على الاحباش طلب من أهل اليمن أن يزوجوا الفرس الذين شاركوا معه في المعركة من بناتهم فرفض أهل اليمن أن يزوجوا الفرس من بناتهم، لأنه كان في عرف العرب أنه من العيب أن يزوجوا بناتهم برجال من العجم، وفي هذه الأثناء وصل عبدالمطلب بن هاشم لتهنئة سيف بن ذي يزن على النصر، فوجد المشكلة محتدمة بين سيف وقومه بسبب رفضهم زواج بناتهم من الفرس، ورأى أن سيف واقع في ورطة كبيرة، ففكر في حيلة ذكية لحل المشكلة فقال لسيف: أنا أتبناهم نسبا وأنت أسكنهم أرضا!
وبهذا أصبح الناس يسمونهم "الأبناء"، أي أبناء العرب بالتبني، وأسكنهم سيف بن ذي يزن ارضا في بني حشيش لا زالت منطقة منها تسمى الفرس، ومنطقة تسمى الأبناء.
وبعد أن تبناهم عبدالمطلب قبل أهل اليمن تزويجهم من بناتهم كونهم قد أصبحوا عربا بالتبني حسب العرف المعمول به في الجاهلية.
ولما عرف الفرس الأبناء مداخل البلاد ومخارجها قاموا باغتيال سيف بن ذي يزن واتهموا بقايا الأحباش بالجريمة، ولكي يصدق الناس أن الاحباش هم القتلة وأن الفرس يدافعون عن سيف وينتقمون له، لكي يصدق الناس هذا البهتان قام الفرس بهدم منازل كل بقايا الاحباش ومنعوهم من تملك الارض ومنعوهم من بناء مساكن جديدة، ونتيجة لذلك اضطر بقايا الاحباش- "العبيد أو الأخدام"- للعيش في عشش ودشم بسيطة، وتعاقبت الاجيال على هذه المعيشة البائسة حتى الفوها وتوارثوها وصارت عادة عند هذه الفئة المظلومة الى اليوم، وهذه الفئة المظلومة هي التي اطلق عليها فرس اليوم مسمى (أحفاد بلال).
وبعد أن قتل الفرس سيف بن ذي يزن احتلوا اليمن، وكان أول حاكم فارسي لليمن هو "وهرز اصبهذ الديلمي" وبدأ الديلمي يعين الجنود الفرس كولاة وقضاة وعمال في كل نواحي اليمن ومخاليفها واطلق عليهم لقب (سيد) بعكس العرف الذي كان موجود في اليمن، والذي كان يطلق على الولاة والقادة لقب (الأقيال والأذواء)، وبهذا اصبح يطلق على الفرس لقب (السادة)، وبهذا اختفى مسمى (الأبناء) حتى ان الفرس كانوا يتعمدون أن يسألوا اليمنيين بقولهم: سيد أو عربي؟ وذلك لكي يحصروا لقب السيد والمسيدة والسادة على الفرس.
ولما جاء الإسلام كان الحاكم على اليمن هو باذان الفارسي، فلما تبين له صدق الرسول ورأى دخول اليمنيين في دين الله افواجا ارسل الى النبي صلى الله عليه وسلم يخبره بإسلامه وإسلام من معه من الفرس، ولما عاد رسل باذان الى صنعاء أشاعوا واذاعوا بين الناس أنهم قالوا للرسول: الى من نحن يا رسول الله؟ فقال: (أنتم منا وإلينا أهل البيت)، ومن ثم قال رسول الله: (وسلمان منا أهل البيت)، وبناء على ذلك اصبح الفرس الأبناء يسمون أنفسهم (آل البيت) لظنهم أنه لا فرق بين أهل البيت و آل البيت، ولا يعلمون أن العرب لا ينسبون الآل الى جماد، وهذا كونهم كانوا عجما وحديثي عهد باللغة العربية.
ولهذا فقد كان أهل اليمن يسمون الفرس آل البيت من باب السخرية والتهكم فتعاقبت الاجيال وهي تسمع الآباء يسمون الفرس آل البيت، فأخذت التسمية هذه على محمل الجد، وهذا كما يفعل البعض من الأحرار فيسمون مناديل الفرس (قناديل)- وتعني المناديل بالخدام- ولا يعلمون أنهم بهذا يرسخون ثقافة الطبقات التي قامت ثورة 26 سبتمبر 1962م لإزالتها، ولا يعلمون أن الفرس سربوا كلمة قناديل وتركوا لنا مهمة الترويج لها بعد أن استنبطوها من قوله تعالى: ((يا أيها الرسول إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا الى الله بإذنه وسراجا منيرا))، وذلك لكي يقولون لأجيالنا: ان الرسول هو السراج المنير ونحن قناديل انبثقت من السراج المنير، بمعنى نحن اولاد الرسول.
المهم في الأمر أن كلمة (آل البيت) اطلقت على الفرس بنفس الطريقة التي اطلقت كلمة القناديل، فالفرس قاموا بتسريب الكلمة والعرب قاموا بمهمة الترويج.
وفي الوقت الذي كان أهل اليمن يظنون أنهم قد تخلصوا من الاحتلال الفارسي من خلال اعتناق باذان للإسلام، إلا أن مسمى آل البيت الذي أصبح يطلق على الفرس ولد حنقا شديداً لدى اليمنيين، حيث أحسوا أن الفرس سيستمرون في احتلال بلادهم تحت مظلة الإسلام، وقامت على إثر ذلك حركة الأسود العنسي حيث قال الاسود العنسي: طالما والفرس من أهل النبي فأنا نبي.
وثار الأسود العنسي ضد الفرس وقتل شهر بن باذان وتزوج بامرأته فسحرته من حينها وأصبح يقرب الفرس منه ويتنصل من العرب الذين ساندوه منهم قيس بن مكشوح وأصبح يهلوس حتى أنه ادعى النبوة.
ولهذا نجد خلافا في المصادر التاريخية فهناك من يقول: انه ثار ضد الفرس ولم يدع النبوة، وهناك من يقول: انه ادعى النبوة. والحقيقة أن كلا القولين حق، فالرجل بادئ أمره كان ثائراً ضد الفرس وانتهى به الأمر إلى أن ادعى النبوة وقرب الفرس واقصى العرب، وهذا يؤكد صحة الرواية التي تقول: إن زوجة شهر باذان التي تزوجها الأسود العنسي سحرته من حينه.
وبعد مقتل العنسي الذي تولى في قتله قيس بن مكشوح المرادي وشاركه الفارسي فيروز الديلمي، اشتهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((قتله رجل مبارك من أهل بيت مبارك)) أو كما قال صلى الله عليه وسلم، ولا ندري ما صحة الحديث، إلا أن الفرس الأبناء استغلوا هذه الرواية ليرسخوا مسمى آل البيت ويميلون بنسبهم الى بيت النبوة بدلا من سجون فارس.
تتابعت الاحداث وتمكن المسلمون من فتح بلاد فارس وتحطيم الامبراطورية الساسانية الكسروية، فتجمع الكثير من القادة الفرس الذين حنوا رؤوسهم للعاصفة على أمل أن تنتهي ويستعيدون مجد فارس، وشكلوا ثورة فارسية مضادة للإسلام، وكان أول نشاط لهذه الثورة قتل الخليفة عمر بن الخطاب، حيث كان يفكر قادة الثورة الفارسية المضادة أنه بقتل الخليفة ستسقط الدولة الفتية، ويستعيد الفرس دولتهم بأقل التكاليف إلا أنه حصل العكس حيث شدد المسلمين من قبضتهم الأمنية على بلاد فارس، فلم يجد قادة الثورة الفارسية المضادة للإسلام ارضا يستطيعون التحرك فيها بسهولة سوى اليمن بحكم سيطرة الفرس الابناء عليها تحت مظلة الإسلام، فاتجه العديد من قادة الثورة الفارسية المضادة للإسلام صوب اليمن، فلاحظ قادة الثورة الفارسية المضادة للإسلام ملاحظتين يمكن الاستفادة منهما الأولى أن هناك من يسمي الفرس الأبناء (آل البيت) والثانية وجود يهود في اليمن يكنون العداء للدين الجديد.
ففكر قادة الثورة الفارسية المضادة للإسلام إنه من خلال هذين الفريقين القريبين من مركز الخلافة باستطاعتنا أن نخلق دينا جديدا باسم الإسلام نسيطر به على الخلافة ونقتل به العرب بأيادي عربية. فقام قادة الثورة الفارسية المضادة للإسلام بعمل تحالف وثيق بين فرس اليمن ويهود اليمن وتحددت مهمة كلا الفريقين حيث أن على فرس اليمن أن يقوموا بترسيخ مسمى آل البيت على أنفسهم حتى يصبح حقيقة لا تقبل النقاش، وعليهم أن ينتحلوا النسب الهاشمي بالتدرج وعليهم ألا يستعجلوا في ذلك وعلى يهود اليمن أن يروجوا لفكرة الولاية لعلي ومن ثم لبني هاشم وقد تكفل عبدالله بن سبأ اليهودي بهذه المهمة وقصته معروفه ومشهورة.
أما الإجراءات التي قام بها فرس اليمن لتنفيذ مهمة انتحال النسب الهاشمي فقد قاموا باختراع فكرة المشجرات التي بدأوا ينسبون أنفسهم بموجبها إلى الهواشم والمشجرات فكرة فارسية بحته لم تعرفها العرب فقبائل العرب يعرف بعضها البعض والشعر ديوان العرب.
لذلك لكي تعرف الفارسي في اليمن يكفي أن يقول لك: انه هاشمي، وان لديه مشجر ينسبه الى علي هذا دليل كاف واف لإثبات فارسيته، والدليل الآخر هو رفضه ان يزوج ابنته من احد عرب اليمن، لأن هذا يناقض دين العرب والمشجر يناقض عرف العرب.
وبعد أن أتم قادة الثورة الفارسية المضادة للإسلام رسم معالم الدين الجديد عادوا إلى بلاد فارس حاملين معهم فكرة الانتحال للنسب الهاشمي، فكانوا يتعقبون الهواشم، فإذا ما انتقل شخص منهم إلى مدينة اخرى قاموا بإخفائه مدة طويلة ويقومون بتعذيبه واخذ كل معلوماته الشخصية بكل تفاصيلها ثم يقتلونه ويقومون بإرسال شخصية فارسية محنكة باسم ذلك الهاشمي الذي قتلوه ولكن يرسلونه الى مدينة اخرى غير المدينة التي نشأ وترعرع فيها لكي لا يتمكن أحد من التعرف عليه ومن ضمن هؤلاء يحي حسين الرسي الذي ذهب الى بلاد فارس الديلم لطلب العلم فأخفاه قادة الثورة الفارسية المضادة للإسلام عشرين عاما ثم قتلوه وأرسلوا أحد قادة الثورة الفارسية المضادة للإسلام منتحلا شخصيته، ولذلك لما رآه أبوه أنكر أن يكون هذا هو ولده.
وبإرسال هذا الشخص استطاع فرس اليمن ان يحكموا اليمن من جديد باسم الهاشمية المزورة، وبهذا تحقق الهدف الذي اتفق عليه فرس اليمن ويهودها تحت رعاية قادة الثورة الفارسية المضادة للإسلام.
ولذلك نجد المؤرخين قديما وحديثا يتعجبون وينذهلون من جرائم الرسي ومن جاء بعده من السلالة الفارسية وما ذهولهم إلا لجهلهم بجذور المشكلة وابعادها التاريخية وحقيقتها الجوهرية.
أما الحلقة الأخطر في القضية فقد حدثت في عهد الفارسي عبدالله بن حمزة حيث نشأت فرقة زيدية تسمى "المطرفية" نسبة إلى مطرف بن شهاب مؤسس فرقة المطرفية ترى هذه الفرقة انه لا يجوز حصر الولاية في بطنين فقام عبدالله بن حمزة بإبادة رجال الفكرة وسبي نسائهم وذراريهم رغم ان اتباع الفكرة كانوا هم أعزة اهل اليمن وعلمائها وحرفييها من أرباب الصناعات والمهن والتجار، والأخطر من ذلك كله أنه اطلق عليهم لقب (مزاينة)، ومنع الناس من ان يزوجهم او يتزوجوا منهم، بل ومنعهم من دخول المساجد حتى انه كتب على باب مسجده: 
أقسمت قسمت حالف بروفي 
لا يدخلنك ما حييت مطرفي 
وبهذا العمل العنصري الخطير استطاع الفارسي عبدالله بن حمزة شق القبيلة اليمنية وجعل أعزة أهلها أذلة.
وبهذا أخرج اليمن من التقسيم الإلهي شعوب وقبائل ليتعارفوا الى طبقات ليتعالوا.
ولا سبيل للخلاص الا بالرجوع إلى المنهج الإلهي شعوب وقبائل والحديث عن: فرس وعرب وليس سادة وعبيد.. فرس اليمن وعرب اليمن وليس سادة ومزاينة، بل يجب الحديث عن احتلال فارسي وليس انقلاب حوثي. وعن مرتزقة السلالة الفارسية ومليشيا السلالة الفارسية وليس عن مليشيا الحوثي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع والمصادر:
- الإكليل من أنساب اليمن وأخبار حمير، للحسن بن أحمد الشهير بالهمداني، المتوفي (سنة ٣٣٤هجرية).
- عجائب اليمن (جزء في صفة جزيرة العرب)- مرجع آخر للهمداني . 
- الحور العين والنشوانية أو القصيدة الحميرية وشرحها للمؤرخ والعالم اليمني الفقيه نشوان الحميري، المتوفي (573هجرية الموافق 13 يونيو 1178م). وغيرها من الكتب.
- تاريخ اليمن الحديث والمعاصر للمؤرخ والدبلوماسي الدكتور حسين بن عبد الله العمري.
- موسوعة سفير للتاريخ الإسلامي لمجموعة من المؤلفين، منشور في المكتبة الشاملة.
- معجم البلدان لشهاب الدين ياقوت بن عبد الله الحموى المتوفَّى سنة (٦٢٧هجرية).  
- مروج الذهب ومعادن الجوهر للمؤلف على بن الحسين بن علي المسعودى. 
- الكامل في التاريخ، للمؤرخ عز الدين بن الأثير المتوفَّى سنة (٦٣٠ هجرية).
 

 

* نقلا عن صحيفة 26 سبتمبر