الرئيسية - الأخبار - الباحثة في الشأن الإيراني أمل عالم لـ"الثورة نت": تحركات الحوثي جاءت بقرار إيراني وفي سياق خدمة إيران (حوار+انفوجرافيك)
الباحثة في الشأن الإيراني أمل عالم لـ"الثورة نت": تحركات الحوثي جاءت بقرار إيراني وفي سياق خدمة إيران (حوار+انفوجرافيك)
الساعة 07:57 مساءً الثورة نت/ خاص

-    ما يحدث في غزة سيلقى بظلاله على العالم وسيكون لليمن نصيب من ذلك
-    النظام السياسي الإيراني لن يجازف بدخول حرب ستقود إلى إنهائه في الداخل
-    الشعارات الإيرانية وهم تبيعه طهران لأذرعها وللجماعات الموالية لها في المنطقة
-    الصواريخ والمسيرات التي أعلن الحوثي إطلاقها لم تحقق سوى الضجة الإعلامية
-    الإعلان الحوثي بمثابة الدخول في صناعة فوضى بالمنطقة وعواقبه وخيمة على اليمن

للأسبوع السادس على التوالي، تشن قوات الاحتلال الاسرائيلي حرباً وحشيّة ومدمّرة على قطاع غزّة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم، مخلّفة نحو 12 ألف شهيد و30 ألف جريح، معظمهم من الأطفال والنساء. فبالإضافة إلى القصف الشديد والكثيف الذي تمطره على الأحياء جوّاً وبرّا وبحراً، دون تمييز، تفرض حصاراً مميتاً على السكّان. 
وفي غمرة المواقف العالمية المتعاطفة مع غزّة، أثيرت أسئلة كثيرة بشأن موقف النظام الإيراني وأذرعه المسلّحة في المنطقة تجاه العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وارتكابه "جرائم الإبادة الجماعية" و"الجرائم ضد الإنسانية".
"الثورة نت" أجرى حواراً مع الباحثة في الشأن الإيراني أمل عالم، لمناقشة تطورات الأوضاع الإقليمية على ضوء الحرب الإسرائيلية الدموية على غزة، ومواقف الفواعل المحلية والإقليمية وانعكاساتها على مستقبل السلام في اليمن.

تداعيات أحداث غزة
تقول الباحثة أمل عالم لـ"الثورة نت" إن ما يحدث في غزة لا شك "سيلقى بظلاله على العالم عموماً ومنطقة الشرق الأوسط خصوصاً، ولليمن نصيب في ذلك بسبب انخراط الحوثيين في ما يعرف بمحور المقاومة، وسعيهم إلى تصدر المشهد في الأحداث الجارية من خلال تحركات فاشلة لصناعة ضجة إعلامية لا أكثر".
وهذه الضجة "يستثمرها الحرس الثوري في التغطية على عدم تدخله في الحرب بعد أن جعل من فلسطين قضيته المحورية على مدار أكثر من 40 عامًا من خلال شعارات وظفها في تأسيس فيلق القدس الذي تدخل في العديد من دول المنطقة عدا فلسطين"، وفق الباحثة.
وحول انعكاسات ذلك على اليمن، تقول عالم، إنها "ستكون سلبية في المرحلة القادمة، بسبب تحويل الحوثيين الجغرافيا اليمنية والممرات المائية إلى مصدر تهديد لأمن الملاحة الدولية". مستدركة: وإن كانت تحركاتهم غير جدية لكنها تجعل من إمكانية توجيه ضربات للسفن، وعرقلة الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب، خيارًا مفتوحاً إذا تطلب الأمر ولهذا تبعات مستقبلية سلبية على اليمن".
ومن ناحية أخرى، تقول أمل عالم، إن اليمن في الظروف الحالية تشكل "بيئة خصبة لزيادة التمدد الإيراني في اليمن وخاصة فيما يتعلق بالحشد والتعبئة وتشكيل مقاتلين خارج اليمن تحت مظلة فيلق القدس تحت شعار الطريق إلى القدس. وللأسف لا زال هناك من الشباب البسطاء من يقع في فخ هذه الشعارات الإيرانية الكاذبة، بالإضافة إلى استغلال فقر وحاجة الناس".
إيران والقضيّة الفلسطينية
وعن موقف النظام الإيراني، تستبعد أمل عالم "دخول إيران عسكرياً بشكل مباشر في مواجهة العدوان الإسرائيلي". فبرأيها "لا تزال إيران حتى اليوم عالقة في آثار حرب الثمان سنوات مع العراق وشبحها يطارد الشعب الإيراني من مختلف الفئات، ومنذ ذلك الوقت تعلم الإيرانيون درس عدم الدخول في حرب مباشرة تضعفهم وتستنزف مواردهم".
وإضافة إلى ذلك تقول الباحثة: إن شريحة لا يستهان بها من الرأي العام الإيراني لا تؤيد سياسة بلادهم الإقليمية وتوجهها من القضية الفلسطينية والدعم الذي تقدمه لأذرعها في المنطقة، حيث يرى شريحة كبيرة وأغلبها من المثقفين أن بلادهم أولى بالأموال التي ينفقها النظام على الميليشيات المسلحة، وكذلك هم ضد تبني النظام لشعارات العداء لإسرائيل وأمريكا.
وتضيف: "ومهما بلغ استبداد وديكتاتورية النظام السياسي الإيراني إلا أنه لن يجازف بدخول حرب ستقود إلى إنهائه في الداخل. ورأينا ذلك سابقًا في التزام الحرس الثوري التأني في الرد على مقتل قاسم سليماني والاكتفاء بالتهديدات".
مواقف الأذرع الإيرانية
وعن تقييمها لمواقف أذرع إيران ومبررات هذه المواقف، تقول أمل عالم: الجميع اليوم يستطيع أن يرى أن شعارات الأذرع الإيرانية هي وهم تبيعه إيران من خلال هذه الأذرع للجماعات الموالية لهم في بلدان المنطقة". مضيفة أن "هذا الموقف ينسجم مع المصلحة الإيرانية، حيث أن إيران ومن خلال الحرس الثوري هي من توجه هذه الأذرع وهي من تصنع القرار وهم أدوات تنفذ بحسب التعليمات الواردة من الحرس الثوري".
ووفق الباحثة فإن "إيران حذرة من أن تجر إلى حرب أو تُوجَه لها ضربة أو لأحد أذرعها الرئيسية وتحديدًا حزب الله؛ مما يؤثر على قوة نفوذها في المنطقة. ولذلك تأتي المواقف منسجمة في سياق توجيه تهديدات وإيجاد ردع يمنع الطرف الآخر من الاتجاه نحو خيار حرب تشمل الجميع".
المواقف والشعارات
وعما إذا  كانت هذه المواقف كافية لأتباع المحور قياساً بحجم الشعارات الإيرانية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، تقول أمل عالم، إن "أتباع المحور ينقسمون إلى فئات متعددة؛ وهناك فئتين على الأقل ستبقى تابعة ومؤيدة للنظام السياسي الإيراني طالما هذا النظام ومعه الحرس الثوري يحكم في إيران: الأولى فئة لا تجد مصالحها إلا من خلالهم ومنهم الحوثيين. والأخرى فئة تؤمن بالأيدلوجية الإيرانية، وترى أن للنظام السياسي الإيراني بقيادة الولي الفقيه الحق في زعامة المنطقة والعالم الإسلامي، وتعتقد أن موالاتهم واتباعهم واجب ديني؛ لذلك هي تنساق بشكل أعمى وراء النظام الإيراني".
وتعتقد الباحثة أن "هاتين الفئتين تكفيان لبقاء واستمرار الايديولوجية الإيرانية في داخل إيران وفي مناطق نفوذه الإقليمية".
سياقات الموقف الحوثي
وعن موقف الحوثيين، ترى الباحثة أمل عالم أن "الإعلان والتحرك الحوثي جاء بقرار إيراني، ويأتي في سياق خدمة التوجهات والسياسات الإيرانية بالدرجة الأولى". 
مضيفة: في الواقع أسست إيران هذا المحور في إطار استراتيجية أمنها القومي بشكل خاص، بحيث ترفع من قدرتها على ردع أي تهديد مباشر لأراضيها، وفي ذات الوقت الإبقاء على أيديولوجيتها وشعاراتها حية. وتدير إيران هذا المحور بواسطة الحرس الثوري؛ بطريقة تمكنها من استثمار المكاسب وتجنبها الخسائر أو تبقيها عند الحد الأدنى مع توفر القدرة على نفي صلتها بأي تحركات تقوم بها هذه الأذرع".
وحول كيفية أن يخدم الموقف الحوثي إيران، ذكرت الباحثة ثلاثة أمور "مهمة" في هذا السياق أولها: "تخفيف الضغط عن بقية المحور، وخصوصاً حزب الله، فيما يتعلق بدخول في حرب مع إسرائيل أو على الأقل توجيه ضربة لإسرائيل تتناسب مع شعارات المحور التي تروج لها منذ أسس الخميني الجمهورية الإسلامية في ١٩٧٩". 
موضحة أن الحرس الثوري يوظف "الإعلان الحوثي في إطار ردود فعل المحور ضد العدوان الإسرائيلي على غزة بشكل يظهر فيه أمام أتباع المحور في دول المنطقة بأن هناك رد وأن الحرس الثوري ومعه أذرعه لم يتركوا غزة والمتابع لوسائل إعلام الحرس الثوري يرى ذلك بوضوح".
وثانياً "توفير عامل الردع لمنع توسع الحرب وتفادي توجيه ضربة قوية مباشرة لأي أحد في المحور وذلك من خلال فتح خيار تهديد السفن والمدمرات في البحر الأحمر. والأمر الثالث: "دعم الشعارات الأيديولوجية، وتوفير فرصة للحشد".
مزاعم الحوثي والداخل 
وعلى المستوى الداخلي، تقول أمل عالم، إن "الميليشيا الحوثية تحاول التلاعب بعواطف الناس لتحسين صورتها في الداخل اليمني، واستغلال المكانة التي تحظى بها القضية الفلسطينية في وجدان اليمنيين".
ولكنها لا تعتقد أن "ذلك سيتحقق، ربما في الوقت الحالي والناس تحت تأثير جلل الأحداث والمأساة في غزة يتحمس البعض للتحركات الحوثية وإعلانها عن الضربات التي توجهها إلى إسرائيل لكن في النهاية حبل الكذب قصير، والطبع يغلب التطبع".
مضيفة: لتكسب احترام الجماهير الداخلية تحتاج إلى أن تتصرف بمسؤولية تجاه احتياجاتهم وحقوقهم الأساسية على الأقل، الأمر الذي يستحيل على ميليشيا مسلحة تسعى للسيطرة على السلطة بقوة السلاح وإخضاع الناس لأيديولوجيتها بالترهيب.
وإجمالاً، ترى الباحثة أن الإعلان الحوثي يؤثر سلبًا على اليمن "فهو بمثابة إعلان دخول في صناعة فوضى في المنطقة. العديد من المؤشرات تدل على أن الصواريخ والمسيرات التي أعلن الحوثي إطلاقها لم تحقق أي شيء على الصعيد العملي سوى الضجة الإعلامية للاستهلاك المحلي وبين الموالين للمحور الإيراني، لكن عواقب ذلك على اليمن ستكون وخيمة من حيث توفير الأسباب للتدخل الخارجي في البلاد أو الممرات المائية والجزر لحفظ أمن الملاحة الدولية".
لا رسالة
وفيما إذا كان لدى الحوثيين رسالة للإقليم من خلال إعلانهم، تقول الباحثة: إقليمياً، وعلى مستوى الدول لا يبدو أن الحوثيين لديهم رسالة محددة يريدون إرسالها بقدر ما هم يتحركون لحفظ ماء وجه ما يعرف محور الممانعة، وعلى رأسهم الحرس الثوري الإيراني، والسعي للحفاظ على النفوذ الايراني القائم على شعارات. وهم بذلك يؤكدون ولاءهم لإيران، 
وتضيف: بالرغم من أن التوقيت كان يتطلب منهم الظهور بشكل إيجابي لإثبات حسن نواياهم الإقليمية في إطار عملية السلام الجارية في اليمن إلا أنهم فضلوا أداء وظيفتهم كأداة دعائية إيرانية. 
وعلى المستوى الإقليمي الشعبي، تقول أمل عالم: وجد الحوثيون في الأمر فرصة لتسويق أنفسهم لكسب شعبية بعيداً عن الصورة المأخوذة عنهم بين أغلب الشعوب العربية الرافضة للنفوذ والتدخل الإيراني كميليشيا مسلحة عنيفة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى الظهور كشريك فاعل ضمن المحور الإيراني والموالين له".
مضيفة: بالرغم من التصريحات المتكررة للحوثيين بأنهم جزء من المحور والأحاديث حول وجود مقاتلين حوثيين خارج الجغرافية اليمنية لمساندة شركاء المحور الآخرين في سوريا ولبنان مثلًا، إلا أن هذه الفرصة هي الأولى للحوثيين لتصدر المشهد في المحور وفي أهم القضايا؛ لذلك يعمل الحوثيون من خلالها على رفع رصيد شعبيتهم بين الجماعات والميليشيات الموالية لإيران في المنطقة".
مستقبل الحوثية
وعن انعكاسات هذا الإعلان على الحوثية ومستقبلها، تطرح أمل عالم سؤالًا بشأن "كيف ترى الجماعة الحوثية نفسها، وما هي طموحاتها الحالية والمستقبلية؟". وتقول إن "سلوك الجماعة منذ نشأتها وحتى اليوم يدل على أنها جماعة عدوانية تؤمن وتركز على القوة في تحقيق أهدافها".
مضيفة أن الإيرانيين يقدمون للحوثيين "الكثير من الدعم، بما في ذلك التوجيه والإرشاد عند التفاوض، وتدعمهم أيضًا في الساحة الدولية ما يظهرهم عند اللزوم بشكل عقلاني، لكن في الأصل هم بعيدون عن إدراك معنى السياسة والعلاقات الدولية".
وتعتقد الباحثة أن "صانع القرار في الحركة الحوثية يرى بأنهم يستمدون جزء من قوتهم من النظام الإيراني؛ لذلك يرى في تنفيذ التعليمات الإيرانية والحفاظ على النظام الإيراني قوي بقاء الحوثيين أقوياء".
وترى أن الحوثيين لا يجدون "القوة في الالتزام بضوابط النظام الدولي لأنهم لا يبحثون عن السلطة من خلال العمل السياسي وإنما من خلال فرض القوة، فهم مليشيا مسلحة مستقبلها مرتبط بالنظام الإيراني وأجندته ومدى فعاليتهم كأداة ضمن الاستراتيجية الإيرانية وانعكاس ذلك على الدور الذي يلعبونه في لعبة توازنات القوى الاقليمية في الكفة الإيرانية"
ولهذا لا تعتقد أمل عالم أن "تحركات الحوثيين الحالية ستنعكس سلباً على مستقبلهم على الأقل في المدى القريب والمتوسط؛ فجزء أساسي من قوتهم هو قدرتهم أن يكونوا ورقة ضغط إيرانية تفرض مطالبها بالقوة وخلط الأوراق، وتحركاتهم الحالية تمنحهم هذا الشيء".
لا سلام
وعن مستقبل السلام في اليمن في ظل التطورات المحلية والإقليمية، تقول أمل عالم إن "الأحداث الجارية أوضحت بما لا يدع مجالا للشك، أن الحوثيين يتبعون إيران ويتحركون وفقا للتوجه الإيراني". 
ولذلك "لا ضمانات للسلام في اليمن ما دام الحوثيين يمتلكون القوة والقدرة على فرض مطالبهم وطالما المصالح والأجندة الإيرانية ما زالت تتعارض مع السلام والاستقرار في اليمن"، وفق الباحثة.
وفي الواقع، ترى الباحثة في الشأن الإيراني، أن "السلام في اليمن الذي ينتهي بالأمن والاستقرار للبلاد وحياة معيشية مستقرة للشعب ويضمن الأمن الإقليمي لا يتحقق وجماعة الحوثي تمتلك القوة".