الرئيسية - علوم وتكنولوجيا - الشعب يريد تشغيل النظام
الشعب يريد تشغيل النظام
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

م. هاشم السريحي –

خرجت من منزلي الساعة السابعة والنصف صباحا◌ٍ متوجها◌ٍ إلى مجمع الإصدار الآلي بشارع خولان – جوار مصلحة الهجرة والجنسية¡ لقطع رخصة قيادة سيارة. المجمع يقدم خدمات الشرطة بصورة كاملة والتي كان يطلبها من أكثر من فرع وأكثر من جهة وفي أكثر من مكان كالجوازات¡ وإصدار الأرقام والبطائق الشخصية والعائلية وشهادات الوفاة والزواج والطلاق التي هي من الاستحداثات الجديدة التي أدخلت إلى المجمع¡ أيضا◌ٍ شهادات الميلاد والرخصة الدولية¡ فالخدمات التي يقدمها هي خدمات اجتماعية وإنسانية وأمنية. وصلت في الثامنة وأمام البوابة كان هناك جمع من الناس يريدون الدخول¡ ولكن لا يسمح لأحد بالدخول إلا الموظفين¡ إذ أن بوابة المجمع لا تفتح أمام المراجعين إلا في الثامنة والنصف¡ وعند دخول المراجعين يقوم الشرطي بترتيبهم في صفوف منتظمة ليتم تفتيشهم.

مبنى واسع عندما دخلت المبنى أعجبني حسن تنظيمه فهناك مكان للجوازات وآخر للأحوال المدنية وثالث للمرور¡ وكلها تحت سقف واحد¡ ورأيت الناس منتظمين في طوابير معينة حسب المعاملة التي يريدون إنجازها¡ وفي أكثر من مكان تتوزع لافتات توضيحية وأخرى تحذيرية من استخدام أي وساطة والتي قد تلغي المعاملة كجانب عقابي.

خلص الحبر عندما وصلت سألت ما هو المطلوب¿ فقيل لي: اذهب لشراء الملف وقم بتصوير البطاقة الشخصية¡ ثم عد إلينا. وبصفتي موظفا◌ٍ فقد أخذت أذنا◌ٍ من العمل وبما أن الإجازة ليوم واحد فقد وصلت مبكرا◌ٍ لعلي أنجز المعاملة سريعا◌ٍ¡ ولكن كانت العقبة الأولى فبعد شراء الملف وتعبئة البيانات في الأوراق الخاصة بذلك توجهت إلى الاستقبال لاستكمال المعاملة في الحاسوب فأخبرني الموظف المسئول أنه لا يمكن إنجاز أي معاملة لعدم توفر الحبر¡ فسألته: والمعنى¿ قال: “انتظر الحبر و الا تعال بكرة”.

النظام خربان وفي اليوم التالي حمدت الله على توفر الحبر فبدأت المعاملة¡ وعند صندوق التسديد كان المختص يدخل البيانات ويقوم بطباعة الفاتورة فتخرج بسعر مضاعف ثلاث مرات¡ فحاول إصلاح المشكلة مرة ومرتين حتى عجز¡ والمواطنون ينتظرون ويحاولون المساعدة وكان منهم من يقول على سبيل التهكم: الشعب يريد تشغيل النظام¡ فرفع الموظف الأمر إلى مسئوله الذي تفاعل مشكورا◌ٍ مع المشكلة وتواصل مع كبير مهندسي نظام المرور بالمركز وحاولوا إصلاح المشكلة ولكن دون فائدة¡ وهكذا ضاع اليوم الثاني. في اليوم الثالث وبعد إصلاح الخلل فوجئت بأن اسمي قد اختفى نتيجة الخلل وبالتالي عدت لإجراء المعاملة من جديد¡ وأخيرا◌ٍ لم يتبق إلا طباعة الرخصة¡ ولكن عليø الانتظار إلى الظهر أو العودة في اليوم التالي.

استعلام لا وسيط عدت في اليوم الرابع لاستلام البطاقة (الرخصة) فقيل لي: خذها من الكشك المجاور للمبنى¡ وعندما توجهت للكشك رأيت الناس على شكل طابور منظم دون أن يقوم أي شرطي بترتيبهم¡ فالمراحل السابقة علمتنا النظام¡ واللافتات التي تحذر من استخدام أي وسيط غرست فينا تجنب الوساطة قدر الإمكان. عندما وصل الدور إلى اسمي بدأ المختص يبحث عن بطاقتي فلم يجدها¡ فعدت إلى مبنى الإصدار الآلي وسألت المختص¡ فقال لي: تعال غدا◌ٍ أو انتظر إلى الساعة 12 ظهرا◌ٍ¡ فتمنيت لو وجد موظف استعلامات¡ وقد كان لي صديق يعمل في المركز وقد حاولت ألا أستعين به حتى لا تؤنبني نفسي بأني استخدمت الوساطة¡ ولكن لعدم وجود شخص يوضح لي أمر البطاقة وهل هي جاهزة لأنتظر أم أنها مازالت متأخرة لأذهب وأحضر في اليوم التالي¡ استعنت بصديقي فأخبرني أن بطاقتي في طريقها إلى الكشك¡ فذهبت إلى الكشك وبحث المختص عن البطاقة فوجدها¡ عندها أخذت البطاقة وشكرت صديقي الذي وفøر عليø الحضور يوما آخر. بعد هذا العناء دخلت إلى صفحة مجمع الإصدار الآلي لخدمات الشرطة على الفيس بوك وبعد تصفحها تساءلت لماذا لا يتم التواصل عبرها مع المجمع لمعرفة -هل الحبر موجود والنظام تمام- وما هي الوثائق المطلوبة لإجراء معاملة معينة وما إلى ذلك لعل يوم الاستئذان يظل يوما◌ٍ واحدا◌ٍ لا أربعة أيام …

[email protected]