الرئيسية - اقتصاد - قدرة موازنة العام 2014م على تحمل التبعات
قدرة موازنة العام 2014م على تحمل التبعات
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

أحمد ماجد الجمال –

الموازنة الجديدة موغلة في التحفظ بأخذها كافة التقلبات الممكنة والمحتملة في الاعتبار لمصادر الإيرادات وخصوصاٍ سعر النفط والغاز وصافي الكميات المتوقع إنتاجها والمقتسم منها التي تؤول للدولة والاستقرار السياسي والأمني باعتباره العنصر الرئيسي وهذا أدى إلى لفت النظر إلى ارتفاع الإنفاق الحكومي إلى مستوى اكبر عن السنوات الماضية بمبلغ (2.884)مليار ريال وبنسبة زيادة قدرها (4.2%)عن العام السابق في ظل معدل تضخم عند مستوى مرتفع (8.5%)منخفض بشكل طفيف عما كان عليه في العام 2013م والمسجل عند مستوى (9%) وفي مؤشر آخر يثير القلق ارتفاع بسيط في الموارد العامة المقدرة بمبلغ( 2.204) مليار ريال بنسبة زيادة قدرها (5.8%). فمن الواضح انه اذا استمرت وتيرة ارتفاع المصروفات الجارية أسوة بما جرى خلال الفترة يناير/نوفمبر2013م حيث استحوذت ما نسبة (91%)من إجمالي النفقات العامة , ستظل المالية العامة إجمالا في حال غير متوازن حيث كان هناك عجز بمبلغ(462)مليار ريال ربما ستظهر بوادر لمشكلة تتفاقم في السنوات القادمة فقد انخفضت الإيرادات النفطية بنسبة(4%)وبالتالي العجز في الموازنة سيرتفع مسجلاٍ أرقام جديدة وطالما لم يتم تطوير واستحداث مصادر جديدة للدخل أما الزيادة المتوقعة في الإيرادات الضريبية والجمركية ليست حقيقية وإنما هي عبارة عن ضرائب مرتبات وأجور وضريبة مبيعات وهي تخصم من المنبع مباشرة وتلقائياٍ وبالتالي لا يشير ذلك إلى احتمالية للاستمرار و الاستقرار الاقتصادي الوصول إلى مصادر جديدة أو تحصيل من كامل الطاقة والأوعية الضريبة والجمركية أو الرسوم والعوائد الأخرى أو حصة الحكومة من فائض أرباح الوحدات الاقتصادية أو الاتاوات المتنوعة ومن المحتمل ان مثل هذه الوضعية ادى الى بلوغ العجز الكلي وهو الفرق بين الإيرادات والمصروفات العامة(646.1 ) مليار ريال فيما بلغ العجز النقدي الصافي وهو عبارة عن العجز الباقي بعد استخدام مصادر تمويل الاستثمارات والتحويلات والتي تشتمل على الاوعية الادخارية والقروض والتسهيلات الائتمانية المحلية مبلغ(679.3)مليار ريال وهو مايمثل العجز النقدي المتوقع ويعكس العجز الفعلي الذي سيتم تمويله من القروض ما لم تحدث مفاجأة في ارتفاع وزيادة الموارد العامة من أي مصدر كان خلال العام . في الجهة المقابلة هناك ارتفاع للمديونية والتي تمثل العجز النقدي الذي تم تمويله بالقروض كونها تمثل الرقم الحقيقي للعجز النقدي ويعكس قيمة ما اقترضته الحكومة فعلاٍ لتمويل كل عجز الموازنة بما فيه عجز الوحدات الاقتصادية حيث أشارت البيانات إلى صافي مديونية الجمهورية من الدين الداخلي في نهاية العام2013م قد بلغ حوالي ( 2.674) مليار ريال بالمقارنة بحوالي (2.085)مليار ريال في نهاية العام الذي سبقه أي بارتفاع بلغ حوالي (589) مليار ريال فيما بلغ الدين الخارجي حتى نوفمبر 2013م( 7,217) مليون دولار بالمقارنة بحوالي (7.223 ) مليون دولار والانخفاض في المديونية الخارجية ناتج عن التغير في أسعار الصرف وزيادة المسدد عن المسحوب لذلك يمكن القول إن العجز الحقيقي للموازنة هو قيمة الارتفاع في المديونية عن العام السابق وما يسمى بالعجز النقدي والذي يمثل ما اقترضته الحكومة فعلاٍ. لذلك نرى أن البيانات الصادرة دورياٍ من قبل صندوق النقد الدولي لاتكتفي ببيانات عجز الموازنة لوحده بل تضيف بيانات النقدية والمديونية للدلالة على العجز النقدي الفعلي إضافة إلى أن استمرار متوالية تدني حجم الاستثمارات الحكومية خلال الفترات السابقة والحالية حيث تم اعتماد مشاريع في البنى التحتية في قطاع (الطرق والجسور والإنفاق ,الكهرباء والمياه,الصرف الصحي) بمبلغ (591)مليار ريال وبهذا العدد من المشاريع المتواضعة ومحاولة تنفيذها وفق الجداول الزمنية المعتمدة لها إلا أن السؤال يظل قائما عن مدى استمرارية ظاهرة التأخر في تنفيذ المشاريع الذي أصبح أمراٍ مألوفا وان لم يكن قط مقبولاٍ وهناك قصور في القوائم المتوفرة بسير العمل في المشاريع المختلفة وما تأخر منها وأسباب تعثرها تفصيلياٍ وهذا في حد ذاته احد أسباب الشكوى التي تتردد. وفي جانب آخر رصدت مخصصات الأنفاق بالموازنة مبلغ(479.2)مليار ريال تحت بند شبكة الأمان الاجتماعي والتي تستهدف التخفيف من حدة الفقر وهي بنود تتعامل مباشرة مع الفئات الفقيرة والمعدمة اقتصادياٍ واجتماعياٍ ولكن لم يرافقها تبني برامج زمنية لمعالجة الفقر وليس فقط مجرد رصد اعتمادات مالية وهو الأمر غير الموجود في واقع الموازنة, أما دعم المشتقات النفطية بلغ (331)مليار ريال في هذا العام بما نسبته(11.5%) من اجمالي النفقات وهذا رقم كبير ولم يرفع من مستوى أداء الاقتصاد الكلي. وفي كل الاحوال هناك تساؤلات عدة حول قدرة الإدارة المالية على القيام بمسؤوليتها حيال تنفيذ الموازنة بمستوى تنظيمي ومهني عال وتقديم الخدمات بالجودة والسرعة والتكلفة المطلوبة ولعل مصدر هذه التساؤلات يعود إما الى تدني مستوى الرضا عن الخدمات التي تقدمها الاجهزة والمؤسسات التنفيذية والادارية أو الملاحظات التي يبديها أفراد المجتمع على المشاريع العامة.