الرئيسية - اقتصاد - الدولة والتوازن المفقود في إدارة الاقتصاد
الدولة والتوازن المفقود في إدارة الاقتصاد
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

الحديث عن دور الدولة في إدارة الاقتصاد في ظل اقتصاد السوق شابه الكثير من اللغط والمثير للدهشة أن القطاع الخاص يعاني الكثير من التشوش الذهني فيما يتعلق بدور الدولة في الاقتصادþ فالدولة يجب أن تكف يدها عن التدخل حينما يكون التدخل في غير مصلحتهاþ.þ لكن الدولة يجب أن تتدخل وأن تكون صارمة أشد صرامةþ,þ عندما يكون ذلك في مصلحتهمþ مثلاþ,þ الدولة يجب أن تتدخل بتقديم الدعم للصناعة و دعم الطاقة þ.þ والتدخل هنا يعني بوضوح شديد أن تستخدم الدولة كل قوتها لحماية أرباح رجال الأعمالþ.þ

لكن الدولة من ناحية أخرىþ,þ في نظر رجال الأعمالþ,þ لا يجب أن تتدخل في منع الممارسات الاحتكاريةþ ولا يجب أن تتدخل لمنع الغش التجاري أو الحد منهþ.þ ولا يجب أن تتدخل لتحديد المواصفات السلعية وفرض الالتزام بهاþ.þ ولا يجب أن تتدخل بفتح الأسواق ومحاولة كسر الاحتكارات التجارية وإذا فعلت الدولة أيا من هذه الأشياء فإن رجال الأعمال يتهمونها بتخريب السوق ومحاربة الحرية الاقتصاديةþ.þ فالتدخل المرغوب من رجال الأعمال هو الذي تقوم به الدولة لحماية أرباحهم وتعظيم هذه الأرباحþ.þ أما التدخل الذي يقصد حماية المنافسة العادلة وحماية مصالح المستهلكينþ,þ فهو تدخل غير مرغوب فيه من ناحية رجال الأعمالþ وفي حقيقة الأمر فإن الدولة يجب أن تتدخلþ,þ لحماية المنافسة العادلة من تغول رجال الأعمال كبارهم على صغارهمþ,þ وجميعهم على المستهلكينþ.þ الدولة يجب أن تتدخل لحماية جانب الطلب وتعزيز قوة المستهلكين المفتتين في مواجهة المنتجين المنظمين.þ الدولة يجب أن تتدخل لضمان إدارة التنمية في الاتجاه الصحيح لخدمة الفقراء وليس في اتجاه الخرابþ.þ هيكلة الدكتورة نجاة جمعان أستاذ الإدارة بجامعة صنعاء تشدد على أهمية إعادة هيكلة دور الحكومة لتصبح موجها مشرعاٍ ورقابياٍ على أداء السوق وأداء القطاع الخاص وتنمية علاقة الشراكة مع القطاع الخاص لتأخذ نهج ومفهوم الشراكة الحقيقية المبنية على الثقة والمسؤولية من كلا الطرفين وبناء مفهوم الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص قائمة على تطوير نماذج لعقود الشراكة المنهجية نحو التنمية الاقتصادية والتنمية الرائدة لدى القطاع الخاص و تطوير سياسات اقتصادية محفزة لأداء القطاع الخاص وليس سياسات استبعاد القطاع الخاص من الموارد الاقتصادية في المجتمع وزيادة الوعي لدى كلُ من الحكومة والقطاع الخاص حول الأدوار الجديدة لكليهما وتحديد هذه الأدوار وتوضيحها. ووفقا لجمعان فإن تطور القطاع الخاص مرهون بتطور السياسات الحكومية وآلياتها التنفيذية بحسب متطلبات التنمية الاقتصادية وتهيئة مناخ الأعمال بالشكل الملائم وبما يحقق منافسة حقيقية وعادلة للقطاع الخاص والقائم على القدرات والإبداع والجودة وليس على الانتماءات السياسية أو القبلية أو المناطقية والابتعاد عن استغلال السلطة السياسية أو العسكرية للاستحواذ على المشاريع الاستثمارية بل قد يتطلب الأمر الفصل بين دور الدولة والقائمين عليها وبين دور القطاع الخاص والقائمين عليه. نظام وأشارت إلى أن استراتيجية الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص تعتبر مفهوماٍ طويل الأجل يعمل في إطار نظام متكامل يشمل عدداٍ من المكونات كما أن السياسات الاقتصادية المتوازنة التي تخلق بيئة اقتصادية داعمة لعمل القطاع الخاص في إطار الشراكة المستهدفة تمثل الجزء الأساسي لهذه الشراكة كما أن وجود مؤسسات قطاع عام فاعلة وقوانين وأنظمة ولوائح واضحة لأدوار ومسؤوليات هذه المؤسسات يساهم بشكل كبير في عمل نظام الشراكة كما أن الموارد البشرية المؤهلة مهنياٍ وفنياٍ أيضاٍ سوف تساعد بشكل فعال في عمل هذا النظام بفاعلية ويمكن أن تأخذ الشراكة التعاقدية أحد الأشكال التالية ومنها الشراكة على أساس التعاقدية: (عقود الخدمات عقود الإدارة عقود الإيجار عقود البناء والتشغيل والتحويل والشراكة على أساس معيار المبادرة: (الشراكة بمبادرة من الحكومة الشراكة بمبادرة من القطاع الخاص الشراكة بالتعيين كخلق شركات اقتصاد مزدوج ذات مهمات متنوعة وخاصة الشراكة بنظام الامتياز). خطوات شكلت توجهات ومنطلقات برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري أساساٍ قوياٍ لإطلاق طاقات النمو للقطاع الخاص وتوسيع أنشطته الاستثمارية وتنويعها والدخول في مجالات كانت حكراٍ على الدولة مثل التعليم والصحة والاتصالات وغيرها كما شهدت السنوات القليلة الماضية قيام الحكومة باتخاذ عدد من السياسات والإجراءات العملية اللازمة لخلق شراكة حقيقية بين الحكومة ومؤسسات القطاع الخاص حيث تم إنشاء مجلس الغذاء من الحكومة وممثلي القطاع الخاص وإنشاء المؤسسة العامة القابضة للاستثمارات والتنمية العقارية تتولى إدارة أراضي الدولة المخصصة للاستثمار وتهدف إلى حل مشكلة الأراضي الخاصة بالاستثمار والمستثمرين. كما أن إنشاء مؤسسة ضمان الودائع المصرفية بهدف ضمان الودائع وتعزيز أركان الاستقرار المالي ومفهوم الشراكة بإنشاء وحدة الشراكة مع القطاع الخاص PPP في وزارة التخطيط والتعاون الدولي بهدف تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص وتمكينه من إنشاء إدارة خدمات البنى التحتية الأساسية. إن برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري بمكوناته الثلاثة يعد الترجمة العملية للتوجه الاقتصادي والسياسي الجديد في دور الحكومة في تعزيز دور القطاع الخاص في مختلف مجالات التنمية ومستوياتها. فتحرير الاقتصاد من هيمنة الدولة والتثبيت الاقتصادي الذي استهلت بها الحكومة اليمنية برنامجها كان شرطا ضروريا لتحسين الأداء الاقتصادي والتعبير عن التزام الدولة بتوجهها السياسي والاقتصادي المعلن. إذ أن مبدأ التحرير يضمن فك القيود المفروضة من جانب الدولة على مجال السوق في تحديد الأسعار والتجارة ودخول الشركات ومنشآت الأعمال المختلفة بحرية في الأنشطة الاقتصادية على أساس قواعد السوق وليس غيرها. أما التثبيت الاقتصادي فقد كان هدفه الرئيسي خفض التضخم واستقرار العملة الوطنية واحتواء الخلل في موازين الاقتصاد الكلي المحلي منها والخارجي. وهذان العنصران أمران حيويان وضروريان لكي ينخرط القطاع الخاص في البناء والتنمية. اقتصاد متوازن ليس المقصود من تدخل الدولة الاقتصادي وتحقيق التنمية من خلال نظامþ‘þ رأسمالية الدولةþ‘þ أن تتملك الدولة القطاعين الصناعي والتجاري !þ ليس المقصود ذلك على وجه الإطلاقþ,þ لأن الأفراد بإمكانهم اقتحام هذه المجالات وغيرها من الصناعات الخفيفة والمتوسطة وبعض الصناعات الثقيلة دون الحاجة إلى تدخل الدولةþ.þ لكن المقصود من تدخل الدولة في بلد مثل اليمن أن تبادر إلى وضع أسس تنظيم السوق وحماية المواطن من جشع التجار وأن تمنع تحول السوق اليمنية إلى مكب لنفايات العالم بل على الدولة أن تضع الأسس للصناعات الحديثة والمتطورة بما يمكن الاقتصاد من تطوير قدراته التنافسيةþ.þ إن سنوات التنمية من خلال سياسات الانفتاح الاقتصادي والخصخصة لم تنتج إلا مزيدا من التدهور الاقتصادي .