البكري يحث بعثة اليمن المشاركة في ألعاب التضامن الإسلامي في الرياض على تقديم أفضل أداء
الرئيس العليمي يعزي امير دولة الكويت بوفاة الشيخ صباح جابر فهد الصباح
السلطة المحلية بالمهرة تنفي صحة ما ورد في مذكرة جمرك شحن
البرلمان العربي يؤكد أهمية الموازنة بين الذكاء الاصطناعي والحفاظ على القيم الإنسانية
الأمم المتحدة: هجمات الإسرائيليين على الفلسطينيين تسجل مستوى قياسيا في أكتوبر
مصر تفوز بعضوية المجلس التنفيذي لـ (اليونسكو) للفترة 2025 - 2029
الارياني: أكاذيب الحوثي حول "إنجاز أمني" جديد محاولة بائسة للتغطية على اختراقها الداخلي وتبرير قمعها للمواطنين
اللجنة الوزارية تقف امام التقارير الاولية حول حادثة العرقوب بأبين
طارق صالح يختتم زيارته للبرازيل بعد مشاركته في قمة المناخ (كوب 30)
قيادات ميليشيا الحوثي الإرهابية تواجه صراعًا داخليًا على السلطة
ليس المهم انتكاسة القوميين العرب وارتماؤهم في حضن إيران، أولًا لأن الأمر ليس جديدًا، وثانيًا لأنهم لا يختلفون عن كثير من الجماعات اليسارية والإسلامية، الشيعية منها أو السنية، العربية ومنها حركة حماس بطبيعة الحال.
هذه الجماعات المتنافرة في الظاهر تقترب من إيران لأن بعضها يبحث عن نصير، بينما يرى البعض الآخر في معاداة الإمبريالية قاسمًا مشتركًا يبرّر تجاهل أبعاد العروبة ومشروعها، إلى الحد الذي يعجز معه عن التمييز بين الخصم والنصير، وبين العدو والصديق، وبين المشاريع ذات الأفق الإنساني وتلك الملغومة بالطائفية. وقبل كل ذلك، فإن كل جماعة سياسية أو أيديولوجية منكسرة تفقد قدرتها على ترشيد أفعالها، وتندفع نحو النكايات السياسية، فتنتقم من نفسها قبل غيرها.
كان أوليفييه روا في كتابه "فشل الإسلام السياسي"، المنشور مطلع التسعينيات، يراهن على عروبة الشيعة العراقيين، وعلى انحيازهم إلى عروبتهم قبل تشيّعهم، لصدّ النفوذ الإيراني في العراق. غير أن عقدًا واحدًا فقط كان كفيلًا بإثبات فشل هذا الرهان، والأدهى من ذلك أن العروبة نفسها لم تحمِ العراق، وهذا وارد بالنظر إلى تبعات روابط الجوار، واحتمال النفاذية الإيرانية بحكم التقارب السكاني وتداخل العلاقات الاجتماعية ومركزية الحوزات الدينية فيه.
بل إن هذا النفوذ لم يتوقف عند حدود العراق، فامتدّ إلى اليمن وأقطار عربية أخرى، في مشهدٍ يعكس عمق التحوّل الذي أصاب البنية العربية في بعدها القومي والمذهبي على حدٍّ سواء.
المهم في رأيي هو التحوّل الذي تمضي عليه الجماعة الحوثية في الدور والمكانة الإقليمية، وتبعات ذلك على حياة اليمنيين ومستقبلهم، وكلفته على اليمنيين تنمويًّا وتلاحمًا اجتماعيًّا.
ترتقي مكانة الجماعة الحوثية درجةً تلو أخرى ضمن مصفوفة الشبكة الإقليمية الإيرانية، وعامًا بعد عام تتأهّل الحركة لتكون حركةً عابرةً للأوطان وامتدادًا إشعاعيًّا للنفوذ الإيراني، ليس في الجزيرة العربية أو الشرق العربي فحسب، بل أيضًا ما وراء البحر الأحمر في القرن الإفريقي، متجاوزةً بذلك دور حزب الله الذي يتقوّض أكثر فأكثر.
لنأخذ مؤتمر القوميين العرب– حدث الساعة ومثار الدهشة– دليلًا على هذا الارتقاء؛ ففي هذا العام استمع المؤتمرون إلى كلمة عبد الملك الحوثي، وأُرثيَ لهم حالهم على تحمّل رتابة خطابه وطريقة إلقائه التي تفتقر إلى الكاريزما التي كان يتمتع بها حسن نصر الله، بينما تحدّث من طرف الحزب مسؤولة العلاقات العربية.
في الدورة الثانية والثلاثين التي انعقدت عام 2024، كان لجماعة الحوثي ممثّلٌ مغمورٌ يُدعى حمزة، بينما تَحدث عن الحزب نائب الأمين العام لحزب الله في المؤتمر.
تتبدّى علاقةٌ عكسية بين تراجع دور حزب الله وصعود نجم الجماعة الحوثية، في انعكاسٍ لديناميكية صراع البقاء الإيراني. وتجسّد هذا التحوّل في مؤتمرٍ عروبي يحتضنه النظام الإيراني القومي الديني، ذو السلوك المعادي للعروبة والتسنّن، إلى درجة أنه أشعل فتيل حربٍ طائفية في المنطقة العربية برمتها.
هذا الصعود لنجم الجماعة الحوثية يحمل في طيّاته نذرَ خرابٍ على اليمن، إذ إن دور الجماعة سيخرج من طوق اليمن نحو امتداداتها الأفقية، متجاوزًا الجغرافيا اليمنية تمامًا، في إقحام اليمن واليمنيين في معارك ليست من صميم اهتماماتهم ولا من أولوياتهم، وستجرّ عليهم صداماتٍ مع قوى دولية عديدة.
الحوثية تُمسك بالعاصمة اليمنية صنعاء، وتجعل منها منصةً دوّارة للنفوذ الدولي، وتعيد من خلالها رسم التحالفات في المنطقة.
تنشب الجماعة الحوثية مخالبها في جسد الحاضر اليمني، لتجعل إمكانيّة التخلّص منها مستقبلاً أكثر إيلامًا وتعقيدًا مما تصوّره بعض مراهقي التحليل وهواة العمل السياسي أو الصحفي قبل عشرة أعوام.
المرتقى الذي بلغته الجماعة في قدراتها العسكرية ودورها الجيوسياسي يعني أن اليمن سيخرج من دائرة التجاهل ويقع في قلب مرصد الاهتمام الاستخباراتي والعسكري والجيوسياسي.
سوف تُخصّص موارد أكبر للتعامل مع "النبتة" الحوثية، وهذه الموارد ستُلتهمها آلة الدمار.
الذين يريدون تطويق الجماعة الحوثية لن يلتفتوا إلى الشعب اليمني وحاجاته وتطلعاته السياسية، بل سيفتخرون بالقضاء على الجماعة وجعلها كسيحة- كما يفعلون مع حزب الله وحماس- وهذا نموذج لقدرةٍ تخريبية وانتصارٍ للمقاربة الأمنية العاطلة عن الحس الإنساني والسياسي بمعناه الإيجابي.
حتى الحكومة الشرعية أو الدول الإقليمية لن تستطيع أن تفعل شيئًا لأن فرصة الفعل قد فاتت كثيرًا.
سيخرج أمر احتواء الخطر الحوثي من اليدين الإقليمية وبالطبع اليمنية، ويتحوّل إلى شأنٍ إسرائيلي-أمريكي كما تمنّت الجماعة. وقد اشتهت ونست ثمن شهواتها: خراب اليمن، وسطرٌ من الفخر الكاذب في كتب التاريخ الصفراء المكتوبة بحبرٍ طائفي.






