المبعوث الأممي وأوراق الحوثي المزورة
الساعة 09:45 مساءً

في عام 2024 أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن عن اتفاق هدنة اقتصادية تهدف إلى تخفيف معاناة المواطنين ووقف التصعيد الاقتصادي بما يشمل تجميد الإجراءات الأحادية التي تؤثر على الاستقرار المالي والنقدي وقد التزمت الحكومة اليمنية ممثلة بالبنك المركزي الرئيسي في عدن بمضمون هذه الهدنة مراهنة على حسن النوايا الأممية والرهان على أن ينعكس هذا التفاهم على حياة المواطنين واستقرار العملة الوطنية لكن ما حدث على أرض الواقع كان خرق ممنهج وفاضح من قبل ميليشيا الحوثي للاتفاق الأممي في ظل صمت مريب من المبعوث الأممي وفريقه.

فبينما أوقفت الحكومة اليمنية خطواتها الدفاعية الاقتصادية احتراما للهدنة استمرت الميليشيا الحوثية في تضييق الخناق على القطاع المصرفي والمالي في مناطق سيطرتها وأمعنت في ممارساتها غير القانونية عبر فرض القيود التعسفية على البنوك والصرافين وإجبارهم على اتباع تعليمات المليشيا وهذه الإجراءات الحوثية كانت واضحة في اتجاهها نحو تعزيز ما تسميه بمشروعها الاقتصادي الموازي وهو في الحقيقة اقتصاد الظل الذي يدار لخدمة نخب المليشيا على حساب المواطن اليمني.

ولم تقف انتهاكات المليشيا الحوثية الارهابية عند هذا الحد وانما تصاعدت عقب تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية حيث سارعت البنوك اليمنية العاملة في مناطق سيطرة المليشيا إلى نقل مقارها ومراكز عملياتها إلى العاصمة المؤقتة عدن في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أصول وأموال مهددة بالضياع تحت هيمنة الميليشيا وهذا القرار الذي اتخذته البنوك لم يكن إلا نتاج مباشر لسلوك الحوثيين العبثي في المنظومة البنكية وتخوف من أن تجد البنوك نفسها متورطة في عمليات مالية قد تصنف دوليًا ضمن تمويل الإرهاب أو غسل الأموال.

الأخطر من كل ذلك هو إقدام ميليشيا الحوثية على طباعة عملات مزورة من فئة العملة القديمة متجاوزة بذلك أبسط قواعد السيادة المالية ومتطلبات الاستقرار النقدي في محاولة للهروب من مأزقها المالي المتفاقم وهذه الخطوة تمثل جريمة اقتصادية بكل المقاييس تهدف الميليشيا من ورائها إلى ضخ كميات كبيرة من النقود غير القانونية في السوق وفرض تداولها بالقوة إلى جانب تحديد سعر صرف الدولار بأسعار وهمية لا تعكس قيمته الحقيقية ما يتسبب في تدمير القطاع الخاص واستنزاف رؤوس أموال التجار والمستوردين.

 الخروقات الحوثية لا تعد مجرد انتهاكات اقتصادي وانما هي تدمير ممنهج لما تبقى من بنية الاقتصاد الوطني واعتداء صارخ على ممتلكات المواطنين ومدخراتهم ومن المؤسف أن المبعوث الأممي ظل صامت تجاه هذه التجاوزات وتجاهل المطالب المتكررة من الحكومة والقطاع الخاص للوقوف أمام هذه الجرائم الاقتصادية فالصمت لا يبرره الحياد وانما يطرح تساؤلات جدية حول مدى استقلالية عمل المبعوث الأممي وفريقه ومدى قدرتهم على إدارة الملف اليمني بمهنية ومسؤولية.

الاقتصاد اليمني مهدد بالانهيار الشامل ما لم يتم وضع حد لهذه الممارسات الخطيرة وستفقد العملة الوطنية ما تبقى لها من قيمة وسيجد المواطن نفسه ضحية لعملة مزورة لا تساوي ثمن الورق الذي طبعت عليه فيما تواصل المليشيات الحوثية الارهابية نهب الاقتصاد الوطني وتجريف مقدرات اليمنيين.

لقد بات على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي التدخل العاجل والفوري لكبح جماح هذه المليشيات التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء ولم تعد تهدد فقط مستقبل اليمن وإنما مصداقية الجهود الأممية ذاتها التدخل الأممي ليست بالبيانات والتنديد والإدانة وإنما بإجراءات رادعة على أرض الواقع سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا.