إصابة 3 مدنيين في قصف للمليشيا الحوثية استهدف حياً سكنياً في تعز الأمم المتحدة: مقتل 341 عامل إغاثة منذ بدء عدوان الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة 44502 شهيد و105454 مصابا حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة الكويت تستضيف إطلاق اللمحة العامة للعمل الإنساني العالمي للعام 2025 ولي العهد السعودي والرئيس الفرنسي يبحثان تعزيز التعاون بين البلدين بحيبح يدعو اليونيسيف إلى المساعدة في تعزيز نظام الجودة في القطاع الصحي باناجه يناقش مع وفد أوروبي مستجدات الأوضاع الأوضاع المالية والاقتصادية لجنة من وزارة الدفاع تزور قيادة اللواء 35 مدرع بتعز وكيل وزارة الثروة السمكية يثمن الدعم الألماني للقطاع الزراعي والسمكي اجتماع برئاسة شمسان وباوزير يناقش تعزيز أداء القضاء في تعز
التقرير الذي أصدره مكتب تنسيق النشاطات الإنسانية التابع للأمم المتحدة مؤخرا، الذي انتهى إلى أن إسرائيل تمارس جريمة "تطهير عرقي" في القدس، يثير أكثر من سؤال حول الدور الغائب للسلطة الفلسطينية حول هذا العمل الذي يعد من أخطر جرائم القانون الدولي.
وإذا كانت انتهاكات القانون الدولي ليست بالأمر المبتدع في السياسات الإسرائيلية -التي ما زالت تتوالى منذ وجود الدولة العبرية - فإن الأمر المبتدع هو أن السياسات الإسرائيلية الفاضحة لم تعد تلقى اعتراضا أو حتى استهجانا فلسطينيا كما كانت من قبل، ما قد يفسر على أنه تعبير عن الرضا أو في أقل الحالات تعبير عن عدم الممانعة.
ذلك أنه حسب تقرير الأمم المتحدة المشار إليه آنفا سوف يرحل قرابة ستين ألف فلسطيني من مدينة القدس وتهدم منازلهم، وهذا يعد جريمة من جرائم القانون الدولي، حيث تصنف المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949، والفقرة 1 (د) من المادة 7 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الطرد القسري -سواء كان فرديا أو جماعيا- بأنه "جريمة ضد الإنسانية".
ولعله من المفيد الإشارة إلى أن جرائم التطهير العرقي هي إحدى الركائز الأساسية للسياسات التي قامت عليها الدولة العبرية، وهو أمر بات موثقا ليس من قبل حقوقيين عرب فحسب، بل ومن مؤرخين إسرائيليين كذلك.
ففي كتابه "التطهير العرقي في فلسطين"، قدم المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابه شهادة من الداخل عن جريمة التطهير العرقي التي قامت بها القوات الإسرائيلية عام 1948، حيث خلص الكاتب إلى أن إسرائيل كانت قد ارتكبت جريمة "تطهير عرقي" في حرب 1948، نتج عنها طرد أكثر من 800 ألف فلسطيني من بلادهم.
وفي خطوة أقرتها الحكومة الإسرائيلية للاستيلاء على 45 قرية فلسطينية، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلية قبل عامين فقط، بهدم كل المنازل في قرية طويل أبو جرول في النقب، وصادرت ممتلكات السكان الفلسطينيين ومواشيهم وخيامهم التي تؤويهم وتركتهم في العراء دون مأوى تحت حرارة الشمس القاسية، بل وأتلفت حتى صهاريج المياه، في ما يمكن أن يصنف على أنه أسوأ أنواع التطهير العرقي الذي عرفه التاريخ البشري.
وتماشيا مع التاريخ غير الشريف للدولة العبرية، تواصل حكومة إسرائيل الحالية بشكل معلن، سياسة التهويد التي وضعت خطتها الحكومة السابقة، فقد كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية يوم 10/5/2009، عن خطة إسرائيلية سرية كانت أقرتها حكومة إيهود أولمرت بالتعاون مع جمعيات المستوطنين هدفها إحاطة "القدس العتيقة" بتسع حدائق، وقد كلفت سلطة تطوير القدس بتنفيذ هذه الخطة.
القدس في القانون الدولي
تعد مدينة القدس في القانون الدولي أرضا واقعة تحت الاحتلال غير المشروع، وتبعا لذلك ينطبق عليها أحكام اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949، التي تحرم وتجرم كل أعمال مصادرة الأراضي الفلسطينية والطرد القسري والاستيطان وتغيير التركيبة السكانية والديموغرافية في البلاد.
فإضافة إلى قراري مجلس الأمن الشهيرين 242 (1967) و338 (1973) اللذين يضعان الأساس القانوني في تحديد أن إسرائيل قوة محتلة لقطاع غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس ويطالبانها بالانسحاب، فقد أصدر مجلس الأمن عددا من القرارات التي تؤكد وجوب احترام القدس من جانب قوات الاحتلال. منها على سبيل المثال لا الحصر، القرارات ذات الأرقام 252 (1968) و267 (1969) و271 (1969) و453 (1979) و465 (1980) و476 (1980) و478 (1980) و1073 (1996)، وكلها تؤكد أن مدينة القدس جزء لا يتجزأ من الأراضي المحتلة عام 1967، وينطبق عليها ما ينطبق على بقية الأراضي الفلسطينية من عدم جواز القيام بأي إجراء يكون من شأنه تغيير الوضع الجغرافي أو الديموغرافي أو القانوني لمدينة القدس المحتلة.
وقد أكدت قرارات مجلس الأمن ذوات الأرقام: 452 (1979) و 476 (1980) و 478 (1980)، على بطلان إجراءات تهويد القدس بالكامل، كما نصت قرارات مجلس الأمن ذات الأرقام 446 (1979) و 465 (1980) و497 (1981) و 592 (1986)، على تحريم الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، بشكل لا لبس فيه. وتبعا لذلك فإن كل أعمال التهويد التي تقوم بها إسرائيل في القدس باطلة من وجهة نظر القانون الدولي وتعد جريمة قانونية دولية جسيمة.
موقف السلطة الفلسطينية
ما يحدث اليوم من تهويد معلن للقدس على مرأى ومسمع من العالم كله، سواء عن طريق زيادة الاستيطان أو الطرد القسري للفلسطينيين أو تغيير معالم المدينة القديمة أو غير ذلك يثير أسئلة حائرة عن الدور الغائب للسلطة الفلسطينية تجاه هذا التهويد.
وواقع الأمر أن الموقف الرسمي للسلطة الفلسطينية حيال الجرائم الإسرائيلية المتعلقة بتهويد القدس، لم يرق إلى مستوى المسؤولية القانونية المطلوبة، فالموقف الفلسطيني الذي اقتصر حتى الآن على مجرد الشجب والتنديد أو الإعراب عن القلق من جراء سياسات التهويد الإسرائيلية لا يعد كافيا البتة، لأن هذا موقف تقوم به حتى الدول المناصرة لإسرائيل، إذ أعرب عدد من المسؤولين الغربيين الرسميين عن استيائهم وقلقهم من التصرفات الإسرائيلية حول القدس.
من ذلك على سبيل المثال تصريح وزير الخارجية البريطاني مؤخرا الذي أعرب عن "قلق" بلاده من خطط إسرائيل في تهويد القدس وهدم عشرات المنازل في القدس الشرقية.
وفي الوقت الذي تتعالى فيه الصيحات القانونية من المؤسسات الحقوقية الدولية، للتحذير من هذه الجريمة الإسرائيلية البشعة، تواصل السلطة الفلسطينية موقفها المريب في عدم تحركها الجاد حيال الانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة، فلم تطالب السلطة نتيجة لهذه الانتهاكات الإسرائيلية بوقف جميع أشكال التفاوض مع الإسرائيليين، كما كان الموقف مع "حماس" بعد أحداث غزة صيف عام 2007.
المثير للسخرية أن السيد محمود عباس، بدلا من رفضه التعامل مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة بادر بتهنئة رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد، وأعرب عن استعداده لبدء المفاوضات التي لا يعلم أحد على أي قاعدة تقوم، فالمبادرة العربية وحل الدولتين واتفاق أنابوليس ووقف الاستيطان وهدم الجدار العازل وعودة اللاجئين، كل ذلك مرفوض بالكامل في عقلية الحكومة الإسرائيلية الجديدة، التي تريد أن تضيف إلى ذلك كله تهويد القدس.
ومما لا يعين على تبرئة الموقف الفلسطيني هو أن السيد محمود عباس، كان -حسب ما صرح به أكثر من حقوقي غربي- قد رفض تقديم مساعدات للمؤسسات الحقوقية الغربية التي بدأت برفع دعاوى قضائية ضد المسؤولين الإسرائيليين بعد الحرب الأخيرة على غزة.