الرئيسية - الأخبار - قال إن الجيش الوطني انتقل من الدفاع للهجوم.. المحافظ العرادة: تجاوزنا المحنة.. واليمنيون لن يُحكَموا بقوة السلاح
قال إن الجيش الوطني انتقل من الدفاع للهجوم.. المحافظ العرادة: تجاوزنا المحنة.. واليمنيون لن يُحكَموا بقوة السلاح
الساعة 04:57 مساءً مأرب: عبد الهادي حبتور

الأسباب الأمنية والإجراءات الشديدة التي يتخذها محافظ مأرب اللواء سلطان العرادة، أخَّرت لقاءً حرصت «الشرق الأوسط» على إجرائه؛ لكنه تم في النهاية. ترحاب العرادة -وهو شيخ قبلي وقيادي عسكري- يعكس عادة عربية أصيلة يشتهر بها أبناء مأرب واليمن عموماً.
المحافظ الذي نجا من محاولة اغتيال قبل أشهر بصواريخ باليستية أطلقها الحوثيون صوب منزله، بدا واثقاً عندما شدد على تجاوز مأرب المحنة التي مرت بها خلال العامين الماضيين.
مرتدياً الخنجر اليمني الشهير، وبسحنته السبئية، ولغة جسد رجل كأنه لم يقارع الموت ولم يواجهه، قال العرادة إن ما قامت به «ألوية العمالقة» الجنوبية بمساندة التحالف في شبوة، كان إنجازاً كبيراً، ورافداً خفف على مأرب الضغط الحوثي. وشكر «العمالقة» بعدما أوضح أن الحوثيين يعرفون جيداً أن مأرب هي اللبنة الأساسية في مشروع بناء دولتهم التي قال إنها «لن تقوم إلا بمأرب».
مضى المحافظ يتحدث عن «سر صمود مأرب» طيلة الأشهر الـ16 الماضية: إنه «معرفة الناس بهذه الميليشيات وأفكارها التي تفرضها على الناس... الأمر الذي جعل اليمنيين ينتفضون ويقفون وقفة رجل واحد».
لم ينسَ العرادة الدور الكبير الذي قام به التحالف بقيادة السعودية في مساندة مأرب؛ معتبراً ذلك دور الأخ مع أخيه بما يملك؛ مشيراً إلى أن دور التحالف لا يقف عند حد الطيران الذي كان حاسماً؛ بل يمتد إلى الدعم اللوجستي والإنساني.
ورغم المآسي التي أحدثها الحوثيون في المحافظة والمستمرة إلى اليوم، يؤكد العرادة أن مأرب ما زالت تزود جميع المناطق القابعة تحت سيطرة الحوثيين بالغاز المنزلي من دون أي تمييز، معتبراً ذلك واجباً أخلاقياً وإنسانياً، لا علاقة له بالحرب. وقال إن «الخدمات تصل إلى كل مكان، تصل إلى مران، وإلى كهف عبد الملك الحوثي». ويرى العرادة أن على الحوثيين ومن خلفهم إدراك أمر مفاده أن اليمنيين «لن يُحكَموا بقوة السلاح»، وقال: «لن نُحكَم إلا عبر الدستور اليمني والتوافق بين كل أبناء اليمن»، مطالباً إيران بالتوقف عن إراقة دماء العرب، وخصوصاً في اليمن، وذكَّر بأن التاريخ «لن ينسى هذا العدوان الذي تقوم به إيران على حساب شعوب أمتنا العربية».
تحدث المحافظ عن كثير من الملفات الأخرى، منها: النازحون، وأدوار المنظمات الإنسانية والأممية، ودور مشروع «مسام» السعودي لنزع الألغام، إلى جانب الحياة الاقتصادية والتجارية في المدينة. وفيما يلي تفاصيل الحوار:

> بدايةً، ضعنا في صورة الوضع الحالي لجبهات مأرب، بعدما تعرضت لهجمات حوثية مستمرة خلال الأشهر الماضية.
- بدايةً، نرحب بكم، الوضع في مأرب كما ترى، الحرب ليست منذ عام ولكنها منذ 2015، ولكنها اشتدت في العامين الأخيرين؛ خصوصاً في 2021. وكانت المعركة شديدة إلى أبعد الحدود؛ حيث استطاع الحوثي أن يحشد من جميع المحافظات والجبهات، ويتجه بهذه الحشود إلى مأرب جميعها؛ لكن بحمد الله كان هناك صمود من الجيش الوطني والقبائل والمقاومة بشكل عام. وقفوا وقوف الرجال، وصمدوا بمساندة التحالف، وتجاوزنا المحنة. الحرب لا تزال مستمرة وتتطهر المناطق تلو الأخرى. ما حصل في شبوة كان رافداً كبيراً لنا من خلال ما حققته «ألوية العمالقة» مع المقاومة الشعبية، واستطاعوا أن يحققوا أهدافاً ممتازة في شبوة وحريب، وبإذن الله سيستكملون ما تبقى، والجيش الوطني يقوم بدوره في هذا الجانب مع القبائل والمقاومة الشعبية، بمساندة الأشقاء في التحالف.

> ماذا عن تحرير بقية مديريات مأرب؟ هل لا تزال مستمرة؟
- لا شك في أن عملية التحرير مستمرة؛ لكن تركيز الحوثي على مأرب يختلف عن أي منطقة أخرى، ويعتبرها اللبنة الأساسية لبناء دولته، وإذا ظلت هذه اللبنة خارج بناء مشروعه فلن تقوم له دولة. هذه هي الحقيقة التي يعيشها الحوثي، ونراها وندركها جميعاً، فهو يركز جهوده من حيث نوعية المقاتلين والمعدات والتشبث، والدفع بما لديه من قوة يعتد بها، ويرسلها إلى مأرب؛ لكن ما تحقق في شبوة يعتبر عملاً كبيراً جداً، ومنجزاً تُشكر عليه «ألوية العمالقة» ودعمها من التحالف.

> «العمالقة» خففت الضغط على مأرب؟
- لا شك في ذلك. أي جبهة تُفتح تخفف الضغط على مأرب، حتى إذا تحركت حرض أو تعز فإنها تخفف عنا، أما شبوة فحدث ولا حرج، فهي الجوار.

> ما سر صمود مأرب كل هذه الفترة في مواجهة هجمات الحوثيين المركزة والكبيرة؟
- السر هو معرفة الناس بهذه الميليشيا وأفكارها التي تفرضها على الناس. وما رأيناه من عمل وهدم مؤسسات الدولة ودور العبادة والمؤسسات التعليمية وكل شيء في البلد، جعل الناس ينتفضون جميعاً، ويقفون وقفة رجل واحد. هو صمود ينطلق من فهم للعملية.

> ماذا عن النازحين في مأرب؟ كم عددهم وعدد المخيمات؟ وما العبء الذي يشكلونه على السلطة المحلية؟
- النازحون أعدادهم كبيرة جداً. كانوا بحسب إحصائية العام الماضي في حدود مليونين و300 ألف، إضافة للسكان المحللين؛ لكن أعدادهم زادت منذ منتصف العام الماضي وحتى الآن، قادمين من كل المحافظات، ناهيك عن النزوح الداخلي من مديريات المحافظة. وما ترونه من المخيمات لا يمثل كل النازحين. فكثير منهم مندمجون في المجتمع. مجتمعنا يختلف عن الغرب الذي يضع النازحين في مخيمات معدة ومحصورة. هنا يعيشون في منازل ومزارع ومتاجر واحدة. بالنسبة للعبء، لا شك في إن ذلك يشكل ضغطاً كبيراً جداً على السلطة المحلية تعجز عنه حكومات؛ لكن هذا قدرنا وقدرهم، ونواجه ما استطعنا بمساندة الحكومة بما استطعنا، وكذلك التحالف العربي؛ خصوصاً «مركز الملك سلمان» الذي يؤدي دوراً كبيراً، وهناك بعض المنظمات الدولية والمحلية تساعد بما تستطيع؛ لكن تظل مساعدة محدودة.

> شيخ سلطان، الأحياء المدنية في مأرب تتعرض للصواريخ الباليستية الحوثية باستمرار، برأيك ما الهدف؟
- في الحقيقة، نعاني جميعاً من هذا الموضوع. الصواريخ تقتل الأبرياء والأطفال والنساء، وتخرب المباني والأسواق. ماذا ننتظر من الصواريخ الباليستية! وفي النهاية، هذه هي سلوكيات الحوثي.

> كيف هي الحياة المعيشية والتجارية في مأرب حالياً؟
- من حيث الاستقرار: الناس في استقرار ولله الحمد؛ لكن من ناحية المعيشة: مأرب جزء من البلد، وهو يعاني في هذه المرحلة من الوضع الاقتصادي، وبالذات من انهيار العملة اليمنية، وهو ما نتمنى من الحكومة، بالتعاون مع الأشقاء في السعودية والإمارات وغيرهما من الدول العربية والأصدقاء، الوقوف معنا فيه، للخروج من هذه الأزمة الخانقة.

> كيف ترون دور التحالف والطيران في العمليات العسكرية الأخيرة لمساندة مأرب؟
- لا شك في أنه دور واضح وبارز. دور أخ مع أخيه بما يمتلك. دور التحالف لا يقف عند حد الطيران في دعمه اللوجستي والإنساني، فالدور الإنساني كبير جداً، بالذات في الفترة الأخيرة. هناك دعم كبير ومستمر، ونتمنى أن يستمر ويزيد. ودعم الطيران يكاد يكون عنصراً أساسياً في المعركة، منذ بدايتها حتى اللحظة.

> ماذا عن دور الحكومة الشرعية في دعم مأرب؟
- الحكومة تقف إلى جانبنا في حدود إمكاناتها، وهي إمكانات ضعيفة في الأصل، وبالتالي لا يملكون حيلة؛ لكن القيادة السياسية تدعم مأرب بكل ما تستطيع أن توفره وتدفع به.

> ما التحديات التي تواجه مأرب اليوم؟
- التحديات كبيرة جداً: النازحون تحدٍّ كبير، والحرب، والتحديات الأمنية والتنموية، والخدمات أيضاً، فالناس يحتاجون التوسع في المجال التعليمي، وإنشاء مدارس جديدة، وترميم واستحداث مستشفيات، وتوسيع الطرقات، ومياه الشرب، والكهرباء. كل الخدمات تظل تحدياً أمامنا حتى تتحقق.

> الملاحظ أن مأرب تمد كل اليمن بالغاز بما فيها مناطق الحوثيين؟
- هذه عملية إنسانية، وواجب علينا كحكومة يمنية أن نوفر الطاقة لكل أفراد الشعب اليمني، بغض النظر عن المسؤول السياسي عنهم. صحيح أن أكثرهم تحت سيطرة الحوثي؛ لكن تأبى أخلاقيات الشعب اليمني؛ ممثلة بقيادته السياسية من الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى أدنى موظف لدينا، أن نقف حاجزاً في إيصال الخدمات للمواطن اليمني، فهي تصل إلى كل مكان، إنها تصل إلى مران، وحتى إلى كهف عبد الملك الحوثي.

> تعرضت لهجوم شديد من الحوثيين بعد تصريحاتك الأخيرة حول عدم قدرتهم على السيطرة على مأرب؟
- القضية قضية وطن ودولة. الدولة اليمنية مسلوبة، واليمن بحاجة إلى استقرار وإيجاد حكومة يستطيع الناس العيش فيها. المواطن يمني أياً كان توجهه. لا نحارب أحداً من أجل فكرة داخل قلبه، فهذا موضوع يعنيه؛ لكننا نحارب من يحمل السلاح علينا، ويريد فرض أفكاره بقوة السلاح. على الحوثي ومن وراءه أن يدركوا تماماً أننا لن نُحكَم بقوة السلاح، لن نُحكَم إلا عبر الدستور اليمني والتوافق بين كل أبناء اليمن.

> كيف ترون دور مشروع «مسام» لنزع الألغام في الأراضي اليمنية، والذي يقع مقره الرئيسي في مأرب؟
- هذا المشروع والمنظمة الإنسانية تحقق للإنسان اليمني ما لا يحققه أي طرف آخر مهما كان، فهي تواجه عشرات الآلاف من الألغام في المناطق. آخر تقرير وصلنا من شرق مأرب (البلق وخلف البلق حتى قرب حريب) أوضح أن هناك ما يزيد على 5 آلاف لغم، وهي متنوعة، ماذا يعني هذا؟! يعني أن هذه المنظمة تقوم بعمل إنساني كبير تُشكَر عليه، هي تنقذ حياة أمة، ولا يسعنا إلا أن ندعو لهم ونشكرهم، وستشكرهم الأجيال كلها، وسيُذكرون على مر التاريخ.

> هل مأرب أصبحت اليوم آمنة؟
- الضغط بدأ يخف عن مأرب منذ أشهر، عندما صمد أبناء المحافظة من الجيش الوطني والقبائل والمقاومة، وبدأت الميليشيات تشعر بأنها مهما ضغطت فلن تصل للمرام المقصود. ثم جاء تحرير شبوة، وكان رافداً كبيراً للمعنوية. الحرب مستمرة؛ لكن الصمود أوقفهم عند حد معين، والآن أستطيع أن أقول لك إن الجيش الوطني انتقل من الدفاع للهجوم.

> كان الحوثيون وبعض القادة الإيرانيين العام الماضي يتحدثون عن إفطارهم من تمر مأرب، كيف تعلق؟
- في الواقع، المشكلات التي نراها معظمها من تخطيط إيراني. هذه الصواريخ الباليستية لا تستطيع الميليشيات الحوثية صناعتها لولا التكنولوجيا الإيرانية، وتساندها بعض الأحزاب الموالية لإيران، وهي معروفة لدى الجميع. نقول لإيران: كفى، كفى إراقة للدماء في الشعوب العربية وفي اليمن على وجه الخصوص، لغرض التوسع وأذى هذه الشعوب. التاريخ لن ينسى هذه المشكلة، ولن ينسى هذا العدوان الذي تقوم به إيران على حساب شعوب أمتنا العربية.

> يؤكد المسؤولون اليمنيون أن مأرب تدافع عن العرب جميعاً؛ لكن البعض لا يزال يقلل من خطورة المشروع الإيراني في المنطقة، ما رسالتك لهم؟
- لا شك في أن أي مقاتل للمشروع الإيراني يدافع عن الأمة؛ سواء في مأرب أو في غيرها. للأسف، الرؤية لا تزال فيها ضبابية عند كثير من أبناء الدول العربية، وعليهم أن يدركوا ويعوا -سواء الأنظمة والحكام أو الشعوب وبالذات النخبة المثقفة والواعية- مسؤوليتهم التاريخية تجاه هذا المد القومي المُلَبَّس بالدين.

 

* حوار مع صحيفة الشرق الأوسط