الفرق بين القنبلة الباكستانية والإيرانية بالنسبة لي كعربي
الساعة 03:40 مساءً

    امتلكت باكستان القنبلة النووية كأول دولة إسلامية تمتلك هذا السلاح، لكنها لم تُصَبْ كإيران بنظام يقوم على عقيدة "تصدير الثورة الإسلامية الطائفية طبعاً" وتفخيخ البلدان القريبة والبعيدة بالميليشيات الطائفية والحروب الأهلية، ولهذا لم أشاهد أو ألمس أي أثر سلبي للقنبلة النووية ولا السياسة الخارجية الباكستانية في حياتي كيمني أولاً وكعربي ثانياً تماماً بعكس إيران التي وصلني أذاها وشرها قبل أن تصبح نووية.

     لو حظيت إيران بفرصة باكستان وامتلكت القنبلة النووية، لكان تأثيرها وأثرها في المنطقة أكبر مما هو عليه وأفْدَح بكثير. وحين أقول "المنطقة" خلال أي حديث عن تأثير إيران، فأنا أعني لا شك البلدان العربية القريبة أو البعيدة نسبياً عن إيران أكثر مما أعني إسرائيل. لأن إيران منذ بداية عدائها مع إسرائيل بعد استيلاء الخميني على السلطة نهاية سبعينات القرن الماضي خاضت أغلب حروبها مع العرب أكثر من إسرائيل: لم تمر سنتان على إستيلائهم على السلطة في طهران، حتى بدأ الملالي حرباً ضارية لأكثر من ثماني سنوات مع العراق، وليس مع إسرائيل. كان الخميني قد أطلق صرخته الشهيرة ضد أمريكا وإسرائيل(التي أستنسخها بعده لاحقاً السيئ حسين الخوثي وأستخدمها مثله ضد أبناء بلده وبلدان الجوار)، لكن الخميني أطلق صرخته ضد أمريكا وإسرائيل ثم أطلق بندقيته على العراق!

    ثم بعد ذلك ماذا حدث؟ كل السنوات التي تلت حرب إيران مع العراق، ماذا حدث؟ هل رأيتم إيران تحارب إسرائيل أو تحاول إسترداد القدس من تل أبيب؟ كل ما فعلته طهران أنها كرست كل جهودها لإنتزاع عدة عواصم عربية من أيدي بلدانها وأبنائها عبر مجموعة من القفازات الطائفية التي ينقصها الشعور بالإنتماء للبلدان التي يتأففون من الإنتماء إليها ومع هذا يقاتلون فيها بكل بسالة لكي يحكموها ويجعلوها حديقة خلفية لنظام عنصري وطائفي مثل نظام الملالي الذي لا يستحق حتى حكم إيران ما بالكم أن يحكم عدة بلدان عربية أخرى! 

    منذ إستيلاء الفقيه الدجال الخميني على السلطة في طهران، حاربت إيران وضخت أموالها وخبراتها وإمكاناتها في حروب أهلية مدمرة في العراق وعدة بلدان عربية أخرى آخرها بلدي الطيب والشهم (المسمى في جبين التاريخ: اليمن) أكثر مما فعلت إيران الخمينية في حربها مع أمريكا وإسرائيل.

    لم تستخدم باكستان حتى الآن قنبلتها النووية إلا كسلاح ردع تلوح به مجرد تلويح في وجه عدوتها النووية المجاورة جداً الهند، بينما عمدت إيران منذ استيلاء الملالي على سلطتها نهاية سبعينات القرن الماضي إلى تفخيخ البلدان العربية وتفجيرها من الداخل عبر أذرعها الطائفية في هذه البلدان كي تدخلها طهران تحت عباءتها بواسطة الحروب الأهلية وتفجير مجتمعاتها طائفياً وسلالياً وعرقياً.

    باختصار، لقد أستخدمت إيران"الخمينية" نهوضها نهاية السبعينات وبداية الثمانينات وأستغلت قوتها منذ الثمانينات حتى الآن من أجل السيطرة على عدة بلدان عربية وإسقاط عواصمها في يد طهران وليس من أجل تحرير القدس وفلسطين من يد سيئة الذكر إسرا.ئيل. 

    وقد فعلت إيران كل ما فعلته ببلدي الحبيب اليمن وبالعراق العزيز وبلبنان الجميل وسورية الساحرة بالإضافة إلى تهديدها الخطير والمستمر لبلدان الخليج وبلدان عربية أخرى، فعلت كل ما فعلته وهي لم تمتلك القنبلة النووية بعد (تخيلوا ماذا كانت ستفعل لو امتلكتها!). بل إنها لا تكتفي بالتدخل في شؤون الدول العربية فقط بل تعمد منذ سنوات إلى دسّ أنفها وأصابع التهريب والأيديولوجيا الخاصة بشبكات تهريبها الضخمة وشبكتها الطائفية (الأضخم) في شؤون عدة بلدان أفريقية وصولاً إلى أمريكا اللاتينية.

    يؤسفني جدا كيمني أولاً وكعربي ثانياً أن أرى إيرانتتعرض للضرب المبرح على يد إسرائيلولا أشعر بالتعاطف معها. لكن هذا ما فعلته إيرانبنا، قبل أن تضعنا في هذه المعضلة، كانت قد شرّدتنا من بيوتنا وبلدنا، شردتني أنا شخصيا مع أسرتي، وشردت أخوتي مع أسرهم، وشردت غالبية أصدقائي مع أسرهم وأحياناً بدونها. لقد فعلت إيرانهذا بالكثير من اليمنيين غيري والكثير الكثير من العرب في عدة بلدان عربية أخرى لا تخفاكم أساميها.

   إذن، ماذا بوسعنا أن نفعل؟ ليس بوسعي شخصياً أن أتعاطف مع إيرانبقدرما لا أستطيع أبداً تأييد إسرا.ئيل. لكن ما يؤسفني أكثر من أي أمر آخر هو أنني أعرف جيداً أن بلدي سيظل بعيداً عني وعن الكثير من اليمنيين واليمنيات طالما ظل النظام الحالي في طهران واقفاً على قدميه وقوياً، ما بالكم أن يصبح نووياً.