حملة إفك الإعاشة
الساعة 11:48 مساءً

تداعت بعض مواقع التواصل المشبوه منها والبريء مع حملة إفك الإعاشة. وأود هنا مناقشة القضية بأبعادها المختلفة في النقاط التالية:

١-مفهوم الإفك.

الإفك هو كل قول أو فعل أو عمل، يدل على قلب الشيئ وصرفه عن حقيقته وجهته، وهو صرف الناس من الحق إلى الباطل، وما تكون فيه فرصة أو ظرف يمكن للمنافق أو المبطل أن يستغله في قلب الأمر إلى ما يريده، إما بالصرف عن الحق في الاعتقاد إلى الباطل، ومن الصدق في المقال إلى الكذب، ومن الجميل في الفعل إلى القبيح، ولهذا حذر القرآن من الإفك وأثره المدمر على المجتمعات.

٢-هدف الشرعية ومعركتها.

حددت الشرعية بكل قياداتها ومؤسساتها من رئيس مجلس القيادة الدكتور رشاد محمد العليمي إلى الحكومة ووزرائها بقيادة دولة رئيس الوزراء الأستاذ سالم بن بريك، بأن معركة الشرعية مزدوجة مع مشروع الإمامة الإرهابي، فهي اقتصادية ووجودية، وبدأت بجانبها الاقتصادي بنجاح وتميُز بإصلاحات اقتصادية، ومالية، ونقدية، تمهيداً لمعركة الوجود، بجوانبها المختلفة، والمعركة بكل جوانبها هدفها استعادة صنعاء، عاصمة الجمهورية والدولة، ولا تراجع عنها.

٣-نجاح المعركة الإقتصادية.

حققت المعركة بجانبها الاقتصادي، بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة والبنك المركزي بحسم نجاحاً متميزاً، هذا النجاح جمع المتضررين الذين توقفت مصالحهم من الإصلاحات، داخل صف الشرعية وخارجها، مع ميليشيا الحوثي الإرهابية، التي تيقنت من قدوم سقوطها المحتوم، ووجهوا جميعهم أبواقهم ومواقعهم لمهاجمة الشرعية، في حديث إفك الإعاشة، بدعوى محاربة الفساد وهو حق يراد به الباطل.

٤-تجذر مشكلة الفساد.

محاربة الفساد ومواجهته واجب شرعي ووطني وقيمي، وليس شعارات يرفعها البعض لخداع الشعب وتوظيف معاناته، من أُناس كانوا في موقع المسؤولية، وجزء من الدولة التي جَذَّرَتْ ثقافة الفساد، ولم يتقدموا بحلول للمعالجة حينها، ولم يُحاكموا فاسدا في وجود الدولة ومؤسساتها واستقرارها.

والمتابع المنصف يجد أن الفساد هو مشكلة سياسية وثقافية واجتماعية واقتصادية، تجتاح المجتمع اليمني بعمق وفي كل قطاعاته ومستوياته، وتَجَذَّرَ الفساد كمكون للسلطة الحاكمة منذ عقود مضت، ويحتاج لمعركة لا بد منها ولا مهرب للتنمية وبناء الدولة والاستقرار، وهذا الأمر يتطلب استعادة مؤسسات الدولة المختصة والمختلفة واستقرارها، والتي عليها معركة مواجهة الفساد.

٥-قراءة خاطئة وقرارت خطيئة.

حملة إفك الإعاشة هي قراءة خاطئة أنتجت قرارات خطيئة توقيتاً وهدفاً، في لحظة فارقة تجمع فيها الشرعية صفوفها وتخوض معركتها.

القراءة الصحيحة تؤكد أن كل معاناة اليمنيين سببها الانقلاب الإمامي، على الثورة والجمهورية ومشروع بناء الدولة الاتحادية والشرعية، والذي حدث في شهر الثورة والجمهورية، واجتاح المحافظات اليمنية تحت شعاره الإرهابي "حملة أشداء على الكفار" ولولاه لما تشرد اليمنيون قيادات ونخب وشعب، وعانوا هذه المعاناة، ولما كان هناك كشف إعاشة أصلاً، والقرار الصائب هو توحيد الصف الجمهوري مع الشرعية في معركتها لاستعادة صنعاء وإسقاط الانقلاب الإمامي.

٦-التركيز على المعركة الحقيقية وترك المعارك الجانبية.

الواجب الوطني يحتم علينا التركيز على معركتنا الحقيقية وهدفنا الأساسي وهما إسقاط الإمامة واستعادة صنعاء، وعودة الجميع إلى ديارهم، والعقل المتخلف هو الذي لا يركز على جوهر المأساة ومعركته الأساس وأهدافه، ويبحث عن معارك جانبية تلهيه عن معركته الحقيقية وأهدافه، فهو يشبه الطبيب الجاهل والفاشل الذي يعالج أعراض المرض، ولا يعالج المرض فيموت المريض دون علاج، والأهداف الجانبية دوماً تمنع تحقيق الأهداف الحقيقية.

٧-حقيقة الإعاشة.

الكشوفات المتداولة غير صحيحة ولا دقيقة، والإعاشة بدأت حينما استجابت المملكة العربية السعودية الشقيقة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمين سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لطلب الشرعية اليمنية بقيادة الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، واستضافت ورحبت بكرمها وأُخوتها ودعمها للشرعية، بكل قيادات الدولة والحكومة وموظفيهم الذين لجأوا لها، وأسكنتهم في الفنادق والشقق السكنية، وبعدها قررت مع الشرعية صرف مبالغ مالية لهم ليستطيعوا العيش بكرامة في المملكة وغيرها، ينفقوها لسد احتياجاتهم من إيجارات، ومصاريف معيشة ومدارس، وتغطية التزاماتهم المختلفة، ولعائلات واسر كاملة بالداخل مرتبطة بهم.

وهو إجراء موقت لحين العودة، هدفه معالجة معيشة قيادات وموظفي الدولة الذين شردهم الإنقلاب الإمامي وصادر ممتلكاتهم ومدخراتهم وحكم عليهم بالإعدام، ولا يستطيعون العودة أو العمل في مناطق الشرعية لاعتبارات حوثية وجهوية تهددهم، وهي إعاشة تتأخر كما تتأخر مرتبات كل الناس بل أكثر.

قد يقول البعض بأن إجراء الإعاشة لن يدفع الناس للعودة، ولا إلى استرداد صنعاء، وهذا غير صحيح، إذ أن الشرعية وتحالف دعمها هدفهم الأساسي استرداد العاصمة ومؤسسات الدولة، وسيعود الجميع قطعاً لوطنهم.

٨-الإعاشة وأثرها الاقتصادي.

جعلت حملة الإفك من الإعاشة السبب الرئيسي لأزمة اليمن الاقتصادية، وهي من وجهة نظر اقتصادية لا تأثير فاعل لها في الاقتصاد الوطني، ونسي دعاة حملة الإفك المؤثرات الحقيقية على الاقتصاد مثل:

١- تدهور العملة الذي بدأ في الثمانينات دون معالجات.

٢-الإنقلاب الإمامي على شرعية ومشروع الدولة اليمنية ونهبهم البنوك وصناديق المؤسسات المختلفة.

٣-أموال الإغاثة المنهوبة من ميليشيا الحوثي الإرهابية، وأثرها على الإقتصاد.

٤-عدم تصدير النفط بسبب إرهاب الحوثيين.

٥- أسعار القات التي تدعم ميليشيا الإرهاب.

٦- المضاربة بالعملة الوطنية، والتي قضت عليها الشرعية ولم تقم حملة تأييد لها، كما قامت حملة إفك الإعاشة، وقيمة الإعاشة لا يصل لمبالغ شركة بيع طاقة فاسدة.

٩-لماذا حملة إفك الإعاشة الأن.

مع نجاح الشرعية في بناء مؤسسات الدولة وتحسن الإقتصاد وسعر الريال، اتجه طابور الولاء للإمامة وعُكْفَتِهَا والمتضررين من النجاحات في صف الشرعية، في حملات إفكهم المسعورة والممولة، للتشكيك بالشرعية وإنجازاتها في بناء الدولة وإسقاط الإنقلاب، من خلال حملة منظمة لإدخال الدولة رئاسة وحكومة والمجتمع في دوامة من الجدل والنزاع، بحملة إفك تستنفد وقتهم وتفكيرهم وتوجههم، انحرافاً وبعداً عن المعركة الأساسية، نحو قضية أكثر ما تحتاجه في الحقيقة، المطالبة بالمراجعة الدقيقة على ضوء الاستحقاق الحقيقي للمستحقين للإعاشة فعلاً، عند من يريد جدية الإصلاح.

١٠-هدف حملة إفك الإعاشة.

لذلك فإفك الإعاشة يستهدف إنجازات الشرعية في معركتها الاقتصادية، الممهد والداعم لمعركتها العسكرية، وهذا أمر يرعب الانقلابيين، والمتضررين من هوامير الفساد، الذين يريدون بقاء مرحلة عدم الحسم، وهدفهم الأساسي من إفك الإعاشة في هذا التوقيت، هو تعبئة الشارع ضد الحكومة، بنشر أراجيف الإفك، وأن هناك خلافات بين مجلس القيادة ودولة رئيس الوزراء، لخلق ضبابيه وتشكيك حول الإصلاحات، خدمة لميليشيا الإرهاب الحوثي، وهوامير الفساد في الشرعية الذين يمتلكون شركات الصرافة التي تم إغلاقها.

١١-اسئلة تبحث عن إجابات.

وهنا تثور العديد من الأسئلة حول حملة إفك الإعاشة منها:

١-هل مشكلة اليمن الاقتصادية سببها هذه الكشوفات؟

٢-لماذا هذه الحملة رافقت نجاحات الشرعية اليمنية في معركتها الاقتصادية بضبط الأسعار وتخفيف معاناة الناس؟

٣-كم يستهلك اليمنيون يومياً قيمة قات يذهب معظمه لمناطق الإرهاب الحوثي؟

٤-هل الفساد فقط بهذه الكشوفات، أم إن الفساد هو أزمة في ثقافة المجتمع يمارسها الكثير من الناس ومنه فساد الكلمة؟

٥- أين الحملات ضد نهب المعونات ودور منظمات الأمم المتحدة والمنظمات اليمنية؟

٦- أين الحملات لدعم الشرعية في إجراءاتها الاقتصادية الناجحة؟

٧- هل قُدّمَ البديل العادل للمعالجة وبشكل موضوعي يراعي وضع قيادات الدولة وموظفيها وما يواجهون من احتياجات حتى العودة؟

٨- أين دعاة حملة الإفك من منهج رسول الله عندما ميّز المهاجرين في الأعطيات تقديراً لظروفهم الخاصة وغادرتهم مكرهين تاركين منازلهم وأموالهم.

١٢-أزمة العقل وأصل الداء اليماني.

ما زلنا نعيش جهلنا بكوننا ندور في تكرار دائم، يفتقر القراءة والتشخيص الدقيق للعلة وعلاجها، إذ نهتم بعلاج أعرض العلة، ولا نتجه لمعالجة العلة نفسها.

وعلتنا هي انقلاب الإمامة، على الثورة والجمهورية في شهر الثورة والجمهورية، وفي يوم تنصيب البدر إماماً، وتم اختطاف مشروع بناء الدولة اليمنية، الذي يقضى على تغول الفساد، وهيمنة السلطة والعصبية على الدولة، هذا الداء الذي قتل اليمنين وشردهم، واجتاح محافظاتهم، وتسبب في كل أعراض أزماتنا ومعاناتنا، ومنها كشوفات الإعاشة، لكننا نبحث عن الحديث عن أعراض الداء، ونترك الداء يدمر الأمة ويقضي عليها.

١٣-الحديث المتزن مطلوب.

العدل في قول الحق منهج رحماني ألزمنا الله به، بغض النظر عن مواقفنا وكراهيتنا ومعتقداتنا، ولنعلم أنه ليس كل اسم في كشوفات الإعاشة لص أو صاحب استثمارات كما تصفهم حملات الإفك.

واجب علينا مناقشة الإعاشة وأسمائها ومطالبة تصحيح الوضع إن وجد خلل فيها، وهذا ما قامت به الحكومة وألغت التوكيلات، وقررت تسليمها لمستحقيها، وعبر حساباتهم البنكية، ولم يذكر دعاة الإفك هذا المنجز للشرعية في إصلاح الأمر.

١٤-الحلول والمعالجات.

لا حل لكل معاناتنا وعودة الجميع غير إسقاط انقلاب الإمامة، والذين يطالبون الجميع بالعودة، إلى أين يعودون؟ وما هو مصيرهم؟ وما هي المعالجات والحلول؟ من إيجارات وتسوية وضع مالي، ووظيفي بالداخل وجامعات وتأمين حياة للمستهدفين والمحكوم عليه بالإعدام، وتذاكر سفر، وتكاليف نقل عائلات واسر كامله.

فصل القول.

كثرة الغوغائيّة بُعد عن الحق والصواب ويسهل توظيفها، وهي مذمومة دوما في كتاب دين الله، حتى في الإيمان بالله "فلا يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون "لأنها لا تحسن قراءة واقعها وتاريخها، وهي سبب نكباتنا، فهي التي رحبت بميليشيا الإمامة، وشاهدتها تنقلب على ثورتها وشرعيتها ومشروعها، وليس لها من عمل غير الفرجة والنقد.

والقائد الحقيقي هو الذي يقود الغوغاء ولا تقوده، وفخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي قائد يقود ولا ينقاد، وعلاقته بدولة رئيس الوزراء على أحسن ما يكون، والمصفوفة التي قدمها فخامته للحكومة، هي التي يتم تنفيذها من قبل الحكومة والبنك المركزي، بتعاون وتنسيق وتناغم كامل بين مجلسي القيادة ومجلس الوزراء والبنك المركزي والمؤسسات، وسيذهب المرجفون بإفكهم وتآمرهم.

ختاماً

جمعتكم وعي بالإفك وأهدافه وتمسك بشرعيتكم ومشروعها ومعركتها وتحالفها.