الرئيسية - اقتصاد - تعهدات المانحين…. مخاض عسير !
تعهدات المانحين…. مخاض عسير !
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تحقيق / محمد راجح –

تقدير احتياجات اليمن من التمويل الخارجي بمبلغ 1.9 مليار دولار سنوياٍ للفترة 2013-2016م

“شركاء التنمية” يضعون بطلب حكومي خطة تقييم شاملة للتحديات الاقتصادية والأولويات الرئيسية للتدخل التمويلي السريع

خبراء : توجهات سياسية تحدد اتجاه سير تعهدات بعض الدول وجهات حكومية لم تستطع استيعاب المتغيرات

يمر اليمن بظروف اقتصادية صعبة تحتاج لجهود مضنية للتغلب على الآثار الاجتماعية والاقتصادية قصيرة الاجل والعودة إلى مسار التنمية المستدامة والذي يتطلب دعماٍ من الشركاء الإقليميين والدوليين وتفعيل الاداء الحكومي وتوسيع القدرات والإمكانيات اللازمة لاستيعاب وتوظيف التمويلات الخارجية. وتعهد المانحون بتقديم نحو 7.9 مليار دولار في مؤتمري المانحين في الرياض وأصدقاء اليمن في نيويورك لدعم المرحلة الانتقالية في اليمن وتمويل برنامج الاستقرار والتنمية. لكن حتى الآن لم يتم الالتزام بتقديم هذه التعهدات من قبل المانحين وهناك جمود كبير في عملية تخصيصها واستيعابها . ولاتزال هذه التعهدات في اطار الاجتماعات والمؤتمرات وتلاقي صعوبة ومخاضا عسيرا في التخصيص والاستيعاب وتنفيذ مشاريع تنموية يلمسها المواطن على أرض الواقع. ويقول خبراء أن مشكلة اليمن الرئيسية هي بالدرجة الأولى مشكلة اقتصادية وتبعاتها المتعددة في الفقر والبطالة وتدني المستوى المعيشي للمواطنين. داعيين الى ضرورة وضع الملف الاقتصادي في صدارة اهتمام الحكومة والمجتمع الدولي الراعي للمبادرة الخليجية بالتوازي مع الملفين السياسي والأمني.

طبقاٍ لخبراء اقتصاد فإن المجتمع الدولي مطالب بالوفاء بالتزاماته تجاه اليمن وتحمل مسئولياته بدعم الاقتصاد اليمني والقيام بشكل فوري بتقديم التمويلات اللازمة للمشاريع التنموية التي أقرتها الحكومة. محذرين من تفاقم الأزمة الاقتصادية بتبعاتها وتأثيراتها السلبية المتعددة اذا لم يتفاعل المجتمع الدولي وشركاء التنمية مع احتياجات اليمن الاقتصادية والتنموية وانعكاس وعودهم وتعهداتهم الى مشاريع تنموية على أرض الواقع. ويؤكد البنك الدولي أن جهود اليمن للتغلب على الآثار الاجتماعية والاقتصادية قصيرة الأجل اللازمة والعودة الى مسار التنمية المستدامة سوف تتطلب دعما من الشركاء الاقليميين والدوليين .ولفهم التحديات التي تواجه البلاد في اعقاب احداث العام 2011 بشكل افضل طلبت الحكومة من شركاء التنمية اعداد تقييم اجتماعي واقتصادي مشترك وبقيادة البنك الدولي وبالتعاون مع الحكومة والامم المتحدة والاتحاد الاوروبي والبنك الاسلامي للتنمية وقد استعرض التقييم الأثر الاجتماعي والاقتصادي للازمة في اليمن وتحديد التحديات والاولويات الرئيسية للتدخل المبكر وخصوصا خلال الفترة الانتقالية. وتضمنت المجالات التي اوصى بها التقييم لدعم المانحين خطة من عدة نقاط شملت استعادة الخدمات الاساسية وتحسين سبل العيش وخلق فرص عمل على المدى القصير من خلال تسريع تنفيذ المشاريع التي تدعمها الجهات المانحة وكذا اتخاذ الاجراءات اللازمة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي واستعادة النمو مع التركيز على النمو بقيادة القطاع الخاص . وقدر التقييم الاجتماعي والاقتصادي المشترك ان احتياج اليمن من التمويل الخارجي يبلغ 1.9 مليار دولار سنوياٍ من سنة 2013م حتى 2016م وينخفض الى 1.6 مليار دولار للفترة من 2017م الى 2020م . هذا المبلغ التقديري مرتبط بالتنفيذ الفاعل للبرنامج الطموح لإصلاح السياسات الذي اوصى به التقييم الاجتماعي والاقتصادي المشترك بكفاءة وفي الوقت المناسب. ومن المفترض أن يحقق في حال الجدية في تنفيذه معدلات للنمو الاقتصادي تتراوح ما بين 7-9% وتخفيض معدل الفقر إلى نحو 30% بحلول العام 2020م . ويرى خبراء انه نظراٍ لهشاشة الاقتصاد الوطني والعجز المالي الكبير المتوقع فإن اليمن لا يستطيع ايجاد الموارد التي يحتاجها لتمويل التعافي والنمو وسوف يحتاج الى دعم دولي كبير ومستدام.

صعوبات يؤكد منصور البشيري مدير عام الدراسات والتوقعات الاقتصادية بوزارة التخطيط والتعاون الدولي ان هناك صعوبات عديدة سبق وان وضحناها في التقارير الصادرة عن الوزارة او في اللقاءات والاجتماعات التشاورية مع المانحين. ويقول ان هناك صعوبات محلية وكذا صعوبات تتعلق بالمانحين انفسهم وهناك بعض الدول لم تبت حتى الان في تعهداتها ولم تقوم بتحويلها الى تمويلات متاحة ولم تعد اليات تدفق تعهداتها الى اليمن. ويضيف : هناك دول منذ العام 2006م لم تقدم أي شيء من تعهداتها ولم تقوم بانشاء الية للتعامل مع هذه الاموال وهناك في الغالب توجهات سياسية تحدد اتجاه سير تعهداتها. وفيما يتعلق بالصعوبات المحلية يشير البشيري الى ان الكثير من الجهات الحكومية لم تستطع استيعاب المتغيرات ولا تزال تتعامل مع التعهدات الخارجية شأنها شأن الموارد المالية المتاحة في الموازنة العامة ولم تستطع ان تقدم للمشاريع دراسات الجدوى الفنية والتصاميم اللازمة. بالاضافة الى التأخر الكبير في اعداد وثائق المناقصات وانزالها وتأهيل الكوادر البشرية والاستشارية وتحليل العروض المقدمة من الشركات والبت فيها وارساء العروض على الشركات الفائزة وعملية بدء التنفيذ. ويوضح أن هذه الصعوبات تتسبب في تأخير تدفق التمويلات الخارجية الى الداخل لان أي مانح لن يقدم أي تمويل الا بناء على اتفاقيات تمويل واتفاقيات تعاقدية مع مقولين منفذين للمشاريع. ويؤكد مدير عام الدراسات والتوقعات الاقتصادية ان هناك رؤية واضحة تستند سواء الى برامج وخطط تنموية سابقة او على الخطة الجديدة المتمثلة بالبرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية والمشتمل على الأولويات منها اولويات عاجلة واولويات متوسطة المدى.

مكتب فني يرى المهندس عادل عبدالسلام الشيباني مدير المكتب الوطني للاستشارات الهندسية ان اليمن لا تحتاج لصندوق ائتماني بل تحتاج بدرجة اساسية وعاجلة لمكتب فني يشرف عليه ويديره المانحون بالتعاون مع جهات الاختصاص الحكومية يعمل على تقييم وتحديد الاحتياجات من المشاريع التنموية المناسبة للظروف الراهنة وعلى مستوى السلطات المحلية ومن ثم جدولتها وغربلتها وإعداد الدراسات الفنية والتفصيلية والجدوى الاقتصادية لهذه المشاريع التنموية. ويقول ان هناك اختلالات عديدة في الاجهزة المالية والادارية وقفت خلال السنوات الماضية عائق كبير امام تشكيل رؤية تنموية للحكومة وعلاقتها بشركاء التنمية واصدقاء اليمن وحدت من عملية استيعاب العديد من المنح والتعهدات على مدى الاعوام القليلة الماضية. ويشير الى ضرورة ان يشرف مثل هذا المكتب الفني في حال إنشائه على القطاعات والوحدات التنفيذية المتصلة بشكل مباشر بتنفيذ المشاريع التنموية مثل قطاع المقاولات والمناقصات والمزايدات والمشتروات والسلطات المحلية بالمحافظات ويشير الى أن اليمن تعاني من مشاكل مزمنة في هذا الخصوص لاتزال تمثل حجر عثرة تمنع تحقيق تقدم يمكن إحرازة مع مجتمع المانحين تتمثل في انخفاض الجدوى من الاقتراض والتمويل الخارجي وتأخير جاهزية المشاريع وتعثر تنفيذ العديد منها لفترات طويلة نتيجة عدم وجود دراسات الجدوى الاقتصادية وعدم التخطيط الجيد لهذه المشاريع والمشكلة الأهم وهي عدم كفاءة التنسيق بين الجهات والمؤسسات الحكومية المعنية والممولين بالاضافة إلى عدم وجود قاعدة بيانات للتمويل الخارجي والمتوفر منها ضعيفة ولاتفي بمتطلبات تحديد الاولويات واستهدافها في الخطط والبرامج التنموية وكذا وجود خلل واضح بين تقييم وتحديد المشاريع المطلوب تمويلها واستهدافها في الخطط والبرامج لايتم بما يتواءم مع أولويات الحكومة والتنمية الاقتصادية وايضا عدم وجود آلية لتوقع وانسياب التمويل الخارجي من القروض والمساعدات. الملف الاقتصادي يؤكد خبراء ضرورة وضع سياسات اقتصادية سليمة لمعالجة الفقر والبطالة وسوء إدارة الموارد العامة تدعمها مؤسسات خاضعة للمساءلة أمام اليمنيين. وبخلاف ذلك قد يكون مستقبل اليمن مقيداٍ بشدة من جراء انخفاض الإيرادات الحكومية وضعف قدرات الدولة والصراعات الداخلية. مشددين على المنظومة الإقليمية لمجلس التعاون الخليجي تحديد سبل تحسين الفرص الاقتصادية وفرص العمل لليمنيين مثل فتح فرص الوصول إلى أسواق العمل أمام الباحثين عن العمل والاستثمار في اليمن إذ ستساعد كل هذه الخطوات على جعل مستقبل اليمن أكثر أمناٍ وستساهم في حل القضايا التي تغذي الاضطرابات المتراكمة منذ سنوات. كما ان هناك أهمية لرصد الوضع القائم وقيام الجهات المعنية بدراسة الملف الاقتصادي في المرحلة الانتقالية وضرورة صياغتها رؤية تنموية واضحة وسليمة وبناءةº تقوم على ربط النمو بالتنمية وبناء القدرات البشرية للإنسان اليمني ورفع مؤشرات التنمية البشرية وسد الفجوات التنموية لصالح سياساتُ تنموية متوازنة تنتشل الاقتصاد اليمني من كبوته وإحداث نقلةُ نوعية في الاقتصاد اليمنيº من حيث ترسيخ مفهوم الاقتصاد المنتج وتعزيز شروط التنمية والازدهار.