الرئيسية - عربي ودولي - الغنوشي يلجأ للسلفيين لتجاوز غضب الشعب التونسي
الغنوشي يلجأ للسلفيين لتجاوز غضب الشعب التونسي
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تونس/ وكالات – أثارت الكلمة التي ألقاها رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أمام أنصاره في مسيرة “دعم الشرعية” ردود فعل شديدة في الشارع التونسي¡ خاصة ما تعلق منها باللغة التصعيدية ضد أمين عام الحركة حمادي الجبالي¡ والتلويح بالتنسيق مع السلفية. ووصف الغنوشي مبادرة الجبالي بأنها ” انقلاب على الشرعية الانتخابية”¡ وأن “من دعوا إلى إسقاط المجلس التأسيسي أو إسقاط الحكومة هم أنفسهم من دعوا إلى تشكيل حكومة تكنوقراط “. وقال مراقبون إن الغنوشي يتهم الجبالي بأنه يتآمر على “الثورة”¡ وهو يقصد مكاسب حركة النهضة من الثورة¡ ورئاستها للحكومة¡ وإن اتهاماته تساوي بين الجبالي والباجي قائد السبسي الذي دعا إلى حل المجلس التأسيسي نتيجة غياب فاعليته. وأشار المراقبون إلى أن رئيس حركة النهضة بدا متوترا وفاقدا لاتزانه المعهود الذي ينتقي من خلاله الكلام¡ وعبøر عن رغبة في احتكار السلطة بشكل ينافي التصريحات السابقة له ولقيادات الحركة عن الشراكة السياسية والرهان على التحالفات لحكم تونس. وأكد هؤلاء المراقبون أن “مليونية” السبت¡ التي لم يتجاوز عدد المشتركين فيها 15 ألفا¡ فضحت ازدواجية خطاب زعيم حركة النهضة و”مفكرها” الذي سوøق خلال وجوده في الغرب القبول بمنطق التداول على السلطة¡ وتوقع الغرب أن تكون لهذه التصريحات تداعيات خطيرة داخل “النهضة” وخارجها. أولى ردود الفعل جاءت من الشخصية الثانية في الحركة¡ والزعيم التاريخي عبد الفتاح مورو الذي طالب الغنوشي في تصريح لصحيفة ماريان الفرنسية بـ”مغادرة النهضة” من أجل “إرساء السلم الاجتماعي” بين التونسيين¡ متهما إياه بجر البلاد نحو “الهاوية” نتيجة مواقفه المتشددة التي قسمت “المجتمع المتسامح إلى إسلاميين وعلمانيين”. وتأتي تصريحات مورو خلال هذه الأيام لتؤكد أن التيار الليبرالي داخل “النهضة” ضاق ذرعا بسطوة الغنوشي¡ واختار الانتفاض ضده على تحمل المزيد من الصمت تجاه مواقفه التي زجت بالبلاد في أزمة سياسية عمقت عزلة “النهضة” سياسيا وشعبيا. وحمøل مورو راشد الغنوشي مسؤولية تراجع شعبية “النهضة” وسخط التونسيين عليها حتى أن مكاتبها في مختلف جهات البلاد تعرضت خلال الفترة الأخيرة للحرق من قبل مواطنين غاضبين. وتوقع مقربون من حركة النهضة أن يكون للهجوم الشرس الذي شنه الغنوشي على الجبالي تأثير مباشر على مجريات الأمور في “النهضة”¡ فالجبالي ومورو يتمتعان بثقل قوي في التنظيم تضاف إلى ذلك أصوات أخرى ظلت تردد أن الحركة أكبر من الأشخاص¡ ويمكن أن تصطف في مواجهة زعيم الحركة المتفرد بالرأي. يشار إلى أن قيادات تاريخية للحركة طالبت في مناسبات سابقة بمحاسبة رئيس الحركة على خيار المواجهة مع بن علي الذي كاد يلغيها من الوجود¡ وهو خيار طبع بالمزاج الشخصي للغنوشي الميøال إلى المواجهة¡ ما جعل قادة مثل مورو وفاضل بلدي وبنعيسى الدمني يعلنون استقالتهم بعد حادثة باب سويقة التي حرق فيها منتمون للحركة حارسا لمقر تابع للحزب الحاكم السابق. إلى ذلك¡ وصف محمد بالنور الناطق باسم حزب التكتل – الشريك في الائتلاف الحاكم – جلب “النهضة” متظاهرين من مختلف المحافظات في مسيرة السبت بأنه يشبه ممارسات حزب بن علي. وأضاف: “مثل هذه المسيرات من شأنها أن تزيد من التوتر في فترة تحتاج فيها البلاد إلى التهدئة من جميع الأطراف”. من جانبه¡ قال حمة الهمامي الناطق باسم الجبهة الشعبية “يسار راديكالي:” إن المسيرة المؤيدة للحكم لا تخرج إلا في الأنظمة الديكتاتورية. وقال الهمامي: “في الدول الديمقراطية¡ في العادة تخرج المسيرات للاحتجاج. لم أر مسيرات مؤيدة للحكم وللنظام إلا في الأنظمة الديكتاتورية”. وفي سياق متصل¡ قال متابعون إن الغنوشي أثبت مجددا متانة العلاقة التي تربطه بالمجموعات السلفية التي حضرت بكثافة في المسيرة¡ فضلا عن المداخلة التي ألقاها أحد وجوه السلفية بشير بن حسن. وفسر المتابعون حرص الغنوشي على توطيد علاقته بالسلفية بأنه تحدø للقوى المدنية والعلمانية التي هاجمت الأعمال العنيفة لتلك المجموعات خاصة ما تعلق بحرق مقامات الأولياء وعمليات إنزال العلم الرسمي ورفع الأعلام السوداء بدلا عنه¡ فضلا عن تدخلها في الحريات الشخصية للمواطنين. وأضاف هؤلاء المتابعون أن قيادة “النهضة” التي فشلت في مد يدها للقوى المدنية وطمأنتها على مستقبل تونس¡ خيرت أن تعود إلى طبيعتها الإخوانية السلفية وترفع من جديد شعار “تطبيق الشريعة”¡ والتلويح بجاهلية المجتمع.