الرئيسية - عربي ودولي - تونس.. عاصفة الخلافات تهدأ .. ومخاوف من إعصار قادم!!
تونس.. عاصفة الخلافات تهدأ .. ومخاوف من إعصار قادم!!
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تقرير/محمد شبيطة –

{ استطاع الائتلاف الثلاثي الحاكم في تونس تجاوز تشكيل الحكومة والحصول على الثقة من البرلمان رغم العقبات التي واجهت الائتلاف الذي تتزعمه حركة النهضة الإسلامية وحزبا المؤتمر والتكتل شريكاها العلمانيان إضافةٍ إلى مستقلين أسندت إليهم الوزارات السيادية. وأمام البرلمان أعلن رئيس الحكومة الجديد علي العريض – وهو وزير الداخلية في الحكومة السابقة عن أربع أولويات ستعمل حكومته على تحقيقها وأولى هذه المحددات توضيح الرؤية السياسية وتهيئة الظروف لإجراء الانتخابات العامة في أفضل الظروف وأسرع الأوقات وبسط الأمن ومقاومة الجريمة والعنف مهما كان نوعه أو لونه ومواصلة الإصلاحات في مختلف المجالات ولفت إلى أن الحكومة ستعمل على الحد من البطالة من خلال إحداث (90) ألف فرصة عمل جديدة خلال العام الجاري. هذه الحكومة وهي الرابعة منذ الثورة على الرئيس السابق زين العابدين بن علي عام 2011م تأتي في ظل أزمة مركبة وشاملة تعيشها تونس في مختلف المجالات تأججت بعد اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد في السادس من فبراير الماضي والتي على إثرها اشتعل فتيل الأزمة السياسية وأعلن على إثرها رئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي عن مقترح تشكيل حكومة تكنوقراط رأى أنها تمثل الحل الأمثل لتجاوز الأزمة الطاحنة التي تعيشها بلاده إلا أن مقترحه هذا قوبل بالرفض من الائتلاف الحاكم خاصةٍ من حزبه حركة النهضة الإسلامية الذي يتولى فيه منصب الأمين العام مما حدا به إلى إعلان استقالته من رئاسة الحكومة في 19 فبراير الماضي احتجاجاٍ على عدم التجاوب مع مقترحاته. وتونس التي تعيش مخاضاٍ عسيراٍ على طريق تأسيس نظام ديمقراطي جديد خاصةٍ مع تصاعد وتيرة الأحداث والأزمات المتلاحقة مما يثير مخاوف لدى الكثير من المراقبين للوضع في تونس خاصةٍ بعدما أحدثته جريمة اغتيال المعارض شكري بلعيد وما خلفته من إرباك كبير في المشهد السياسي التونسي هذه الحادثة التي خلطت الأوراق وكادت تدفع البلاد نحو فوضى شاملة نتيجة لهشاشة الوضع الراهن ولوجود أزمة ثقة كبيرة بين مختلف القوى السياسية. الحكومة الجديدة قد تهدئ عاصفة الأحداث لكن هل تستطيع إيقاف إعصار يراه المراقبون قادماٍ لا محالة خاصةٍ وأن ما يواجه هذه الحكومة مشاكل وعقبات كبيرة وما لم تقدم مبادرة حقيقية وصادقة لتجاوز أزمة الثقة وإنهاء حالة التجاذبات السياسية خاصةٍ وأن البلد لا يزال يعيش إرهاصات ما قبل الثورة لأن أسباب اشتعال الثورة في أواخر 2010م لا تزال هي نفسها من الإحباط واليأس لدى الشباب إلى صعوبة الحياة المعيشية وما يؤكد ذلك هو إقدام أحد الشباب الأربعاء الماضي يوم حصلت الحكومة على الثقة من البرلمان على إحراق نفسه وتوفي نتيجة ذلك الشاب عادل الخزري بإقدامه على هذا يحاكي الحالة نفسها التي أشعلت شرارة الثورة في تونس بإقدام مفجر ثورات الربيع العربي محمد البوعزيزي على إحراق نفسه في 17 ديسمبر 2010م في مركز ولاية سيدي بوزيد وسط غرب تونس احتجاجاٍ على مصادرة شرطة البلدية لعربة الخضار والفاكهة التي كان يقتات منها. وعادل الخزري يؤكد أن الحال لا يزال كما هو خاصةٍ في الجانب الاقتصادي والمعيشي ومؤكداٍ أن الجانب الاقتصادي والاجتماعي هو مفجر الثورة الحقيقي. وأعرب الرئيس التونسي المنصف المرزوقي عن عميق حزنة وألمه لوفاة عادل الخزري وقال: إنها حصلت بالكيفية المؤلمة والمرعبة نفسها التي توفي بها شهيد الثورة محمد البوعزيزي وربما للأسباب نفسها نتيجة لفقدانه الأمل وانسداد الأفق في عيونه كغيره من الشباب وطالب الرئيس المرزوقي الشباب بعدم اليأس والقنوط. والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في تونس تعيش واقعاٍ صعباٍ بحاجة إلى عمل كبير لتجاوزها خاصة وأنها ليست المشاكل الوحيدة أمام الحكومة وإنما تضاف قضايا شائكة أهمها قضية الإرهاب والعنف المنظم الذي ظهر إلى السطح عقب الثورة في 2011م. ويري رئيس الحكومة علي العريض أن الإرهاب يمثل أبرز خطر يهدد الأمن القومي التونس وقال في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية الخميس الماضي: إن أبرز خطر على الأمن القومي التونسي اليوم هو الإرهاب سواءٍ الذي يأتينا من الخارج بسبب انفتاح حدودنا أو ذلك الذي يمكن أن يتولد في الداخل بتأثير من الخارج وأوضح أن الإرهاب هو الذي يمكن أن تقوم به مجموعة منظمة تعتمد على العنف والسلاح للنيل من الأفراد أو إكراههم أو السيطرة عليهم. وتعاني تونس من بروز بعض الحركات الإسلامية المتطرفة والتي قامت العام الماضي بمهاجمة الأفراد والمحال التجارية مما زاد من حالة الاحتقان السياسي وهدد الاستقرار الاجتماعي ومثل هذه الحركات أهدرت بفتاواها دماء معارضين سياسيين اختلفوا معها في الرأي ونتيجة للفتاوى هذه ثم تصفية المعارض شكري بلعيد. وعلى الرغم من حصول الحكومة على ثقة البرلمان حيث صوت لها 139 صوتاٍ من أصل 217 نائباٍ فإن الوضع السياسي يشهد حالة من الشلل في ظل غياب اتفاق على شكل النظام القادم وهذا بنظر المراقبين يمثل بحد ذاته معرقلاٍ رئيساٍ في طريق صياغة الدستور وإجراء انتخابات وإقامة مؤسسات الدولة. والتوترات السياسية تتزايد مع تزايد التظاهرات والإضرابات والمواجهات المتكررة بين الشرطة وعدد من المحتجين السلميين أو من الحركات السلفية ولم تستطع حركة النهضة الإسلامية الحاكمة تبديد مخاوف القوى والأحزاب الليبرالية واليسارية من سعيها لأسلمة تونس وتغيير وضعها الاجتماعي مما يجعل الحكومة الجديدة بحاجة إلى عمل حقيقي من أجل التوصل إلى نتائج ملموسة للخروج بالبلاد من الوضع الاستثنائي إلى دولة مؤسسات تحافظ على المكتسبات التي تحققت للشعب التونسي في الماضي. وما لم فإن الأوضاع مرشحة للتصاعد وستستمر حالة اللااستقرار مما يهدد بإعصار ثورة قادمة يراها المحللون قادمة إذا ما ستمرت أسباب الثورة التي خرج من أجلها الشباب في نهاية 2010م وبداية 2011م.