الرئيسية - اقتصاد - أسر تعيش على الخردة وترفض التسول!!
أسر تعيش على الخردة وترفض التسول!!
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

خاص –

الشاب محمد ذو الخامسة والعشرين من عمره يصحى باكرا وبيده كيس فارغ والأمل يحدوه بأن يحقق هدفه ويملئ كيسه بما سيجده من معلبات وخردوات تضمن له ما يسد رمقه ويصونه من عوز الناس فالخيارات أمامه محدودة إما العيش عالة على أسرته أو الرضا بما هو مقسوم. مهنة شاقة ومضنية ومع ذلك لها أشخاص أجبرتهم قساوة الحياة على التعايش معها والقبول بها على مضض لعل القادم افضل فالحياة ومتطلباتها لا ترحم.

مخلفات المشروبات المعدنية والبلاستيكية والحديد والنحاس وغيرها من الخردوات لم تعد بلا قيمة كما كانت في وقت مضى بل أصبحت ذات قيمة مادية وتباع بالوزن وتشغل العشرات من الأيدي العاملة العاطلة عن العمل . فالبحث في الشوارع وبين النفايات عن الخردوات طوق نجاة لأشخاص وأسر لا تملك قوت يومها وأصبحت عاجزة عن تدبير شؤونها لتجد نفسها أمام خيارات مرة كطعم العلقم لكن هذا هو الواقع الذي لا مفر منه . تجارة معروفة إن تجارة الخردة تعني ببساطة بيع المواد الأولية من الحديد وهو المعدن الأهم والنحاس والبلاستيك والكرتون وغيرها وذلك من خلال جمع ذلك الخام من هذه المواد ومن ثم بيعها إلى أشخاص ومحلات أنشئت لهذه التجارة وأصبحت منتشرة ومعروفة لما لها من مردود مادي مقبول كما أن متطلبات عمل تلك المهنة قد تتطلب بأقصى حالاتها استئجار أرض خالية لجعلها مستودعا لكميات الخردة المشتراه وناقلة لحمل تلك الخردوات وأخيرا ميزانا لوزن تلك المواد وحسابها. مردود اقتصادي سليم من احدى- مديريات محافظة ذمار –يرى أن العملية مجدية اقتصاديا بالنسبة له حتى وإن كانت مهنة متعبة ومنبوذة من قبل المجتمع ولكنها تساعده في تغطية جزء من تكاليف معيشته خاصة وأن فرص العمل معدومة والبدائل الموجودة عبارة عن أحلام لا يمكن تطبيقها على الواقع . و يوضح أن تجميع الخردة من القمامة والشوارع عمل مضنُ ولكن في نفس الوقت له مردود مادي معقول يمشي الحال بدلا من الجلوس والانتظار. عبدالله الجبل- يقول: ظروف الحياة تغيرت وأصبحت قاسية والخيارات محدودة ولذا كل عمل شريف مهما كان افضل وسيلة للعيش بكرامة بدلا من التسول أو الانحراف . ويؤكد أن تجارة الخردة وتجميعها تجارة هامة وموجودة في اغلب البلدان لكنها منظمة وتستغل محليا من قبل المصانع المحلية لكن في اليمن لازالت بدائية وتصدر للخارج. و يضيف: إن الكثير من العائلات تعتمد في عيشها على جمع العلب الفارغة والبلاستيكية الملقاة على قارعة الطريق وهي عملية تعود بالمنفعة على المجتمع وعلى الفرد نفسه. تشغيل العاطلين يعمل صالح العامري- بتجارة الخردة منذ ثلاث سنوات وله حوش كبير لتجميعها وشاحنة لنقلها وكان قبل ممارسة هذه المهنة يتنقل بين العديد من المهن الهامشية كلما ظن أن إحداها أعلى أجراٍ أو أكثر دخلاٍ وجاء تحوله للخردة لمساعدة شقيقه الأكبر سمير الذي سبقه إليها بسنوات بعدما اتسع نشاطه. لكن سمير اختار لنفسه هذه المهنة منذ التحاقه بسوق العمل ويرى أنها مجال مهم يمكنه أن يستوعب عددا كبيرا من العاطلين في ظل تعدد المراحل التي تمر بها الخردة منذ تجميعها حتى تصديرها . تبدأ هذه المراحل بجمع الخردة والشخص الذي يعمل بهذه المهنة يكون له مصدران إما التقاطها من الشوارع وبراميل القمامة أو بشرائها من مخلفات منازل المواطنين وتتمثل هذه المخلفات في بقايا الأواني والأجهزة المنزلية وهياكل السيارات القديمة. و تنتقل الخردة بعد ذلك من هؤلاء الباعة إلى مراكز التجميع التي يعمل بها في الغالب أكثر من شخص وتشترى هذه المراكز من الباعة بسعر 300-600-1200حسب نوع المادة. و من نقاط التجميع الصغيرة -كالتي يشرف عليها سمير وشقيقه – إلى النقاط الأكبر تنتقل رحلة الخردة وتتولى الأخيرة عملية التصدير للخارج وخاصة الصين. ثروة قومية خبراء الاقتصاد يؤكدون أن الخردة ثروة قومية ينبغي الحفاظ عليها واستغلالها محليا من خلال إنشاء صناعات تعتمد على هذه المواد بدلا من استيراد مواد أولية من الخارج يمكن توفيرها محليا. اهتمام وطبقا للدكتور عبداللطيف دهمان فإن الخردة ثروة تحتاج إلى الاهتمام باعتبارها مواد استوردت بالعملة الصعبة وتصديرها يمثل خسارة للاقتصاد الوطني وإهداراٍ للاحتياطي من النقد الأجنبي ومع ذلك ليس هنالك أي اهتمام رسمي من اجل تطوير هذا المجال سواء على مستوى التصدير أو إعادة التصنيع من خلال إنشاء مصانع تعتمد على هذه المواد. الحكومة ممثلة بوزارة الصناعة والتجارة أصدرت قرارا بمنع تصدير الخردة باعتبارها ثروة وطنية كما انشأ القطاع الخاص مصنعاٍ للحديد يعتمد على مواده الخام من الخردة ولكنها جهود ومحاولات فشلت تنتظر إنعاشها من جديد.