الرئيسية - عربي ودولي - تحديات كبيرة تواجه اتفاق الحدود بين شطري السودان
تحديات كبيرة تواجه اتفاق الحدود بين شطري السودان
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

{ الخرطوم/وكالات – يظهر اتفاق جنوب السودان الذي أعلن أمس الأول لبيع النفط لشركة ترافيغورا ومقرها سويسرا كيف يسهم الوفاق الجديد مع السودان في تنشيط التجارة لكن لا تزال هناك الكثير من العقبات التي تواجه اتفاقا يستهدف إنهاء العداء على طول الحدود المتنازع عليها بين البلدين. ومن المقرر أن يستأنف جنوب السودان الحبيس الذي انفصل عن الشمال منذ عام 2011م بعد عقود من الحرب الاهلية صادرات النفط التي توقفت قبل 14 شهرا بسبب خلاف على رسوم النقل مع حكومة الخرطوم. ويعد الاتفاق مع ترافيغورا لضخ النفط إلى ميناء بورسودان مؤشرا على ذلك. لكن من بين المخاطر التي تهدد الاتفاق الذي وقع بين السودان وجنوب السودان الشهر الحالي لسحب القوات من منطقة الحدود تمرد في الشمال تسبب منذ فترة طويلة في توتر العلاقات. وتتهم الخرطوم زعماء جنوب السودان في جوبا بدعم التمرد. وينفي الجنوب ذلك ويتهم الخرطوم بدعم المتمردين على أراضيه. ويواجه الجانبان ايضا ضغوطا من السكان المحليين على طول الحدود التي تمتد لنحو 2000 كيلومتر. وعلى سبيل المثال فان سكان قرى جنوب السودان التي تقع داخل المنطقة الجديدة المنزوعة السلاح يخشون من أن مهاجمي الماشية والمتشددين ربما يستغلون أي فراغ أمني مما قد يجبر السياسيين في جوبا على الدفع بقواتهم إلى المنطقة من جديد. ويقول محللون ودبلوماسيون : إنه على المدى القريب فإن وعود الدولارات التي تدرها تجارة النفط أغرت الجانبين – اللذين اتسمت العلاقات بينهما اساسا بانعدام الثقة والعداء وسياسة حافة الهاوية – بالتوصل إلى اتفاق سيخفف من إجراءات التقشف التي تكبل الحركة ويقلل كثيرا من دوافع العودة إلى الحرب. وينتج جنوب السودان الذي لا يطل على أي منفذ بحري نحو 350 ألف برميل نفط يوميا بعد الاستقلال – أي نحو ثلاثة ارباع اجمالي نفط السودان بالكامل خلال فترة ما قبل الانفصال – لكنه أوقف الانتاج بالكامل في يناير الماضي بسبب نزاع مع الخرطوم بشأن الرسوم. وأدى فقدان ايرادات النفط – وهي المصدر الرئيسي لدخل الدولة والعملة الصعبة التي يستخدمها الجانبان في استيراد الغذاء والوقود – إلى انخفاض كبير في قيمة عملتيهما وارتفاع معدل التضخم الذي أضر بشعبيهما اللذين أنهكهما الصراع. كما تسبب في توتر شبكات الرعاية التي يعتمد عليها الحزبان الحاكمان لدى الجانبين في ابقاء قبضتيهما على السلطة والتي تعتمد بدرجة كبيرة على أموال النفط. وقالت سارة بانتوليانو من معهد التنمية الخارجية البريطاني وهو مؤسسة بحثية: “الجانبان يخضعان لضغوط لاعادة ملء خزائنهما. النفط مهم للغاية اذ يمكنه أن يوحد الجانبين معا اذا أبقيا على معقولية مطالبهما”. وانفصل جنوب السودان عن السودان في يوليو 2011م بموجب اتفاق سلام تم توقيعه في عام 2005م أنهى حربا أهلية استمرت عدة عقود لكن العديد من القضايا التي تتعلق بالاستقلال ظلت دون حل. كان كثيرون يأملون في أن حل مشكلة رسوم النفط يمكن أن يبقي الجانبين بعيدا عن خوض صراع مباشر. لكن بعد أن اوقفت جوبا انتاجها بعد الانفصال لمدة ستة اشهر اقترب الجانبان من خوض حرب شاملة بشان حقل نفط هجليج الذي يقع على الحدود بينهما في ابريل 2012م. وتوسط الاتحاد الافريقي في محادثات بدا أنه لا طائل من ورائها لكن الانفراجة جاءت هذا الشهر عندما وافق الجانبان على اطار زمني لتنفيذ صفقات اقتصادية وامنية واقليمية وقعا عليها في سبتمبر لكنها لم تنفذ على الاطلاق. وفي الشهور القليلة الاخيرة أدى تصاعد التضخم في السودان وتضاؤل الاحتياطيات النقدية في الجنوب إلى اصابة الحكومتين بالتوتر وجعلهما أكثر قبولا لفكرة التوصل إلى اتفاق مع الطرف الآخر لكن ثمة عوامل كثيرة يحتمل أن تفسد الامور. فعلى بعد بضعة أميال جنوبي بلدة جاو التي انسحبت منها القوات عبر السكان عن مخاوفهم من أن الميليشيات يمكن أن تستغل غياب جيش جنوب السودان لمهاجمة القرى. واتفق السودان والجنوب على الاحتفاظ بشرطة غير مسلحة في “منطقة حدودية آمنة منزوعة السلاح” والسماح لقوة حفظ سلام تابعة للامم المتحدة قوامها 1126 جنديا بحماية فريق مشترك من 90 مراقبا حدوديا. لكن هذه القوة لن تغطي سوى شريط من الارض عرضه 20 كيلومترا بامتداد حدود طولها 2000 كيلومتر. ويقول دبلوماسيون واكاديميون ومحللون : إن التمرد في ولايات الجنوب بالسودان التي تقع على الحدود مع جنوب السودان يمكن أن يقوض اركان الاتفاق مع الجنوب رغم أن الخرطوم كانت أكثر تصالحا نحو المتمردين منذ توقيع الاتفاق مع جوبا. والمقاتلون الذين تحالفوا في وقت من الاوقات مع متمردي جنوب السودان اثناء الحرب الاهلية يقاتلون جيش السودان في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق منذ أن انفصل الجنوب في نهاية الامر. وفي مؤتمر صحفي نادر وجه نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه دعوة للمتمردين للاشتراك في صياغة دستور جديد للبلاد مشيرا إلى أن الاتفاق مع الجنوب جعل مثل هذه المشاركة أيسر.