الرئيسية - اقتصاد - مخاوف من مهاجمة حشرة الطماطم لمنتجات زراعية أخرى
مخاوف من مهاجمة حشرة الطماطم لمنتجات زراعية أخرى
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

تحقيق/ أحمد الطيار – يتذكر مزارعو محصول الطماطم في اليمن تلك المواسم الهائلة التي كانوا يجنون منها مايزيد عن 250 ألف طن سنويا واليوم وبعد أن غزت حشرة التوتا ابسلوتا مزارعهم لم يعد بمقدورهم إنتاج شيء يذكر سوى أشياء بسيطة ربما لن تصل 10% مما كان بسبب غزو هذا العدو القاهر دون رحمة. التوتا ابسلوتا هي حشرة تعني باللغة العربية حافرة الطماطم وهي حشرة دخلت اليمن عبر شحنة من الطماطم عام 2011م يعتقد أنها قادمة من السعودية أثناء الأزمة اليمنية فاستوطنت المزارع اليمنية وتقوم بحفر أغصان وجذور وورق شجرة الطماطم وتقضي عليها في غضون أيام وحتى الآن لم يستطع أي مبيد حشري كميائي أو طبيعي القضاء عليها وتعد في قاموس منظمة الأغذية والزراعة الفاو كارثة بامتياز لم تسلم منها الدول الكبرى ولا الدول النامية.

خسائر بالجملة محصول الطماطم في اليمن يعد في حكم المنتهي منذ العام 2012م وهناك بحوث وتجارب وخطوات يقوم بها مهندسون زراعيون في مراكز البحوث الزراعية لكنهم لايزالون في طور البحث فيما لم تصل حتى الآن المساعدات والمنح التي وعد بها المانحون منذ فبراير الماضي ويخشى أن يكون هذا العدو الزراعي قد قضى تماما على الإنتاج في محافظات صعدة ومارب وعمران ولحج وذمار وتهامة فيما تتجه وزارة الزراعة والري لفتح باب الاستيراد وهو ما يعني تضاعف خسار اليمن إلى اكثر من 64 مليار ريال على أقل تقدير ناهيك عن فقدان العمالة الزراعية في إنتاج هذا المحصول لوظائفه إضافة للخسارة الغذائية التي تلحق بالأسر اليمنية والتي تعتمد على الطماطم لصنع وجبة غذائية تخلط مع اللبن وتكون وجبة للكثر من الفقراء على وجه الخصوص. البداية على الرغم من مضي أكثر من عام على ظهورة آفة حافر الطماطم لم يعد لليمنيين الافتخار بالطماطم الطازج واستخدامه الواسع على موائدهم إذ باتت السحاوق مهددة بالانقراض تماما وهي وجبة مهمة جدا لدى سكان صنعاء والمناطق الشمالية وتعز وبرغم مجاهدة بعض المزراعين على الإنتاج ومقاومتهم الحشرة دون جدوى وترصد الأحداث الزراعية أن مزارعا واحدا من تهامة خسر حتى اللحظة أكثر من مليوني ريال في شراء المبيدات فيما لم يتمكن من جني حتى 50 سلة . مدير فرع هيئة البحوث للمنطقة الشمالية يقول: هذه الحشرة هي حشرة خبيثة عابرة للحدود أصلها جاء من أمريكا الجنوبية ودخلت إسبانيا في 2006 م ومنها انتقلت لبلدان شمال أفريقيا ثم إلى سوريا ولبنان ومنها وصلت السعودية ثم انتقلت لليمن ضمن شحنة طماطم دخلت البلاد . وهذه الحشرة خطيرة تصيب كل أجزاء النبات ولا تقتصر على جزء معين في نبات الطماطم ويوجد في اليمن مشكلة واضحة للعيان أنه لايوجد حجر نباتي من محافظة لأخرى وهذا يعمل على نقل الأمراض بشكل مخيف خصوصا وأن البيئة اليمنية متنوعة وذات مناخات متعددة تتم فيها زراعة الطماطم في عدة مواسم وعدة مناطق طوال العام وبالتالي فظهور مرض بناتي في منطقة ما سرعان ما ينتشر إلى المناطق الأخرى وكأن هناك تساوياٍ في الحصول عليه وهذا شيء غير نظامي أبدا وهو ما أدى إلى إصابة محصول الطماطم في طول البلاد وعرضها بخلاف بقية البلدان التي لديهم موسم واحد يزرعون فيه وبالتالي يمكن بعد انتهاء الموسم تنتهي تلك الآفة. المبيدات أثبتت التجارب أن استخدام المبيدات الكيميائية المعروفة غير فعالة مطلقا ولم يتم التوصل لمبيد حشري فعال في أي دولة في العالم حتى وإن تم إيجاده فنتيجة لظروف وطبيعة المناخات في اليمن مايجعل الحشرة لاتتأثر بها وهذا ما هو حاصل حاليا ولذلك وجدنا أن المزراعين في حالة ذهول كبيرة من هذه الحشرة وهم يشعرون بالتعاسة فعلا لأن الحشرة تقضي على الشجرة وتدخل حتى ثمار الطماطم وتقوم بحفره بصورة تدعو للجدل وتستمر طيلة اليوم في أكله دون هوادة. ابتكارات يعمل المهندسون الزراعيون في مراكز البحوث على دراسة الحشرة وتجربة العديد من المبيدات عليها وهناك تقدم يذكر في محطة المرتفعات الشمالية حيث يكرس المهندس وجيه المتوكل المنسق الوطني لمكافحة هذه الحشرة مع زملائه المهندسين جهودهم رغم ضآلة الدعم والمساندة من وزارة المالية لمشاريعهم وللهيئة بشكل عام وضمن جهودهم ونزولهم الميداني يعملون على إيجاد مبيد يقوم بالقضاء على تلك الحشرة وضمن عملهم وبحثهم وجدوا فرصا لإنتاج مبيد من شجرة يمنية عريقة يمكن أن يحقق نتائج تذكر ويشير المهندس وجيه إلى أن تركيب مبيد من أوراق وثمار شجرة المريمرة اليمنية يعطي نتائج جيدة على أنواع من الآفات تتمثل في شل قدرتها على الأكل فبعد الرش يبقى الحشرة عاجزة عن الأكل ولاتستطع مطلقا استساغة أي شجرة ونتيجة لذلك تموت وهي صائمة في غضون أيام . خسائر تعترف وزارة الزراعة والري بأن 70 % من محصول الطماطم الذي تم فحصه في إطار مسح ميداني نفذ في فبراير الماضي مصاب فعلا بآفة حافرة الطماطم في جميع محافظات الجمهورية وتشير نتائج المسح أن مزارعي الطماطم تكبدوا خسائر اقتصادية كبيرة ربما تزيد عن 300 مليون دولار وهناك خطورات قائمة على محاصيل العائلة الباذنجانية كالبطاطس والباذنجان والخيار والكوسة بشدة من هذه الحشرة ويرى المهندس صادق السواري أن دخول هذه الآفة الحشرية إلى اليمن سبب إرباكاٍ واضحا لدى مزارعي الطماطم نتيجة تكاثرها بسرعة ولأن المبيدات الحشرية لا تعطي نتائج إيجابية بسبب قدرتها على اكتساب مقاومة ضد المبيدات التي ترش عليها وهذا مايسبب مشكلة أيضا حيث رصد أن المزارعين ونتيجة لجهلهم وقصور الإرشاد باتوا يرشون المحصول 17 مرة وهذه كارثة كما يفعل مزارعو مارب وتكون النتيجة دون جدوى. خطورة يؤكد الدكتور إن الحشرة خطيرة جدا حيث تفتك بمحاصيل الخضروات خاصة الطماطم وانها انتقلت من أمريكا الوسطى إلى الجنوبية وإلى إسبانيا وإيطاليا وفرنسا ثم المغرب العربي وإلى بقية الدول العربية حتى وصلت إلى اليمن. وبين أن حافرة الطماطم عبارة عن فراشة ليلية لديها قوة طيران كبيرة في اتجاه الريح وتنتشر بواسطة وسائل المواصلات والنقل عموما والشتلات والإرساليات النباتية كما أنه من الصعوبة مكافحة الآفة بالمبيدات لأنها اكتسبت مناعة من المبيدات التي رشت عليها في الدول الأخرى لذلك لا يتم القضاء عليها إلا من خلال المكافحة الحيوية والطبيعية وهي مكلفة جدا وهذه الطريقة أثبتت فعاليتها على مستوى العالم. إضافة إلى أن هذه الحشرة مستوطنة وليست مثل الجراد تنتهي بسرعة وقد تستمر مكافحتها إلى قرابة خمس سنوات مبينا أن الوزارة تعتزم تأسيس مختبر للمكافحة الحيوية وإنتاج الأعداء الحيوية التي تقضي على آفة حافرة الطماطم. أسعار الطماطم تتجه أسعار الطماطم حاليا نحو الارتفاع نظرا لقلة العرض نتيجة إصابة المحصول وتزايد الطلب في الأسواق المحلية ويباع الطماطم حاليا مابين 300-500 ريال وهو رقم ربما يكون كبيرا مقارنة بالمواسم السابقة والتي كان يصل فيها الكيلو مثل هذه الأيام الصيفية لأقل من 100 ريال ويقول فهد القاضي تاجر ومسوق في سوق صنعاء المركزي بالستين الشمالي بصنعاء إنه يلحظ ارتفاع الأسعار يوما بعد آخر ويرجع ذلك لضعف الإنتاج من المناطق الرئيسية في مارب وتهامة وذمار في مثل هذه الأيام نتيجة لإصابة المزارع بالمرض . الاستيراد لايبدو التجار متحمسين لمسألة الاستيراد من أساسها فهي كما يقول التاجر القاضي غير مجدية حيث يخشى من تعفن الطماطم المستورة نتيجة لضعف التسويق وقلة الخبرة وأيضا عدم امتلك ثلاجات كبيرة لحفظها وتسويقها بالسرعة المطلوبة ويرى ذلك التاجر أن الاستيراد سيكون وبالاٍ على المزارعين والزراعة في اليمن فهو سيقضي تماما على ما تبقى من بقية لمزارعي الطماطم وسينهي زراعة أصيلة في اليمن يعمل بها مئات الآلاف من الناس ويدمر حياتهم . ويؤكد هذا الاتجاه المهندس الزراعي ماجد المتوكل خبير الإرشاد الزراعي بالقول أن الطماطم في اليمن يتميز بأنه منتج دائم في اليمن نتيجة لتنوع الظروف والمناخات الملائمة لزراعة طوال العام وهذا يجعل المستهلك يحصل على منتج طازج يوميا من زراعة بلده فيما سيؤدي الاستيراد لقتل هذا المحصول ويؤدي الى تشرد مليون عامل مابين مزارع عمالة زراعية ومسوقين وبائعين إلى فقدان عملهم . الدليل العلمي وبحسب الدليل التعريفي الصادر عن منظمة الفاو حول حافرة الطماطم فإن الحشرة الكاملة تعد فراشة ليلية تنشط في ساعات الصباح الباكر وبعد الغروب وتختفي خلف الأوراق خلال النهار ويتكون جسم الحشرة من حراشيف فضية رمادية اللون وبقع سوداء على الجناح الأمامي ويتراوح طول الحشرة بين 5- 7 ملم وعرض جناحها بين 8- 10 ملم وتتميز بقرون الاستشعار الطويلة الخيطية الشكل وتضع الإناث البالغة حوالي 250 بيضة خلال فترة حياتها. وتتكاثر الحشرة بسرعة عالية جدا وفي فترة قصيرة حيث تكتمل دورة حياتها خلال 30 – 40 يوما وللحشرة قدرة تكاثرية عالية حيث تنتج 10 – 12 جيلاٍ في السنة وتستمر اليرقة في طور النشاط ولا تدخل في طور السبات طالما أن الغذاء متوفر لها وتعتبر درجة الحرارة المناسبة للتطور ما بين 20 – 30 درجة مئوية. الفرمونات تبقى الفرمونات هي الحل حاليا وهذه الفرمونات هي عبارة عن مستحضر ذي رائحة جنسية أنثوية لحشرة التوتا ابسلوتا وهي عبارة عن مصيدة يتم وضعها للذكور إذ تجتذبها تلك الفرمونات ويتم اصطيادها وقتلها عن طريق الماء وهذه الطريقة يعول عليها جذب الذكور حتى لاتجد الإناث من يلقحها فيحصل الموث لهذه العائلة وتشير الأبحاث إلى أن لدى أنثى حشرة التوتا قدرة على الإنجاب كبيرة جدا فهي تنجب 300 بيضة يوميا في موسم التزاوج المستمر أسبوعا وهكذا تنتشر بسرعة وتتوالد أسرع وتقضي على مئات الهكتارات في غضون أقل من شهر . لكن المشكلة في الفرمونات أنها غير موجودة في اليمن وينتظر أن يتم استيرادها بناء على المنحة التي قدمتها وكالة التنمية الامريكية ضمن مشروعها لمساعدة اليمن في المكافحة لهذه الحشرة وتعمل الوزارة حاليا لوضع أسس علمية للتجار اليمنيين للقيام بعملية استيراد الفرمونات لكن ليس من دول تقلد المنتجات وتقول مصادر إن الوزارة اشترطت الاستيراد من أوروبا أو من أمريكا للسماح بفتح الترخيص. كلمة الفصل مابين الخطط والبحوث والتجارب العلمية وبين الزمن التي ستظهر للقضاء على حشرة التوتا ابسلوتا يقع المزارع اليمني في قمة الخاسرين فمزارعه تتعرض يوميا أمام عينه لتدمير ممنهج من الحشرة وهو يقف عاجزا حيال التصرف معها فلا المبيدات التي بين يديه تنفع ولا أمل في حل قريب ومع ذلك فقد لاحظنا في مزرعة هيئة المرتفعات الشمالية أن ما أنعم الله به من مطر وبرد خلال الأيام الماضية قد خفف بقوة من آثار تلك الحشرة اللعينة ونسأل الله أن يفرج على وطننا منها .