الرئيسية - اقتصاد - انهيارها سيقود للصراع ويحول اليمن إلى دولة فقيرة‮ ‬
انهيارها سيقود للصراع ويحول اليمن إلى دولة فقيرة‮ ‬
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

لقاء أحمد الطيار‮ ‬ – ‬قال الباحث والمحلل الاقتصادي‮ ‬نبيل محمد الطيري‮: ‬إن انهيار الطبقة المتوسطة في‮ ‬اليمن‮ ‬يعني‮ ‬انهيار أهم صمام أمان اقتصادي‮ ‬اجتماعي‮ ‬للبلد وسيقود لانقسام المجتمع إلى طبقتين وحيدتين متصارعتين‮ ‬غنية تخشى ضياع ثرواتها بل وتريد تنميتها‮ ‬وفقيرة تريد حل أزماتها وتبحث عن رغيفها‮. ‬ مؤكدا في‮ ‬حديث لـ”الثورة‮ ” ‬أن الطبقة المتوسطة من الناحية الاقتصادية هي‮ ‬قوة وماكنة تغيير اقتصادي‮ ‬فعال والأمثلة على ذلك كثيرة لعل أسطعها الولايات المتحدة وأوروبا واليابان‮ ‬والفترة الأخيرة في‮ ‬الصين والهند‮.‬ وأشار الباحث الطيري‮ ‬إلى إن زيادة الطبقة المتوسطة في‮ ‬اليمن‮ ‬يتطلب جهدا كبيرا من كافة الجهات سواء من القطاع الخاص وقوى المجتمع المدني‮ ‬‮ ‬وقبل ذلك من الحكومة‮ ‬‮ ‬فالطبقة المتوسطة أهم من أن تترك لآليات السوق وقوى العرض والطلب فقط‮ ‬‮ ‬ويتطلب ذلك استراتيجية اقتصادية وسياسية‮ ‬واضحة من الحكومة موجهة لأبناء هذه الطبقة تستوعب مطالبهم وآمالهم وتسعى لتنفيذها من خلال السياسات العامة المختلفة‮ ‬للدولة‮.‬ تعريف ‮❊ ‬نريد أن نعرف ما المقصود بالطبقة المتوسطة¿ ثم ما وضع هذه الطبقة حاليا في‮ ‬اليمن¿ ‮- ‬الطبقة المتوسطة ليست فئة اقتصادية بحد ذاتها‮ ‬‮ ‬بل تمثل مفهوما واسعا‮ ‬يتم تحديده من خلال المهنة ومستوى التعليم والمؤهلات المهنية ومستوى الدخل والإنفاق والقيم والمعايير‮ ‬‮ ‬وهذا‮ ‬يعني‮ ‬أن الانتماء للطبقة المتوسطة‮ ‬يعتبر أسلوب حياة فهي‮ ‬ليست بالثرية التي‮ ‬تشغل بالها قضية تنمية ثرواتها‮ ‬وليست بالفقيرة التي‮ ‬تشغل بالها قضية تأمين أساسيات معيشتها‮ ‬تتألف من فئات المجتمع وشرائحه المثقفة من أطباء ومهندسين وإداريين وأساتذة جامعات وسواهم‮ ‬وعليها‮ ‬يقع عبء إدارة الحياة اليومية في‮ ‬أي‮ ‬بلد‮ ‬وأي‮ ‬مجتمع‮. ‬تشغل بالها قضايا الوطن وهمومه أكثر من سواها‮. ‬وعادة تشكل التعداد الأكثر سكاناٍ‮ ‬في‮ ‬أي‮ ‬مجتمع‮. ‬لذلك‮ ‬ونظراٍ‮ ‬لأهميتها ودورها الاقتصادي‮ ‬والاجتماعي‮ ‬والمسؤوليات التي‮ ‬تتحملها تسعى كل طبقة لأن تأخذها إلى جانبها‮ ‬فتقوى بها وتوظفها لصالحها‮ ‬سواء أكانت‮ ‬غنية أم فقيرة‮. ‬ قياسات ‮❊ ‬كيف‮ ‬يتم قياس حجم ومستوى الطبقة المتوسطة في‮ ‬اليمن¿ لقياس حجم الطبقة المتوسطة في‮ ‬بلادنا اعتمدت دراسة‮ ‬الطبقة المتوسطة في‮ ‬اليمن في‮ ‬العام‮ ‬2010م على معيار الدخل والإنفاق‮ ‬‮ ‬من خلال منهجية تقوم على تحديد مجموعة الدخل المتوسط بوصفها تلك التي‮ ‬يكون دخل أفرادها ما بين ضعفين وستة أضعاف خط الفقر الوطني‮. ‬وهي‮ ‬منهجية عالمية تم استخدامها في‮ ‬العديد من دول العالم‮ ‬‮ ‬كما أنها تناسب وضع اليمن وتْبنى على البيانات الإحصائية المعتمدة لثلاثة مسوحات لميزانية الأسرة‮ ‬1992‮ ‬و1998‮ ‬و2005‮/‬2006م تظهر محددات الطبقة المتوسطة على مؤشرات الدخل والإنفاق لمسح ميزانية الأسرة التي‮ ‬توفر بيانات اقتصادية واجتماعية وديمغرافية ترتبط مباشرة بالأوضاع المعيشية للأسرة والفرد ومستويات الإنفاق الاستهلاكي‮ ‬للأفراد والأسر كمقياس للرفاهية واستخدام المهنة والوضع الوظيفي‮ ‬لتقدير حجم الطبقة المتوسطة في‮ ‬اليمن‮ .‬

نتائج‮ ‬ ‮❊ ‬أجريت في‮ ‬اليمن دراسات على الطبقة المتوسطة ما نتائج تلك الدراسة¿ وقد أظهرت النتائج إلى أن حجم الطبقة المتوسطة حسب فئات الدخل تمثل أقل بقليل من نصف المجتمع اليمني‮ ‬أي‮ ‬48‮ ‬٪‮ ‬وفق مسح ميزانية الأسرة‮ ‬2005‮/‬2006م‮ ‬‮ ‬ومن المتوقع أن‮ ‬يكون حجم الطبقة المتوسطة حاليا أقل من ذلك بكثير‮ ‬‮ ‬حيث تراجع حجمها في‮ ‬من‮ ‬54٪‮ ‬في‮ ‬مسح‮ ‬1992م إلى‮ ‬٪47‮ ‬في‮ ‬مسح‮ ‬1998م نتيجة الآثار السلبية لبرنامج الإصلاحات الاقتصادية خلال تلك الفترة‮ . ‬كما أن ضعف عدالة توزيع الدخل قد أدى إلى تآكل الطبقة المتوسطة حيث اتجه نمط توزيع الدخل في‮ ‬اليمن بصورة حادة لصالح المجموعات الخماسية الأكثر ثراء‮ (‬الغني‮ ‬يزاد‮ ‬غنا والفقير‮ ‬يزداد فقرا‮) ‬‮ ‬من المفترض أن‮ ‬يمتلك كل‮ ‬٪20‮ ‬من السكان‮ ‬٪20‮ ‬من إجمالي‮ ‬الدخل ولكن الفئات الخماسية الثانية والثالثة والرابعة والتي‮ ‬تمثل‮ ‬٪60‮ ‬من إجمالي‮ ‬السكان تبلغ‮ ‬حصتهم من الدخل‮ ٪ ‬37‮ ‬من إجمالي‮ ‬الدخل‮.‬ كما أن‮٪ ‬46‭.‬3‮ ‬من المهنيين المتخصصين في‮ ‬سوق العمل اليمني‮ ‬هم من الطبقة المتوسطة والتي‮ ‬تضم العلماء والباحثين وأساتذة الجامعات والمعاهد العليا والمديرين وأصحاب المهن الاختصاصية كالمدرسين والأطباء والمهندسين والقضاة والمحامين وكبار ضباط الجيش والأمن والفنيين العاملين في‮ ‬قطاع المعلوماتية‮ ‬والمديرين العامين في‮ ‬القطاع العام‮. ‬وهو ما‮ ‬يظهر أهمية الطبقة المتوسطة لتحفيز التنمية الاقتصادية في‮ ‬اليمن فرغم أن هذه المجموعة ليست مالكة لوسائل الإنتاج وغير ذلك من الأصول الرأسمالية‮ ‬إلا أن أفراد هذه المجموعة أعادوا استثماراتهم في‮ ‬المجتمع‮ ‬من خلال شراء ملكية وسائل الإنتاج الزراعي‮ ‬والعقاري‮ ‬والصناعي‮. ‬ وتزداد أهمية الطبقة المتوسطة في‮ ‬اليمن أن أكثر من‮ ٪‬34‮ ‬من أصحاب المهن الحرة هم من الطبقة المتوسطة‮.‬

دور المجتمع‮ ‬ ‮❊ ‬ما دور المجتمع نفسه ومنظماته الاقتصادية في‮ ‬المساهمة بتنمية الطبقة المتوسطة¿ ‮- ‬إن الطبقة المتوسطة تشكل جزءا رئيسيا من القطاع الخاص من حيث المهن الكثيرة التي‮ ‬يمتهنها أصحاب الأعمال والمهن الحرة‮ ‬حيث أن هناك علاقة جدلية بين نمو القطاع الخاص ونمو الطبقة المتوسطة في‮ ‬المجتمع‮. ‬فانتعاش القطاع الخاص‮ ‬يعني‮ ‬صعود المزيد من أصحاب المهن الحرة والأعمال في‮ ‬مستويات دخولهم ليصبحوا جزءا من الطبقة المتوسطة أو ربما أعلى من ذلك‮. ‬في‮ ‬حين أن نمو وتعزيز وضع الطبقة المتوسطة سوف‮ ‬يسهم في‮ ‬إنعاش القطاع الخاص ليس لأن جزءا منهم سيصبح جزءا من هذا القطاع فحسب‮ ‬بل ونظرا لنمط معيشتهم وإنفاقهم الذي‮ ‬يشكل طلبا قويا على خدمات وسلع أصحاب الأعمال والمهن الحرة‮. ‬ويتطلب ذلك تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص‮ . ‬ ويلعب القطاع الخاص دورا متزايدا في‮ ‬إيجاد فرص عمل تتطلب مهارات وبأجور تسهم في‮ ‬تحقيق أسلوب حياة الطبقة المتوسطة‮. ‬ويعكس هذا تحولا بعيدا عن الطبقة المتوسطة التقليدية التي‮ ‬كانت مكونة من موظفي‮ ‬الخدمة المدنية‮ ‬‮ ‬وبعيدا عن الدعوة لزيادة وظائف وأجور ومنافع القطاع العام‮ . ‬فإن التحدي‮ ‬الأكبر‮ ‬يتمثل بتعزيز نمو القطاع الخاص من حيث العمالة وتشجيع إيجاد ظروف عمل مماثلة من حيث الأجور والمنافع والتأمينات الاجتماعية والوظيفية لتلك الموجودة في‮ ‬القطاع العام‮ .‬

الانهيار ‮❊ ‬ماذا لو انهارت الطبقة المتوسطة في‮ ‬اليمن¿ ‮- ‬إن انهيار الطبقة المتوسطة‮ ‬يعني‮ ‬انهيار أهم صمام أمان اقتصادي‮ ‬اجتماعي‮ ‬وانقسام المجتمع إلى طبقتين وحيدتين متصارعتين‮ ‬غنية تخشى ضياع ثرواتها بل وتريد تنميتها‮ ‬وفقيرة تريد حل أزماتها وتبحث عن رغيفها‮. ‬وبالتأكيد فإن انهيار الطبقة المتوسطة‮ ‬يعني‮ ‬أن تصبح فقيرة في‮ ‬معظمها‮! ‬ وهنا مكمن الخطورة‮! ‬ذلك أن انهيار الطبقة المتوسطة مؤشر خطير لما‮ ‬ينتظر أي‮ ‬مجتمع من انقسامات طبقية ليست ولن تكون في‮ ‬صالحه‮ ‬وتهديد لتماسك ولاستقرار اجتماعي‮ ‬واقتصادي‮ ‬مطلوب الحفاظ عليه وحمايته‮.‬

واجبات الحكومة ‮❊ ‬ما الواجب على الحكومة تجاه المحافظة على وجود طبقة متوسطة‮ ‬وهل تسير خططها حاليا في‮ ‬هذا الاتجاه¿ ‮- ‬على اعتبار أن‮ ‬الطبقة المتوسطة تمثل عنصرا هاما في‮ ‬تثبيت مقومات التنمية الشاملة وفي‮ ‬تحقيق التماسك الاجتماعي‮ ‬وتوفير السلم الاجتماعي‮ ‬فإن الأمر‮ ‬يتطلب السعي‮ ‬خلال المرحلة القادمة إلى دفع نسق النمو‮ ‬تعزيزا لمناعة الاقتصاد ورفعا للقدرة التنافسية‮ ‬مما سيمكن من الحفاظ على النسبة العالية للطبقة المتوسطة في‮ ‬المجتمع وتمتين قاعدتها ودعم مكتسباتها‮ ‬والنهوض بالتشغيل ومزيد تقليص الفقر المدقع وتحسين ظروف المعيشة‮.‬ على الدولة تبني‮ ‬البرامج التي‮ ‬تستهدف استعادة قدرة أبناء هذه الطبقة على التمتع بنمط حياة وأسلوب معيشة الطبقة المتوسطة‮ ‬‮ ‬ومنها على سبيل المثال القدرة على تملك مسكن وما‮ ‬يتطلبه من قيام الدولة بتوفير أراض لهذا الغرض بأسعار معقولة‮ ‬‮ ‬وتطوير نظام التمويل العقاري‮ ‬بما‮ ‬يسمح بتوفير قروض ميسرة لهذا الغرض تتناسب مع دخول أبناء هذه الطبقة‮ ‬‮ ‬ومنها على سبيل المثال أيضا التوسع في‮ ‬تبني‮ ‬سياسات واستراتيجيات التمويل‮ ‬المتوسط والأصغر‮ .‬

فائدة اقتصادية ‮❊ ‬وما فائدة وجود طبقة متوسطة في‮ ‬اليمن من الناحية الاقتصادية¿ ‮- ‬الطبقة المتوسطة من الناحية الاقتصادية هي‮ ‬قوة وماكنة تغيير اقتصادية فعالة‮. ‬والأمثلة على ذلك كثيرة لعل أسطعها الولايات المتحدة وأوروبا واليابان‮ ‬والفترة الأخيرة في‮ ‬الصين والهند‮ ‬إن زيادة الطبقة المتوسطة في‮ ‬اليمن‮ ‬يتطلب جهدا كبيرا من كافة الجهات سواء من القطاع الخاص وقوى المجتمع المدني‮ ‬‮ ‬وقبل ذلك من الحكومة‮ ‬‮ ‬فالطبقة المتوسطة أهم من أن تترك لآليات السوق وقوى العرض والطلب فقط‮ ‬‮ ‬ويتطلب ذلك استراتيجية اقتصادية وسياسية‮ ‬واضحة من الحكومة موجهه لأبناء هذه الطبقة تستوعب مطالبهم وآمالهم وتسعى لتنفيذها من خلال السياسات العامة المختلفة‮ ‬للدولة‮ .‬ وعلى الرغم من تراجع حجمها في‮ ‬اليمن إلا أنها تمثل الرافد الرئيسي‮ ‬للتنمية الاقتصادية في‮ ‬اليمن حيث أظهرت نتائج مسح ميزانية الأسرة‮ ‬2006‮/‬2005م إلى أن الطبقة المتوسطة تنفق‮ ‬٪45.3 ‬من إجمالي‮ ‬النفقات‮ ‬كما أن نسبة‮ 49٪ ‬من أرباب الأسر الحاصلين على مستوى تعليمي‮ ‬جامعي‮(‬دبلوم‮ – ‬بكالوريوس‮- ‬ماجستير‮ -‬دكتوراه‮) ‬تنتمي‮ ‬إلى الطبقة المتوسطة في‮ ‬حين كانت نسبة ‮27٪ تنتمي‮ ‬إلى الطبقة الغنية‮.

التوجهات الحكومية‮ ‬ ‮❊ ‬تظهر التوجهات الحكومية من خلال البرنامج المرحلي‮ ‬للاستقرار والتنمية‮ ‬2014‮-‬2012م أن هناك العديد من الاتجاهات التي‮ ‬تصب في‮ ‬دعم الطبقة المتوسطة من الأسفل واتساع حجمها وإن كان ذلك بصورة‮ ‬غير مباشرة ومن أهم هذه التوجهات برنامج إنعاش اقتصادي‮ ‬متوسط المدى الذي‮ ‬يركز على تنشيط النمو الاقتصادي‮ ‬للحد من البطالة من خلال السياسات التي‮ ‬تستهدف القطاعات الواعدة في‮ ‬القطاع الزراعي‮ ‬والسمكي‮ ‬والسياحي‮ ‬وتعزيز الجوانب الاستثمارية‮ ‬وتحسين فاعلية برامج ومناهج التعليم الفني‮ ‬والتدريب المهني‮ ‬ورفع كفاءتها بما‮ ‬يتوافق واحتياجات سوق العمل علي‮ ‬المستويين المحلي‮ ‬والإقليمي‮. ‬وتحقيق المواءمة بين مخرجات مؤسسات التعليم العالي‮ ‬مع متطلبات التنمية وسوق العمل بالإضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص وتحسين بيئة أداء الأعمال‮ .‬وإيجاد شراكة حقيقية فاعلة بين الحكومة والقطاع الخاص‮ .‬