الرئيسية - اقتصاد - اليمن وعيش الوهم على النفط
اليمن وعيش الوهم على النفط
الساعة 03:00 صباحاً الثورة نت../

اليمن دولة مستوردة للنفطþ هذا هو واقع الحال منذ خمسة أعوام غير أننا نتصرف وكأننا دولة مصدرة للنفطþ فالشركات النفطية استنزفت مخزوننا البسيط من باطن الأرض فهناك آبار دفنت وأخرى في طريقها للخروج من الخدمة والحكومة أسرفت في التصدير للخارج طلبا للنقد الأجنبيþ,þ ورغم هذه المؤشرات السلبية مازلنا نعتبر أن النفط هو المصدر الرئيس للنقد الأجنبيþ وهي الحقيقة التي لم نسع لبحث بدائل عنها رغم تراجع الإنتاج النفطي الذي وصل ذروته في منتصف التسعينات إلى نحو400ألف برميل يوميا ليتناقص حتى وصل 200-220 ألف برميل في اليومþ الآن ولولا صادرات الغاز التي عوضت هذا التراجع إلى حد ما لكان الوضع المالي للموازنة العامة أسوأ بكثيرþ. الميزان التجاري للنفط الخام ومشتقاته يسجل عجزا سنويا متزايداþ وليس من المتوقع حاليا حدوث تحولات كبيرة في هذا الميزانþ,þ نظرا لأن معدل النمو في استهلاك الطاقة عموما يقترب من ضعف معدل النمو في إنتاج النفطþ وحتى بالنسبة للغازþ,þ فليس من المتوقعþ,þ طبقا للتقديرات الفنية المتاحة حالياþ,þ أن يسجل طفرات في الإنتاج تساعد على حدوث زيادة كبيرة في الصادرات وتعويض الانخفاض في إنتاج النفطþ وبحسب المؤشرات الرسمية فقد ارتفعت تكاليف الدعم الحكومي للمشتقات النفطية من (88.3)مليار ريال عام 2000م إلى (564)مليار ريال عام 2010م ونحو620مليار ريال عام 2013م وقد يرتفع الرقم أو ينخفض حسب توقعات الموازنة العامة للعام الجاري 2014م وبذلك يسجل معدل الدعم الحكومي نمواٍ سنوياٍ متوسطاٍ بمعدل (20.4%) وهذا ما جعل نسبتها على إجمالي النفقات يرتفع من حوالي (17.5%) عام 2000م إلى (26.7%) عام 2013م. كما تظهر البيانات أن فوائض الموازنة العامة للدولة المتحققة خلال العامين (2000م – 2001م )والتي تراجعت نسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي من (5.6%) عام 2000م و(2.1%) عام 2001م قد تحولت إلى عجز دائم خلال الفترة (2002م – 2013م ) (عدا عام 2006م الذي تحقق خلاله فائض بلغت نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي (1.4%) وعلى الرغم من التذبذب الكبير في حجم ونسبة العجز من سنة لأخرى إلا أن الاتجاه العام للعجز كان نحو الارتفاع حيث ارتفعت النسبة من (0.66%) عام 2002م إلى (2.6%) عام 2003م ثم تراجعت لتصل عام 2005م إلى 1.0%) ليرتفع العجز مرة أخرى عام 2007م (وبنسبة تصل إلى (5.67%) من الناتج المحلي الإجمالي ليصعد إلى أعلى مستوى له عام 2009م بما نسبته (8.88%) تم تخفيض عام 2010م إلى (4.25%) ليرتفع مرة أخرى وبنسبة قياسية تجاوزت 20%خلال العام 2011م نتيجة الأحداث التي شهدتها اليمن ثم تراجع خلال العامين 2012-2013م عند 5-7% لتعكس هذه التذبذبات الكبيرة والمفاجئة في الموقف النهائي للموازنة مدى ركاكة وضعف العوامل التي تحكم كل من السياسة المالية والموازنة العامة وهذا نتيجة لعدة عوامل ولكن أهمها هو اعتماد الخزينة العامة وبدرجة كبيرة على العائدات النفطية التي تحكمها عوامل خارجية وفي ضوء خضوع أسعار النفط الخام في السوق الدولية لتقلبات مفاجئة وكبيرة إلى جانب استمرار الانخفاض في كميات الإنتاج من النفط الخام فإن عائدات الدولة من النفط خضعت لتقلبات مفاجئة وحادة أثرت وبدرجة كبيرة على وضع الموازنة العامة خاصة في ظل التدني الكبير في حجم الأوعية الإيرادية غير النفطية بسبب استمرار الضعف في الهيكل الإنتاجي ومحدودية جهود الحكومة في تحسين تحصيل مستحقات الخزانة العامة وتفشي ظاهرة الفساد . التوقعات تشير إلى استمرار تراجع كميات إنتاج النفط الخام في ظل ثبات كل من إنتاج الغاز بشقيه المصاحب (LPG) والطبيعي (LNG) والأسعار الدولية لها مما سيترتب عليه انخفاض حصة الحكومة من النفط وبالتالي انخفاض عائداتها. طالما شهدت السوق اليمنية خلال الأيام القليلة الماضية أزمات متكررة ارتبطت بمادتي البنزين والديزل الذي لا يزال حتى اللحظة مختفيا من محطات بيع الوقود مؤشرات سلبية تجعل الاقتصاد معرضا لتقلبات توفر الطاقة ناهيك عن الثمن الباهض الذي يدفعه المواطن الذي يتدافع بالمئات على المحطات للحصول على بعض اللترات خاصة المزارعين الذين يعانون أكثر من غيرهم حتى وإن كان قطاع النقل هو المتضرر لكن المستهلك هو الذي يدفع في الأخير. استقراءٍ لبيانات وزارة النفط والمعادن يلاحظ أن أزمات الوقود المتكررة في اليمن ترجع إلى عاملين اثنينº أحدهما: يتعلق بجانب الإنتاج وله تأثير على مؤشرات اقتصادية أخرى مثل الميزان التجاري ومقدار الدعم في الموازنة العامة والآخر يتعلق بجانب توزيع المنتجات البترولية والرقابة عليها. فعلى جانب الإنتاجº تعاني اليمن من فجوة بين إنتاج واستهلاك المتشقات النفطية بشكل عام أما على جانب التوزيعº فقد شهدت السوق المحلية عمليات تهريب كبيرة للديزل والبنزين وبيعه في السوق السوداء. صناعة تكرير البترول وإذا كانت الفجوة على صعيد الإنتاج تكلف الموازنة العامة للدولة مبالغ كبيرة لاستيراد المشتقات البترولية بالسعر العالمي لتأمين الحصول عليها والذي ينعكس بدروه على ارتفاع دعم الدولة للمواد البترولية بقيمة تجاوزت 500مليار ريال فإن هذا الأمر يمثل دافعا أمام الحكومة الحالية للتوجه نحو الاستثمار في صناعات تكرير البترول محليا لتوفير البنزين والديزل والمازوت والتوسع في استخدام الغاز الطبيعي كبديل لمنتجات البترول وبما ينعكس في النهاية على حسن إدارة موارد الدولة ليس فقط وإنما تحقيق رفاهية المواطن بالأساس. هموم لا تزال مشكلة نقص توفر المشتقات النفطية خاصة مادة الديزل لدى محطات الوقود تتصدر لائحة هموم المواطنين وخاصة المزارعين وسائقي الشاحنات في ظل عجز الحكومة حتى الآن عن إيجاد حلول ناجعة لها.